وفي الشأن المتصل بالاوضاع اللبنانية الراهنة، لا سيما العدوان الاسرائيلي على لبنان وقراه الحدودية مع فلسطين المحتلة والملف الرئاسي، إعتبر رئيس المجلس أن “ما يتعرض له لبنان من بوابة الجنوب هو عدوان إسرائيلي مكتمل الأركان”، مؤكداً “التزام لبنان بنود ومندرجات القرار الاممي رقم 1701 وتطبيقه حرفياً”، مشيرا الى أن “كل الموفدين الدوليين والأمميين ومنذ اللحظات الأولى لصدور هذا القرار، يشهدون أن منطقة عمل قوات الطوارئ الدولية منذ عام 2006 وحتى السادس من تشرين الأول 2023 كانت المنطقة الأكثر إستقراراً في الشرق الأوسط”، مؤكدا أن “الطرف الوحيد المطلوب إلزامه هذا القرار هي إسرائيل التي سجلت رقماً قياسياً بإنتهاك كل القرارات الأممية ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي، ومن بينها القرار 1701″، داعياً “الواهمين والمراهنين على متغيرات يمكن ان تفرض نفسها تحت وطأة العدوان الإسرائيلي الى ان “يتقوا الله”.
وفي الملف الرئاسي دعا الرئيس بري الى “التشاور تحت سقف البرلمان، وصولاً الى رئيس وطني جامع يستحقه لبنان واللبنانيون في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه”.
وفي قضية الامام الصدر ورفيقيه، اكد الرئيس بري أن “لا مساومة ولا مقايضة ولا تسوية إلا بعودتهم وكشف كل ما يكتنف هذه الجريمة المتمادية منذ 46 عاما من غموض”.
كلام ومواقف الرئيس بري جاءت خلال الكلمة المتلفزة التي وجهها الى اللبنانيين بمناسبة الذكرى السنوية ال 46 لجريمة تغييب الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين .
وجاء في نص الكلمة:
“بسم الله الرحمن الرحيم .
عائلة سماحة الامام القائد المؤسس السيد موسى الصدر ورفيقيه.
أبناء وتلامذة الامام في حركة امل، وجماهيره من اللبنانيين المقيمين والمغتربين ومحبيه على إمتداد لبنان والعالمين العربي والإسلامي .
أيها اللبنانيون
هي المرة الثالثة منذ 46 عاماً نحيي فيها ذكرى جريمة إخفاء إمام الوطن والمقاومة ورفيقيه بعيداً عن بحر الناس الأوفياء لهذه القامة الشامخة الحاضرة أبدا ودائماً . كما الشمس سطوعاً وكما القمر نوراً متوهجاً في عتمة الليالي الحالكات، نحييها هذا العام على هذا النحو نظراً للأوضاع الراهنة التي تطل على لبنان والمنطقة وتظلله مشهداً دموياً وإرهابياً غادراً بفعل الحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل منذ ما يقارب 11 شهراً متواصلاً إبتداءً من غزة الى لبنان وسوريا واليمن والعراق وليس آخراً ما حصل في العاصمة الايرانية طهران.
وعليه وإنطلاقاً من هذا المشهد ومن على منبر الإمام الصدر والذي للحقيقة ومنذ لحظة جريمة إخفائه الغادرة لم أجده قوي الحضور، كما حضوره في هذه اللحظة المصيرية والدقيقة التي يمر بها وطننا وأمتنا وإنساننا، حضوراً بطيفه وصوته وصرخته ورؤياه، وكأني به يحاول دون يأس وقبل فوات الاوان إستنهاض الأمة من سباتها علها تنقذ تاريخها وتصون حاضرها وتؤسس لصناعة مستقبلها.
ليتهم أصغوا اليه حينما صرخ في برية العرب والعالم قائلاً: إن إنقاذ المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، والسعي لتحرير الإنسان فيها هو سعي لتحرير سمعة الله في الأرض، وإن تنازل المسيحي والمسلم عن القدس هو تنازل عن قيم المسيحية والإسلام”.
وأضاف: “ليتهم يعودون اليه ولو لمرة ليكتشفوا ويتلمسوا خيط الحق المطلق ببياضه، من الشر المطلق بسواده، والمتمثل بإسرائيل وعدوانيتها وخطرها. فمن نقاء ونورانية هذه القضية الإنسانية التي مثلّها وما زال يمثلها الإمام الصدر موقفاً وفكراً وسلوكاً ونهجاً سياسياً وجهادياً وثوابت وطنية، نحيي الذكرى السنوية السادسة والأربعين لجريمة تغييب الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه على أيدي الطاغية المقبور معمر القذافي، محاولاً بإختصار التعبير قدر الإمكان تحديد موقف الحركة وكتلة التنمية والتحرير” .
