وقّع الوزير السابق الدكتور عباس مرتضى برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثلاً بالنائب علي حسن خليل، كتابه بعنوان “النظام النقدي اللبناني ما بين التطور والأزمات والواقع والتداعيات”، الذي يحاول البحث في الخصائص الأساسية للنظام النقدي اللبناني وتطوره في الحقبة ما بين الحرب العالمية الثانية والعهد الاستقلالي الأول حتى العام ١٩٥٨، في فندق “راديسون بلو”، فردان.
حضر حفل التوقيع وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل ممثلاً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، النائب فادي علامة، الوزراء السابقون ياسين جابر، غازي وزني، محمد داوود، زينة عكر، المدير العام لمصلحة الليطاني الدكتور سامي علوي، المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد ابو حيدر، المدير العام لوزارة الزراعة لويس لحود، المدير العام لوزارة المهجرين أحمد محمود.
كما حضر الحفل رئيس الهيئة التنفيذية في “حركة أمل” الدكتور مصطفى فوعاني على رأس وفد من أعضاء الهيئة التنفيذية والمكتب السياسي في الحركة، رئيس جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية أحمد هاشمية، رئيس الإتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر، عضو المكتب السياسي في تيار المردة فيرا يمين، رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير، رئيس جهاز امن السفارات العميد موسى كرنيب، القائم بالأعمال في السفارة العراقية في بيروت الوزير المفوض عبد الإله النصراوي، ممثل السفارة الإيرانية في بيروت المستشار الأول في السفارة مهدي نبيوني، ممثل المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الدكتور علي قصير، ممثلو الأجهزة الأمنية من قوى الأمن الداخلي وأمن الدولة والأمن العام والجمارك، وحشد من الهيئات الاجتماعية والروحية والإعلاميين الاقتصاديين.
بعد النشيد الوطني، قدم الوزير مرتضى في مستهل كلمته توطئة عن محتوى كتابه وأبرز عناوين فصوله، قائلا: “يأتي هذا الكتاب ليستعرض أسس النقد اللبناني ونظامه منذ تأسيس الكيان اللبناني واعلان دولة لبنان الكبير، ويطل على أبرز التحديات التي واجهت المسؤولين عن هذا النظام مروراً بمراحل النمو والإنكماش والتدابير التي اتّخذت لمعالجة هذه الأزمات حتى العام ١٩٥٨”.
أضاف: “انطلقت برحلة البحث في اسرار وضع هذا النقد ومراحل تأسيسه وتداوله، وما تعرض له من أزمات وكيفية بقاء النقد الذهبي في السوق اللبناني بأنواعه المتعددة من تركي وفرنسي وانكليزي كعملة رديفة في الأزمات، علماً انه خلال مسيرة هذا النقد لم يكن بيد المسؤولين ولا الشعب اللبناني أي قرارات او خيارات”.
وتابع مرتضى: “إن أسباب فشل الحكومات الإستقلالية المتتالية تحسين جباية ضرائبها لأسباب عدة منها غياب الأجهزة الإدارية المنظمة لهذه الجباية، وتدخّل الوساطات لتخفيض حجم الإستيفاء الضريبي، في مسار متساوٍ مع تهاون السلطة في تحصيل ما لها من أموال بذمة الشركات والمؤسسات والمصانع”.
ولفت الى أن “الدراسة التي تضمّنها الإصدار الأول للكتاب عالجت الآثار المباشرة لتطور الأوضاع النقدية في لبنان على كافة الصعد، على أن تفتح الستار أمام دراسات مكمّلة لها، لا سيما لجهة مسائل أخرى ذكرت في الجرائد والمحفوظات الرسمية في تلك الحقبة”.
وختم: “ربطاً بواقع الأزمة النقدية الراهنة، لقد دعا الرئيس نبيه بري منذ عام ١٩٩٩ الى اطلاق مبادرات جريئة بل الى ثورة في مجال التخطيط وتنفيذ المشروعات انطلاقاً من ترتيب اولويات المشاريع التي تعالج الجذور العميقة للحرمان الاقتصادي، ونبّه مراراً وتكراراً من عواقب الاحتكار والوكالات الحصرية من تسعينات القرن الماضي من دون جدوى حتى وقعنا في المحظور”.
