كتبت صحيفة “النهار”: مع ان الأنظار اللبنانية كما العربية والإقليمية عموما انشدت مساء امس الى ترقب التطورات المتسارعة في شأن التسوية في غزة ومصير رفح، بدا واضحا على المستوى اللبناني ان التداعيات والمفاعيل التي تركها تحريك ملف النازحين السوريين في ظل الضجة الواسعة المتصاعدة التي تركها اعلان رئيسة المفوضية الأوروبية عن هبة المليار أورو للبنان لم تقف عند حدود وسط اتساع الهوة الى مدى غير مسبوق بين السلطة الحكومية وداعميها من جهة والقوى المعارضة من جهة مقابلة. ولذا صار المشهد اللبناني منقسما بالتوازي بين الموجات التصعيدية الميدانية في الجنوب المنذرة يوما بعد يوم باتساع نطاق المواجهات بين إسرائيل و”حزب الله” من جانب والتوتر الآخذ بالاتساع حيال ملف النازحين السوريين من جانب اخر. وما بين المقلبين تترقب الاوساط المعنية كشف مضمون الرد على الورقة الفرنسية لتهدئة الوضع في الجنوب الذي يفترض ان يكون رئيس مجلس النواب نبيه بري قد أرسله الى السفارة الفرنسية بعدما وضعه وانجزه بالتنسيق مع “حزب الله” ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي .
وسجل في ملف النازحين السوريين مزيد من التفاعل السياسي والتحركات ذات الصلة من جانب المعارضة . وفي هذا السياق تقدم رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل بكتاب إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يطالب فيه “بتوضيح ما تمّ الاتفاق عليه مع مفوضية الاتحاد الأوروبي وإطلاع الرأي العام على حقيقة ما يجري، والإفصاح بشكل دقيق وشفاف على التفاصيل والخطوات العمليّة التي ستتّخذها الحكومة لمنع إدماج السوريين في لبنان وإعادتهم بشكل سريع إلى سوريا، خصوصاً في ظل توقف الأعمال العسكرية في أغلبية الأراضي السورية التي باتت تعتبر آمنة”. واعتبر الجميّل في كتابه “أن هناك تناقضاً بين ما أعلنه ميقاتي من ان لبنان يرفض ان يصبح بلداً بديلاً والدعوة الى عودة النازحين الى بلادهم لاسيما أولئك الذين دخلوا لبنان بعد عام 2016 لأسباب إقتصادية بحتة، وبين ما أعلنته رئيسة المفوضية الأوروبية اورسولا فون دير لاين التي أشارت إلى أن الحزمة المالية بقيمة مليار يورو ستصرف أساساً على توفير المعدات والتدريب لإدارة الحدود لمساعدة لبنان في إدارة الهجرة ومنع الهجرة غير الشرعية ومكافحة تهريب المهاجرين إلى أوروبا إنطلاقاً من السواحل اللبنانية، ما يعني أن الهدف الأساس من الدعم الأوروبي ضمان عدم هجرة السوريين الى أوروبا وليس العمل على تخفيف العبء عن لبنان واستضافة السوريين في أوروبا”.
كما ان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع اعتبر في بيان ” ان موقفنا من مسألة الوجود السوري غير الشرعي في لبنان هو موقف ثابت ومبدئي وسيادي ولا يتبدّل مع مليار يورو او عشرات المليارات، ولا يتغيّر مع طلب أو تمنٍّ دولي، فكل ما هو غير شرعي لا يمكن استمراره على الأرض اللبنانية، وهذا الأمر غير قابل للبحث، وما هو قابل للنقاش فحسب هو المساعدة في ترحيلهم لا المساعدة على بقائهم في لبنان”. وأضاف، “بعدما وجدنا ولمسنا ان من حكم وتحكّم لسنوات، تقاعس عن تحمُّل مسؤولياته ولم يُقدم على أي خطوة عملية خارج المزايدات السياسية، بدأنا مجموعة تحركات على الأرض مع البلديات والإدارات والوزرات المعنية ونحن مستمرون في كل ما نقوم به حتى إخراج آخر مهاجر غير شرعي من لبنان، وما بدأناه لن يتوقّف لا مع تمنيات دولية ولا مع مليارات أممية، لأن لا أولوية تعلو على أولوية الهوية اللبنانية والسيادة اللبنانية والأمن اللبناني”.