وتابع الرئيس بري: “البداية بإسم الإمام الصدر ومن على منبره نوجه التحية، للذين يحترفون بحق فن الإرتقاء والسمو والرفعة في زمن السقوط والإنحدار نحو السحيق من الأودية، عنيت بهم الشهداء كل الشهداء المقاومين والمدنيين، لا سيما الكوكبة المباركة من شهداء حركة أمل وكشافة الرسالة الإسلامية، الذين ما بدلوا تبديلاً دفاعاً عن لبنان وعن جنوبه وكرامة إنسانه الشهداء: علي الحاج داوود، وسيم موسى موسى، أيمن كامل إدريس، علي خليل محمد، مصطفى عباس ضاهر، محمد ربيع المصري، حسن علي فروخ، موسى عبد الكريم الموسوي، محمد علي وهبي، محمد داوود شيت، حسن أحمد برجاوي، علي أحمد مهدي، حسن علي سكيكي، حسين علي عزام، جعفر أمين اسكندر، محمد علي قميحه، حسين قاسم كرشت، موسى محمد سليمان، علي حسن عيسى، قاسم أسعد، محمد حسن سعيد، قاسم نزار برو، والشهداء الرساليون المسعفون: غالب حسين الحاج، حسين أحمد جهير، حسين عساف، محمد حمادي، سالي محمد سكيكي، غدير عباس ترحيني، غادة عبادي، حسين محسن والشهيدة الكشفية الطفلة أمل حسين الدر” .
وأردف: “والتحية أيضاً موصولة لكل الشهداء، لذويهم لعظيم صبرهم وكبير عطائهم، ولأهلنا الصامدين والنازحين من القرى الحدودية المتاخمة للحدود مع فلسطين المحتلة، من الناقورة غرباً الى أعالي العرقوب شرقاً في شبعا وكفرشوبا وقرى قضاء حاصبيا وما بينهما اهلنا في القرى والمدن والحواضر في أقضية مرجعيون وصور والنبطية وبنت جبيل وجبل الريحان والبقاع وفي كل لبنان ألف تحية لثباتهم وصمودهم وعمق وأصالة إنتمائهم”.
وحول قضية الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه قال الرئيس بري: “بالعودة إلى الامام الصدر، معه وبهدي تعاليمه نشمخ بإتجاه الشمس في زمن الإنحناء، له حيث هو في غياهب السجن ولرفيقيه الأخوين فضيلة الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، عهد الوفاء والإلتزام أن لا مساومة ولا مقايضة ولا تسوية إلا بعودتهم وكشف كل ما يكتنف هذه الجريمة المتمادية منذ 46 عاما من غموض، فكلما طال أمدها تترسخ لدينا القناعة بأن من نفذها ومن يتواطأ اليوم بعدم التعاون في حلها إنما هو شريك في إرتكاب هذه الجريمة التي لم يستفد منها سوى من كان يرى بالإمام الصدر ومشروعه النهضوي والإنساني خطراً عليه وعلى مشاريعه التقسيمية والطائفية والعنصرية، وفي مقدم هذه المشاريع المشروع الإسرائيلي الذي يتمظهر الآن بابشع وأقبح الصور في غزة والضفة ولبنان وللأسف كان لهذا المشروع ولا يزال أدوات تنطق بالشهادتين وتلهج بلغه الضاد” .
وحول العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية وما تتعرض له المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين والقدس قال الرئيس بري: ” الإبادة التي تشنها آلة القتل الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وأيضاً ما يحصل في الضفة الغربية ليس اقل خطورة مما يحصل في غزة، يضاف اليهما الإستباحة للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف وكنيسة القيامة فضلاً عن محاولات المستويين السياسي والعسكري الإسرائيلي السعي الدؤوب لدحرجة كرة النار والدمار والقتل والإرهاب الى أبعد من الجغرافيا الفلسطينية في خطوة تدلل بما لا يقبل الشك بأن ما حصل ويحصل فوق التراب الفلسطيني وتحديداً فوق رمال غزة وفي مخيمات النزوح حيث لم يكن أولها مجزرة المعمدانية وليس آخرها مجزرة مسجد التابعين بحق المصلين في صلاة الفجر، “وإن قرآن الفجر كان مشهودا”، وما بين هاتين المجزرتين ما يزيد عن 1500 مجزرة ذهب ضحيتها أكثر من 40 الف شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير ممنهج للمستشفيات ودور العبادة ومدارس الأونروا، ناهيك عن أكثر من 150 الف جريح يوازيها الجريمة السياسية التي ترتكبها حكومة اليمين المتطرف برئاسة نتنياهو إغتيالاً لأي مسعى لوقف هذه الحرب التي لم تشهد البشرية مثيلاً لها في عصرنا الحديث ويخطئ الظن من إعتقد أو لا يزال يعتقد أنها كانت رداً على فعل فلسطيني مقاوم ومشروع لمجابهة الحصار والإحتلال” .
