أحيا المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى اليوم السادس من عاشوراء لهذا العام في مقر المجلس برعاية نائب رئيس المجلس الشيخ علي الخطيب وحضوره الى شخصيات سياسية، نيابية، اجتماعية، علماء دين ومواطنين، وتلا المقرئ أنور مهدي ايات من الذكر الحكيم، وقدم الحفل الدكتور غازي قانصو، والقى الاديب الدكتور ميشال كعدي كلمة من وحي المناسبة قال فيها: “على وسع الزمن عشنا معا على قدسية الكلمة نؤمن بها سلطانا ونعلو بها أداء، حتى يستنم عظيم جرأة الشجاعة والبطولة والحرية، ذلك في سبيل الإسلام، وقد بذل ذاته من أجل قضية سماوية ومبدأ وعقيدة، وهنا ترخى الغزارة ويسود السكوت وتستريح الكلمات لتكتب الدموع. في هذه الذكرى، ذكرى عاشوراء، ضممت احرفا معمدة بدم الحسين، ثم عدت الى ما يشبه الرمز والتلميح، ووجع الإسلام وكربلاء، جامعا نفسي في خشوع التأمل لأرى تلك الجبهة الغراء التي أملت على الدنيا والاصقاع ريادة الإصلاح الصارخ في وفرة الموت والجهل واستقالة العقل والضمير من أجل الحق والرسالة المثلى والحكمة. وقد برزت نفسية الامام الحسين واضعا نصب عينيه الإسلام لا السلطان فقال: لم أخرج اشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا أنما خرجت بطلب الإصلاح. أيها الناس في الحياة أوقات مصيرية وحاسمة تمتاز بمفارق تتلمس السبل، وفي الدنيا وجوه طليعية تقرب القبلة الإلهية تشيد بأجنحة العطاء والبطولة الى فوق، ومن شأنها دائما أن تلقي في الملأ زاد العبقرية، حتى غذت خارج تشارف الزمن وألق الروح وعتبة التاريخ.
تلك القامات غابت، كقامات أهل البيت مثلا فتحولت الى أسماء لا تنسى، على أن الإمام الحسين عليه السلام فمس برؤية ومكانة سماوية، وعظمة ربانية كالمسيح وعلي عليهما السلام، كأنما كون بالفضائل والمناقب والقيم، فتألق بالنور وأسلاك النبوة، ولا غرو، فهو المعرف في النسب، سليل الأحمدية والمحتد والأصلاب الشامخة”.
وتابع: “عندما أراد الإسلام إنطلاقة، وثب الحسين الى الموت وثبة الأسد ليدافع عن حق الله والدين الحنيف والكرامة الإنسانية راسما بخبيء النياط درب الجنة والمرسلين، باسما للشهادة، رافضا المآثم طالبا مشيئة الدم وهو يقول هيهات منا الذلة. وهكذا أضاف على سلوكه العلوي ونسبه غر الصفات الحسينية التي عرفت بالنخوة والرفعة ونكران الذات والفروسية وملامح لا تزول. الحسين نقه من الصغار وتعافى من الجبن وبعد عن التردد والتعوج فترك وحيدا وبعد؟ بقي على ضراوة الجهاد والنضال مبرورا، لا تلين له شكيمة، هازئا بالنتائج، مكتفيا برضى الخالق ولسان حاله يقول استقدر الله خيرا وارضين به. ثم ترك لنا وللأجيال أن تنعم بدم شهادته وأبقاها سراجا للأمة ونورا عاشورائيا الهيا، عاشوراء أروع ملاحم كربلاء بل أروع ملاحم الدنيا برمتها، ضم الحسين الله اليه والدين والأرض وأسلم الروح، وأسلم معه الروح أيضا . القليل من المسيحيين كالشاب وهب وبعض الناس أيضا الذين لم يتركوه، خاض فصول المواقف كلها ليثبت أن الشهادة في منتهى النزاهة والشهيد بخلوده لا بوجوده، والشهادة بحد ذاتها شهوة في نفوس المؤمنين ومحبي الرب.
الحسين حضر وهو يبتسم على وقع العنفوان والايمان، رافضا المصانعة والهروب، متلبسا وجه الله ونور السماء والرسول وعليا الذي ولد قبل ادم وحواء وبات لكل آفاق وزمان.
الحسين شغلته هزة المجتمع إبان تلك الفترة فصحا الى تبعات إرثية، ومن ثم انتفض الى نصرة المظلوم ملهبا الصدور في وجه الاعتداء والانقلاب والتآمر”.
وقال: “اذا كان الشهداء يأخذون امكنة الصدارة، فأي مكان لشهيد كربلاء؟ ان ابا عبد الله رمز للسدر العالية وأبعاد الإنسانية وإن لم نقر بالحقيقة فما أتفهنا.أيها الشهيد القديس في كربلاء لقد غلبت في وإنما غلبت في الفضائل وكنت قدوة ورسالة، على أن الشهادة قاعدة في أهل البيت من أبيك اليك الى ريحانتك الى صحبك الميامين، إن دمك الزكي يا حسين رسخ القوة فينا والمثالية والفداء والجهاد والمجد، وقد أضفت الى تراثنا كل المعاني الأخلاقية فكانت كربلاء تجسيدا لأسمى الشمائل وأرقاها، واسمحوا لي ان أقرأ بضعة أبيات من كتابي رياحين الامامة:
يا رائد الخلق بل يا واهب الحقب
مجد الكرام، يغلو في دنى النسب
يا ساعد الشرق من علاه حيدرة
يا واعد السيف بين الطعن والخببِ
وهامة رفعت فوق المدى كبرا
فاهتف لها عظما في أمة العربِ
يا اطهر الناس في شعب وفي أمم
بعد الرسول، رسول الصيحة العجب
ومن سواه، علي يشتهي أبدا
قتال جيش من الشرك الردي الأشب
وقد تسامى صهيلا بالعلى ولعا
والسمهري يهز كنه مغتصب
السيف يشرف من أرجاء حامله
وأسيف تيعت الحدين بالشطب
وبيت أحمد بالقرآن منير
ومكة التبت بالإيمان لم يخب
رأيت في كربلاء الروح في وجع
والرمل يخفق من جرح ومن كرب
دموعنا يا حسين لو حكت كلما
لضج في ريشتي إرسال منتحب
أنا المسيحي حسبي ان أراك بنا
إلفا لنا وطني لبنان في وصب”.
وفي الختام، تلا الشيخ حسن بزي مجلس عزاء حسينيا.