ذلك أن مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين نقلت عن مصدر فرنسي رفيع توقعه أن يتم الاتفاق بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي على التجديد للقرار 1701 لمجلس الامن الذي تم تبنيه في عام 2006 بالاجماع بما يعني التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب لمدة سنة بلا تعديل وأن يطالب مجلس الأمن “حزب الله” بالوقف الفوري لهجماته، وإسرائيل بالوقف الفوري لعملياتها العسكرية الهجومية على لبنان، وأن يدعو الحكومة اللبنانية لنشر قواتها المسلحة في الجنوب بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل” بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي الى ما وراء الخط الأزرق. ويتضمن مشروع التمديد بنوداً عدة، منها أن تكون منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي مسلحين ومعدات حربية واسلحة باستثناء المعدات التابعة لليونيفيل والجيش اللبناني.
ويرى المصدر أن القرار سيتم تجديده كما هو خصوصا وأن الأميركيين حريصون على إبقائه كما هو من دون أي تغيير وذلك بالنسبة إلى ما بعد التمديد. فالإدارة الأميركية ترى أنه في المستقبل قد يتم التفاوض بين إسرائيل ولبنان وأنها تفضّل أن يبقى القرار الدولي كما هو من دون أي تغيير للتفاوض على أساسه، فالفكرة الآن هي تجنّب أي تعديل فيه.
وراى المصدر الفرنسي أنه بعد رد “حزب الله” على إسرائيل الاحد الماضي قد تكون ثمة مرحلة تهدئة، ولكن لا شيء مضموناً إذ أنه من غير المعروف ما هي نوايا الآخرين كالحوثيين وكذلك المسؤولين الإسرائيليين ولو أنهم سيستمرون في القيام بما كانوا يفعلون أي قتل وقصف أماكن مستهدفة بهدف إصابة مسؤولين في “حزب الله”. وأكد المصدر أن هناك تفكيراً فرنسياً في زيادة عديد القوات الفرنسية في اليونيفيل في الوقت المناسب حسب الوضع. فهذا يمثل الخطة الفرنسية بزيادة القوات إلى حوالي 1000 جندي كما كانت في البداية إذا اتجهت الأمور إلى اتفاق في الجنوب. وفرنسا ملتزمة كلياً بتوسيع مشاركتها في اليونيفيل في الوقت المناسب.
الملف الرئاسي؟
إلى ذلك، أكد المصدر الفرنسي نفسه لـ”النهار” أن القناعة السائدة في باريس هي أن مسألة انتخاب رئيس في لبنان ما زالت مطروحة بقوة رغم الانطباعات المخالفة السائدة من أنها مؤجلة إلى لانهاية منظورة في ظروف الاقتتال الحالي بين “حزب الله” وإسرائيل. وأكد أن السفارة الفرنسية ناشطة من أجل التقدم إلى حل. وذكر بأن المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان توقع في وقت سابق أن يزور لبنان في أيلول (سبتمبر) أو تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وحتى الآن ليس هناك تاريخ لزيارة له ولكن السفارة الفرنسية تجهد حالياً للتقدم في الملف الذي في رأي باريس ليس مؤجلاً وحتى أن الوقت أصبح اقرب بكثير من أجل انتخاب رئيس.
وقال المصدر: صحيح أن اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر أدى إلى تحويل الاهتمام إلى الوضع الأمني والقتال ما غيّب مسالة انتخاب الرئيس، لكن باريس وسفيرها في لبنان هيرفيه ماغرو يبذلان أقصى الجهود لابقاء ملف انتخاب الرئيس مطروحاً بقوة. ورأى المصدر أنه منذ حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) الماضيين هناك تقدم بين اللاعبين السياسيين بالنسبة للموضوع، وكشف أن هناك لائحة أسماء تتم مناقشتها من جميع الأطراف.
ليس بعيداً من أجواء استبعاد الحرب جاءت مواقف تطمينية عن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال تشارلز براون عقب جولته في المنطقة، إذ قال “إن المخاطر على المدى القريب لاتساع رقعة الحرب في الشرق الأوسط انحسرت إلى حد ما بعد تبادل إسرائيل و”حزب الله” اللبناني إطلاق النار من دون حدوث مزيد من التصعيد، لكن إيران لا تزال تشكل خطراً كبيراً بدراستها توجيه ضربة لإسرائيل”. وقال براون لـ”رويترز” وهو على متن طائرة عسكرية أميركية بعد رحلة استغرقت 3 أيام لمنطقة الشرق الأوسط، رداً على سؤال عما إذا كان خطر اندلاع حرب إقليمية قد انخفض في الوقت الراهن “إلى حد ما… نعم”. وأكد براون أنه “مهما كانت الخطط التي قد يضعها الجيش الإيراني، فإن الأمر متروك للقادة السياسيين في إيران لاتخاذ القرار”. وأضاف: “يريدون أن يفعلوا شيئاً يرسل رسالة، لكنهم أيضاً، كما أعتقد. لا يريدون أن يفعلوا شيئاً من شأنه توسيع رقعة الصراع”.
