على ان الردّ الحقيقي جاء من مجدل شمس نفسها، وتجلى في طرد أهاليها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال محاولته زيارة البلدة أمس، وأطلقوا هتافات ضده ووصفوه بأنه فاشي ومجرم حرب.
التهديدات الإسرائيليّة التي ارتفعت في اليومين الماضيين، وما واكبها من سيناريوهات حربية، و«عواجل» تبرّعت ببثها بعض القنوات والفضائيات، متبنية روايات وتهويلات المستويات السياسية والعسكرية والاعلامية في اسرائيل، أوحَت وكأنّ لحظات باتت فاصلة عن قيام الحرب الاسرائيلية الواسعة على لبنان. إلّا أنّ محاذير وخفايا الميدان العسكري وما قد يحمله من مفاجآت غير محسوبة، الى جانب ارتفاع حرارة الاتصالات الموازية ومساعي احتواء التصعيد، فرضت ما بَدا أنّه تخفيض لسقف العدوان.
واذا كان الاعلام الاسرائيلي قد تدرّج من التهويل بحرب واسعة وقاسية وتحديد بنك أهداف في لبنان، الى الحديث عن «رد محسوب على «حزب الله» بتأثير قوي، إنما لا يقود إلى حرب واسعة»، إلّا أنّ ارتفاع سقف العدوان او انخفاضه مرتبطان بما سيقرّره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت، اللذين كلفهما مجلس الحرب المصغّر تحديد طبيعة ما اعتبره «الردّ» على «حزب الله» وتحديد موعده، وهو الأمر الذي يصوّب كلّ منصّات الرصد على الميدان، وترقّب ما قد يترتّب على الخطوة العدوانية الإسرائيلية من تداعيات وارتدادات.
إحتواء التصعيد
وفق معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» فإنّ القنوات السياسية والديبلوماسية فتحت على مصراعيها، على حركة اتصالات منظورة وغير منظورة، توزّعت على خطوط محلية واقليمية ودولية متعددة، ولا سيما من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والأمم المتحدة.
وعلى ما تقول مصادر المعلومات، فإنّ الاميركيين عبر آموس هوكشتاين كانوا متناغمين مع موقف إسرائيل، وتبنّوا روايتها واتهام «حزب الله» بإطلاق صاروخ مجدل شمس، وأجازوا لها «حق الردّ» كجزء من حقها في الدفاع عن نفسها، إنما ردّ محسوب ومدروس لا يشكّل شرارة لإشعال حرب واسعة. على أن مطّلعين عن كثب على أجواء الاتصالات، أبلغوا الى «الجمهورية» قولهم «إن الاميركيين يتفهّمون في العلن الموقف الاسرائيلي، بل ويتبنّون رواية العدو. الا انهم في المحادثات التي يجرونها، سواء في الاتصالات او في الغرف المغلقة، يقولون أمورا اخرى، ويؤكدون انهم لن يسمحوا بتوسيع نطاق الحرب، وسيمنعون أيّ مغامرة في الاتجاه.
وعلى الرغم من الموقف الأميركي العلني المتناغم مع الموقف الاسرائيلي بتحميل «حزب الله» مسؤولية استهداف مجدل شمس، إلّا أنّ واشنطن واصلت تحرّكها لاحتواء التصعيد، حيث أفيد في هذا السياق عن اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن والرئيس الاسرائيلي بَحثا فيه في حل ديبلوماسي يسمح للسكان على جانبي الحدود بالعودة الى منازلهم، واكد بلينكن أهمية منع التصعيد.
وعلى الخط ذاته، بَدا انّ قنوات التواصل غير المباشر مفتوحة بين واشنطن وطهران عبر طرف ثالث (قطر او عُمان)، لاحتواء التصعيد، والحؤول دون خروج الأمور عن السيطرة. وكانت صحيفة وول ستريت جورنال الاميركية قد نقلت في الساعات الماضية عن مسؤولين عرب واوروبيين قولهم: «إن مسؤولين أميركيّين تبادلوا الرسائل مع ايران، لمحاولة تهدئة الوضع بين «حزب الله» واسرائيل». ولم تحدد الصحيفة هوية ناقل الرسائل، وقالت: انّ كل الأطراف تشير إلى أنها غير مهتمة بتوسيع الصراع، لكن احتمالات حدوث سوء تقدير للحسابات بين إسرائيل و«حزب الله» ما زالت مرتفعة».
