كتبت صحيفة “النهار”: قد يكون ابرز الخلاصات التي تحمل دلالات بارزة حيال الغموض الذي يلف مهمة الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الوزير السابق جان ايف لودريان في اليوم الأول من جولته الثالثة في لبنان، ان السفارة الفرنسية سارعت عصرا، وقبل ان تعمم الخلاصات التي اوحت بان لودريان عاد الى دوامة تجريب المجرب الفاشل في موضوع الحوار، الى استباق نهايات الجولة بالاضاءة على أهدافها بعيدا من موضوع الحوار. حصل ذلك بعدما واكبت اللقاءات الأولى للودريان مع كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون تصاعد فوري لمواقف وتسريبات أظهرت بمكان ما لودريان في تقاطع كلي مع مبادرة الرئيس بري الحوارية التي رفضتها المعارضة اسوة برفض طرح لودريان السابق نفسه للحوار الموسع. ولذلك كان لافتا ان البيان الذي أصدرته السفارة الفرنسية، وهو الأول عن مهمة لودريان بعد بدء ولاية السفير الفرنسي الجديد هيرفيه ماغرو في بيروت لم يتضمن أي إشارة الى موضوع او اقتراح الحوار خلافا للكلام المحلي الذي سبق صدور البيان.
وقد أوضح البيان ان لودريان يقوم بزيارة إلى لبنان لمرة ثالثة تستمر حتى 15 أيلول “في إطار مهمته المتمثلة في المساعي الحميدة التي استهلت في شهر تموز الماضي بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر. وسيعقد محادثات جديدة تندرج في سياق المبادلات التي أجراها خلال مهمتيه السابقتين، مع جميع الجهات الفاعلة السياسية الممثلة في البرلمان والتي انتخبها اللبنانيون والتي تتحمل مسؤولية انتخاب رئيس الجمهورية. وسيتطرق في ظل ضرورة الخروج من الأفق السياسي المسدود حاليًا، مع جميع الجهات الفاعلة، إلى المشاريع ذات الأولوية التي ينبغي لرئيس الجمهورية الجديد أن يعالجها بغية تيسير بلورة حل توافقي في البرلمان وسد الفراغ المؤسسي.
وتعتزم فرنسا، كما ذكّر رئيس الجمهورية الفرنسية ووزيرة أوروبا والشؤون الخارجية خلال مؤتمر السفراء، العمل من أجل سيادة لبنان واستقراره، “وهذا البلد بحد ذاته، لم تتخلّ عنه فرنسا”. “ويمثل انتخاب رئيس للجمهورية اليوم ضرورة ملحة وخطوة أولى في سبيل إعادة تحريك المؤسسات السياسية”.
ولا يزال الوضع الراهن يتدهور ومؤسسات الدولة تتضعضع على نحو مقلق وذلك أيضًا في سياق غياب حاكم لمصرف لبنان حاليًا وتوترات أمنية وبرلمان لم يعد يجتمع بغية التصويت على قوانين ضرورية من أجل إنعاش البلاد وازدهار اللبنانيين، وتضخم جامح واقتصاد يعتمد على السيولة ويقوض سيادة لبنان ويدفع القوات النابضة إلى مغادرته”.
الرئيس بري المتفائل ؟
وكان نقل عن لودريان خلال لقائه ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي انه “يأمل في أن تكون المبادرة التي أعلن عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري بداية مسار الحل”.كما سربت معلومات خلال زيارة لودريان لعين التينة مفادها ان لودريان قال لبرّي “ندعم مبادرتكم الحوارية ونقول الحوار ثم الحوار ثم الحوار”. وبعد اللقاء الذي تم خلاله عرض للاوضاع العامة والمستجدات السياسية لا سيما الإستحقاق الرئاسي اعلن الرئيس بري “أن وجهات النظر متطابقة مع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بأن لا سبيل الا الحوار ثم الحوار ثم الحوار للخروج من الأزمة الراهنة وإنجاز الإستحقاق الرئاسي. وهذا ما هو متاح حاليا لمن يريد مصلحة لبنان”.
وقالت أوساط عين التينة ان بري خرج “مرتاحا” من اجتماعه مع الموفد الفرنسي الذي ردد بأنه يتبنى ما تضمنته دعوة رئيس المجلس لطاولة الحوار بكل ما تحمل وهي تتناول فقط موضوع انتخاب رئيس الجمهورية. وأشارت الى ان لودريان سيعمل على دعم مبادرة بري والعمل مع رؤساء الكتل التي سيلتقيها على التجاوب معها. وقالت ان بري سأله اذا كان موقفه هذا يعبر عن المجموعة ” الخماسبة” فجاءه الرد ايجابا وانها تحظى بغطاء الدول الاعضاء. وقالت أوساط بري انه “لم يدخل في تفاصيل محاولات لودريان وكيفية اقناعه الجهات التي رفضت الحوار ودفعها الى المشاركة وانه في ختام جولته سينقل حصيلتها الى بري على ان يستكمل البرلمان مهمة الحوار لسبعة أيام ويتوجه بعدها بري الى تحديد موعد الجلسة الانتخابية التي تحمل الرقم 13 اذا سارت الامور بحسب ما اتفق عليه مع الموفد الفرنسي”.
