وصف رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميّل ، في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، حالة الدولة اللبنانية بـ “حالة الهريان”، ورأى أنّ “الموازنة التي تم إقرارها هي أحد الآليات لضرب الإقتصاد الشرعي”.
وحمل الجميل حزب الله “مسؤولية الحرب على جبهة الجنوب”، واتهمه بأنّه هو من “يُبادر بالعمليات، وهذا ما تنتظره إسرائيل لقصف لبنان، وبالنهاية نيات إسرائيل تجاه لبنان ليست حسنة”، مرجحا “توسع الحرب لا سيّما بعد قصف بعلبك وصيدا”.
وعن الملف الرئاسي شدد على “عدم الترابط بين هذا الإستحقاق وحرب غزة، بل يربطه بقرار حزب الله الذي يعطّل لمصلحة إيران”، مشيرا الى انّه لم يفهم جيداً بعد مبادرة تكتل الإعتدال الوطني، ومستغرباً “الترحيب قبل فهم ماهيّتها لا سيما وان التكتل نفسه لا يفهم المبادرة جيداً”.
وعن اسباب عدم ترشحه لرئاسة الجمهورية، قال الجميل: “اليوم ليس هو الوقت المناسب لأشخاص مثلنا”، مكررا تحميله حزب الله المسؤولية “وانه يضع يده على البلد ويريد رئيساً يُنفذ مهمة سيطرته على البلد، وسامي الجميل ليس مستعداً لتنفيذها”.
وردا على سؤال عن الوضع الاقتصادي واضراب موظفي القطاع العام، قال الجميل: “لبنان غير محكوم برأينا، في ظل غياب رئيس للجمهورية وحكومة مستقيلة وتُصرّف أعمال منذ نحو سنتين، منذ حزيران 2022. الدولة في حالة هريان، وتفتقر لأي خطة أو رؤية أو طريقة علمية في مقاربة الأمور، “كلو ترقيع بترقيع”. والموازنة صدرت بشكل همجي، ورُميت فيها الأرقام بطريقة غير مدروسة، من دون أي حوار مسبق حولها. كما أنّ لا إصلاحات أساسية ولا حلول للمشاكل الإقتصادية لا لمشكلة الودائع ولا لأزمة المصارف، بل فقط عملية تأجيل للمشاكل التي تتراكم. الأزمة تزيد، ولا نقوم بأي تحرك للإنتقال بالبلد، كي نضع القطار على السكة ونذهب بالإتجاه الصحيح”.
ورأى “ان اسباب الازمة عديدة، أولها تعطيل المؤسسات ككل. إذ بمجرد تعطيل إنتخاب رئيس يتعطل حكمًا عمل كل المؤسسات”، وقال: “نحتاج الى رئيس لتشكيل حكومة، لأن لا حكومة بدون رئيس. ومن دون حكومة لا يمكن لمجلس النواب أن يعمل بشكل صحيح. وبالتالي عندما نعطل الرئاسة نعطل معها كل المؤسسات ليس فقط مركز الرئيس”.
وبالنسبة الى الطعن بالموزانة وعما اذا كانت المواد المطعون بها متعلقة بالشق الضريبي، قال: “هذا جزء من الطعن. هناك كميّة كبيرة من التدابير تم اتخاذها في الموازنة غير دستورية وغير مبنية على أي مبدأ اقتصادي، هذا من جهة. من جهة ثانية، هذه موازنة من دون قطع حساب وبالتالي هذا كله غير دستوري. كما انه لم يتم التصويت عليها بالمناداة في المجلس النيابي، وهذا مخالف للدستور. هناك مجموعة مخالفات دستورية حصلت في هذه الموازنة لإقرارها، ونعتبر ان هدفها في الاساس تدمير القطاع الخاص الشرعي وزيادة الأعباء عليه، وبالتالي تسهيل المهمة للقطاع غير الشرعي الذي أصبح اليوم يرتاح أكثر في العمل لأن منافسه أصبح أكثر كلفة لدرجة أن الجميع بات يتجه نحو القطاع غير الشرعي. عمليا ننقل اقتصادنا من الشرعي الى اللاشرعي، وهذه الموازنة هي احد الآليات لضرب الاقتصاد الشرعي. لدينا مجموعة كبيرة من الملاحظات أعلنا عنها في دراسة مفصلة، مع كل المواد التي طعنا بها”.
