كتبت صحيفة النهار تقول: ثمة من لم ير ضرورة او أهمية للرد على كلام مقذع يصدر عن رجل دين مزعوم يضع وراءه لافتة الشعار الانتخابي ل”حزب الله” ويتظلل بالحزب فيما هو يوجه ابشع عبارات التحقير المنحطة الى فئات واسعة من المسيحيين . ومع ذلك فان هذه الخفة في التعامل مع كلام فتنوي منحط لا تنطلي على احد لان عدم التبرؤ من الجهة التي استظل بها هذا “الشيخ” ليطلق الكلام البذيء والمقذع والمنحط يرسم علامات الريبة حول حقيقة مزاعم تلك الجهة في مسائل الوحدة الوطنية والحرص عليها فيما تترك لامثال أصحاب هذه الأصوات الفتنوية المنحطة الاسترسال في محاولات بث الفتن . والاسوأ من هذه الجهة “حليفها” المسيحي الذي تجاهل كلاما لا سابق له في الانحطاط فيما انبرى هذا الحليف الى تصفية الحسابات الانتخابية مع الفئات نفسها التي طاولها الكلام البذيء ل”الشيخ” .
انها الانطباعات الأكثر رمزية على رداءة بداية مهلة الأسبوعين الأخيرين قبل موعد الانتخابات النيابية في لبنان فيما ستجري الانتخابات للمغتربين يومي الجمعة والأحد المقبلين أي ان لبنان دخل واقعيا جرم الاستحقاق بكل ما يعنيه ذلك من حبس انفاس وترقب ورصد لمجمل ما يكتنف العد العكسي الأخير من تطورات وتفاصيل من شانها ان تترك بصمات على مسار الاستعدادات للانتخابات .
وبازاء ذلك دعا البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي المواطنين إلى “الاقتراع الكثيفِ لكي يَستعيدوا مبادرةَ تقريرِ مصيرِهم من الّذين عَبثوا بهذا المصيرِ وعرّضوا لبنانَ للانهيارِ وهُويّتَه للتزوير وتغاضَوا عن وضعِ اليدِ على مؤسّساتِ الدولة وقراراتِها”، وقال: “الانتخاباتِ تُعطي لكلِّ مواطنٍ فرصةَ أن يُترجمَ شعارَ أنَّ “الديمقراطيّةَ هي حكمُ الشعب من الشعب”. واجبُ اللبنانيّين أن يستفيدوا من هذا الاستحقاقِ ليقولوا للعالم أيَّ لبنان يريدون، وليُبلِّغوا الدولَ التي تتابعُ الشأنَ اللبنانَّي أنّهم يرَفضون كلَّ اقتراحِ لمشروعِ تسويةٍ أو مساومة لا يَنسجمُ مع حقيقةِ لبنان، ولا يحترمُ التضحيّاتِ التي قدّمها الشعبُ اللبنانيُّ للحفاظِ على استقلالِه وحضارتِه وخصوصيّةِ وجوده هنا”. وأكّد، في عظة قداس الأحد الذي أقيم في سيّدة لبنان مع بداية الشهر المريمي،”أنَّ غالِبيّةَ اللبنانيّين متمسّكون بلبنان الحرِّ الديمقراطيّ الحياديِّ”.
اما على صعيد المشهد الانتخابي فان رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي منيت جولته في عكار اول من امس بنكسة كبيرة وسط التحركات الشعبية الاحتجاجية التي حصلت رفضا لزيارته المنطقة شاء غداة الانتكاسة ان يعوض بتقديمه شكوى أمام هيئة الإشراف على الانتخابات، ضدّ حزبَي “القوات اللبنانية” والكتائب اللبنانية متهما اياهما “بتجاوز سقوف الإنفاق الإنتخابي الى حد بعيد وبشكل فاضح” وطلب إحالة المخالفين الى النيابة العامة المختصة “لانطباق وصف الجرائم المالية والجزائية على مخالفاتهم الثابت ارتكابها”. كما ان باسيل تعمد إقامة مهرجان انتخابي للائحة التيار وحلفائه في الشوف وعالية بشكل متزامن تماما مع المهرجان الذي أقامه الحزب التقدمي الاشتراكي في عالية لمناسبة الذكرى 73 لتاسيسه في عيد العمال في الأول من أيار . واعتبر باسيل في كلمة القاها في المهرجان ان : “ما حدا بيلغي حدا وأيّ محاولة لإلغاء الآخر تعني إلغاء للذات وآخر 30 سنة من تاريخ الجبل شاهدة على ذلك ومشروعنا في لائحة الجبل إنقاذ الدولة وليس إسقاط أو إلغاء أيّ أحد من مكوّناتها”.وقال ان “الإنتخابات في الجبل ولبنان يجب أن تكون إستفتاء بين من يريد لبنان الضعيف ومن يريد لبنان القوي من يريد لبنان المفكك ومن يريد لبنان الموحد من يريد لبنان ساحة مستباحة للخارج ومن يريد لبنان دولة تفرض إحترامها ولها مكانتها بين الدول”.