ولاحظ مصدر سياسي، عبر «الجمهورية»، وجه شبه بين الأجواء الحالية والاجواء التي سبقت سبقت الردّ الايراني على قصف القنصلية الايرانية في دمشق، حيث قد يكون المراد من الحراكات الجارية، إن صَحّ ما يقال عن رسائل متبادلة، هو محاولة اميركية لتمرير ردّ اسرائيلي مدروس على حادث مجدل شمس، من النوع القابل للاحتواء سريعاً، ولا يؤدي بشكل من الاشكال الى توسيع نطاق الحرب ووضع المنطقة على حافة حرب اقليمية. الا انّ العائق الاساس امام هذه المحاولة يتجلى في رفض ايران اولاً، التسليم باتهام «حزب الله» باستهداف مجدل شمس، وتبرئة اسرائيل من حادث تسبّب به أحد صواريخ القبة الحديدية. وثانياً، رفضها الانجرار الى خدعة تتسلل من خلفها محاولة اسرائيلية لاستعادة هيبة مكسورة امام المقاومة، تتيح لها فرض معادلة جديدة».
الفرنسيون والروس والايرانيون
وفي السياق ذاته، اشارت المعلومات الى أنّ الفرنسيين عبّروا عن قلق بالغ مما سمّوها «مخاطر كبرى»، وكانوا مُلحّين في التحذير من الانزلاق الى حرب واسعة تخرج عن السيطرة. ويبرز في هذا السياق الاتصال الذي جرى بالامس بين الرئيس الايراني مسعود بزشكيان والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، حيث اكد الرئيس الايراني انه «اذا هاجم الكيان الاسرائيلي لبنان، فسيرتكب خطأ كبيرا ستكون له عواقب وخيمة»، وعبّر عن «قلقه الشديد تجاه تصعيد التوترات جنوب لبنان»، وقال: «نحذّر من تبعات اي عدوان عليه»، مشيرا الى «أننا لن ندّخِر جهدا لإنهاء حرب غزة واستقرار المنطقة. ونأمل من الدول الأخرى تحمل مسؤولياتها».
وفيما ركزت الإتصالات الأمميّة على ضبط النّفس والتزام الأطراف بمندرجات القرار 1701، دخلَ الروس على الخط ذاته عبر اتصالات بمستويات سياسية ورسمية، واللافت فيها التفهّم الكلي للموقف اللبناني. فيما كان للايرانيين حضور مباشر على خط التواصل، وأكدوا الوقوف الى جانب المقاومة في لبنان، في مواجهة أي خطوة اسرائيلية حمقاء.
يشار في هذا السياق إلى أن الخارجية الإيرانية أكدت بطلان الإدعاء الاسرائيلي حول تحميل «حزب الله» مسؤولية حادث مجدل شمس، وحذّرت من « تداعيات غير متوقعة لأي مغامرات جديدة من الكيان الصهيوني تجاه لبنان بذريعة حادث مجدل شمس». معتبرة أنّ «أي خطوة حمقاء من جانب الكيان الصهيوني يمكن أن تؤدي الى توسيع رقعة الأزمة والحرب في المنطقة».
وعلى صعيد الاتصالات أيضاً، تلقّى رئيس حكومة تصريف الأعمال اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية البريطاني دايفيد لامي، عَبّر فيه عن القلق ازاء تصاعد التوتر، وجَدّد دعوة جميع الاطراف الى ضبط النفس منعاً للتصعيد، كما دعا الى حلّ النزاعات سلميّاً عبر تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة.
واعلن وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بو حبيب أنه تلقى اتصالات من كل من الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، والممثل الاعلى للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والامنية جوزيب بوريل، ووزير الخارجية الايطالية، ووزير الخارجية المغربية ناصر بوريطة ووزير الخارجية المصرية بدر عبد العاطي. كما تواصَل إلكترونياً مع وزير خارحية هولندا كاسبار فيلدكامب، وتمحور البحث حول سبل منع التصعيد.
إنه عدوان وليس رداً
واذا كان لبنان قد أبلغ جميع الوسطاء بأنّه في موقع المعتدى عليه من قبل اسرائيل، وانه «ملتزم بالقرار 1701، وانه ليس من عادة لبنان او المقاومة استهداف المدنيين»، على ما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري لآموس هوكشتاين وكذلك لمنسقة الامم المتحدة في لبنان وغيرهما ممّن اتصلوا به. إلّا أن المستغرب بل المثير للريبة، وفق ما هو سائد في عين التينة، هو التجاهل او التعامي المتعمّد من قبل بعض الدول على حقيقة ما جرى في مجدل شمس، وتبرئة اسرائيل من هذه الجريمة، ومنحها حق الرد، وكأنها هي المعتدى عليها، و«حزب الله» هو المعتدي. وبالتالي، محاولة التوسّط معها ليكون هذا الرد قابلاً للاحتواء ولا ينزلق بالأمور الى حرب واسعة.
