لذا تكتسب المحاولة الجديدة لقوى المعارضة التي تزمع إعلان “خريطة طريق” لإنهاء الأزمة الرئاسية بعداً معنوياً وتحفيزياً لإعادة تحريك ملف الأزمة الرئاسية من دون آمال عالية في إمكان تحقيق اختراق عجزت عنه كل التحركات الداخلية والخارجية السابقة. ومع ذلك سيكون للتحرك المعارض الجديد أهميته في ظل انحسار التحركات ذات الطابع الدولي حيال الأزمة الرئاسية، إذ يبدو لافتاً للغاية الجمود الذي أصاب اجتماعات وتحركات سفراء مجموعة الدول الخماسية، الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، الأمر الذي سيثار حتماً اليوم مع التحرك المتوقع لقوى المعارضة في اتجاه السفراء الخمسة مجتمعين.
ذلك أن قوى المعارضة ستعرض “خريطة الطريق” لإنهاء الأزمة الرئاسية في مؤتمر صحافي تعقده ظهر اليوم في مجلس النواب على أن يقوم وفد نيابي يمثلها بتسليم نسخة عنها لسفراء المجموعة الخماسية في مقر السفارة الفرنسية في قصر الصنوبر، كما أن قوى المعارضة ستعرض مبادرتها على كل الكتل النيابية. وتتضمن المبادرة طرحاً تفصيلياً لانتخاب رئيس الجمهورية ضمن الأسس الدستورية.
ضمن الدستور
وعن العناوين التي ستتضمنها بنود ورقة المعارضة، قال عضو “كتلة الجمهورية القوية” النائب رازي الحاج لـ”النهار”: “ثمة كتاب يتضمن الدعوة لانتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن، وضمن الدستور والقوانين المرعية الإجراء”. وعن الدعوة التي سبق أن وجهها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهل يعني ذلك القبول بدعوة بري إلى الحوار أو التشاور، قال الحاج: “نحن لم نفهم حتى الآن ما هو الحوار والتشاور، بمعنى ليس ثمة من حوار طالما المجلس هيئة ناخبة فقط لانتخاب رئيس جمهورية، إنما إذا كان التشاور في إطار دعوة لجلسة انتخاب في أول دورة انتخابية رئاسية، فإننا سنمشي في الخيار الذي طرحه رئيس مجلس النواب من أجل التشاور، لكن المهم انتخاب الرئيس أولاً وأخيراً، وذلك هدف اللقاء اليوم، فليس هنالك من بنود سوى الدعوة لانتخاب الرئيس وتفصيل كيفية القبول بالتشاور ضمن سقف مجلس النواب، بمعنى القبول بهذا التشاور من دون مخالفة الدستور، أي الأعمدة الأساسية التي سبق وأشرنا إليها مراراً، ألا وهو الانتخاب”.
كما أن النائب ميشال الدويهي يقول في هذا الصدد لـ”النهار”، “إنها خريطة طريق ضمن الدستور والأعراف من أجل التشاور حول انتخاب الرئيس، وهذه مسألة أساسية، أي الانتخاب، وبالتالي يجب علينا ألا نتجاوز هذه الأعراف والدستور وندخل في اجتهادات جديدة، لأن الطائف هو الأساس ولا يمكن اللعب به، لأن ذلك يؤدي إلى خلل في التوازنات السياسية والطائفية، وبالتالي انتهاك للدستور إذا خرجنا عن نص وثيقة الوفاق الوطني، وعلى هذا الأساس يجب التقيد بأحكام الدستور”.
“القوات” وبري
وعشية طرح المعارضة لورقتها الجديدة تجدّد السجال بين “القوات اللبنانية” والرئيس بري حول موضوع الحوار والتشاور وعلّقت “القوات” على مواقف جديدة لبري، فسألت “ماذا الذي منع الرئيس بري من الدعوة إلى جلسة انتخابات رئاسية بدورات متتالية حتى انتخاب الرئيس كما ينص عليه الدستور؟ إن من حرم اللبنانيين حتى الآن من هذه الضرورة الملحة هو عدم الدعوة الى اي جلسة انتخابات رئاسية جدية، ومَن عطّل هذه الضرورة الملحة دائمًا وأبدًا هو خروج نواب كتل الممانعة عند نهاية الدورة الأولى، ومعالجة هذا المرض الخبيث تكون من خلال التقيُّد بأحكام الدستور بالدعوة إلى جلسة مفتوحة بدورات متتالية وليس عن طريق تشويه وتمويه الواقع بالدعوة إلى حوارات مفترضة الهدف منها تغطية التعطيل وتجاوز الدستور”.
