لفت رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، خلال حفل في السراي الحكومي بمناسبة دخول قانون الشراء العام حيّز التنفيذ، إلى “أننا نجتمع في ظلّ التحديات الصعبة والمتشعّبة التي تواجهنا، لإطلاق العمل في قانون الشراء العام الذي اتى نتيجة عمل دؤوب ومتواصل لمجلس النواب دام عاماً كاملاً ولوزارة الماليّة اللبنانيّة منذ اعوام”.
وأشار إلى أنّ “إصلاح منظومة الشراء العام هو ركن أساس من ركائز بناء الثقة في حوكمة مالية رشيدة، أساسها الانضباط المالي ومكافحة الفساد وتعزيز التنافسيّة، وتحسين نوعيّة الخدمات. وهذا القانون هو مدخل طالب به المجتمع اللبناني والتزمت به حكومتنا، من ضمن رؤية تسعى لوضع الاقتصاد على سكة التعافي، وتعيد ثقة مواطنينا بالدولة ومؤسساتها وإمكانية نهوضها”.
وشدد ميقاتي، على أن “إطلاق العمل بقانون الشراء العام، والتقدّم على مسار إصلاح المنظومة ككلّ، يثبّت أننا وَعَدْنا ونفّذنا، وَعَدْنا ونفّذنا ما التزمت به حكومتنا أمام مجتمعنا، وأيضا أمام الأسرة الدولية التي تتابع عن كثب هذا الموضوع الذي تعتبره ثالثا في سلّم الإصلاحات بعد إصلاح الكهرباء وإصلاح القضاء”.
وتابع “إصلاح منظومة الشراء العام كما تعرفون هو من الإصلاحات الهيكلية المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي، وقد تكرر ذكره في معظم المحطات والوثائق الأساسيّة مثل توصيات مجموعة الدعم الدولية للبنان، والمبادرة الفرنسية التي نثمّن، وتوصيات إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الاعمار (3RF)، وطبعاً مؤتمر سيدر”.
وأوضح ميقاتي، أنه “خلال الأشهر الستة الأخيرة أقرّينا الاستراتيجيّة الوطنية للشراء العام، وشكّلنا لجنة وزارية برئاسة وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل، مسؤوليتها الإشراف على تنفيذ الاستراتيجيّة بالشراكة مع الجهات الدولية، وكلّفنا معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي مسؤوليّة تنسيق هذا الجهد الوطني الكبير”.
وكشف “أننا اعتمدنا على أنفسِنا وعلى الطاقات البشريّة الكفؤة في إداراتِنا، وعلى الخُبرات التي راكمها هذا المعهد خلال خمسٍ وعشرين سنة مِن عطائه، فكان على قَدر التحدي بشاهدة المؤسسات الدوليّة وممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص الذين كانوا له ولنا شركاء فعليّين”.
وأشار إلى “أننا وفّقنا بإحراز تقدّم ملموس، بحيث نستطيع القول أنّ هذا الجهد الوطني التشاركي وهذا القانون لم يبقيا حبرًا على ورق، وأتيا بنتائج ملموسة سوف تنعكس بإذن الله ايجابًا على إدارة المال العام، والاقتصاد وتحسين حياة المواطنين”، لافتًا إلى “أنني قُلت أنّ هذا اليوم سيذكره التاريخ الإداري، كنقطة تحوّل كبير في ممارساتٍ عفا عنها الزمن”.
ورأى أنّ “رئيس وفريق عمل هيئة الشراء العام، يدرك المسؤوليّة الكبيرة الملقاة على عاتقهم في السهر على حسن تنفيذ هذا القانون”، معتبرًا أنّ “المرحلة المقبلة مليئة بالتحديات، وهناك الكثير من الإجراءات الإصلاحية الضرورية التي توجِب العمل بشكل منسّق بين كافة الجهات المعنيّة على المستوى الوطني، ومع الشركاء الدوليين والجهات المانحة”.
وأكّد ميقاتي “اننا نتطلّع الى إستكمال الخطوات الضروريّة المُكمِّلة لإصلاح منظومة الشراء العام، لاسيما انشاء هيئة الاعتراضات وهي الهيئة الضامنة لحقوق المعترضين وفق الأسس الجديدة العصريّة للشكوى والاعتراض، كما ولإصدار المراسيم التنفيذيّة التي من شأنها تفعيل عمل الهيئتين الجديدتين اللتين استحدثهما هذا القانون، أي هيئة الشراء العام وهيئة الاعتراضات”.
وأشار إلى “أننا نتطلّع الى إبعاد تنفيذ هذا الإصلاح عن التجاذبات السياسية، أياً كانت، لتحقيق النتائج المرجوّة منه، فأي تأخير في تنفيذ هذه الخطوات وحُسن تطبيق هذا القانون سوف يُقرأ على أنّه مؤشر سلبي وخطير لصدقية لبنان في السير في الإصلاحات الهيكليّة التي يحتاجها”.
وشدد ميقاتي، على أنه “من هذا المنبر، أكرر دعمي لجهودكم وتهنئة الجميع على هذه الخطوة الأولى في تكريس التزام لبنان بالإصلاحات الهيكليّة. أتمنى أن نتعلّم من دروس تجربة إصلاح الشراء العام ومنهجياته، ونبني عليها في تحقيق المسارات الإصلاحيّة الأخرى . فبتكاتف الجهود على المستوى الوطني، يُمكن أن ننقل لبنان إلى برّ الأمان”.