كتبت صحيفة النهار تقول: بدا انعقاد اللجنة الخماسيّة التي تضم سفراء كل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر في قصر الصنوبر أمس من دون إعلان الموعد المسبق لاجتماعها بمثابة إعلان مؤشر إيجابي إلى أن المجموعة الخماسيّة لم تتخل عن اضطلاعها بدور الداعم الخارجي الأساسي للبنانيين في انهاء أزمة الفراغ الرئاسي التي تقترب من طي سنتها الثانية في نهاية تشرين الأول المقبل. بل إن الدلالة الأبرز الأخرى لاجتماع اللجنة الخماسيّة تمثل في أن هذا التحرك يحصل في معزل عن الربط بين الأزمة الرئاسية و”حرب الجنوب” اللبناني بما يوحي أن الدول الخمس تتفق على الدفع قدماً والآن في تحريك جهودها وربما ضغوطها من أجل حض القوى اللبنانية والنواب على إنهاء سريع للأزمة من دون أي ربط لها بواقع الحرب في الجنوب تجنباً لزيادة تعميق الأزمة وتعقيداتها وربما أيضاً تجنباً لإطالة أمد الأزمة كثيراً ما دامت معالم توقف الحرب لم تبرز بعد. وهذا ما شغل اجتهادات القوى المختلفة حول ابعاد إعادة تحريك اجتماعات اللجنة ولو أن هذه العودة لم تكن مفاجئة بل متوقعة.
وقد اجتمعت أمس اللجنة الخماسيّة على مستوى السفراء المعتمدين في بيروت، في قصر الصنوبر، بعد جولة قام بها السفير المصري علاء موسى على كل من عين التينة وحارة حريك ومعراب. وأفادت معلومات عن الاجتماع أنه كان ايجابياً واتفق خلاله السفراء على مواصلة الاتصالات في ما بينهم ومع القوى السياسية اللبنانية لمحاولة إيجاد سبيل إلى فتح ثغرة في جدار الرئاسة. ووفق بيان صدر عن الاجتماع فقد “تم خلاله التشديد على أهميّة انتخاب رئيس للجمهورية لأن هناك خطراً على لبنان بسبب الشغور الرئاسي الذي يدفع ثمنه لبنان واللبنانيون”. وشكّل الاجتماع “فرصة للتشديد على وحدة اللّجنة الخماسيّة، إذ شكّل انعقاده أهميّة بحكم الفترة التي مرّت”. كما جرى “التشديد على مواكبة اللبنانيين لإيجاد حلّ للشغور الرئاسي”، وعبّر المجتمعون عن وجهة نظر المجتمع الدولي بأن الأوضاع “لا يمكن أن تظل على حالها”.
ووفق المعلومات، من غير المستبعد أن يزور المبعوث الفرنسي جان إيف لورديان لبنان في الأيام القريبة المقبلة لحث اللبنانيين على الإسراع في الاتفاق على رئيس للجمهورية، وعلى الذهاب نحو خيار ثالث.
هوكشتاين والتهديدات
وجاء اجتماع اللجنة الخماسية فيما يترقب لبنان الرسمي والسياسي احتمالاً مرجحاً لقيام المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين بزيارة لبيروت بعد زيارته المتوقعة لتل أبيب مطلع الأسبوع في مسعى جديد لخفض حدة التصعيد المتسع على الجبهة الجنوبية مع إسرائيل ولجم الاندفاعة الإسرائيلية نحو توسيع الحرب على “حزب الله”.
ومع أن المراجع الرسمية المعنية لم تتبلغ بعد أي إشعار بزيارة هوكشتاين لبيروت فيتوقع ذلك في مطلع الأسبوع تزامناً مع وصوله إلى إسرائيل.
وقد لوحظ أن التهديدات الإسرائيلية بعملية واسعة في لبنان تواصلت بل تصاعدت عشية عودة هوكشتاين إلى المنطقة إذ أن القناة 13 الإسرائيلية بثت أمس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرر توسيع العملية العسكرية على الجبهة الشمالية ونقلت عنه قوله “نحن بصدد عملية واسعة وقوية في الجبهة الشمالية مع لبنان “.