أضاف:” أبداً على الإطلاق إن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية وجيشها وآلة حربها هو ترجمة عملية “لشريعة قتل الاغيار” وهي شريعة تؤمن للمستويات الإسرائيلية السياسية والعسكرية الأرضية العقائدية لإبادة الشعب الفلسطيني على قاعدة “ان أفضل الأغيار” في فترة الحرب هو الفلسطيني الميت جنيناً، طفلاً ومسناً، أو إمرأة، إن ما يحصل في غزة وفي المنطقة وسط غياب عربي وتواطؤ أو عجز دولي إذا ما أحسنا الظن هو محاولة مكشوفة لفرض وقائع جديدة في جغرافيا الشرق الأوسط من بوابة غزة وفلسطين، وصدقوني إذا سقطت غزة كما يخطط لإسقاطها نتنياهو لا قدر الله، سيكون هذا السقوط سقوطاً مدوياً للأمة في أمنها القومي وفي ثقافتها وتاريخها ومستقبلها والأدهى سقوطاً لحدودها الجغرافية تمهيداً لتقسيم المنطقة وتجزئتها الى دويلات طائفية وعرقية متناحرة تكون فيها إسرائيل هي الكيان الأقوى” .
وتابع الرئيس بري:” وعليه وإزاء المخاطر الكبرى المتأتية من إستمرار الحرب العدوانية على قطاع غزة، نؤكد من على منبر الإمام الصدر أن فلسطين في هذه اللحظات هي إمتحان يومي للضمير العالمي، وأن الوقوف مع الحق الفلسطيني المشروع في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وقبل أي شيء آخر، وقف المذبحة القائمة فوق رمال غزة وشوارعها التي تحولت الى قبور جماعية هو إمتحان للإنسانية في إنسانيتها، وإمتحان للعرب في عروبتهم، وإمتحان للمسلمين في إسلامهم وللمسيحيين في مسيحيتهم، والنجاح في هذا الإمتحان لا يمكن أن يتم إلا بتصعيد المقاومة للمشروع الصهيوني العنصري بكل أشكال المقاومة المتاحة دبلوماسياً وجماهيرياً وثقافياً وبالسلاح مهما كان متواضعاً” .
وفي الشأن المتصل بالعدوان الاسرائيلي على لبنان قال رئيس المجلس: “في العنوان المتصل بالحرب الإسرائيلية المفتوحة على لبنان لاسيما القرى الحدودية المتاخمة مع فلسطين المحتلة والتي حولتها آلة الحرب الإسرائيلية الى أرض محروقة مستخدمة الأسلحة المحرمة دولياً لا سيما القنابل الفوسفورية والإنشطارية والإرتجاجية، وتدميراً ممنهجاً للمنازل والمرافق الحياتية وحرقاً للمساحات الزراعية والحرجية، فضلاً عن إستهداف سيارات الإسعاف وإستشهاد العشرات من المسعفين من كشافة الرسالة الإسلامية والهيئة الصحية، إضافة الى إستهداف الإعلاميين وتوسعة كرة النار والعدوان أكثر من مرة بإتجاه العمق اللبناني في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت وفي صيدا وصور والبقاعين الغربي والأوسط وبعلبك والهرمل وإستهداف المدنيين في النبطية وعيناثا وفي أكثر من بلدة على نحو يكشف النوايا الإسرائيلية المبيتة تجاه لبنان، والتي تترافق مع تهديدات يتبارى على إطلاقها ورفع سقوفها قادة الكيان الإسرائيلي على مدار الساعة، يهمنا في حركة أمل التأكيد على العناوين التالية:
أولاً: إسرائيل شر مطلق والتعامل معها حرام ونقطة على السطر .
