كتبت صحيفة “الأنباء” تقول:
أمّا وقد أنجز المجلس النيابي تركيبته الداخلية بانتخاب اللجان ورؤسائها ومقرريها، تتجه الأنظار لبنانياً إلى استحقاقين أساسيين: موعد الاستشارات النيابية لتكليف شخصية بتشكيل الحكومة، واستحقاق ترسيم الحدود وانتظار عودة المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي، آموس هوكشتاين. ولكن يتقدّم ملف الترسيم على ما عداه، خصوصاً وأنّ لبنان يعيش وقتاً داهماً في ظل بدء العدو الإسرائيلي بالعمل على استخراج النفط والغاز من حقل كاريش.
على خطّ الاستشارات، لا جواب واضحاً حول موعدها، فيما تقول مصادر متابعة عبر “الأنباء” الإلكترونية إنّ استشارات التأليف قبل التكليف مستمرة، وتجري في الكواليس عمليات طرح الشروط وفرضها، لوضع شكل الحكومة المفترضة، وما إذا ستكون سياسية أو تكنو- سياسية، بالإضافة إلى بدء البحث في توزيع الحقائب. وفي هذا السياق تشير المعلومات إلى أنّ الأمور تصبّ في مصلحة تسمية الرئيس نجيب ميقاتي، فيما هناك تمسك لدى التيار الوطني الحرّ بمبدأ تطعيم الحكومة بسياسيين إلى جانب المطالبة بوزارة الطاقة.
هذه الأجواء المسرّبة ربما تبرّر ما قاله رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط، الذي أشار إلى أنّه “بحسب الدستور يجب إجراء الاستشارات النيابية”، مشيراً إلى أنّ “الاستشارات متأخرة كما العادة، وهذا مخالف للدستور، حيث يجب أن تقام الاستشارات كي تسمّي كل كتلة نيابية مَن تريد”، مضيفاً “يبدو أنّهم يطبخون الطبخة معاً، وهناك نوايا (مش منيحة)، وهذا كلّه يعطل ولادة الحكومة”.
تزامناً، الملف الأهم يبقى ملف ترسيم الحدود، إذ بانتظار عودة هوكشتاين، يستمر اللبنانيّون بالبحث عن جواب موحّد. وفيما تنفي مصادر القصر الجمهوري عبر “الأنباء” الإلكترونية السعي لتقديم جواب خطّي، والاكتفاء بالجواب الشفهي، تفيد المعلومات بأنّ رئيس الجمهورية، ميشال عون، يدعو إلى عقد اجتماع في القصر الجمهوري للبحث في الرد الذي سيتمّ تقديمه. ومِن غير المعروف بعد إذا كان رئيس مجلس النواب، نبيه بري، سيحضر هذا اللقاء، فيما تعتبر مصادر متابعة أنّ بري قد لا يشارك طالما أنّ الأمر يُبحث بين رئيسَي الجمهورية والحكومة، فيما بري لا يزال على التزامه باتّفاق الإطار، ويرفض الغوص في تفاصيل الخطوط أو غيرها.
في هذا السياق تشي المعلومات إلى وجود قوى دولية تقود وساطة عنوانها احتفاظ إسرائيل بحقل كاريش مقابل احتفاظ لبنان بحقل قانا، وبذلك يمكن تجنب أي تصعيد للوصول إلى حلٍ مُرضٍ للطرفين. وبحسب المعلومات، فإنّ الجانب اللبناني يركّز أيضاً في مباحثاته على التمسّك بالخطّ 23، وعدم الموافقة على الخط المتعرّج الذي اقترحه هوكشتاين، بالإضافة إلى التمسّك بالحصول على حقل قانا كاملاً.
على صعيد آخر، فتح رئيس الحكومة نجيب الميقاتي النقاش على مصراعيه حول الانتخابات الرئاسية واحتمال تأجيلها، مع حديثه عن احتمال تأخّر حصولها.
النائب السابق علي درويش أشار إلى أنّ “الجو العام يُشير إلى تأخّر حدوث الاستحقاق، لكنّه سيحصل كما كان التأكيد على حصول الانتخابات النيابية، خصوصاً وأنّ أي فراغ يخلّف فجوات يُصعب سدّها”.
وفي حديثٍ لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفت درويش إلى أنّ “العملية الديمقراطية تأخذ حقّها في الحياة السياسية اللبنانية، من الانتخابات النيابية إلى الانتخابات الداخلية في مجلس النواب، وستُستكمل مع تسمية شخصية لتشكيل حكومة وبعدها منح الثقة، وبالتالي هذه جميعها استحقاقات تنعكس مؤشرات لمعرفة ما إذا كان جو الانتخابات الرئاسية سيكون معقّداً، ما يعني التأجيل لفترة طويلة، أو جوٍ مستقر يؤدي إلى انتخاب رئيس في أقرب وقت”.
وفي سياق الحديث عن الحكومة، ذكّر درويش بحديث ميقاتي عن الاحتكام إلى الإرادة البرلمانية، “إذ ينتخب النواب من يرونه مناسباً لموقع رئاسة الحكومة، وميقاتي بدوره حاضر بالإنجازات التي حقّقها، لا سيّما إجراء الانتخابات النيابية، كما وله حضوره الإقليمي والدولي، لكن يبقى القرار للنواب”.
ورداً على سؤال ما إذا كان النائب جبران باسيل سيحاول من خلال رئيس الجمهورية فرض الشروط على الرئيس المكلّف، أكّد درويش أنّ “أي شروط تُفرض على الرئيس المكلّف غير مقبولة، وميقاتي لن يقبل بشروطٍ مسبقة”.
فأيّ مناورات بدأت ترتسم قبيل استحقاق التكليف وعشية انتهاء عهد عون؟ وبالتالي، أي تسويات تُطبخ في الغرف المغلقة؟