ووسط هذه المناخات رأى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أن “المعركة الانتخابية ليست متكافئة أبدا”. وقال: “في نهاية المطاف نخوض معركة سياسية، “حزب الله” حزب مسلح نعم، لكن نأمل أن يكون لهذا الصوت السياسي حضور وازن في المجلس النيابي المقبل، لكي نقول له ولغيره من جماعات محور الممانعة ولسوريا وإيران، أن الأمور لا يمكن أن تدار بهذه الطريقة”. وقال جنبلاط في حديث لجريدة “القبس”: “مرات عديدة جرت محاولات لإلغاء وليد جنبلاط، قبل 7 أيار 2008 بكثير، حاولوا إلغاء آل جنبلاط في 1977 عندما اغتالوا كمال جنبلاط، وبقينا وصمدنا. وسنبقى هذه المرة أيضا”. وأشار إلى أنه دائما يعتمد الحوار مع “حزب الله”، “إذ لا بديل من هذا الحوار، وبالنسبة للهجوم على الرئيس عون فلا ينبع من منطلقات شخصية، إنما بسبب إنجازاته الكارثية”. وقال: “لم ينتج من عهد عون سوى الكوارث، وعدم قدرته على إزاحة رموز مسيئة لعهده وتصحيح العهد. العهد انتهى. ليس لنا سوى الانتظار على أمل ان يأتينا رئيس جمهورية مقبول وألا تأتينا كارثة جديدة إذا ما جدد لأحد من حوصته، حاشيته”.
وعن تصوره للرئيس المقبل، أجاب أنه ليس نائبا في البرلمان لكي ينتخب، “فالنائب تيمور جنبلاط هو من سيختار”. وقال: “المهم أن يكون هناك رئيس لبناني لا رئيس أداة بيد السوري والإيراني”.
وفي المقابل أشار رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل، إلى “أنّنا أردناها مواجهة مفتوحة، ونعم نحن ضدّهم وسنعمل لإسقاطهم لأنّ خطّهم مناقضٌ لمصلحة لبنان ولأنّهم قدّموا سيادة هذا البلد لميليشيا مسلّحة، ونخوض المعركة إلى جانب أصدقاء أعزاء يُفكّرون مثلنا وهدفهم مثل هدفنا”، قائلاً: “نريد أخذ هذه الشرعية منهم لردّ الدولة لأصحابها”. وقال في كلمة ألقاها خلال احتفال انتخابيّ في البترون: “لن يكون هناك “عفا الله عمّا مضى” بدءاً من المحاسبة السياسية ونحن فخورون أننا نخوض المواجهة لكي نقول إننا لن نجلس على طاولة المحاصصة مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ولن نشارك بحكومة يسيطر عليها حزب الله ولن نصوّت لرئيس يدعمه حزب الله”، مشدّداً على أنّ “المعارضة ستفوز وستدخل إلى المجلس النيابي بتكتّلٍ كبير، ونحن نريد التغيير السيادي أولاً ونريد تغيير النهج السياسي القائم على الكذب والإرتهان لحزب الله وندعو أهلنا في البترون إلى اختيار الخيار المضمون الذي لا يُشارك في التسويات”.
وسط هذه الأجواء عادت الازمة المالية الى المشهد الداخلي مع أصدار المكتب الإعلامي لنائب رئيس الوزراء سعادة الشامي بيانا حول نتائج مشاركته في اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي الأسبوع الفائت في واشنطن، حيث عقد اجتماعات مكثفة مع مختلف أقسام صندوق النقد الدولي المعنيين مباشرة بالاتفاق الذي حصل على صعيد الموظفين بين لبنان والصندوق لاستكمال البحث في كل الأمور المتعلقة بهذا البرنامج كما عقد اجتماعا مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا ، التي أبدت اهتماما كبيرا بالوضع اللبناني واستعدادها لمساعدة لبنان للخروج من أزمته الحادة. كذلك شددت مديرة الصندوق على أن تنفيذ الإصلاحات في الوقت المطلوب مسألة ضرورية جدا لكي تتمكن الاسرة الدولية من مساعدة لبنان.
واجتمع أيضا مع كل من المدير التنفيذي في صندوق النقد الدولي الدكتور محمود محي الدين ، والمدير التنفيذي في البنك الدولي الدكتور ميرزا حسن ، ونائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الاوسط فريد بلحاج . وقد تركزت المحادثات على موضوع القرض المخصص لاستجرار الغاز من مصر وعلى برنامج البنك الدولي المعني بدعم الموازنة العامة والذي يترافق مبدئيا مع الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي . كذلك اجتمع نائب رئيس الحكومة مع المسؤولين في الخزانة الاميركية ووزارة الخارجية الاميركية ومع مفوض الاتحاد الاوروبي المختص بمنطقة الشرق الاوسط .
وأفاد البيان انه بخلاصة هذه الاجتماعات اكد نائب رئيس مجلس الوزراء انه ” لمس اهتماما جديا من جميع الذين التقاهم بمساعدة لبنان للخروج من الأزمة غير المسبوقة التي يعيشها ، وان أي مساعدة ستكون مشروطة بالشروع في تطبيق الإجراءات المسبقة المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي وموافقة مجلس النواب على بعض القوانين وأهمها قانون موازنة 2022 وقانون “الكابيتال كونترول” والتعديلات المطلوبة على قانون السرية المصرفية وأيضا قانون إعادة هيكلة المصارف والذي تسعى الحكومة إلى احالته على مجلس النواب قبل الانتخابات المقبلة . واكد ان عدم تطبيق هذه الإصلاحات ستكون له تداعيات سلبية على الوضع الراهن، فيما يخفف البدء بتنفيذ هذه الإصلاحات التداعيات السلبية للوضعين الاقتصادي والمالي على الناس، و يعطي أملا بالنهوض والتعافي ويخفف من حدة الأزمة العميقة ويفتح الأبواب لمستقبل أفضل”.