وردا على سؤال عن اتجاه الامور في ظل ما يجري في الجنوب، اعتبر “أنّه لا يحق لأحد أن يقرر عن اللبنانيين الدخول في حرب، خصوصا عندما يكون هو من اتخذ مبادرة فيها”، وقال: “ما يحصل اليوم ملفت، حزب الله يفعل عكس ما يوحي به بأنه يدافع، فهو لا يدافع بل يهجم، وهو من أخذ المبادرة بفتح جبهة الجنوب مساندة لغزة، وبالتالي هو في موقع الهجوم ويتحمل مسؤولية جر لبنان إلى هذه العملية. هو يصرّح بذلك وليس نحن، ويتحدث عن وحدة الساحات وبأنه يساند حركة “حماس” ويلهي اسرائيل عنها. وبالتالي ومن موقع المبادر في هذه الحرب يجر لبنان الى مكان يجعله يتحمل تبعات هذا القرار، من خلال كل الدمار الحاصل في الجنوب والقتلى الذين يسقطون. قلبنا يؤلمنا على كل مواطن يموت في الجنوب حتى على عناصر حزب الله الذين هم لبنانيون مثلنا مثلهم، ويؤلمنا قلبنا على هؤلاء الشباب وهذه العائلات التي تذهب فداء لقرارات لا تمّت إلى مصلحة لبنان بصلة”.
واكد انه “حتى اليوم، حزب الله هو من يُبادر بالعمليات في كل مرة، وإسرائيل تنتظر حجة لقصف لبنان، وليست في موقع المتفرج. في النهاية نيات إسرائيل تجاه لبنان ليست حسنة. حزب الله يخبرنا بأنه وضع قواعد اشتباك مع اسرائيل. اين أصبح هذا الاتفاق وما هي قواعد الاشتباك، أين هو هذا النص كي نطلع عليه، ومن كلفه بعقد اتفاق قواعد الاشتباك، اين الدولة اللبنانية من كل هذا. فلنقر اليوم، وبناء على كل هذه المعطيات، بأن حزب الله هو من يقرر عن اللبنانيين ويسيطر على الدولة اللبنانية بقوة السلاح والتعطيل والضغط والاغتيالات، وبالتالي نحن نعيش في دولة مخطوفة وشعب مخطوف بيد حزب الله. هذه هي الحقيقة التي يجب ان نقر بها”.
ورأى ان الخوف كبير من توّسع الحرب لاننا في النهاية رأينا أمس القصف في بعلبك وصيدا.
وعمّا يقال بأن اسرائيل تعمل لتحريك الشارع الداخلي للقيام بفتنة ضد حزب الله وبأنها ستضرب مناطق غير تابعة للحزب لتزيد النقمة عليه، قال الجميل: “هذا الأمر غير مرتبط بقصف إسرائيل، مشكلتنا مع حزب الله عمرها سنين ولا علاقة لها بالحرب الدائرة اليوم. النقمة على حزب الله موجودة بسبب أدائه الداخلي وتفرده بالقرارات وإستعماله للعنف في الداخل بفرض سياساته، وبسبب 7 أيار وإحتلاله بيروت، وأيضاً بسبب الإغتيالات التي حصلت ومن ضمنها إغتيال الرئيس رفيق الحريري رئيس الحكومة السابق وصدر حكم في المحكمة الدولية بأنه مسؤول عن هذا الإغتيال”.
وعن الخوف من تفلّت الأمور في الداخل، قال: “كل شيء مٌمكن إذا إستمر حزب الله في منطق الفوقيّة ويريد إلغاء الجميع وأن يفرض ما يريد على كل الناس وفي كل الأوقات، هذا الأمر سيُولد ردّات فعل”.
من جهة ثانية، اكد الجميل “ان الرئاسة غير مرتبطة بأحداث غزة، بل بقرار حزب الله، فهو من يعطلها ويربطها بمفاوضاته الإقليمية ومصلحة ايران ومصلحته”. واشار الى ان “الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية اصدقاء لبنان يحاولون مساعدة البلد. القرار ليس بيدهم ولا بيدنا. أؤكد في النهاية بأن قرار البلد مخطوف على يد حزب الله، وبالتالي الحل ليس بيد الخماسية. اليوم من يخطف البلد هو أساس المشكلة، واذا لم يقرر بأن يحل هذه المشكلة فلن تحلّ”.