ووفق هذه الاجواء، فإنّ كل ذلك لا يعطي صدقية للكذبة الاسرائيلية باتهام «حزب الله» باستهداف مجدل شمس، ولا يغيّر في حقيقة أنّ ما جرى في تلك البلدة وسقوط الشهداء من المدنيين العرب السوريين فيها، مسؤولية اسرائيل مهما حاولت التنصّل منها. وتبعاً لذلك، فإنّ أي خطوة اسرائيلية تجاه لبنان، سواء سَمّتها اسرائيل ردّاً او غير ذلك، ليست سوى عدوان على لبنان، ستواجهه قوى المقاومة بما يمنع العدو من تحقيق أهدافه».
صمت وجهوزية
«حزب الله»، ومنذ بيانه الأخير الذي نفى فيه أي علاقة له باستهداف مجدل شمس، يعتصم بالصمت، ولا يبدو متأثرا بكل ضجيج الاتهامات والتهويلات التي توالت في اليومين الاخيرين، حيث أنه يواصل من جهة عمليات الاسناد ضد مواقع الجيش الاسرائيلي، وهو ما اشار اليه الاعلام الاسرائيلي، فيما توقفت وسائل اعلامية اخرى عند ما سَمّتها مفارقة غريبة مفادها انّ اسرائيل تُلوّح بردٍّ قاس على «حزب الله»، فيما «حزب الله» في المقابل، يبدو متحفّزاً، ويواصل الهجوم على مواقع الجيش وصفارات الانذار تدوي في كل بلدات الشمال».
وفيما تعكس مجريات الميدان العسكري أنّ «حزب الله» رفع من جهوزيته واستعداداته على طول خط المواجهة، وفي العمق، الى حدود التحفّز الأعلى تحسّباً لأيّ طارىء. يؤكد مطلعون على اجواء الحزب لـ«الجمهورية» أنّ «رسائل وجّهت في مختلف الاتجاهات بأنّ ردّ المقاومة سيكون فورياً على أيّ خطوة عدوانية اسرائيلية، بما يُماثلها كمّاً ونوعاً، ومن دون سقوف إن تَطلّب الأمر ذلك». ولفت هؤلاء الى «انّ «حزب الله»، وخلافاً لما يبث من أكاذيب، لم ولن يقدّم أيّ التزام بعدم الردّ على أيّ عدوان اسرائيلي يحصل الآن أو في أي وقت آخر».
وكانت وكالة «اسوشيتد برس» قد نقلت عن مصادر «انّ «حزب الله» بدأ بنقل بعض صواريخه الذكية الموجّهة بدقة لاستخدامها اذا لزم الأمر. واشارت المصادر الى انّ «الحزب» لا يريد حربا شاملة مع اسرائيل، ولكن اذا اندلعت الحرب فإنه سيقاتل بلا حدود».
الشيخ جربوع لـ«الجمهورية»
وفي هذا الإطار، أكد شيخ عقل الموحدين الدروز في سوريا يوسف جربوع في حديث خاص لـ الجمهورية» أن مجزرة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل تخطت الفتنة ومواقف الزعماء وطنية ومشرفة.
ورأى أن الهدف من الاعتداء على مجدل شمس هو اعطاء ذريعة للاعتداء على الجنوب، وهذا امر ليس غريباً عن العدو الاسرائيلي الذي اعتاد قتل الاطفال وانتهاك الأعراف والقوانين الدولية، لافتاً الى أن غالبية أهالي مجدل شمس أصبح لديهم يقين في من يقف وراء الاعتداء، وأن أصوات النشاز التي تقول غير ذلك قليلة وضعيفة.
اما عن مواقف الزعامات السياسية فيقول شيخ العقل إنها مؤثرة وقوية، لا سيما موقف المير طلال ارسلان وموقف وليد بيك جنبلاط، وخصوصاً ان كان له موقف معارض بما يخص الشأن السوري، الّا أن مواقفه الوطنية بقيت ثابتة وقوية وصبّت لمصلحة منع الفتنة الى جانب مواقف المشايخ، سامي ونصر الدين وغيرهم الكثير التي صبت جميعها لمصلحة الصف الوطني ومنع الفتنة والوقوف بوجه تحقيق مشروع العدو».
وحول المبادرات التي يمكن أن تُبنى على المواقف الاخيرة لتقريب بعض وجهات النظر حول قضايا المنطقة وسوريا، أجاب شيخ العقل أن العمل جارٍ ومستمر لمواكبة عودة الدول العربية، وأن هناك فريقاً يعمل لإفشال مسار عودة سوريا الى الحضن العربي من خلال مشاريع غريبة عن أبناء المنطقة وأبناء طائفة الموحدين الدروز المتمسكين بعروبتهم وبانتمائهم الوطني».
