إعتبر “تجمع جامعيون مستقلون من أجل الوطن” أنه “في هذه الأوقات الصّعبة التي يعاني منها مجتمعنا اللبناني، والتي دمّرت كل قيمنا الوطنية والاقتصادية والاجتماعية، وطاولت الجامعة اللبنانية التي تلفظ أنفاسها الأخيرة، يعمد المسؤولون من رؤساء ووزراء ونوّاب وإداريين إلى المزيد من طعن الجامعة للقضاء عليها، ثمّ يتباكون ويرثونها في كل مناسبة وكل اجتماع، وكأنّهم غير مسؤولين عن دمارها، هم أو مرجعياتهم السياسية والحزبية”.
وقال في بيان: “يقولون إنّ الوضع المالي للدولة في أسوء أحواله، ولا مجال لتعزيز موازنة الجامعة أو لإعطائها ما يساعدها ويساعد أهلها على الاستمرار. لم يعد أحد يصدق أقوالهم إلّا المتواطئين معهم. وهم السّبب في تفاقم أزمتها البنيويّة أكاديميًّا وإداريًّا. فهم المسؤولون عن هدر 20 مليار دولار أميركي خلال سنة، على دعم مواد هُرّب معظمها، واستفادت منها منظومتهم الفاسدة التي سطت على ودائع اللبنانيين، وميليشيات التهريب عبر الحدود والمرافئ.
كيف ذلك يا سادة وأنتم لا تحرّكون ساكنًا لاستعادة حقّ الجامعة في أموال فحوصات ال بي سي آر، التي بلغت حوالي 52 مليون دولار. لا نستغرب ذلك، لأنّكم إمّا مستفيدون من هذه الأموال، أو مرجعيّاتكم هي المستفيدة، أو أن عندكم مصالح سياسيّة مع اللصوص الذين سرقوا الجامعة ويستبيحونها كلّ يومٍ منذ عقود. ولقد أكّد الأمس، الناهب الأكبر لأموال البي سي آر. في إطلالةٍ إعلاميّة، أنّه لن يردّ شيئًا للجامعة، كما أكّد بأن القضاء سيعطيه الحقّ”.
أضاف: “ثمّ يا سادة، تتحدّثون اليوم عن وضع الخزينة المزري، لكن ماذا فعلتم بالأمس، قبل الأزمة المالية، التي تسببتم بها؟ هل أعطيتم الجامعة وأهلها حقوقهم المشروعة من موازنة كافية؟ هل أعطيتم الدّرجات المستحقّة للأساتذة؟ هل عزّزتم المعاش التقاعدي بزيادة الخمس سنوات لاحتسابه وإنصاف من أفنى عمره في سبيل الجامعة والوطن؟ هل سعيتم لزيادة عمر التقاعد للأستاذ اختياريا حتى ال 68 عاما؟ هل أقرّيتم ملفّي التّفرغ والملاك وسائر الملفّات المتعلّقة بأوضاع المدرّبين والموظّفين، والتي ما زالت عالقة حتى اليوم، والتي بدون إقرارها لن يستقيم وضع الجامعة؟ هل حافظتم على صندوق التعاضد؟ هل تشعرون بالأسى الذي يعتصر قلوب الطلاب وأهاليهم لأنّهم يعانون في المواصلات والمنامة والمأكل وشراء الكتب والمراجع وتصويرها؟ هل رأيتم أنّ الجامعة بعد سبعين عام من عمرها، ليس فيها سوى مجمّع واحد، مقفل بسبب تردّي خدماته؟ هل رأيتم الأبنية المهلهلة المصبوغة بنشش الجدران وبالعفن الضارب في الأبواب والنوافذ والمقاعد؟ هل لاحظتم بأنّ الجامعة تفتقر للقرطاسية ومواد المختبرات والمحروقات؟ فلا كهرباء فيها ولا إنترنت ولا كافتيريات ولا ملاعب.