وعن الحوار للوصول الى انتخاب رئيس، قال: “مشكلتنا أن حزب الله يعتبرأن لديه مرشح وهو الوحيد المستعد للذهاب الى المجلس للتصويت له، وبالتالي اي جلسة لا يتم فيها انتخاب مرشحه يعطلها، ويحاول ان يفرض رئيسا حليفا له، وهنا مشكلتنا. حزب الله يرفض انتخاب رئيس إذا لم يكن من يرشحه هو. هذه هي اشكالية الرئاسة”.
وبالنسبة الى حراك تكتل “الاعتدال الوطني” وطرح عقد جلسة تشاورية وامكانية مشاركة الكتائب في حال حصولها، قال الجميل: “حسب الجلسة، صراحة لم نفهم بعد جيدا المبادرة التي طرحوها. أستغرب كيف رحب الجميع بها دون أن يفهموا ماهيتها. حاولوا شرحها لنا، وأعتقد أنهم هم انفسهم لا يفهموها جيدا ولا يعرفون ما هي. ولن نعطي رأينا بشيء لم نفهمه. على سبيل المثال تقول مبادرتهم بالتشاور ومن ثم الذهاب الى جلسات مفتوحة. فيخرج الرئيس بري ليقول بأنه لا يسمح لأحد بأن يستعمل حقه الدستوري بتعطيل الجلسات. ما معنى هذا؟”
وردا على سؤال عن عدم اقتراح مبادرة للقوى المسيحية، قال: “أولا، نحن لا نختلف كقوى مسيحية او غير مسيحية، بل الاختلاف بأن البعض مع حزب الله وآخرون ضده. فمن المسيحيين من هم معه ومنهم ضده، فكيف سنجمعهم معاً؟ تمكنا من القيام بتقاطع حول اسم مع حزب “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” وهذا أقرب ما يكون الى مبادرة، واتفقنا على المرشح جهاد ازعور واتجهنا به الى مجلس النواب، كشخص معتدل يمكنه ان يكون مرشحا توافقياً، ويعيد فتح النقاش بين اللبنانيين، وجمع البلد واللبنانيين، فتم رفضه. ظلوا يقولون أين المسيحيين، فليتفقوا لأن الرئيس مسيحي. إتفقوا وقدموا جهاد أزعور، فما كان الجواب؟ تعطيل الجلسة”.
وأعلن ان هناك الكثير من الاسماء صديقة لحزب الكتائب يمكن ان تكون مرشحة للرئاسة غير جهاد ازعور. وقال: “في النهاية ليس رأي الكتائب، بل الإتفاق على شخص بإستطاعته جمع أكبر عدد مُمكن من الأصوات. اليوم لم يتمكّن أحد من إيصال شخص يرغب به”.
وسئل الجميل لماذا لم يترشح الى الرئاسة، فأجاب: “لأسباب عدة، أهمها انني لست مقتنعا ان اليوم هو الوقت المناسب لأشخاص مثلنا”، مضيفا “الايام تقول لنا. في الوضع الحالي وطالما أن حزب الله يضع يده على البلد ويعمل بمنطق أنه يريد السيطرة على البلد، ويريد أن يصرّ على أنّ من سيكون رئيسا للجمهورية ان يكون شخصا ينفذ هذه المهمة، وأنا لست مستعداً لتنفيذها. اليوم الذي يقبل فيه حزب الله بأن يكون شريكاً ومتساوياً في الحقوق مع بقية اللبنانيين، سنكون اول من يمد اليد له، لكن طالما انه في جو إلغائي مع الآخرين، فكيف سنعمل معه”، مؤكدا انه لا يرى “ان حزب الله اليوم في جو تسهيل إنتخاب رئيس”.
وابدى الجميل الخوف على الوضع الداخلي، “لأن حزب الله يعتبر أنه الآمر الناهي، ولديه حرب يخوضها ولا يرغب بأن يكون هناك في الدولة اللبنانية من يتفلسف عليه ويقول له كيف ولماذا وأين، ولا يرغب بأن تتمّ المفاوضات في قصر بعبدا ويصبح هناك من يتحدث باسم لبنان غيره.”