أما بما يتعلق بما يجري في الداخل السوري وخصوصاً في محافظة السويداء، قال الشيخ جربوع «إننا نسعى لعودة وحدة الصف بالتنسيق مع الاخوة في لبنان وفلسطين أيضاً للتعاون مع الدولة وعودة الوحدة الداخلية والأمن والأمان».
وتابع شيخ العقل: الرسالة التي أوجهها من خلال موقع «الجمهورية» الى الأهالي تتمثل في الدعوة الى الحذر مما يُحاك ضدنا كطائفة وضد المنطقة لتقسيم المقسم والذهاب الى دويلات ذات أبعاد طائفية، مؤكداً أن الموحدين الدروز هم مذهب، وليسوا قومية، وهم متمسكون بانتمائهم الوطني والإلتزام بالدولة سواء في لبنان أو سوريا أو الأردن.
وحول الرسالة للمقاومة في الساعات الحاسمة قبيل التهديد الاسرائيلي، قال الشيخ جربوع: «نحن مع المقاومة، الجهة الوحيدة الواقفة بوجه الطغيان والتعنت الإسرائيليين، ووجود المقاومة هو ثبات للعرب ككل في المنطقة لإفشال المشروع الإسرائيلي، وأي اعتداء على المقاومة هو إعتداء علينا، ونحن مع تيار المقاومة بالتصدي والثبات لمواجهة أي هجوم محتمل على لبنان أو أي دولة في المنطقة».
التهديدات متواصلة
وفي سياق ما سمّي «الرد الاسرائيلي، نقلت وسائل أخرى عن مسؤول أمني رفيع قوله «إن الضوء الاخضر قد أُعطي وسيتم الهجوم في الوقت والظروف المناسبة لنا». فيما نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين اسرائيليّين «ان اسرائيل تتأهّب لاحتمال اندلاع قتال لبضعة ايام بعد هجوم مجدل شمس. فيما نقلت صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية عن مسؤول اسرائيلي قوله: ان المخاوف من احتمال خروج الامر عن السيطرة مع «حزب الله» مرتفعة للغاية».
وقال نتياهو خلال زيارته موقع سقوط الصاروخ في مجدل شمس: إن اسرائيل ستردّ بقوة على الهجوم، واسرائيل لن ولا يمكن ان تسمح بمرور هذا الأمر. سيأتي ردنا وسيكون قاسياً».
كما نقلت القناة 12 الاسرائيلية عن وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت قوله «إن «حزب الله» سيدفع ثمناً. وسنترك للافعال تتحدث لا الاقوال».
وقال المتحدث باسم الحكومة الاسرائيلية ديفيد منسر: انّ أولئك الذين يسعون لإيذائنا سيدفعون ثمنا غاليا».
واضاف: «لبنان دولة فاشلة لأنّ ايران توغّلت فيه، وهو غير قادر على السيطرة على «حزب الله». إن اسرائيل لن تسمح بالعدوان على شعبها، ولديها مجموعة دفاعية معقدة، مشيراً الى «اننا نعرف كيف نتعامل مع «حزب الله».
الى ذلك، اعتبرت وسائل اعلامية اسرائيلية أن خطوة الهجوم على «حزب الله» لا تبدو ذكية، فيما ذكرت صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية «انّ احتمالات الهجوم الاسرائيلي على «حزب الله» لم تعرض على وزراء الكابينيت خشية من تسريبها». بينما اعتبرت صحيفة «معاريف» العبرية «ان تأخّر اسرائيل للرد على هجوم مجدل شمس قد يعزّز احتمال تنفيذها سلسلة من الاغتيالات تطال القيادة العليا لـ«حزب الله».
ولاحظَ الاعلام الاسرائيلي أنّ ارتدادات الجو التصعيدي بدأت تظهر في الداخل الاسرائيلي، وقد تَجلّت في اليومين الماضيين في انخفاض قيمة الشيكل امام الدولار واليورو بسبب المعركة في الشمال، فيما اشارت منصة بلومبرغ الى ان الاسهم الاسرائيلية هبطت بنسبة 2.3% امس الاول، وهي الاكبر منذ اواخر تشرين الاول الماضي.
