أقيم في ملبورن احتفال تكريمي لشهداء الجيش، بدعوة من العميد الركن المتقاعد جورج الحايك الذي مثّل قائد الجيش العماد جوزيف عون ومن رابطة المحاربين القدامى ونادي شباب لبنان.
بدأت المناسبة بقداس ترأسه راعي الابرشية المارونية المطران انطوان شربل طربيه في كنيسة سيدة لبنان وانتهت باحتفال رسمي وشعبي ، في مركز “النادي ” حيث نصب شهداء العسكريين .
حضر المناسبة قنصل لبنان العام في ملبورن الدكتور زياد عيتاني ورئيس المجلس النيابي السابق نزيه الاسمر، رؤساء وجمعيات وفاعليات.
طربيه
وألقى طربيه خلال القداس عظة قال فيها: ”نصلي اليوم مع رابطة قدامى الجيش اللبناني في ملبورن، بدعوة من العميد الركن جورج حايك، ممثلاً قائد الجيش العماد جوزيف عون، من أجل شهداء الجيش، الذين قدّموا ذاتهم بكل سخاء على مذبح الوطن لضمان أمنه وسيادته وتحريره من الإرهاب والإرهابيين، ونخصّ بالذكر الشهداء الذين سقطوا اخيرا في منطقة بعلبك – الهرمل والتي لا يمكن أن تبقى خارج سلطة الدولة ومحميّة من بعض النافذين بالسلاح”.
اضاف: “نصلي وفي القلوب غصّة مصحوبة بدموع وغضب بسبب ما آلت اليه الأوضاع في الوطن الحبيب لبنان، اذ تحول وطن الأرز والحرف والابداع إلى بلد مقهور يعاني شعبه الفقر والجوع والحرمان ويقف شبابه على أبواب السفارات طالبين الرحيل، والخطر الأكبر على لبنان ومستقبله هو تعثر المدارس والتعليم، فهل نقبل بأن يغيب عن لبنان وجه شبابه المثقف والطموح والذي ساهم في بناء الحضارات أينما حلّ؟”.
تابع: “لكن، إن وطناً بُذل من أجله هذا الكم من الدماء لن يموت أبداً. فالعسكريون الشهداء الذين سقطوا في معارك الشرف والبطولة، دفاعاً عن لبنان واستقلاله، تتجلّى فيهم حقيقة واحدة وهي أن الجيش اللبناني هو درع الوطن القوي والقادر على حماية أرضه كل أراضيه وصون سيادته من أي عدو. فمعكم جميعاً نرفع صلاتنا من أجلهم ومن أجل جيشنا الباسل سائلين الله أن يحميه ويشدّ أواصر وحدته وتضامنه وينصره دوماً، ونحيّي قائده الشجاع والمقدام العماد جوزيف عون. هؤلاء الشهداء الأبطال يدعوننا لنكون أوفياء لهذا الوطن الغالي كما كانوا أوفياء في حياتهم واستشهادهم. دماؤهم تصرخ وتقول: كفى، كفى متاجرة بحياة الناس ولقمة عيشهم، كفى تعدّياً على الدولة والشرعيّة، كفى خلافات بين المسؤولين السياسيّين والتي تنعكس سلبا على حياة الوطن والمواطن، كفى تغليباً للمصالح الشخصيّة والأنانيات على خير لبنان. شهداء الجيش أعطوا ذواتهم من أجلك يا لبنان، ألا يستحي أهل السياسية اليوم الذين يسعون لتغيير هوية لبنان ونظامه التعددي، ألا يخجلون من استغلال لبنان ومؤسسات الدولة ومرافقها من أجل مصالحهم ومأربهم وطموحاتهم؟ ألا يخجلون من تماديهم بضرب المؤسسات العامة والخاصة، وهل يقولون لنا لماذا هذا التقاعس عن القيام بواجباتهم الوطنية وفي مقدمها انتخاب رئيس للجمهوريّة؟”.
وقال: “إننا نصلّي معكم اليوم لراحة نفوس شهدائنا الأبطال، ونتقدّم بأحر التعازي من قيادة الجيش وعائلاتهم وأهلهم وكل اللبنانيين. إنهم حتمًا، ورغم من مصابهم الأليم، على قناعة بأن استشهاد أبنائهم هو فداء للجيش اللبناني وللبنان،لان كل شهيدٍ منهم هو صرخة ضمير بوجه ما يحدث اليوم في لبنان. ولكننا نحن على قناعة راسخة أن الدماء الزكية التي تروي أرض الوطن، تبشر بفجرٍ جديدٍ للبنان ولشعبه شاء من شاء وأبى من أبى”٠
واستطرد: “كما قال غبطة أبينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي فمن أجل لبنان ومن أجل شعبه ومن أجلنا ومن أجل الكرامة ضحّى الشهداء بنفوسهم، على مثال المسيح الرب الذي أخلى ذاته وارتضى الموت على الصليب، من أجل خلاص الجنس البشري. ويبقى دم الشهداء ذبيحة تعويض وتكفير عمّا يرتكب من جرائم بحق لبنان واللبنانيين خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان”.