وأبعد من كلّ هذا، السؤال الأهم: هل لاحظتم هجرة قسمٍ كبيرٍ من أساتذتها المميّزين وطلابها الموهوبين؟ هل لاحظتم إفراغ البلد من الأدمغة ومقومّات بقائه؟ هل فكّرتم بأنّ جيلًا كاملًا من الشّباب المتبقّي هنا، سيكون بلا علمٍ ولا ثقافة، ممّا سيُفقد الوطن أهم موارده، في العلم والفن والإنتاج الفكري وكافة المهارات؛ ما سيخسّره تمايزه بجامعاته ومستشفياته ودُور نشره ومسارحه وكافّة كنوزه الحضاريّة؟
تعتبون اليوم، أيها المسؤولون، على استمرار الإضراب، وكأنّ توقيفه سيجعل الجامعة قادرة على استئناف أعمالها. من المخزي والعار أن يعمد بعض العمداء والمسؤولين إلى طعن الأساتذة بظهورهم عبر دعوتهم لاستئناف الدّروس والامتحانات، من دون تأمين الحد الأدنى اللوجستي الممكن، ليصلوا مع الطلاب إلى قاعات مضيئة، ويجلسوا على مقاعد نظيفة، ويجدوا الأقلام والأوراق والانترنت والكهرباء ومواد المختبرات”.
وأردف التجمع: “قبل الأزمة، وقف معظم العمداء والمديرين، وبعض الأساتذة المحابين ضد الإضراب وسعوا إلى إيقافه، هم الذين استفادوا من مفاعيل الإضرابات، في تحسين الرّواتب والمنح، كما استفادوا من التّقديمات كافة، من دون أن يشاركوا في أي اعتصام أو نشاط، علما أن البعض منهم يسترزق من مكارم أصحاب النفوذ.
أنتم اليوم تحاولون رشوة الأساتذة بفتات لن يُحسّن من أحوالهم شيئا. همّكم وقف الإضراب بأي ثمن. لكن هذه الرشوة الرخيصة لن تعطي الجامعة الإمكانية للاستمرار ولن تعطي الطلّاب الحوافز والقدرة على استكمال عامهم الجامعي.
من هنا، يدعو تجمع “جامعيون مستقلون من أجل الوطن”، جميع الأساتذة بمختلف مسمّياتهم، وجميع الطّلاب إلى رصّ صفوفهم والتوحد لإنقاذ الجامعة، لأنّ خلاص الوطن يبدأ بإنقاذها، ومصير أجياله رهن بها. لا بديل لأهل الجامعة عن الاعتصام والتظاهر وفضح السياسة المعادية للجامعة. لا يجب أن يستكينوا قبل تصحيح الأجور بما يتناسب مع الحدّ الأدنى من كرامة الأستاذ واستمراره برسالته الأكاديمية ودوره الثّقافي الوطني. لا يجب أن يستكينوا قبل إعطاء الجامعة موازنة كافية لتشغيلها كجامعة محترمة. لا يجب أن يستكينوا قبل توفّر الموارد الكفيلة باستمراريتها للعام المقبل، وإعطاء صندوق التعاضد الإمكانيات لتأمين التغطية الصحية الجيدة. لا يجب أن يستكينوا قبل إقرار ملفات التفرغ والملاك والمدربين وتعيين العمداء وفق القوانين، وإعادة العمل بمجلس الجامعة.
الجامعة ليست ملكًا للمسؤولين ومرجعيّاتهم وميليشياتهم، إنّها ملك الشّعب اللبناني وستبقى كذلك. سنعمل ك”جامعيون مستقلون” للإسهام في الدفاع عن جامعتنا الوطنيّة، وفي الحفاظ على دورها في تلبية احتياجات وطننا الحبيب. لن نتوانى عن رفع قضية اضطهاد الجامعة وأهلها إلى مؤسّسات التّعليم العالي الدّولية. وإلى الأمم المتحدة، ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان”.