خليل
بعدها ألقى النائب خليل كلمة راعي الحفل وقال: “شرفني دولة الرئيس نبيه بري بأن أمثله في حفل التوقيع لأعبّر عن تقديره وتقديري العميقين لهذا الجهد الاستثنائي الذي بذله اخي الدكتور عباس، جهد يسجل في تاريخ النتاج والبحث الاقتصادي اللبناني وربما على المستوى العربي حيث يضاف اليوم الى مكتبتنا الاقتصادية والمالية والنقدية، نتاج مبني على نهج علمي يؤسس في المرحلة المقبلة الى تأمين مواد لمقاربات جديدة باتجاه معالجة اوضاعنا النقدية والاقتصادية والمالية.
باسم دولة الرئيس، اهنئ اخي الدكتور عباس الذي اضاف الى النهج العلمي الذي اعتمده بعضا من تجربته المباشرة في التعاطي مع الشأن العام، في التعاطي مع القضايا الوطنية من خلال استلامه حقيبته الوزارية في واحدة من اصعب وادق المراحل التي مر بها وطننا لبنان، وعاصرها عملياً من موقع مسؤولياته الوزارية وأعطى مؤشرا الى صعوبه ما نعيشه على المستوى الوطني والى عمق الازمة التي مررنا بها والتي ما زالت مستمرة حتى الان”.
أضاف: “نعم نحن سعداء بأن هناك في هذا الزمن الصعب، في زمن القلق على المستقبل من يحاول ان يحفر في التاريخ ليبني صورة افضل لهذا المستقبل، ليؤمن ركائز وقواعد الانطلاق نحو معالجات حقيقية مبنية على الخلفية العلمية الاكاديمية التي انطلق منها الدكتور عباس مرتضى في كتابه، ونأمل ان تسنح له الفرصة باستكمال ما بدأ للمراحل اللاحقة من سنة ال ٦٠ حتى اليوم لان في هذا الامر مساعدة حقيقية على وضع مرجع بتصرف المكتبة العربية واللبنانية لمقاربة تاريخ وادارة شؤون النقد في لبنان كانموذج… ربما متقدم وسابق على المستوى العربي.
نحن بحاجة الى خطوات توصلنا الى تحديد واقع نقدي جديد ينطلق من سعر مرجعي فعلي في رسم قيمة نقدنا الوطني وعملتنا الوطنية مقابل العملات الاجنبية، وبما يعكس بالفعل حقيقة هذه القيمة لنقدنا في العمليات الجارية على مستوى الاقتصاد.
علينا ان نعترف ان ادارة وحوكمة القطاع النقدي خلال المرحلة الماضية كانت تشوبها الكثير من علامات الاستفهام، والاخطر انه كان هناك خلط حقيقي فعلي بين النقدي والمالي والاقتصادي، وكان هناك خلط بين السياسة النقدية وبين المالية العامة وبين الوضع الاقتصادي، ولعب استثناءً البنك المركزي دوراً يتجاوز حدود قانون النقد والتسليف وصولاً الى الدخول مباشرة في الواقع المالي للدولة في تمويل الدولة بالقدر الذي وصلنا اليه، وصولا الى التاثير المباشر في حركة الاقتصاد بكل مجالاته”.
وقال خليل: “آن الاوان لكي نعود الى الصواب، فالحكومة قد شكلت لجنة لاعادة النظر بقانون النقد والتسليف، وعلينا ان نتحدث بصراحة ان المطلوب ليس الانقلاب على هذا القانون الذي يعتبر قانوناً مرجعياً متقدماً، لكن الاهم هو كيف نستطيع ان نرسي القواعد التي تضمن حوكمة حقيقية في ادارة هذا القانون وفي تطبيق هذا القانون ومعالجة بعض الثغرات التي ادت الى السماح بهذا التداخل الذي ربما فاقم الازمة اذ لم يكن عنصرا اساسيا في احداث هذه الازمة.