وتجلّت ايضاً في الدعوات المتتالية من المستويات الامنية الاسرائيلية الى سكان مستوطنات الشمال الى البقاء قرب الملاجىء، في الوقت الذي شهدت هذه المستوطنات نزوحاً كثيفاً لِمَن بقي فيها الى الداخل الاسرائيلي. وكذلك في المخاوف من استهداف «حزب الله» لمنشآت حيوية، حيث ذكر موقع اسرائيلي انه «أثناء التصعيد في الشمال، من المتوقّع أن يوجّه «حزب الله» صواريخه نحو منصات الغاز. والسيناريو الذي يتم فيه إغلاق جميع منصات الغاز هو سيناريو متطرف لكنه مُحتمل، وسوف يعوّض الفحم جزءاً من النقص ولكنه لن يكون كافياً، وسيطلب من الحكومة أن تأمر باستخدام وقود الديزل باهظ الثمن وسيكون انقطاع التيار الكهربائي أمراً لا مفر منه».
واشنطن لحل سياسي
الى ذلك، اعلنت وزارة الخارجية الأميركية، «اننا ما زلنا نعتقد أن الحل السلمي على جبهة لبنان هو الأفضل، وليس لدينا أي خطط حالية لإجلاء المواطنين الأميركيين من لبنان».
بدوره، أكد الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، أن «دعمنا لأمن إسرائيل قوي وراسخ ضد كل التهديدات المدعومة من إيران التي تشمل حزب الله»، لافتا الى اننا «نعتقد أنه لا يزال هناك وقت ومساحة لحل ديبلوماسي للتصعيد بين إسرائيل وحزب الله، والحديث عن حرب مفتوحة بين حزب الله وإسرائيل مبالغ فيه».
ورأى أن «لإسرائيل كل الحق في الرد بعد هجوم حزب الله». كما لفت الى اننا «لا نعتقد أن هجوم حزب الله يجب أن يؤدي إلى تصعيد»، معتبرا أن «الفجوات يمكن تضييقها بشأن وقف إطلاق النار بغزة، وهجوم حزب الله يؤثر سلبا على المفاوضات». واضاف «نعتقد أننا قريبون من اتفاق لوقف إطلاق النار، والأمر يتطلب بعض التنازلات حتى نصل إلى خط النهاية».
الى ذلك، اشار وزير الدفاع الاميركي لويد اوستن في اتصال مع نظيره الاسرائيلي يوآف غالانت، الى اننا نرغب بحل يعيد المواطنين على جانبي حدود إسرائيل ولبنان إلى ديارهم.
لكن غالانت ابلغ اوستن أن الهجوم على الجولان كان «تصعيداً كبيراً» مشيرا الى إن حزب الله «سيتحمّل المسؤولية.
الوضع الميداني
وفي موازاة الحذر الشديد الذي أشاعته التهديدات الاسرائيلية، لم تخرج الوقائع العسكرية على امتداد الحدود الجنوبية عن سياقها اليومي المعتاد، ولم تتخلله اي تطورات استثنائية.
وفي هذا الجو، أفيد عن سلسلة غارات جوية نفذها الطيران الحربي الاسرائيلي على العديد من البلدات الجنوبية، لا سيما على بلدة كفر كلا، وكونين حيث استهدف سيارة مدنية ما ادى الى وقوع اصابات، وحولا، وغارة لطائرة مسيرة استهدفت سيارة على طريق عام شقرا – ميس الجبل، وغارة ثانية استهدفت دراجة نارية قرب قلعة دوبية على الطريق العام بين شقرا وميس الجبل. وأدّت الغارتان الى سقوط شهيدين. كما استهدفت طائرة اسرائيلية مسيّرة دراجة نارية في بلدة كفررمان حيث أفيد عن وقوع ثلاث اصابات.
وتزامَن ذلك مع قصف مدفعي طالَ شبعا، اطراف كفر حمام، هورا، كفركلا، ميس الجبل، اطراف مركبا.
في المقابل، أعلن «حزب الله» انه استهدف التجهيزات الفنية المستحدثة التي تم تثبيتها في تلة الكرنتينا، ومنظومة فنية تجسسية تم تثبيتها مؤخراً في موقع المالكية، وتموضعاً لجنود العدو في موقع الراهب بالصواريخ الموجهة، رداً على العدوان الاسرائيلي في شقرا، وموقع البغدادي بعشرات الصواريخ رداً على الاعتداء والاغتيال الذي نفذه العدو في بلدة شقرا. كما أفيد عن عمليات للمقاومة استهدفت موقع حدب يارين ومستعمرة شتولا وموقع العباد.
ونعى «حزب الله» الشهيد عباس محمد سلامي «زين العابدين» من بلدة خربة سلم وسكان بلدة شقرا، والشهيد عباس محمد حجازي «عباس الحر» من بلدة مجدل سلم.