وأفادت القناة نفسها أن الجيش الإسرائيلي يسعى إلى تصعيد متدرج على الجبهة الشمالية. وقد وسع الطيران الحربي الإسرائيلي غاراته مساء حيث طاولت بعلبك – الهرمل.
عاصفة “توطينية”
وسط هذه الأجواء انفجرت ناحية شديدة الحساسية في ملف الوجود السوري غير الشرعي بسبب قرار مستغرب وصادم صدر عن المديرة العامة بالتكليف للتعليم المهني والتقني مستند إلى تغطية من وزارة التربية والحكومة ويسمح للطلاب السوريين غير الحاملين بطاقة إقامة قانونية أو حتى بطاقة تعريف صادرة عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بالتسجيل في المعاهد والمدارس الرسمية والخاصة للعام الدراسي 2025/2024. وأشعل هذا التطور الخطير والمشبوه عاصفة عنيفة لا سيما لدى القوتين المسيحيتين الأساسيتين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”.
وفي السياق، قال رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إن “هذا التعميم مخالف للقوانين اللبنانية كلها وحتى للاتفاقية المعقودة بين لبنان والمفوضية السامية اللاجئين في العام 2003، وهذا التعميم يعني عملياً دعوة السوريين المتواجدين على الأراضي اللبنانية بشكل غير شرعي إلى البقاء في لبنان، والأخطر من ذلك انه يدعو السوريين الذين ما زالوا في سوريا إلى إرسال أبنائهم إلى المعاهد والمدارس الخاصة والرسمية اللبنانية، وهذا كله على حساب الوطن وعلى حساب المكلف اللبناني”.
تابع “إذا كان البعض يعتبر ان لا حدود بين لبنان وسوريا، وان لا لزوم للبنان الوطن، فنحن سنقاوم حتى النهاية للحفاظ على حدود لبنان الدولية والحفاظ على لبنان الوطن. ان البعض بتصرفاته المختلفة، ولو حاول إلباسها لبوسا مغايرا في الشكل، يتصرف خارج الدستور اللبناني تماماً، ومن دون الأخذ في الاعتبار انه يوجد في هذه البقعة من الارض وطن اسمه لبنان”.
قال: “إن البعض بمواصلته ضرب الدستور بعرض الحائط عبر تشكيل تنظيم مسلّح غير شرعي إلى جانب الجيش اللبناني، وبمصادرة قرار الحرب والسلم، وبمخالفة النصوص الدستورية في انتخاب رئيس للجمهورية، والآن بمخالفة القوانين كلها في ما يتعلق باستباحة السيادة من خلال دعوة الطلاب السوريين من كل حدب وصوب للتسجيل في المعاهد اللبنانية، من الواضح أن هذا البعض في الخلاصة لا يريد لبنان وطناً”.
ودعا في هذه المناسبة بالتحديد، رئيس الحكومة ووزير التربية للتدخل فوراً وإبطال تعميم المديرة العامة بالتكليف للتعليم التقني والمهني، واتخاذ التدابير اللازمة بحقها تمهيداً لمعالجة بقية الأمور بدءا من موضوع رئاسة الجمهىورية تبعاً لما يقتضيه الدستور.
بدوره، طالب رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل رئيس حكومة تصريف الأعمال تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بظلّ غياب رئيس للجمهوريّة، بـ”الرّجوع عن هكذا قرار وجودي ومصيري بالنّسبة للبنان، بظلّ غياب شريكه الدّستوري”، مطالبًا أيضًا رئيس مجلس النّواب نبيه بري، بـ”العودة عن هذا القرار، وهو طبعًا يعي خطورته”.
وتوجّه باسيل كذلك إلى النّائب السّابق وليد جنبلاط، الممثّل في الحكومة من قبل وزير التّربية عباس الحلبي، قائلًا: “نحن بالتّأكيد مع القوانين الدّوليّة وحقّ الطّفل بالتّعليم، لكن أصبح بإمكان أوليّاء هذا الطّفل إمّا تسوية أوضاعهم في لبنان، أو أن يتعلّم في سوريا، لأنّ الوضع هناك أصبح آمنًا”.