وزار امس وفد من تكتل “الجمهوريّة القويّة” قائد الجيش العماد جوزف عون وطرح عليه “عدم وجود أي مرتكزات قانونية لا دولية ولا لبنانية لوجود الأكثرية الساحقة من اللاجئين السوريين في لبنان، مما يستوجب ملاحقتهم قانونياً وإعادتهم الى بلادهم.كما ركز الوفد على ضرورة ضبط الحدود اللبنانية السورية لمنع دخول المزيد من اللاجئين غير الشرعيين الى لبنان. وشدد الوفد على أن الوجود السوري غير الشرعي يهدد أمن اللبنانيين و أمانهم ويهدد الإستقرار العام في لبنان، لذلك على كل إدارات الدولة أن تطبق القوانين بشكل حازم ودقيق حفاظاً على الإستقرار العام في البلاد وعلى سلامة لبنان. أما فيما يتعلق بالمجتمع الدولي الذي يساعد اللاجئين السوريين ، فهو يستطيع مساعدتهم في سوريا وليس في لبنان ، خصوصاً أنه في سوريا مناطق آمنة كثيرة” .
على صعيد الوضع الميداني في الجنوب تواصل التصعيد امس حيث نفّذ الطيران الحربي الاسرائيلي سلسلة غارات جوية استهدفت مناطق عدة في مرتفعات وأودية اقليم التفاح وجبل الريحان وتركزت في محيط نبع الطاسة، ومزرعة عقماتا، وبلدتي اللويزة وعرمتى وخراج سردا. وتعرضت بلدتا كفركلا والعديسة لقصف مدفعي من المرابض الاسرائيلية في المطلة، مع تحليق للطائرات الحربية الإسرائيلية.
كما استهدف الطيران الحربي الاسرائيلي منطقة جزين وشن غارة على مرتفعات سجد، وغارتين على مرتفعات مليخ. كما استهدفت غارة اسرائيلية منزلا في بلدة صربين تسببت بأضرار جسيمة بالممتلكات والمزروعات والبنى التحتية وخصوصا بشبكتي الكهرباء والمياه. ونفذ الطيران الحربي الاسرائيلي عصرا غارة استهدفت منزلا في بلدة عيتا الشعب ودمرته بالكامل.
وأعلن “حزب الله” انه شنّ هجومًا جويًا بمسيرات انقضاضية استهدف تموضعًا للجنود الإسرائيليين جنوب المطلة “وأصابت نقاط استقرارهم وتمّ تدمير آلياتهم وإعطابها وأوقعتهم بين قتيل وجريح”. كما أعلن في بيان آخر انه رداً على الاعتداء الإسرائيلي الذي طاول منطقة البقاع قصف مقر قيادة فرقة الجولان (210) في قاعدة نفح بعشرات صواريخ الكاتيوشا.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن “حدث خطر في الشمال وجنود أصيبوا نتيجة انفجار مسيرة في المطلة والحدث تحت الرقابة العسكرية”. واضافت، ان “الحادث الخطر في الشمال هو الأقسى منذ بدء الحرب في الشمال وهناك عدد من القتلى”. وافادت الوسائل الاعلامية، بأن قتلى بالمسيّرة التي استهدفت المطلة، هم جنود من “كتيبة الاستطلاع 98”.
وكان الطيران الحربي الإسرائيلي قد شن حوالي الساعة الأولى والنصف من فجر الاثنين، غارة على معمل في بلدة السفري – بعلبك ، ما أدى إلى سقوط ثلاثة جرحى مدنيين، وتدمير المبنى المستهدف الذي غطت طريق رياق – بعلبك الدولية المجاورة قطع حجارته.