وجّه المرجع الروحي الشيخ أبو يوسف أمين الصايغ لمناسبة عيد الأضحى المبارك الرسالة الآتي نصها: يا أبناء الطائفة المعروفية، العيد لمن عرف معناه، وإنما هو المعنى الذي يكون في اليوم، لا اليوم نفسه. وكما يفهم الأخوة الموحدون هذا المعنى، يتلقون هذا اليوم بالوجود الروحاني في أجمل معانيه، وتظهر فضيلة الإخلاص مستعلنة للجميع، ويهدي بعضهم إلى بعض هدايا القلوب المخلصة المحبة، كأنما العيد هو إطلاق الروح الواحدة في أمة التوحيد كلها من يوم المبدأ ليوم الميعاد. ومع اقتراب حلول عيد الأضحى المبارك تقبلوا من العبد الفقير أزكى السلام وأنماه وأبقاكم الله وأكرمكم بتقواه ويسركم لما يرضاه ونتضرع إليه سبحانه أن يعيده على الأمة الإسلامية وعلى الإنسانية جمعاء باليمن والبركات والأمن والأمان ورفع الظلم”.
وقال:”أزكى السلام وأنماه إلى بني معروف في لبنان وكلي ثقة بجدارتكم في حفظ الأمانات، وإلى الإخوة في الجمهورية العربية السورية، المتمسكين بنهج السلف، الوطنيين الصادين لمشاريع الفتن. أزكى السلام وأنماه إلى الإخوة الموحدين في فلسطين، وقد صمدتم صمود الشجعان في أرضكم بوجه الاحتلال، ولم تزل فلسطين تشهد اختبار الوطنية والعنفوان ثم اختبار الحق واليقين بمحك رياح العذابات وعواصف الحروب، والسلام موصول إلى كل معروفي أصيل في أي بقعة من هذا العالم”.
تابع:”أيها الأخوة، لعل الطائفة المعروفية تريد أن تسمع قولا واحدا: ليكن ما كان، ما هو العمل الآن، وماذا عن المستقبل، وإلى أين من هنا؟ وعليه عزمت أن أخاطبكم في هذه الأيام المباركة، راجيا ألا يكون فيما أقول ما يحمل على إغفال أمره، فما من أحد بأصغر من أن يعين ولا بأكبر من أن يعان. والله ولي الأمر وهو المستعان. لن يكون تقدم نحو المستقبل إلا إذا عرفنا حقيقة الجذور وكيف وصلنا إلى ما نحن عليه. فحقيقة جذورنا هوية صاغها السلف بأسمى القيم التوحيدية والانسانية. وهي هوية منفتحة على الهويات الأخرى المكونة للوطن. وليست منعزلة أو متباينة. وإذا أردنا أن نحسن من موقعنا في الوطن وفي نظامه (وهذا حقكم) فإن هويتنا تقول إن ذلك يتحقق عن طريق الاندماج في الاجتماع الوطني العام والإجتماع العربي العام، وليس عبر المشاريع الخاصة والتمايز عن أبناء الوطن، ومما ورثناه عن سلالة الحكماء المتقدمين أنه حين سئل أرسطو أيهما أفضل لك: الفضيلة أم الشرف؟ أجاب: “إن الفضيلة أفضل من الشرف وإن الشرف ليس من أنفسنا وهو شيء يقدم لنا كجزاء للفضيلة التي هي من عندنا. هذا هو الشرف المعنوي، الذي هو أجر الفضيلة. أما الشرف المكتسب من المال والقوة والجاه والطغيان فلا يعد شرفا بأي حال من الأحوال.”
أضاف:”إذا نظرنا إلى النظام الأدبي أي أدب الدين من قبل الدين نرى نفوسنا مزدانة بالفضائل الإلهية التي هي ظلال مضيئة وعلى سطح الطبيعة وعلى سمو من وديانها الضيقة من الحسد والحقد والتنافس الدنيوي والعصبيات، فالفريضة على الموحد أن يملك كلا العالمين الطبيعي والأدبي، ففي العالم الأدبي عبدا مؤمنا ووليا صادقا لله وفي العالم الطبيعي سيدا كريما حرا، وهذه هي سعادة الدارين. وحقيقة واقعنا أننا نعيش أشد أنواع الغفلة، في هذه الأيام المظلمة بأعين مفتوحة وقلوب مغفلة، لا تكاد تدرك مما ترى سوى الظواهر الخداعة. ونتيجة ذلك غياب الدور الجامع لمؤسسات الطائفة. ونشهد أيضا ظاهرة خطيرة وهي إن البعض قد خلط الدين بالسياسة في كثير من الأحيان لينزع جلدا ويلبس مكانه جلدا آخر، فالحذر أيها الإخوة من الوقوع في فخ النداء السهل”.
ختم:”وبعد، أوصيكم أيها الأخوة ونفسي، بتقوى الله فهي العدة في الشدائد، والعون في الملمات، وهي متنزل الصبر والسكينة، وهي معراج السمو، وهي التي تثبت الأقدام في المزالق، وتربط على القلوب في الفتن، واعتصموا بالحق، والحق يجمعكم، فشأن الباطل أبدا معكوس، يدخل بين الصفوف ليفتتها. بقي أخيرا إلى النخبة من الموحدين الدروز نداء ورجاء، الحاجة لكل منكم ملحة. أوصيكم ألا تبخلوا على العقول والقلوب من فرصة النهوض بالطائفة الدرزية عبر صون هويتها، ونسأل الله أن يرينا الأشياء كما هي، والعون في صوغ رؤية مشتركة تتسق مع الحقيقة وتتسق مع العصر. من فضلكم دعوا المستقبل يمر الآن. دامت بعناية الله أعيادكم والسلام”.