وأضاف “أتوجّه أيضًا إلى “حزب الله”. عندما يدعو الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله إلى إجراءات الحدّ الأقصى بفتح البحر أمام الناّزحين، هل يمكن لوزرائه في الحكومة أن يقبلوا بهذا القرار؟. وأتوجه خامساً الى وزراء تيار “المردة” والمستقلين في الحكومة، هل تقبلون أن تسجلوا على ضميركم وعلى سجلكم صدور قرار من هذا النوع يؤدي إلى توطين الطلاب غير الشرعيين في مدارسنا”؟.
غير ان هذه الردود لاقت موقفاً سلبياً مناقضاً لدى الحزب التقدمي الاشتراكي الذي أصدر بياناً أعلن فيه “رفضه الحملة التي تتعرّض لها وزارة التربية، على خلفية قرارها بالسماح للطلاب السوريين الذين لا يملكون أوراقاً ثبوتية بالتسجيل للعام الدراسي 2024-2025، فهذا القرار يعكس حكمةً في منع انجراف الاطفال السوريين نحو الجهل والتطرف والعنف والجريمة، فيما الحملة ضده تعكس مجدداً عنصرية وقصر نظر في مقاربة ملف استراتيجي دقيق سيكون له تداعياته الاجتماعية الخطيرة على لبنان في المستقبل القريب”.
وأضاف البيان، “ويجدد الحزب التقدمي الاشتراكي التأكيد أن تعليم الطلاب السوريين في المدارس اللبنانية، المعروفة المناهج، أفضل بكثير من تركهم فريسة للتخلّف، مذكّراً بالورقة التي تقدّم بها حول ملف إعادة النازحين، التي يبقى تطبيقها ضمن توصيات المجلس”.
ذكرى بشير
إلى ذلك، أقيمت عند الرابعة وعشر دقائق وقفة تأمل وصلاة ووضع أكاليل على نصب شهداء ١٤ أيلول في مكان استشهاد الرئيس بشير الجميّل ورفاقه أمام بيت كتائب الأشرفية، وألقى النائب نديم الجميّل كلمة لفت فيها إلى أنه “بعد 42 عامًا ما زال أبناؤنا يُقتلون وقرانا تدمّر وسيادتنا منتهكة بسبب ميليشيا أرادت توريط لبنان بحروب مدمرة”.
وأكد أن “هذا البلد لنا ونريده أن يشبهنا ولا يمكنهم تغيير لونه وهويته ولا جعله ولاية ايرانية كما فشلوا في أن يجعلوا منه محافظة سورية، فقد فشلوا وسيبقون يفشلون لأن حجمنا جبال ووديان تحت الشمس وحجمهم أنفاق مظلمة تحت الأرض. حجمنا حياة وعلم وفن وجمال وفرح وحجمهم حرب دمار وموت باختصار حجمهم صغير وحجمنا حجم بشير وقوتنا قوة العين التي تقاوم المخرز”.
وشدّد على أن أن هذه الذكرى السنوية ليست فقط للصلاة واستذكار بشير ورفاقه بل للمقاومة الحقيقية، مقاومة اليأس إن بدا يحاول الدخول الى قلوبنا، ومقاومة محاولات التوطين الفلسطيني والسوري، ومقاومة الفساد والتهريب والسلاح الإيراني ومقاومة التدخل والانغماس بحروب تسمح للاسرائيلي بقتل شبابنا وتدمير قرانا”.
ورأى أنه “كُتب لنا أن نعيش في هذا الشرق وأن نكون مقاومين من قنوبين للأشرفية وعلى كامل الأراضي اللبنانية”.
وأقيم للمناسبة أيضاً قداس مساء في كنيسة مار مخايل في بكفيا تقدم الحضور فيها الرئيس امين الجميل ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل وشخصيات سياسية وحزبية.