افتتح وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى ممثلا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، رعاية فعالية معرض الكتاب السنوي التاسع والاربعين للرابطة الثقافية في طربلس في مقرها، بحضور وزير الإعلام زياد المكاري ومفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد طارق إمام والنواب ايهاب مطر وحيدر ناصر وجميل عبود وممثلين عن النواب فيصل كرامي وميشال معوض وطه ناجي وأشرف ريفي وكريم كبارة، ورفلي دياب ممثلا رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وناصر عدرة ممثلا الامين العام لتيار المستقبل احمد الحريري، ونقيبة المحامين ماري تيريز القوال، ورئيس بلدية طرابلس احمد قمر الدين، والقائمة بأعمال بلدية الميناء القائمقام ايمان الرافعي، ورئيس اتحاد بلديات الفيحاء حسين غمراوي، والأمين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير ورئيس إتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الشمال النقيب شادي ونائب نقيب المحررين غسان ريفي وفعاليات ثقافية.
وألقى الوزير المرتضى كلمة لفت فيها الى “أهمية تنظيم هذه الفعالية في طرابلس منذ نصف قرن وفي الموعد السنوي الثابت لاسيما وان الكتاب هو وسيلةٌ من أهم وسائل إكتساب المعرفة ونشر الوعي في العقول”.
ومما جاء في كلمة الوزير المرتضى: “يعرفُ أبناءُ القرى، وكثيرون منكم… منهم، أن عرسَ السنديان تحييه العصافيرُ التي يُطرِبُها أنْ تجدَ لها ظلًّا وسُكْنى بين الأغصان الممتدَّة والأوراق الخضراء، فيما يفرحُ السنديانُ لأنَّ حفيفه يعتلي صهوةَ النسيمِ مطرَّزًا بأحلى الزقزقات. إنَه عهدٌ ربيعيُّ المواثيق، يشبه هذا الذي عقدته طرابلس مع معرض الكتاب، الذي يأوي إليها كلَّ ربيع، رفوفًا من كُتُبٍ وأسرابًا من مكتباتٍ ودورِ نشرٍ ومنتديات، وأعراسًا من فعالياتٍ أدبيةٍ وثقافيةٍ متنوعة.”
وقال: “ولا عجبَ في ذلك أيّها الأحبّة. فطرابلس هي سنديانةُ لبنان الثابتةُ في وجه الريح، الباسطةُ خُضْرةَ محبَّتِها في كلِّ اتجاه، والمقيمةُ على ألقابِها الحُسنى: الفيحاء، عاصمةُ لبنانَ الثانية، مدينةُ العلمِ والعلماء، وأم الفقير. وهي منذ نصفِ قرنٍ تحيي موعدًا سنويًّا ثابتًا مع الكتاب، يُضافُ إلى مواعيدِها اليومية مع الفكرِ والثقافة والإبداع. وما ذلك إلا لأنَّ أبناءَها مدركون بأنَّ المعرفةَ سبيلُ البشرِ جميعًا إلى الوعي الذي هو الغايةُ الأولى والأخيرةُ من كل نشاطٍ معرفي، وبأنَّ الكتاب وسيلةٌ من أهم وسائل إكتساب المعرفة ونشر الوعي في العقول.”
أضاف المرتضى: “والحقيقة أننا في وزارة الثقافة جعلنا “بثَّ الوعي” شعارًا لنا ومنهاجَ عمل. ثقةً منا بأنَّ زمنَ الأزمات يفرض على المسؤولين والمواطنين معًا، أن يتحلَّوا بدرجةٍ عليا من الإدراك العام لما يحيطُ بهم، وينزلُ عليهم، وأن ينظروا إلى واقعِهم نظرةً شديدةَ التبصّرِ، يومِضُ فيها العلمُ والتحليلُ السليمُ والفهمُ الدقيق، ليكون في قدرتِهم تخطي ما هم فيه للوصول إلى المأمول؛ وهذا ينطبق على كلّ الميادين في السياسة والثقافة والاقتصاد وغيرها. وهل من سبيلٍ إلى بثّ الوعي أكثر من الكلمة واحتفالاتِها، والكتابِ ومعارضِه؟.”
وتابع :”الأساسُ في ما نسعى إليه تأكيدُ أن الكتابَ ليس قِنيةً تُزَيِّنُ المنازلَ، بل هو مصدرُ المعرفة. ولهذا دأبت طرابلس، وسائر المناطق اللبنانية كذلك، على إحاطة معارض الكتب التي تقام فيها بمجموعةٍ من النشاطات الثقافية، تجتمع فيها نخبةُ المهتمين، وتكون هي الأخرى وسيلةً لبثّ الوعي الذي ندعو إليه، وذلك كي لا يحسبَ أحدٌ أن هذه الفعاليات الراقية هي أسواقُ بيع وشراء فقط، فيما المطلوب أن تكون منصاتِ تنوير.”