أما بخصوص قول بري من قال إنّ التشاور يشكل سابقة بخرق الدستور، فإن الدستور يقول ذلك، حيث أن الخرق الفعلي للدستور يكمن في الدعوة إلى طاولة حوار في معرض انتخابات رئاسية يرأسها رئيس مجلس النواب وتشكل سابقة من نوعها، خصوصا وأن الدستور ينص صراحة بأنّه فور خلو سدة الرئاسة الأولى يتحوّل مجلس النواب إلى هيئة انتخابية يدعو رئيس المجلس بموجبها إلى جلسة بدورات متتالية حتى انتخاب الرئيس، وهذا ما لم يحصل بعد، والحل يكون بتطبيق الدستور الذي كما قال البطريرك بشارة الراعي بضرورة أن “ينتخب مجلس النواب رئيسًا للجمهوريّة وفقًا للدستور الواضح والصريح”.
يشار إلى أن الوزير السابق وديع الخازن أشار أمس عقب لقائه الرئيس بري إلى أنهما تطرّقا “إلى الزيارة التي قام بها أمين سر دولة الفاتيكان للبنان، وأبدى الرئيس بري إرتياحه للأجواء التي سادت إجتماعه معه لما إنطوت عليه من طروحات إيجابية في ظل حرص فاتيكاني على أهمية ودلالة انتخاب رئيس للجمهورية، ما يستدعي الإسراع في التشاور لتحقيق هذا الإنجاز آخذين بعين الإعتبار أن دولة الفاتيكان داعية حوار بين كل المكوّنات اللبنانية وعلى الجميع قراءة الموقف الفاتيكاني الضنين بتطبيق ما ورد في الإرشاد الرسولي وتحديداً الحوار المسيحي- الإسلامي”.
ايران والجنوب
في المشهد الجنوبي وتداعياته عاودت وزارة الخارجية الإيرانية التأكيد مجدداً أنّ أي “اعتداء على لبنان سيُشكّل أرضية لزيادة التوتّر في المنطقة ويهدد الأمن والسلم فيها”. وشدّدت على أنّ “الدفاع عن لبنان مبدأ أساسي لدينا، ولا شك في أنّنا سندعم لبنان في وجه أي اعتداء إسرائيلي”، مضيفةً أن “إسرائيل تتحمّل عواقب أي هجوم على لبنان وعلى المجتمع الدولي أن يتحمّل مسؤولياته”. وأعلنت الخارجية أنّ “قنوات التفاوض غير المباشرة مع واشنطن لا تزال مفتوحة وهناك طرق متعددة لتبادل الرسائل بيننا”.
وأفاد إعلام “حزب الله” أن الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله تلقى رسالة من الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان، قال فيها: “لقد دعمت جمهورية إيران الإسلامية دائماً مقاومة شعوب المنطقة ضد الكيان الصهيوني غير الشرعي. إن دعم المقاومة متجذّر في السياسات الأساسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية ومثل الإمام الراحل وتوجيهات قائد الثورة سيستمر بقوة”.
أما في الوضع الميداني، فقصفت طائرات إسرائيلية صباح أمس مزرعة ماعز في منطقة جزين، واذ فُقد راعٍ من أل عمار وسجلت أضرار بأكثر من 500 رأس ماعز بعد الغارة على جبل طورة في جزين، تم العثور عليه لاحقاً وهو سوري الجنسية وبحالة جيدة. وقصف الجيش الإسرائيلي بلدة القليلة واستهدفت مسيّرة إسرائيلية سيارة في قضاء صور من دون تسجيل إصابات، ودراجة نارية في بلدة القليلة ما أدى الى سقوط جريحين حيث ما لبث احدهما ان فارق الحياة فيما الثاني في حالة حرجة”. وقد نعى “حزب الله” مصطفى حسن سلمان من القليلة.