كتبت صحيفة النهار تقول: يعيش العالم بمعظم دوله استعادة لنسخة قاسية، بل أشدّ قسوة، من الموجات الأولى لجائحة كورونا قبل سنة بما يعني أنّ العالم سيُعيّد مجدّداً الميلاد ورأس السنة وسط كابوس متحوّر “أوميكرون” السريع التفشي والذي بدأ بجعل الدول ترفع إلى الأقصى درجات التعبئة والاستنفار في إجراءاتها بلوغاً إلى الإقفال العام. وإذا كان لبنان يشكّل جزءاً من هذه الصورة العالمية خصوصاً أنّ التفشي الوبائي فيه يتدحرج على نحو مقلق للغاية وينذر باحتمال بلوغ الحدود القصوى، فإنّ واقعه الاستشفائي والصحي المتدهور قد يفرض في قابل الأيام الاتجاه قسراً نحو تشديد الإجراءات التي اتُخذت، والتي لن تكفي حتماً في الحؤول دون كارثة تحصل في المستشفيات لدى بدء امتناع معظمها عن استقبال عشرات بل مئات المصابين. وإذا كان وزير الصحة فراس الأبيض لمّح، قبل يومين، إلى أنّ الوباء وحده يتخذ قرار الإقفال من عدمه، فإنّ وقائع انتشار الوباء وتزايد الإصابات لن يقفل باب احتمال اضطرار السلطة في أي لحظة إلى اتخاذ القرار القسري بالإقفال متى صارت الكارثة أمراً واقعاً يملي إجراء شمولياً كهذا.
وفي غضون ذلك، يبدو المشهد السياسي متّجهاً إلى مزيد من الجمود والتعقيد بما يستبعد معه أي جديد على صعيد خرق الأزمة الحكومية اقله قبل السنة الجديدة وربما لفترة طويلة غير منظورة. ولذا ستُشكّل الأيام الأربعة المقبلة محوراً لتركيز الأنظار والاهتمامات على الزيارة التي سيقوم بها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للبنان، والتي تبدأ بعد ظهر اليوم وتنتهي الأربعاء المقبل. ومعلوم أنّ غوتيريس سيلتقي خلال زيارته “التضامنية مع الشعب اللبناني”، الرؤساء الثلاثة وعدداً من القادة الدينيين وممثّلين عن المجتمع المدني. كما سيقف دقيقة صمت في مرفأ بيروت “تكريماً لأرواح الضحايا”، ثم يقوم بزيارات ميدانية يلتقي خلالها المتضرّرين من الأزمات المتعدّدة التي تواجهها البلاد. ثم يزور الجنوب لتفقد قوات “اليونيفيل” والقيام بجولة على الخط الأزرق .واعتبرت مصادر ديبلوماسية أنّ محطات زيارته هذه تشكّل في ذاتها، إشاراتٍ إلى الرسائل التي سينقلها إلى السلطات اللبنانية. فهو سيشدد على أنّ الشلل الوزاري لا يمكن أن يستمر، لأنّ أيّ اتفاق مع صندوق النقد الدولي والاصلاحات المطلوبة بإلحاح دوليّ، يحتاجان إلى حكومة فعّالة. كما سيؤكد أنّ تطيير الانتخابات ممنوع، وترهيب القضاء ممنوع أيضاً لا سيما في قضية انفجار مرفأ بيروت الذي سيزوره.
والأهم، كما تضيف هذه المصادر، أنّه سيُذكّر السلطات اللبنانية بأنّ القرارات الدولية وُجدت لتُطبّق، وأبرزها الـ1701 والـ1559.
وأمّا المحطة الداخلية البارزة التي ينتظرها مجمل الوسط الرسمي والسياسي والنيابي هذا الأسبوع فتتمثل في القرار الذي سيتخذه المجلس الدستوري حيال مراجعة الطعن المقدّمة أمامه في تعديلات قانون الانتخاب، من تكتل “لبنان القوي”، والذي سيصدر الثلثاء في نهاية المهلة القانونية المحددة للمجلس لإصدار قراره بعد شهر من تلقيه المراجعة.
وفي هذه الأثناء، أعلنت الهيئة السياسيّة في “التيّار الوطنيّ الحر”، بعد اجتماعها الدوري أمس، أنّ “الاستنسابيّة التي تشوب التحقيق العَدلي في انفجار مرفأ بيروت والتأخير في إنهاء التحقيقات والمراوحة الحاصلة، تزيد المخاوف من عدم كشف الحقيقة”، مؤكدة أنّ “الوقت حان لكي يصدر المُحقّق العَدلي القرار الظنّي ويرفع الظلم عن الموقوفين المتهمين بمعظمهم بالإهمال الإداري”. أمّا حكوميّاً، فحذرت هيئة “التيّار” من أنّ “يكون تقاطع المصالح السياسية وراء التعطيل المُتعمّد للحكومة”، واعتبرت أنّ “رئيس الجمهوريّة على حَقّ في عدم القُبول بالموافقات الاستثنائيّة طالما ان الحكومة القائمة كاملة الأوصاف الدستوريّة”. وإذ حملت مجدّداً على حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، معتبرة أنّ “ممارساته تدعو إلى أكثر من الرَيبة وتؤَكّد الشكوك بأهليته ونواياه، ممّا يستدعي كفّ يده فَوراً ومحاسبته”، قالت في الشأن الانتخابي، إنّ “التيّار يجدد ثقته وأمله بأنّ المجلس الدستوري سيبتّ بالطعن في التعديلات والتي تشوبها عُيوب قانونيّة ودستوريّة وميثاقيّة وكيانيّة فاضحة”. وشدّدت على أهمية أن “يصحح الدستوريّ الممارسة التشريعية التي الغت الدائرة الانتخابية للمنتشرين وحرمتهم الحقّ في أن يتمثّلوا بـ6 نواب من بينهم”، مؤكدا رفضه “أيّ مقايضة على هذه الحقوق وأيّ تعطيل لمؤسسات الدولة بالابتزاز”.
في المقابل، أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أنّ “الواقع الحالي يتخطى كل المقبول والمعقول فـ”البلد فلتان”، مشيراً إلى أنّ “الحل يكون فقط، في الانتخابات النيابية، فهي فرصة لن تتكرر للخروج من هذا الواقع الأليم، فإمّا يأخذ المواطن القرار الصائب وإمّا يعمّق الازمة”. وأشار إلى أنّ “نظرية “في لبنان التغيير مستحيل”، غير صحيحة، فالتغيير وارد في كل لحظة ولكنه يعود للخيارات الصحيحة التي على اللبناني اتخاذها متجنّباً التقليد السياسي والمحسوبيات والزبائنية والرشاوى وإلّا ستبقى النتيجة هي ذاتها. وتوجّه جعجع للبنانيين بالقول: “خلاصنا بيدكم، خلاص البلد بيدكم، إذا اخترتم بشكل صحيح سنخرج من جهنم أما إذا كان قراركم خاطئا ففي جهنم باقون. إمكانية التغيير موجودة في كل لحظة، والقوات ستكون لديها لوائح في كل المناطق بحثاً عن التغيير المنشود”. وسأل جعجع: “عما يريده حزب الله اليوم؟ هل سيستمر بهذا الأسلوب حتى موت آخر لبناني في البلد؟”، معتبراً أنّ “تعطيل الحكومة أبعد من السياسة بل بات مرتبطاً بتحقيقات انفجار المرفأ، التي ولأجلها يعطل البلد بشكل عام، كما لم يعجبه التحقيق في أحداث الطيونة فخرج بنظريات أظهر التحقيق أنّها خاطئة ومزيفة”.