كتبت صحيفة نداء الوطن تقول: على وقع ضبابية الأفق وانعدام الرؤية في مختلف الاتجاهات، يتصاعد منسوب “التبصير والتبصّر” على الساحة اللبنانية بانتظار انقشاع الصورة واتضاح معالمها وأبعادها الناظمة لخريطة المرحلة المقبلة على البلد، حيث الأبصار شاخصة ترقباً لمآلات الاستحقاقات الداهمة وما ستحمله من خواتيم سليمة أو وخيمة على اللبنانيين، لتتجه الأنظار بشكل خاص إلى ما سترسو عليه رياح ترسيم الحدود البحرية الجنوبية في ضوء ترنّح مركب المفاوضات غير المباشرة واحتدام عملية المد والجزر والتهديد والوعيد بين “حزب الله” وإسرائيل، وسط بروز معطيات مستجدة على مستوى الداخل الإسرائيلي من شأنها أن تضفي مزيداً من التعقيدات على المشهد، وهو ما تمثل بالتقارير الإٍسرائيلية التي تحدثت عن رفض “يميني” لتوقيع الحكومة أي اتفاق حدودي مع لبنان قبل إجراء “استفتاء عام” حول الموضوع أو الاستحصال على موافقة 80% من أعضاء الكنيست على بنود الاتفاق.
أما على مستوى الداخل اللبناني، فبدأ الاستحقاق الرئاسي يطغى بقوة على شريط الأحداث والمواقف التي وضعته خلال عطلة الأسبوع “على نار” المواصفات المنشودة في شخصية رئيس الجمهورية المقبل… فبعدما فصّل رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل “الثوب الرئاسي” على قياسه في الديمان من خلال “الموعظة” المطوّلة التي ألقاها السبت على مسامع اللبنانيين حول ما يراه من مواصفات يجب أن يتحلى بها الرئيس العتيد، أتت عظة الأحد أمس ليعيد من خلالها البطريرك الماروني بشارة الراعي تصويب بوصلة الموقف الكنسي حيال الاستحقاق الرئاسي بشكل يمحو “الإسقاطات السياسية” التي سعى باسيل إلى إضفائها على منبر الصرح البطريركي.
ومن باب التضرع “لكي يتوب المسؤولون السياسيون إلى الله والشعب والوطن”، شدد الراعي في عظته على استحالة “أن يعيش لبنان هويته وطبيعته ورسالته إذا لم يستعد حياده الناشط الذي هو في جوهر كيانه الدستوري”، ليؤكد على هذا الأساس ضرورة “التزام المرشحين الجدّيين لرئاسة الجمهورية بالسعي لإعلان حياد لبنان، ليكسبوا ثقة غالبية الرأي العام اللبناني والعربي والدولي”، ولأنّ “الشعب يحتاج رئيساً يسحب لبنان من الصراعات لا أن يجدد إقامته فيها”، مطالباً بأنّ يبادر أي مرشح لموقع الرئاسة الأولى إلى “إبداء تصوره للمشاكل والأزمات والحلول، وإعلان مواقفه الواضحة من القضايا المصيرية”، بما يشمل “أولوياته الوطنية والإصلاحية والمسار الذي يتبعه لضمان الكيان اللبناني ومنع بعثرته، وتطبيق اللامركزية الموسعة، وعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان وتحديد نقاطه من بينها القرارات الدولية، وكيفية إعادة دور لبنان في محيطه العربي والإقليمي والعالم، وخطته لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، وإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم واقتراحه لتنظيم عودة اللبنانيين الذين اضطروا إلى اللجوء إلى إسرائيل سنة 2000″، وخلص في ضوء هذه المواصفات إلى إعادة التوكيد على أنه “في هذه المرحلة المصيرية لا يجوز أن نسمع بأسماء مرشحين من هنا وهناك ولا نرى أي تصور لأي مرشح”.
وفي السياق الكنسي أيضاً، برزت أمس مواقف متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده حيال المواصفات الرئاسية المنشودة، مشيراً إلى أنّ “الرئيس الذي نريده هو رئيس يعي هموم الشعب ويتبنى أحلامه ويعمل على تحقيقها، متخلياً عن أنانيته ومصلحته، صاحب هيبة يعيد للدولة هيبتها وسيادتها واستقرارها، ويحسن قيادتها بحكمته وعلمه وخبرته لا بأتباعه، رئيس يعيد للبنان مركزه في قلوب أبنائه أولاً، ثم في محيطه والعالم، صاحب رؤية واضحة وشخصية قوية بتواضع، يحسن اختيار وقيادة فريق عمله، لا تحيز عنده ولا انتماء إلا للبنان، يحترم الدستور والقوانين، رئيس متحرر من أثقال المصالح والإرتباطات”.
وظهر اليوم، يعقد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مؤتمراً صحافياً في معراب ليعيد التأكيد على “المواقف المبدئية” إزاء الاستحقاق الرئاسي المقبل، كما نقلت مصادر “نداء الوطن”، موضحةً أن الموقف القواتي الثابت في هذا الإطار يتمحور حول ضرورة التصدي لمحاولات تمديد الأزمة في البلاد لست سنوات إضافية من خلال الاتيان بـ”رئيس تسوية” غير قادر على الحل والربط، مع التشديد في المقابل على أنّ خشبة الخلاص الوحيدة للبنان واللبنانيين هي في انتخاب “رئيس سيادي يمتلك برنامجاً إنقاذياً ويقدر على تنفيذه”.