كتبت صحيفة الديار تقول: كما كان متوقعا أتى “الحل المؤقت” لأزمة المحروقات من جيب اللبنانيين، مباشرة من خلال اعتماد سعر صرف 8000 ليرة، ومواربة من خلال صرف ما أتى وسوف يأتي من قروض دولية لدفع ديون الدولة. ورجحت مصادر معنية بالملف ل”الديار” ان يتم تحديد سعر صفيحة البنزين الجديد بحوالي 145 ألف ليرة لبنانية، لافتة الى ان العمل بهذا القرار سيبدأ بأبعد تقدير منتصف الاسبوع المقبل بعد توقيع كل من رئيس الجمهورية، رئيس حكومة تصريف الاعمال، وزير الطاقة ووزير المال مرسوم استثنائي يسمح باعتماد سعر الصرف الجديد.
وباجراء تخديري جديد من ضمن الاجراءات التي اعتادها اللبنانيون لتقبل “جنون الاسعار”، أقر يوم امس في اجتماع عقد في قصر بعبدا، لمعالجة أزمة المحروقات برئاسة رئيس الجمهورية العماد عون وحضور رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، وزير المال وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وبمشاركة وزير الطاقة والمياه ريمون غجر رفع قيمة بدل النقل للموظفين ليصبح 24 ألف ليرة عن كل يوم عمل.
وصدر عن حسان دياب بيانا وضع فيه الاجراءات الجديدة المتخذة باطار تدارك تداعيات قرار المصرف المركزي برفع الدعم عن المحروقات، “والذي ستكون له تأثيرات كبيرة جداً على حياة الناس وتضيف أعباء لا يستطيع اللبنانيون تحملها”، متحدثا عن “تسوية تخفّف نسبياً هذه الأعباء، تقضي باعتماد رقم 8,000 ليرة لتسعير المحروقات ولدفع صيانة معامل وخدمات الكهرباء، على أن تتحمل الدولة فارق الخسارة بالليرة اللبنانية وكذلك رفع قيمة بدل النقل للموظفين ليصبح 24 ألف ليرة عن كل يوم عمل”.
وفي وقت لاحق، قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لوكالة “رويترز” أنّ الحكومة ستسعر الوقود بسعر 8 آلاف ليرة للدولار والفرق بين السعرين يُترجم إلى خسارة تتحملها الحكومة والمصرف سيوفر الدولار لواردات الوقود بسعر السوق.
ومن المفترض ان يلي هذه الاجراءات، الاجراء الاهم الذي ينتظره اللبنانيون الا وهو توزيع البطاقة التمويلية التي قالت مصادر معنية بالملف ل”الديار” انها تنتظر المبلغ الاخير لتمويلها والذي سيكون جزءا من قرض ال850 مليون دولار المنتظر من البنك الدولي، موضحة ان المبلغ المتبقي لتغطيتها هو 250 مليون دولار . واشارت المصادر الى ان نحو 650 الف شخص سيستفيدون من هذه البطاقة.
وفي رسالة الى اللبنانيين، أكد عون انه سيظّل يعمل حتى بلوغ الحلول، ولن يتأثر بالمزايدات ولا بالحملات الإعلامية ولن يتخلّى عن واجباته ومسؤوليّاته. وإذ رأى ان كل أجهزة الدولة المفروض فيها ان تتخّذ القرارات قد تعطّلت، أشار الى انه أخذ المبادرة لحلّ الازمات الضاغطة والمشاكل الطارئة، وقال: “اصارحكم كي تعرفوا انّ هناك عرقلة لكل فكرة او اقتراح او مبادرة، كأن المطلوب المزيد من تدهور الأوضاع والمعاناة والعذاب للمواطنين ووقوفعم في طوابير الذل.” وشدد رئيس الجمهورية على “ان الحكومة ستتشكّل وبالتعاون بيني وبين الرئيس المكلّف، على ان تكون قادرة على القيام اصلاً بالإصلاحات وحاصلة على ثقة الكتل النيابيّة.”
من جهته، غرّد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عبر “تويتر” قائلا:”الرئيس توجه للمجلس لحل أزمة الكهرباء والمحروقات. جواب الأكثرية بالمجلس: تشكيل الحكومة، والاسراع بالبطاقة التمويلية يلي بحاجة لشهر لتصير شغالة. شو بيعملوا اللبنانيي بهالشهر؟ بينذلوا اكتر؟ او بيعطوا دمائهم؟ اوقفوا المؤامرة، افرجوا عن المال لكهرباء لبنان ولموظفي الدولة، وعدلوا قرار الحاكم”.
أزمة مياه في الافق!