ان التحديات المطروحة اليوم امام كل اللبنانيين تفرض ان ننطلق في عملية اصلاح حقيقي، لا باتفاق مع صندوق النقد الدولي ولا بغير اتفاق. اساس الخطوات والمعالجة اقرار البرامج والقوانين الاصلاحية المطلوبة من اجل الخروج من هذه الازمة، امامنا مجموعة من القوانين بغض النظر اليوم من هو المسؤول عن ايصالها او عن رفعها الى المجلس النيابي، وموقف الكتل السياسية والنيابية منها، وبغض النظر عن انقسامنا السياسي واختلافنا السياسي والتباعد القائم حول الاستحقاقات، اليوم المطلوب ان لا نضيع الوقت وان نترفع وان نتعاطى بمستوى وطني من الخطاب بعيداُ عن الحسابات الضيقة لاطلاق ورشة حقيقية توصل الى اقرار خطة النهوض الاقتصادي والمالي، الى اقرار قانون اعادة الانتظام الى النظام المالي في لبنان، الى القطاع المالي، وهي خطة للاسف قدمتها الحكومة بطريقة مشوهة تبعد الامر عن سكة المعالجة الحقيقية، وبالاساس عندما انطلق مشروع القانون هذا من تجاوز حق المودعين في تأمين الصيغة والحل من اجل اعادة الاموال اليهم”.
وتابع: “نحن باستطاعتنا ان نرسي قواعد لاعادة الانتظام المالي هذا بطريقة تحفظ طبيعة نظامنا، مصالح المودعين وحقوقهم، وتحافظ على القطاع المصرفي الضروري اليوم لاطلاق هذه المعالجة الاقتصادية.
أما اقرار القانون المرتبط باعادة هيكلة المصارف هو المسار الأهم من اجل المصلحة الوطنية العليا فلا يعقل ان نبقى نتحدث في العلن شيء وعند الممارسة شيء اخر. فليقل لنا احد من يوقف اليوم مثلاً مشروع الكابيتال كونترول او اعادة هيكلة المصارف او دراسة القانون المتعلق باعادة الانتظام ومعالجة الفجوة.
كان دولة الرئيس نبيه بري حريص خلال كل الفترة الماضية ان يفصل بين موقفه الخاص من الاستحقاقات السياسية لأن المطلوب ان نضع الاصبع عليه وان نعالجه على المستوى الاقتصادي والمالي، فالجوع والعوز وانهيار القطاع العام وعدم قدرة الناس على القيام بواجباتها، ازمة التعليم، عمق هذا القلق الذي يعيشه الناس على مستقبلهم لا يميز بين طرف سياسي واخر او بين طائفة واخرى او بين منطقة واخرى، بل هو يصيب كل اللبنانيين على اختلاف مشاربهم، ويصيب دور وموقع لبنان على مستوى المنطقة وعلى مستوى العالم في زمن متغير متحرك ترسى فيه قواعد جديدة لادارة شؤون الناس والمجتمع والاوطان”.
وإذ لفت الى أن “الاساس يبقى هو انتظام حياتنا السياسية”، قال: “بدونها لا يمكن لنا ان نخرج، او نضع انفسنا على سكة الانطلاق نحو عهد ومرحلة جديدة، وهذا الانتظام يتطلب ان تلتقي القوى السياسية على المشترك مهما كان بسيطاً لتعمل على توسعته، من هنا كانت دعوة دولة الرئيس الى حوار وطني يركز حصراً على الاتفاق على رئيس جديد للجمهورية، يشكل بداية اعادة الانتظام لعمل كل المؤسسات وتشكيل حكومة انقاذ حقيقي واطلاق المشاريع التي تحدثنا عنها.
للاسف حتى هذه اللحظة، ورغم بعض الاجواء الايجابية المشجعة محلياً وعربياً ودولياً، ما زال البعض يدور في حلقته المفرغة بإثقاله بالكثير من الشروط والحسابات التي تؤدي الى نتيجة واحدة هي تعطيل هذا الحوار.
لقد وصلنا الى مرحلة وصل فيها حجم الاشتباك السياسي وحجم الانسداد في افق المعالجة الى مرحلة خطيرة، اذا لم يحصل حوار وطني في الازمات الوطنية الكبرى، في اي وقت يحصل الحوار الوطني؟”.
وختم: “نحن نريده تفاهماً سريعاً بأسرع وقت ممكن من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية”.
بعدها جرى توزيع الكتاب على الحاضرين وقام الوزير مرتضى بتوقيعه.