قال البابا فرنسيس للصحافيين لدى خروجه من المستشفى ومظاهر التعب الشديد عليه والمترافق مع الإرادة القوية: “ما دمت على قيد الحياة سأستمر”.
جريدة “لا ريبوبليكا” الإيطالية أعطت تفسيرا خاصا لسر عزيمة أب الكنيسة الكاثوليكية والقوة التي يملكها وكتبت: “البابا فرنسيس يؤمن بأن الله يهبه القوة لإنجاز مهمته على الأرض ألا وهي تحقيق العدالة والسلام وإصلاح الكنيسة”.
لم يستقل البابا أمام المرض والصعوبات كما فعل سلفه البابا القديس بنديكتوس السادس عشر، عندما اعتقد أنه ما عاد قادرا على القيام بكامل مهامه، بل نهض رغم المرض الشديد.
وخلال رسائله وجلساته والمقابلات الصحافية، يؤكد الحبر الأعظم مسائل عدة عليه الاستمرار بمواجهتها وهي التي زادت من شعبيته بين الشباب بشكل خاص: إصلاح الكنيسة وهو دائما يردد أنه على الكنيسة أن تكون بجانب المستضعفين لا أغنى من البشر ماليا، وتحسين العلاقات مع الديانات الأخرى وبخاصة مع الإسلام، الدخول إلى القضايا العالمية مثل الفساد البيئي والأوبئة والأمراض والمجاعات والحروب، وكلها قيم ومقاربات أخلاقية ظهرت في سائر رسائل البابا فرنسيس، كما في وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعت في الأمارات العربية سنة 2020.
ولمناسبة عيد الفصح المجيد أطل البابا على ساحة القديس بطرس ومنح مدينة روما والعالم بركته والغفران الكامل.
وقبل البركة وجه الأب الأقدس رسالة قال فيها: “المسيح قام! نعلن اليوم أن، رب حياتنا، هو قيامة العالم وحياته. إنه عيد الفصح، الذي يعني العبور، لأن في يسوع تم العبور الحاسم للبشرية: من الموت إلى الحياة، من الخطيئة إلى النعمة، من الخوف إلى الثقة، هو رب الزمن والتاريخ، أريد أن أقول للجميع بقلب مفعم بالفرح: فصح مجيد”.
تابع البابا: “ليكن لكل واحد منكم، ولا سيما للمرضى والفقراء، للمسنين وللذين يختبرون لحظات محن وإرهاق، العبور من الضيق إلى العزاء. لنسرع إلى تخطي النزاعات والانقسامات ونفتح قلوبنا لمن هم في أمس الحاجة. لنسارع إلى السير على دروب السلام والأخوة. ولنفرح لعلامات الرجاء الملموسة التي تصلنا من العديد من البلدان، بدءا من تلك التي تقدم المساعدة والضيافة للذين يهربون من الحرب والفقر. ومع ذلك، لا يزال هناك على طول الطريق، العديد من العقبات، التي تجعل إسراعنا نحو الرب القائم من بين الأموات متعبا وشاقا”.
أضاف: “ساعد يا رب الشعب الأوكراني الحبيب في مسيرته نحو السلام، وأفض النور الفصحي على الشعب الروسي. عزي الجرحى والذين فقدوا أحباءهم بسبب الحرب واجعل الأسرى يعودون بأمان إلى عائلاتهم. إفتح قلوب المجتمع الدولي بأسره لكي يجتهد من أجل إنهاء هذه الحرب وجميع الصراعات التي تدمي العالم، بدءا من سوريا التي ما زالت تنتظر السلام. أعضد المتضررين من الزلزال العنيف في تركيا وسوريا. ولنصل من أجل الذين فقدوا عائلاتهم وأصدقاءهم وتركوا بلا مأوى: لكي ينالوا العزاء من الله والمساعدة من عائلة الأمم”.
وتابع: “نوكل إليك يا رب مدينة القدس، الشاهدة الأولى على قيامتك. أعرب عن بالغ قلقي إزاء الهجمات التي وقعت خلال الأيام الأخيرة والتي تهدد مناخ الثقة والاحترام المتبادل المنشود والضروري لاستئناف الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين في جو من الثقة والاحترام المتبادلين، فيعم هكذا السلام في المدينة المقدسة وفي جميع أنحاء المنطقة. ساعد يا رب لبنان الذي لا يزال يبحث عن الاستقرار والوحدة لكي يتخطى الانقسامات ولكي يعمل جميع المواطنين معا من أجل خير البلاد العام. لا تنسى شعب تونس العزيز، ولا سيما الشباب والذين يعانون بسبب المشاكل الاجتماعية والاقتصادية لكي لا يفقدوا الأمل ويتعاونوا في بناء مستقبل سلام وأخوة. ليكن نظرك على هايتي التي تعاني منذ سنوات عديدة بسبب أزمة اجتماعية وسياسية وإنسانية خطيرة، واعضد التزام الجهات الفاعلة السياسية والمجتمع الدولي في السعي لإيجاد حل نهائي للعديد من المشاكل التي يعاني منها السكان المعذبون”.
وقال: “وطد عمليات السلام والمصالحة في أثيوبيا وجنوب السودان، وأوقف العنف في جمهورية الكونغو الديموقراطية. أعضد يا رب، الجماعات المسيحية التي تحتفل بعيد الفصح اليوم في ظروف خاصة، كما هو الحال في نيكاراغوا وإريتريا، واذكر جميع الذين منعوا من عيش إيمانهم بحرية وبشكل علني. إمنح العزاء لضحايا الإرهاب الدولي، ولا سيما في بوركينا فاسو ومالي وموزمبيق ونيجيريا. ساعد ميانمار لكي تسير على دروب السلام ونور قلوب المسؤولين لكي يجد شعب الروهينغا المعذب العدالة”.
وختم البابا: “عز يا رب اللاجئين والمرحلين والسجناء السياسيين والمهاجرين، ولا سيما الأكثر هشاشة، وجميع الذين يعانون الجوع والفقر والآثار المشؤومة للاتجار بالمخدرات والاتجار بالبشر وجميع أشكال العبودية. ألهم يا رب مسؤولي الأمم، لكي لا يتعرض أي رجل أو امرأة للتمييز وتداس كرامته، لكي بالاحترام الكامل لحقوق الإنسان والديموقراطية، تلتئم وتشفى هذه الآفات الاجتماعية، ويتم البحث دائما وفقط عن الخير العام للمواطنين، من خلال الأمن والحوار والتعايش السلمي”.