وكأنه لا يكفي اللبنانيين ازمة الكهرباء والبنزين والمازوت والغاز والرغيف والدواء والاستشفاء، حذرت المديرة التنفيذية لليونيسف هنرييتا امس أنه “في حال لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة سيواجه أكثر من أربعة ملايين شخص في جميع أنحاء لبنان – معظمهم من الأطفال والعائلات الأكثر هشاشة – احتمال تعرضهم لنقص حاد في المياه أو انقطاعهم التام عن إمدادات المياه الصالحة للشرب في الأيام المقبلة”. ودعت إلى “الاستعادة العاجلة لإمدادات الطاقة – الحل الوحيد لاستمرار تشغيل خدمات المياه”. وقالت:”الاحتياجات هائلة، والتشكيل العاجل لحكومة جديدة مع التزامات واضحة بالإصلاح أمر بالغ الأهمية لمعالجة الأزمة الحالية من خلال إجراءات حازمة ومنهجية لحماية حياة الأطفال وضمان الوصول للمياه وجميع الخدمات الأساسية”.
تشاؤم حكومي
حكوميا، طغى التشاؤم لاول مرة منذ تكليف الرئيس نجيب ميقاتي على الملف، وبدا وكأن الامور اقتربت من حائط مسدود خاصة بعدما تم استبدال الزيارات الدورية التي كان يقوم بها الرئيس المكلف الى بعبدا بزيارات لموفدين من الطرفين. وقالت مصادر قريبة من الرئيس عون ل”الديار” ان “التواصل الذي يجري بالملف الحكومي هو حاليا غير مباشر ويتم على صعيد الموفدين”، لافتة الى “اننا في مرحلة دراسة الاسماء المطروحة للتوزير خاصة الاسماء المطروحة لتولي وزارت الداخلية، الطاقة الشؤون الاجتماعية والعدل”. واستهجنت المصادر ما يتم الترويج له لجهة ان الرئيس عون يريد ان يسمي الوزراء المسيحيين ال12، لافتة الى انه “بات محسوما ان هناك وزيرين مسيحيين للمردة، وزير للطاشناق، وزير للحزب القومي ونائب رئيس الحكومة الذي يكون توافقيا، وبالتالي كل الكلام عن وضع الرئيس عون يده على الحصة المسيحية كاملة انما يندرج باطار الدس لتحميل الرئيس مسؤولية تعطيل التشكيل ، ولكن الاجدى بهم الخروج بروايات اكثر اقناعا للناس”.
وكان اللبنانيون انشغلوا صباحا بمشاهد سفن حربية بمحاذاة المياه الإقليمية اللبنانية لا سيما قبالة المتن وكسروان. وفيما أعلن الجيش اللبناني عبر حسابه على “تويتر” ان وحدات من الجيش اللبناني، تنفذ، وبالتنسيق مع البحرية التابعة لقوة الامم المتحدة في لبنان، تمريناً تكتياً في المياه الاقليمية اللبنانية، والبوارج التي ظهرت في مقاطع فيديو تشارك في هذه التدريبات، استغربت مصادر عسكرية ربط هذه التدريبات بموضوع باخرة المحروقات الايرانية، وقالت ل”الديار”:”هذه التدريبات روتينية بين الجيش واليونيفل واعطائها اي ابعاد اخرى غير واقعي على الاطلاق”.
وفي الموازاة، أكد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل أن “سفينة المازوت الدقيقة” بدأت تُحقق نتائج إيجابية للبنان وهي في عرض البحر، وهو ما يصب في النهاية في مصلحة مسعى حزب الله للتخفيف عن شعبه بتوفير بعض حاجياته ضمن مبادرته الإنسانية الضرورية بعيدًا عن أي اعتبارات سياسيَّة او تنافسية، مشددا على أن ما يريده هو مساعدة الناس الذين يتألمون ممَّا وصلت إليه الأمور في بلدهم نتيجة الحصار الأميركي وعجز مؤسسات الدولة عن القيام بواجباتها.
من جهته، حذر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في بيان، من “لعب شركات النفط بعقلية ميليشيات”.وقال: “قصة توزيع هنا ومنع هناك أمر خطير جدا، ومن يمنع محطات الضاحية من المحروقات يفعل ذلك بإيعاز أميركي، وهو ممنوع بشدة. وبالنسبة إلى التعليقات على ناقلة المحروقات الإيرانية، لا نريد زعامات تصدر بيانات للفقراء وطوابير الذل من يخت فاخر وقصر معلق، وأتمنى على الفرنسيين ألا يكونوا قناعا للأميركيين، لأن هذا البلد لن يسقط ولن يستسلم وخيارات القوة فيه كبيرة جدا”. وختم: “الخط الأحمر لبنان، وكل ما يحميه سنقوم به، وزمن الخيار الأميركي انتهى لأننا في صلب معركة خيارات إنقاذية للبنان، ومن الآن وصاعدا الخيار لإنقاذ لبنان هو بعيد من خطوط أميركا الخانقة للبلد والناس”.