عايد بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر بالفصح في رسالة بعنوان “فصحنا المسيح المنقذ قد اتضح لنا اليوم فصحاً شريفاً، فصحاً فاتحاً لنا أبواب الفردوس فصحاً مقدّساً جميع المؤمنين“.
وقال: “لم يجد ناظمُ التسابيح أفضل وأبلغَ من هذا القول ليصف لنا قيامة المسيح. قيامةُ المسيح فصحٌ. والفصح في لغته الأصلية يعني العبور والاجتياز. ومن اجتياز وعبور الشعب في القديم لجةَ البحر الأحمر، ينطلق ناظم التسابيح ليرى في العيد الحاضر اجتياز النفس وعبورها من عالم الظلمة إلى عالم النور. المسيحُ اليومَ، ومن على صليب المجد، هو معبرُ نفوسنا وفصحُها المقدس إلى عتبات الفردوس الذي أضاعته كبرياء الإنسان وأعادتهُ حكمةُ ومحبة الله”.
أضاف: “قيامة المسيح التي نعيد لها اليوم من عَلى صليب المجد هي معبرٌ نلج به نحن المؤمنين من مدارك الظلمة إلى مرابض النور. هي مسلكٌ نجتاز به من ليل الضيق إلى فجر الانفراج. هي اجتياز النفس بالمسيحِ ختَنِها وعريسها من هجعة الخطيئة إلى إشراق النور، إلى معيّة القدوس، إلى حلاوة اسم يسوع. قيامة المسيح هي انتقالٌ من سكون الموتِ والركون له إلى خدر الحياة المشعشع نوراً، ذاك الذي نسجه المسيح الإله بدمه الكريم على الصليب وسقاهُ من جنبه المقدس الطاهر ليكون مرتعاً لكل من أراد الحياة بملء حريته وملء إرادته”.
وتابع: “تناجي الكنيسة يومَ الجمعة العظيم المقدس ختنها السماوي عريس نفوسنا البشرية وتقول: “يا يسوع الحياة في قبر وضعتَ”. وكأن بها تناجي النفس البشرية وتقول: إن المسيح الذي هو عينُ الحياة قد قاسى ظلام القبر وداس سلطة الموت كرمى لك. إن المسيح الذي هو الحياة قد قاسى الموت محبةً بجبلة يديه. وتكمل مناجاتها هذه وتقول: “المسيح الحياة حين ذاق الممات أعتق الناس من الموت والفساد مانحاً ملءَ حياة للجميع”. وكأن بها تذكّر النفس البشرية، لا بل تهز وجدانها لتخاطبها قائلةً: أنت مخلوقةٌ للحياة لا للموت. ولهذا ها المسيحُ يسوعُ عينهُ، الحياة عينها، ذاق الموتَ وأبطله محبةً بك وسربلك الحياة وافرةً لتكوني له عروساً مستعدةً دائماً، متيقظةً ومتزينةً بزيت الرحمة والفضيلة وسائر الفضائل متجهزةً للقياه في خدر مجده الإلهي”.
وقال: “دعوتنا اليوم أن ينظرَ كل منا في يوم القيامة معاني الحياة التي أرادها المسيح يسوع سيدُ الخليقة في جبلته. نحن أبناء النور وأبناء الحياة رغم كل شيء. نحن أبناء الحياة ما دمنا في كنف من قال لنا في إنجيله “أنا الطريق والحق والحياة”. من جراحه نستقي عيشنا ومن مجد صليبه نتشح المجد ومن بهاء قيامته نتردى النور. في يوم الصلب المجيد، فاتحة درب القيامة نذكر كل من هم في المصلوبية. نصلي من أجل المخطوفين ومنهم أخوانا مطرانا حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي المخطوفان منذ أحد عشر عاماً. نصلي معكم من أجل أن يرفع الله عن عالمه ويلات الحروب ويبلسم النفوس بشذا سلامه العذب. نسأل الرحمة الإلهية والملكوت السماوي لإخوتنا وأحبتنا جميعِ الذين سبقونا على رجاء القيامة والحياة الأبدية إلى ملقى نوره القدوس”.
وختم: “بسلام الفصح نحييكم أيها الإخوة والأبناء الأحباء سائلين مراحم الله أبي الأنوار ومرددين بنفوسٍ تعتصر بفرح القيامة المجيدة: “قام المسيح، والنفوس تهللت. فام المسيح، والملائكة فرحت. قام المسيح، والخليقة تجددت، المسيح قام، حقاً قام”.