رحبت الهيئات الاقتصادية في بيان، بـ”قانون الكابيتال كونترول الذي طال انتظاره من ضمن رزمة القوانين الإصلاحية”، وحددت “موقفها الثابت من الإجراءات المطروحة في المادة السابعة من هذا المشروع، وهي:
1- إبقاء الأموال الجديدة فريش حرة من أي قيود، سواء في التداول الداخلي والتحاويل الخارجية، هو مطلب أساسي للهيئات منذ البداية، وهذا المطلب حمله ممثلو الهيئات إلى الاجتماعات الممهدة لجلسات اللجان المشتركة برئاسة نائب رئيس مجلس النواب، نظرا إلى النسبة الكبيرة من الدولرة في الاقتصاد الوطني.
2- تفاجأت الهيئات الاقتصادية بأن المادة السابعة في القانون المقترح تنص في فقرتها الأولى على الآتي: تتم المدفوعات والتحاويل المصرفية المحلية كافة بالليرة اللبنانية باستثناء الحالات التي تحددها اللجنة.
3- المفارقة أن المادة 7 من القانون تتنافى وتنسف مفهوم الإيداعات والتحاويل الجديدة التي يكرّسه، عن حق، القانون نفسه، خصوصا ان المادة الثانية تعرف في بندها الرابع عشر الإيداعات والتحاويل الجديدة بالأموال المودعة بأي عملة كانت التي كانت حولت من خارج لبنان أو أودعت نقدا لدى المصارف بعد 17 تشرين الأول 2019 حتى لو جرى تحويلها من مصرف إلى آخر داخل لبنان. وإن المادة الرابعة تبيح نقل هذه الأموال عبر الحدود. فهنا يكمن التناقض الكبير: كيف يسمح الدفع والتحويل إلى الخارج، ويمنع ذلك في الداخل؟
4- ان خطر المادة 7 يتمثل بأنها ستؤدي الى ردع المقيمين وغير المقيمين من تحويل الأموال الجديدة إلى لبنان، كونهم لا يستطيعون استعمالها في لبنان بحرية.
5- إن الليلرة القسرية للمدفوعات ستكون لها انعكاسات كارثية على الاقتصاد المدولر بنسبة شبه كاملة، وبخاصة أن هذا التدبير مرشح لأن يشمل كل المبادلات المالية، من إيجارات وعمليات تقسيط وبيع بالجملة والتجزئة، وصولا إلى اقتناء أصول مرتفعة الثمن مثل السيارات وحتى الشقق السكنية.
6- ستمحي المادة 7 كل إيجابيات التسعير الدولاري التي شهدناها في الأشهر الماضية، وأدت إلى استقرار متزايد في الأسواق، والتي تجاوب معها المستهلكون بنسب كبيرة، سواء في المطاعم أو السوبرماركت أو محطات الوقود، والتي وفّرت عليهم وعلى التجار تحمُّل خسائر في عمليات الصرف من الدولار إلى الليرة، ومنها الى الدولار. مع الإشارة الى ان الليلرة قد تأتي تلقائيا، ومن دون إكراه، متى عادت الثقة في النظام المالي والاقتصادي اللبناني وبالعملة الوطنية.
7- إن المادة 7 ستخلق إشكاليات قانونية كبيرة لجهة العقود السابقة المقومة بالدولار الأميركي، فضلا عن أنها ستقتل في المهد إمكان إعادة تفعيل التسليف المصرفي والمؤسساتي، لأن لا أحد سيقوم بالإقراض بالعملة الوطنية، فضلا عن تعزيز الاقتصاد النقدي، وهذه ضربة كبيرة موجهة سواء للاستهلاك والاستثمار، كما لخزينة الدولة.
8- إن المادة 7 من شأنها أن تضع القطاعات الاقتصادية برمتها، خدماتية كانت أو إنتاجية، تحت رحمة استنسابية “اللجنة الخاصة” المنشأة بموجب قانون “الكابيتال كونترول”. واللافت ان اللجنة المذكورة طابعها مالي ومحاسبي وقانوني وقضائي، أكثر منه إقتصادي، وذلك بغياب مريب في عضويتها لوزير الإقتصاد والتجارة كما وممثل عن الهيئات الاقتصادية.
9- إن هذه اللجنة ذات الصلاحيات الواسعة قد تتحول إلى حكومة ظل كونها تمتلك عمليا، ومن خلال توفير الدولارات هنا وحجبها هناك، حق الحياة أو الموت على مختلف القطاعات الإقتصادية ومؤسساتها، خصوصا أن فقدان الدولار بالنسبة للقطاعات الاقتصادية هو بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة عليها بعد سنوات من المعاناة”.
وسألت الهيئات الاقتصادية: “كيف للجنة خاصة، مهما علا شأنها، أن تضع شروطا وتحدد أولويات في ما يتعلق بالولوج الى الدولارات النادرة من قبل هذا المورد أو ذاك؟ وهل ان إقتصادا مثل النظام الإقتصادي اللبناني، الذي نشأ منذ أكثر من 100 عام على حرية التداول بالعملات وحرية التحويل عبر الحدود، قادرا على التكيف مع الإجراء الصارم الذي تفرضه المادة السابعة لجهة فرض الليلرة عنوة؟ وهل طموح لبنان ان يفقد رونقه الإقتصادي الخاص به، والذي جعل منه مقصدا للترفيه والتسوق والتبضع، للأبعدين قبل الأقربين، وان يتحول اقتصاده الى نموذج إقتصادي مسخ لا يليق بلبنان، وهو أصلا غير قابل للحياة؟”.
وقالت: “إذا كان خفض العجز في ميزان المدفوعات هو هدف مشروع – مع العلم ان مساره بات ينحدر بإعتراف صندوق النقد الدولي – لا ينبغي ان يؤدي هذا الهدف الى إعاقة وربما تدمير قطاعات إقتصادية برمتها، إنما يتوجب على الحكومة إجراء الإصلاحات المطلوبة، (لا سيما تقليص حجم القطاع العام وتحفيز الصادرات من السلع والخدمات، ووقف التهريب الذي يستنزف الخزينة، وضبط إيقاع القرارات العشوائية المتعلقة منها بالدولار الجمركي وغيره، وإمداد الاقتصاد والمجتمع بالكميات الكافية من الطاقة فلن يعودوا يستثمرون في الحلول البديلة. وإن غياب هذه الإجراءات كلها مضاف اليها عبء النزوح، هو المسؤول الأول عن إنتفاخ الفاتورة الاستيرادية في لبنان”.
وجددت “ترحيبها بقانون الكابيتال كونترول”، مطالبة ب”إلحاح بحذف البند الأول من المادة 7 كليا، أو بالحد الأدنى إضافة، في مطلع البند الأول، عبارة: باستثناء الإيداعات والتحاويل الجديدة، لتلافي المخاطر الاقتصادية الكبيرة التي تنطوي عليها المادة 7، كما هي واردة في المشروع”.