واردف: “ولعلَّ أبلغَ درسٍ تمليه علينا قاعدةُ الوعي هو “اللقاء”. نعم يا أحبةُ، لقد آن لنا أن نلتقي على فهمٍ أصيلٍ للأزماتِ النازلةِ بنا، التي يتعاضدُ علينا فيها دورُ الخارجِ مع تشرذم الداخل، فتستعصي الحلول. إن للدولِ مصالحَ تسعى إلى تنفيذها ولو على حسابِ شعوبِ العالم، ولذلك نرى المعايير المتقلبة في التعاطي بين مسألة وأخرى، على وَفقِ مصالحِ تلك الدول.”
واستطرد: “ما يجري في فلسطين مثالٌ صارخ، حيثُ تُدانُ الضحيةُ ويُبرّأُ المجرمون: أنْ يقصفَ الصهاينةُ غزّة بطائراتِهم الحديثة ويقتلوا النساء والأطفالَ والشيوخ الأبرياء، فهذا حربٌ ضد الإرهاب، أما أن تصرخَ طفلةٌ في وجه جنديٍّ مغتصب، فهذا إرهاب. المقاومُ الذي يُمسك سكينًا إرهابي، والكيانُ الذي يفتكُ بالناس ويدمر البيوت ويجرّفُ الأراضي ويتلف الزرْع والضرْع دولةٌ حضاريةٌ تدافع عن نفسِها!!! ما أغربَ هذه المعادلات التي لا ينفيها ويبدِّدُها إلا الوعي الناتجُ عن القراءة والتعمّق في درس المشاكل بعقولٍ علميةٍ بعيدةٍ عن التعصّب والانحياز والخوف”.
مؤكدًا على انه “من هنا يكون الكتابُ حجر الزاوية في بناء الفرد والمجتمع والدولة. مع الإشارة إلى أن الله تعالى في محكم تنزيله دعانا إلى أن نلتقي على “كلمةٍ سواء” ليعلّمنا أن الكلمةَ أفضلُ عنوانٍ للقاءِ بين البشر.”
ودعا الى وجوب التحلي بالوعي: “وتسألون عن أوضاعِنا السياسية والاقتصادية والمعيشية. هذه ينطبق عليها أيضًا ما أشرتُ إليه قبلًا من وجوبِ اللقاء الذي يقود إلى الحوارِ والبحثِ في المخارج المتوافرة على ضوء ما يجري في الإقليم من مصالحةٍ سعوديةٍ إيرانية ومن حربٍ إسرائيلية على فلسطين الصابرة. ولا بدَّ للوعيِ الذي ندعو إليه، إذا تَحلّيْنا به جميعًا، من أن يقودَنا إلى شاطئ الأمان. أما التعنُّتُ والتحكُّمُ والتعصُّبُ والبُطْل، فإنها ليست من الخير في شيء، كما قال المعلمُ بطرس البستاني.”
وختم المرتضى كلامه بالقول:”أعود إلى طرابلس التي ستكون عاصمة الثقافة العربية للعام 2024. وأطمئنُكم إلى أنَّ الهيكليات الإدارية لحسن إدارة هذه الفعالية المهمة، ستبصرُ النورَ قريبًا جدًّا جدًّا. ونحن نأملُ أن يكون معرضُ الكتاب القادم إن شاء الله جزءًا مهمًّا من تلك الفعالية. بوركت جهودُكم أجمعين، وبالأخصّ جهود الرابطة الثقافية في طرابلس منظِّمةِ هذا المعرض. ابقى الله طرابلس وفيّةً لمنهج الشهيد الرشيد مدينةً للعلم والايمان والقيم والانفتاح وادامها عزيزةً أبيّةً مشرقيةً عربية. عشتم جميعاً وعاش لبنان”.
وكانت كلمة ترحيبية للدكتورة رفيف دندشي، ثم كلمة رئيس الرابطة الثقافية رامز فري الذي دعا للوقوف دقيقه صمت على ارواح الشهداء. ولفت إلى تحول المرض الى ظاهرة وطنية والى الأزمة الراهنة ومعاناة الناس وأن الرابطة تتابع مسيرة مواجهة طمس الوجود ، وتكرس بالتعاون مع المتطوعين إقامة المعرض.
واشار الى أن الموعد السنوي فعل ايمان للقابضين على الجمر رافضا التخلي عن الدور والتمسك بصناعة الحياة . مؤكدا الى ان الرابطة تبقى أرض حوار ومحبة”.
قص الشريط
ثم قص الوزير المرتضى والوزير مكاري والنواب والمفتي إمام الشريط التقليدي وقاموا بجولة في ارجاء المعرض.