التحرك اللبناني
في غضون ذلك، تواصلت الحركة الديبلوماسية اللبنانية استعداداً لاستحقاق التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب في مجلس الامن الدولي، الخميس المقبل. وفي سياق تحركه لهذه الغاية التقى وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون وتم البحث في الأوضاع على الحدود الجنوبية للبنان، بالإضافة إلى الوضع في قطاع غزة والمساعي التي تقودها الولايات المتحدة مع كل من مصر وقطر للتوصل إلى وقف لاطلاق النار بين إسرائيل وحماس. كما بحث الوزير بو حبيب مع السفيرة جونسون في مسألة التمديد لليونيفيل، وجدد تأكيد “موقف لبنان المتمسك بأن يكون التمديد لسنة أخرى ومن دون إدخال أي تعديلات على قرار التمديد المرتقب صدوره عن مجلس الأمن”. كما أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التقى السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو.
في الجنوب
اما في المشهد الميداني، فتراجعت حدة المواجهات أمس على الجبهة الجنوبية ولو استمرت بعض العمليات العسكرية. وفي هذا السياق، نفذت مسيّرة إسرائيلية قرابة الثامنة والثلث صباحاً، غارة استهدفت منطقة مفتوحة بين موقعي الدبشة وعلي الطاهر عند اطراف النبطية الفوقا الشرقية، إلا أن الصاروخ لم ينفجر. وقصف الجيش الإسرائيلي المرج الجنوبي جنوب شرق بلدة ميس الجبل (قرب طريق الجدار – درب الحورات) بالقذائف الفوسفورية، ما أدى إلى اندلاع حريق في المكان. كما استهدفت مسيّرة إسرائيلية سهل المجادل شرق صور. وأدت الغارة هذه إلى اضرار جسيمة بالممتلكات والبنى التحتية وإلى إصابة 3 مواطنين بجروح.
كذلك أدت غارة على شيحين إلى إصابة مواطن بجروح متوسطة استدعت نقله إلى مستشفى جبل عامل لإتمام علاجه. وأفادت المعلومات عن إحتراق سيارة “رابيد” في مزرعة المجيدية الحدودية في قضاء حاصبيا، وأشارت إلى أنّ السيارة تمّ إستهدافها من قبل العدوّ الإسرائيليّ بعدد من القنابل.
في المقابل، أعلن “حزب الله” أنه استهدف التجهيزات التجسسية المستحدثة المنصوبة على رافعة في محيط ثكنة دوفيف بمحلقة إنقضاضية وإصابتها إصابةً مباشرة كما استهدف مبانٍ يستخدمها الجنود الإسرائيليون في نطوعة .
وفي السياق اوضحت اليونيفيل امس أن أحد الصواريخ التي أُطلقت من لبنان خلال الاشتباك العنيف بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي يوم الأحد الماضي أُطلق من مكان قريب من موقع تديره قوات حفظ السلام الدولية. وأوضحت في تصريح لوكالة “رويترز” أنها رصدت “عدداً كبيراً من الغارات الجوية وإطلاق الصواريخ في منطقة عملياتها” بداية من صباح يوم الأحد الماضي. وقالت المتحدثة باسم اليونيفيل كانديس أرديل: “رصدنا إطلاق صواريخ بالقرب من أحد مواقعنا في الحنية”، في إشارة إلى بلدة في جنوب لبنان على بعد نحو عشرة كيلومترات شمال الحدود مع إسرائيل. وأضافت أن انفجاراً وقع في وقت لاحق من اليوم بالقرب من موقع اليونيفيل في ميس الجبل الحدودية من دون حدوث أضرار أو إصابات. وقالت: “نؤكد للجميع باستمرار أن استخدام المناطق القريبة من مواقعنا لشن هجمات عبر الخط الأزرق بما يعرض قوات حفظ السلام للخطر هو أمر غير مقبول ويشكل انتهاكا للقرار 1701”.