سأل الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حديث الى قناة RT، عن مصير أهالي قطاع غزّة الذين كانوا نزحوا إلى جنوب القطاع مع بدء العملية العسكرية الإسرائيلية هناك، وقال: “أين سيذهب مليون أو مليون ونصف تحت القصف؟ إلى أي مكان آمن؟ عملياً، تُريد حكومة إسرائيل تهجير أكبر عدد من عرب غزّة إلى خارج القطاع طوعاً أو قسراً، وبذلك تكون المأساة التي حصلت بالعرب في العام 1948 حينما هُجّر 700 أو 800 ألف فلسطيني إلى لبنان وسوريا والضفة الغربية وغزّة، قد تكرّرت”.
وحمّل “الدول الداعمة للعدوان الإسرائيلي وفي مقدمها الولايات المتحدة مسؤولية وقف إطلاق نار جدي، وليس وقف إطلاق نار إنساني، للدخول إلى الحل السياسي”، لكنه لفت إلى أنه “حتى اللحظة، واستنادا إلى تصاريح حكومة إسرائيل التي قالت تُريد أن تقصف الجنوب، هناك استمرار حرب القتل والإبادة ضد الشعب الفلسطيني”.
وردا على سؤال، اعتبر أن “لا قيمة للهدنة بظل المأساة الكبرى، 20 مستشفى في غزّة دُمرت بالكامل، رسمياً ثمّة 16 ألف قتيلاً، عدا عن الشهداء تحت الأنقاض، وواشنطن تستطيع أن تلجم إسرائيل إذا أرادت، لأنها توفّر السلاح والقنابل وتعطي المليارات سنويا لإسرائيل”.
ولفت إلى أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله “تكلّم مرّتين” منذ بدء العدوان على غزة، وقال إن “ثمة جبهة مساندة لحماس والشعب الفلسطيني من لبنان”.
وأضاف: “أنا قلت وأصر على قولي، علينا ألا نُستدرَج إلى الحرب في مواجهة إسرائيل، وثمّة حتى هذه اللحظة احترام لقواعد اللعبة، لكن من هو الزعيم أو القائد الذي دخل في حرب وعرف كيف يخرج منها؟ ما من أحد. اذ ليس أسهل من أن نضغط على الزناد، لكن مستحيل إعادة الرصاصة”.
ورأى أن “ليس هناك قواعد اشتباك بالاتفاق بين حزب الله واسرائيل، بل ثمة وقف إطلاق نار حصل بعد شهر ونصف من عدوان العام 2006 على لبنان، ثم جرى إصدار القرار 1701، واليوم علينا أن نحترم هذا القرار الأممي لأنه في حال جرى الإخلال به تنسحب القوات الدولية، ونُصبح في هذه اللحظة أمام حرب، وهذا ليس لصالح لبنان أو أحد من القيمين في لبنان والمنطقة”.
واعتبر أن “حل الدولتين صعب إن لم نقل مستحيلاً، لأن الضفة الغربية تُستباح من قبل المستوطنين، وثمة قضم تدريجي للأراضي، لكن في حال اعتمدت الدول الكبرى حل الدولتين كما قالوا بعد مؤتمر أوسلو، فيجب عقد مؤتمر دولي تحت عنوان “حل الدولتين”، آخذين بعين الاعتبار بأن في الضفة الغربية اليوم أكثر من 700 ألف مستوطن إسرائيلي مُسلّح يطوّقون من كل اتجاه أهالي الضفة العُزّل”.
وردا على سؤال أجاب: “البعض لا يتعلم من دروس الماضي، وظروف اليوم غير ظروف العام 1973 أيام الملك فيصل، ولذا تفادياً لمزيد من الكوارث التي قد تأتي على العالم العربي، فإن محاولة تهجير غالبية سكّان غزة إلى سيناء أو مصر، ومحاولة تهجير أهالي الضفة إلى شرق الأردن، هي كوارث وطنية وقومية، وهي محاولة للقضاء على القضية الفلسطينية، فليحاول القادة العرب استدراكها، لن أعطي نصائح، فأنا مُتّهم بأنني أزايد، لا أزايد. لكن لن أعطي النصائح”. وأضاف: “الملك عبدالله الأردني سليل العائلة الهاشمية، لا يقبل في صفقة على حساب وجوده. هذا مستحيل. الرئيس المصري (عبد الفتاح) السيسي ومصر لا تقبل صفقة على حساب القضية الفلسطينية. هذا مخالف للمنطق. وكل ما جرى من مشاريع، بغض النظر إذا كنا معها أو ضدها، مثلا ما يُسمّى باتفاقات أبراهام، يومها قال الشيخ محمد بن زايد وقال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قالا لا نقبل أن نسير باتفاقات إلّا إذا توقف الاستيطان، لديهما موقف متقدم، لكن في المقابل إسرائيل لا تُبالي. كيف نصل إلى تحصين هذا الموقف لمواجهة إسرائيل؟”. وتابع: “بالأمس، الرئيس الفرنسي قال إن القضاء على حماس فكرة واهية، وهذا موقف متقدم. لكن أين الألمان؟ الألمان لهم الهاجس التاريخي من الهولوكوست بحق اليهود، فإذا كان لديكم يا سيّد شولتز (المستشار الألماني) هذا الهاجس، فهل من الضروري أن يدخل الفلسطيني اليوم المحرقة من أجل هذه الهواجس؟ ما يحصل في العالم غريب ومخيف”.
وأشار الى أن “الفلسطينيين يدفعون ثمن النازية والفاشية الأوروبية، وعندما يخرج الغرب ويقول إياكم ومحاربة السامية، ينسى الغرب أن اسماعيل جد العرب وإسحاق جد اليهود هما أولاد العم، نحن ساميون أيضاً”.
ورأى أن “فرنسا وسائر الدول الغربية أصبحت تحت سيطرة الحلف الأطلسي نتيجة حرب أوكرانيا التي كان يمكن للبعض أن يتجنّبها، الغرب أسير هذه الحرب، يقدم المساعدات والمليارات. لكن الذي يقرر هو الولايات المتحدة، وروسيا مع الأسف عُزِلت، أين كان التوازن العالمي في السابق وأين أصبح اليوم”؟ وقال: “حتى الآن، يُدير كل من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، حربين بشكل ممنهج ومدروس”.
ولفت إلى أنّه يؤيّد الشعب الفلسطيني، ولا يتبنى عقيدة حماس أو الإخوان المسلمين، وقال: “أنا علماني، لكن أؤيّد الشعب الفلسطيني، وكان ثمّة عتب وتهديد شفهي، أنا أؤيّد الشعب الفلسطيني، هناك حماس وفتح والجهاد الإسلامي وغيرهم”.
وردا على سؤال قال: “في كل الحروب، هناك مرتزقة، وحصل هذا الأمر في العراق وفي روسيا”.
وختم جنبلاط: “نتمنى إحالة إسرائيل إلى محكمة الجنايات، لكن العدالة الدولية تخضع لموازين قوى، المحكمة أعطت نتائج في البوسنة وقضية المذابح التي جرت في كمبوديا”.