كتبت صحيفة “النهار”: مع أن مستعجلي الولادة الحكومية كانوا يمنون النفس بصدور مراسيم تشكيلها مساء أمس، لكن عدم التوصل إلى وضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة لا يعني التقليل من أهمية الاختراق الذي تحقق في الساعات الأخيرة وتحوّل معه مخاض التأليف إلى المرحلة النهائية التي تسبق ولادة حكومة الرئيس نواف سلام الأولى في عهد الرئيس العماد جوزاف عون. وساد انطباع أنه إذا سارت الأمور وفق المسلك السلس المتبقي لتثبيت بضع حقائب وإسقاط الاسماء عليها فربما تتزامن الولادة الحكومية مع زيارة أول موفد لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى بيروت اليوم التي تقوم بها مورغان أورتاغوس نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط وإيريك تراغر في مهمة ستتركز على نقل الاتجاهات التي تحملها إدارة ترامب تجاه الواقع الجديد في لبنان.
ولكن الرئيس المكلف نواف سلام سرعان ما فاجأ المستعجلين وغير المستعجلين على حد سواء بما يمكن اعتباره البيان الأكثر أهمية ودلالة وتعبيراً عن مجريات مهمته وما يحوطها من تعقيدات وعقبات كما بما تضمنه من ردود على الكثير مما يساق حيال النمط الذي يتبعه أو المعايير التي يعتمدها. هذا البيان الأبرز للرئيس سلام خلّف أيضاً انطباعاً بأن ولادة الحكومة لم تكن بالسرعة التي أشيعت حيالها من بعض الإعلام كما قد لا تكون خلال الساعات المقبلة أيضاً. إذ أن سلام أدلى ببيانه المعد مسبقاً عقب اجتماعه مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ولم يجب على أسئلة المراسلين بما تعذّر معه الجزم مسبقاً بأي موعد متسرّع لإعلان الولادة الحكومية. وعلم أن الاجتماع بين عون وسلام تناول نقاشاً حول الاسماء وبعض الحقائب التي تحتاج إلى مزيد من التشاور خلال اليومين المقبلين. وقد استدعت الحملات التي تعرّض لها الرئيس المكلف إلى الردّ فأعلن أنه “يعمل على تشكيل حكومة إصلاح، ولن أسمح أن تحمل في داخلها إمكان تعطيل عملها بأي شكل من الأشكال”. وأضاف: “اقول للبنانيين إنّني أسمعكم جيّداً وتطلّعاتكم هي بوصلتي وأطمئنكم أنّني أعمل على تأليف حكومة تكون على درجة عالية من الانسجام بين أعضائها وملتزمة مبدأ التضامن الوزاري”. وأكد أن “المعايير التي أتبعها ضمانٌ إضافي لاستقلالية عمل الحكومة ونزاهة الانتخابات المقبلة وحياديتها وأدرك تماماً أهمية دور الأحزاب في الحياة السياسية وبلا أحزاب لا تستقيم الحياة السياسية في أيّ بلد ولكنّني في هذه المرحلة الدقيقة اخترتُ تغليب العمل الحكومي على التجاذبات السياسية”. وقال: “عملتُ بتأنٍّ وصبر وأواجه حسابات يصعب على البعض التخلّي عنها أو يتقبّل أسلوباً جديداً في مواجهتها”.