وردا على سؤال قال بري لـ”النهار” ان مبادرته ” لم تنته وان لا بديل من الحوار الذي يصب في مصلحة الجميع. وسيكون لبنان كله هو الرابح اذا نجحنا في اتمام استحقاق الرئاسة الاولى”.
بعدها زار لودريان قائد الجيش العماد جوزف عون في اليرزة مشددا على الاستمرار في دعم الجيش . والتقى لاحقا رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية في منزل نجله النائب طوني فرنجية في بيروت. وافيد انه “تم البحث في الوضع السياسي الراهن وسبل إتمام الانتخابات الرئاسية في ظل جميع الازمات الضاغطة والملحة كما تم تأكيد أهمية الحوار كمدخل أساسي وضروري لانجاز الاستحقاق الرئاسي بأسرع وقت “.ثم زار رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في ميرنا الشالوحي. ويستكمل لودريان اليوم وغدا وتحدثت معلومات عن ان السفير السعودي وليد بخاري دعا النواب السنة الى لقاء يعقد في الثالثة والنصف بعد ظهر الخميس في دارته يحضره لودريان.
موازنة 2024
في جانب اخر من المشهد الداخلي، أقر مجلس الوزراء امس برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، مشروع موازنة 2024 الذي اعتبره ميقاتي “إنجازا وبطولة”. وقال: “ان الموازنة هي إنجاز جيد جدا. هذه هي المرة الأولى منذ العام 2002 التي تقدم فيها الموازنة خلال المهلة الدستورية الى المجلس النيابي، هذا عمل بطولي كبير جدا، لأنه لم يكن ليتم من دون الجهد الكبير الذي قام به فريق العمل في وزارة المال رغم الشح في الموارد المادية والبشرية والمقومات اللازمة لتسريع عمل الادارة العامة. أقول لجميع موظفي الإدارة العامة، نحن كلنا في زورق واحد، وكل واحد منا يضحي على قياسه، وادعوكم جميعا للعودة الى الإدارة لإعادة الواردات الى الإدارة التي من دونها لا يمكننا تحسين الوضع المعيشي، ونحن على استعداد لدراسة هذا الوضع معكم ونعرف تماما الحاجات المعيشية المطلوبة، ولذا فسنكون يدا واحدة”.
ولفت الى ان “إعادة هيكلة المصارف من أهم القوانين المُدرجة في مجلس النواب وحريصون كل الحرص لتخطي هذه المرحلة الصعبة والمطلوب التعاون من الأطراف كافة”. كما رأى أنه “لا يمكن إنقاذ لبنان من هذه المرحلة الصعبة إلا بتشابك الأيدي وأدعو إلى مواصلة عقد جلسات حكومية”، داعياً “لإقامة ورشة مع المجلس النيابي تخص ملف النزوح لأن هذا الموضوع يخص اللبنانيين جميعاً”.
عين الحلوة
اما في المشهد الأمني وغداة التوصل الى قرار وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة خلال اجتماع المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري وهيئة العمل الفلسطيني المشترك، سيطر الهدوء الحذر على المخيم نهار امس ، مع تسجيل بعض الرشقات الرشاشة بشكل متقطع، فاستعادت مدينة صيدا صباحا حياة شبه طبيعية ، لكنها انعدمت بعد الظهر مع اطلاق نار كيثف في المخيم حيث طاول رصاص الاشتباكات مبنى الجامعة اللبنانية وإحدى المطابع من دون تسجيل اصابات، وطلبت القوى الأمنية من المواطنين عدم سلوك اوتوستراد صيدا – الجنوب بسبب القذائف والرصاص الطائش جرّاء اشتباكات المخيم. وعصرا ، شنت الجماعات المسلحة المنضوية تحت جند الشام هجوما كبيرا على كل المحاور واشتدت وتيرة المعارك. وافادت المعلومات عن وفاة جريح لحركة فتح ما يرفع عدد قتلى اشتباكات عين الحلوة الى عشرة. وأفادت المعلومات مساء ان فتح” شنت هجومًا غير مسبوق على محور حطين حيث اندلعت اشتباكات عنيفة في المخيّم .
عقوبات جديدة
في سياق اخر أعلنت امس وزارة الخزانة الاميركية، فرض عقوبات على “عناصر من حزب الله وممولين له في لبنان وأميركا الجنوبية”. وبحسب الوزارة “يشمل هذا الإجراء عامر محمد عقيل رضا، الذي كان، بالإضافة إلى دوره كأحد كبار عملاء “حزب الله”، أحد أعضاء “حزب الله” التنفيذيين الذين نفذوا الهجوم الإرهابي ضد الجمعية الإسرائيلية المشتركة الأرجنتينية (AMIA) في الأرجنتين عام 1994 والذي أسفر عن مقتل 85 شخصًا”. وأضافت وزارة الخزانة: “يستهدف هذا الإجراء سبعة أفراد وكيانات رئيسية في هذه الشبكة التي تدر إيرادات لأنشطة حزب الله الإرهابية وتسمح بوجود الجماعة الإرهابية في أميركا اللاتينية”.
وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، بريان نيلسون، إن “إجراء اليوم يؤكد التزام الحكومة الأميركية بملاحقة نشطاء وممولي حزب الله بغض النظر عن موقعهم”. وأضاف: “سنواصل اجتثاث أولئك الذين يسعون إلى استغلال النظام المالي الأميركي والدولي لتمويل الإرهاب والمشاركة فيه”.