ثانياً: نؤكد التزامنا بنود ومندرجات القرار الاممي رقم 1701 وتطبيقه حرفياً وللإشارة هنا أن كل الموفدين الدوليين والأمميين ومنذ اللحظات الأولى لصدور هذا القرار، يشهدون أن منطقة عمل قوات الطوارئ الدولية منذ عام 2006 وحتى السادس من تشرين الأول 2023 كانت المنطقة الأكثر إستقراراً في الشرق الأوسط، وفي هذا الإطار نؤكد بأن الطرف الوحيد المطلوب إلزامه بهذا القرار هي إسرائيل التي سجلت رقماً قياسياً بإنتهاك كل القرارات الأممية ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي ومن بينها القرار 1701 الذي خرقته إسرائيل برا وبحراً وجواً بأكثر من 30 الف مرة” .
ثالثاً: في ملف النازحين من أهلنا وما يرافق هذا الملف الانساني والوطني بإمتياز من تداعيات لا بد من توجيه الشكر والتقدير والإمتنان لكل لبناني أينما كان في الجبل الأشم، في الشمال وجزين والبقاع والعاصمة الحبيبة بيروت، شكراً للذين شرعوا قلوبهم ومنازلهم لإستضافة إخوانهم الوافدين من الجنوب، والشكر الجزيل جداً جداً، أيضاً لبعض اللبنانيين الذين تمنعوا عن إستقبال نظراء لهم في الإنسانية وفي المواطنية شكراً لهم، و”شيمتنا الصدر” حيال هذا التصرف، شيمتنا، تعالياً وتجاوزاً للإساءات والتجريح، وتمسكاً أكثر من أي وقت مضى، بالوحدة الوطنية التي هي أفضل وجوه الحرب مع اسرائيل وبالتعايش الإسلامي المسيحي كثروة لا يجوز التفريط بها” .
ودعا الحكومة “لا سيما الوزارات المختصة الى وجوب مغادرة مساحة الإستعراضات الإعلامية بإتجاه إعداد الخطط والبرامج الطارئة والحضور اليومي في مراكز الإيواء، وتأمين أبسط المستلزمات التي تحفظ للنازحين كرامتهم وعيشهم الكريم”.
وقال:” إن الذي يحصل في الجنوب أبداً ليس حوادث كما يحلو للبعض ويدعو هذا البعض أيضاً الحكومة الى التبرؤ مما يحصل، إن ما يتعرض له لبنان من بوابة الجنوب هو عدوان إسرائيلي مكتمل الأركان، وما يقوم به دولة رئيس الحكومة وفريقه الحكومي هو واجب الوجوب وبمنتهى الصراحة والوضوح ولبعض الواهمين والمراهنين على متغيرات يمكن ان تفرض نفسها تحت وطأة العدوان الإسرائيلي نقول لهؤلاء: “إتقوا الله ” .
وفي ملف الإستحقاق الرئاسي قال رئيس المجلس: “في الملف الرئاسي نؤكد بإسم الثنائي الوطني حركة امل وحزب الله أن هذا الاستحقاق هو إستحقاق دستوري داخلي لا علاقة له بالوقائع المتصلة بالعدوان الإسرائيلي، سواء في غزة أو في الجنوب اللبناني، بل العكس كّنا أول من دعا في جلسة تجديد المطبخ التشريعي وأمام رؤساء اللجان إلى وجوب أن تبادر كافة الأطراف السياسية والبرلمانية الى التقاط اللحظة الراهنة التي تمر بها المنطقة من أجل المسارعة الى إنجاز الإستحقاق الرئاسي بأقصى سرعة ممكنة تحت سقف الدستور وبالتشاور بين الجميع دون إملاء أو وضع فيتو على أحد.
واليوم نعود ونؤكد على ما طرحناه في 31 آب من العام الماضي في مثل هذا اليوم، هو لا يزال دعوة مفتوحة للحوار أو التشاور، لأيام معدودة يليها دورات متتالية بنصاب دستوري دون إفقاده من أي طرف كان .
تعالوا غداً إلى التشاور تحت سقف البرلمان، وصولاً الى رئيس وطني جامع يستحقه لبنان واللبنانيون في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه” .
وختم الرئيس بري كلمته: “معكم نجدد العهد والوعد قولاً وعملاً جهاداً وإستشهاداً دفاعاً عن لبنان وعن جنوبه مهما غلت التضحيات، ومن أجل بقائه وطناً نهائياً لجميع أبنائه، وطناً يليق بأحلام الشهداء وتطلعات أبنائهم وآبائهم وكل اللبنانيين. وطناً قوياً عزيزاً منتصراً. أنتم الامل وأمل بنصره تعالى وعودة الإمام ورفيقيه عشتم وعاش لبنان” .