وختم: “ان قداسنا هو وقفة صلاة، طالبين من الله أن يحمي الجيش وعائلات العسكريين ويعضد القوى الأمنية لبسط سلطتها على كافة الأراضي اللبنانية. ونصلّي أيضًا على نيّة المسؤولين في وطننا كي يتحمّلوا مسؤوليّتهم في بناء دولة القانون والعدالة حيث يعيش المواطنون في بحبوحة وكرامة، وهذا أقل ما يمكن ان يقدموه للشعب اللبناني”.
اما الاحتفال فقد بدأ بالنشيدين الاوسترالي واللبناني، وبنشيد الجيش والوقوف دقيقة صمت عن ارواح شهداء المؤسسة العسكرية. بعد ذلك وضع كل من العميد الحايك والمطران طربية إكليلاً امام نصب الشهداء، وزرع الحايك باسم القائد عون أرزة لبنانية.
وقدم جورج مخول المناسبة فرحب بالحضور فكلمة قائد الجيش العماد عون، ألقاها نيابة عنه العميد الحايك، وجاء فيها: ”كنت أتمنى الحضور بينكم شخصياً، لنتشارك معاً هذه اللحظات الوجدانية الوطنية، لكن الظروف لا تسمح بذلك. أشكر المطران انطوان شربل طربية، وأشكركم جميعاً على هذه اللفتة تجاه الجيش. إن وقوفكم الدائم الى جانبنا ودعمكم المتواصل لنا هو الحافز الأساسي لنا للاستمرار والمضي قدماً في مهمتنا المقدسة، ألا وهي حماية لبنان أرضاً وشعباً، والحفاظ على أمنه واستقراره مهما غلت التضحيات”.
وقال: “تشكلون إحدى أكبر الجاليات اللبنانية في الخارج. تبوّأتم مراكز مهمّة ونلتم احترام الدولة التي شرّعت أبوابها أمامكم، فأصبحتم جزءاً من نسيجها وحققتم فيها نجاحات بارزة ومهمّة. أصبحتم سفراء لوطنكم الأم، تنشرون قيمه وثقافته وتقاليده. إبتعادكم القسري عنه جغرافياً لا وطنياً، فأنتم تحملون همومه في قلوبكم وعقولكم. لا شكّ في ان وقوفكم الى جانب أهلكم في لبنان يخفف عنهم وطأة الأزمة التي يعيشونها حالياً بمرارة وألم. أزمة لم يسبق لها مثيل بتداعياتها التي أثقلت كاهل الجميع، ومن بينهم عناصر الجيش الذين لا يزالون ثابتين بمؤسسة الشرف والتضحية والوفاء، لاقتناعهم بان مؤسستهم هي العمود الفقري لهذا الوطن، وهي الوحيدة التي لا تزال صامدة فيما المؤسسات الأخرى تشهد حال انحلال وتفكّك. إن ثقة شعبنا بنا تتجلّى يومياً من خلال الدعم المتواصل لنا، ومن خلال آلاف طلبات التطويع لشباب لم تعد لهم ثقة إلا بالجيش.عناصر الجيش ممتنون لكم لانكم مؤمنون بهم وبمهمّتهم المقدسة والنبيلة. فدعمكم المستمر لهم يساهم الى حد كبير بمواجهة هذه الأزمة، فباسمهم جميعاً كل الشكر والامتنان لكم”.
وخاطب المغتربين: “لا تفقدوا الثقة بوطنكم. فهو يحتاج اليكم أكثر من أي وقت مضى. هو ينتظركم وينتظر أبناءكم، يفتخر بما حققتموه ويشتاق لطلاّتكم بين ربوعه. هو المريض حالياً، لكنه سيتعافى. هو الضعيف حالياً، لكنه سيعود أقوى، ليحتل مجدداً مكانته في المنطقة كمنارة مشعّة بأبنائها وحضارتها وثقافتها واقتصادها. كونوا على ثقة بأن جيشكم الذي تفخرون به، سيبقى صامداً مواجهاً التحديات. لن يبخل بالدماء من أجل حماية لبنان. رغم كل الظروف الصعبة والتحديات التي تواجهه والتشكيك بقدرته على الصمود، لا يزال متماسكاً، ثابتاً، قادراً على الاستمرار والمضي قدماً، لان شعاره الشرف والتضحية والوفاء هو قناعة راسخة في عقيدته وفي عقيدة عناصره. الدماء المقدسة التي روى بها الشهداء تراب الوطن، هي الدافع لنا والإلهام. هم وسام شرف على صدورنا. لهذه الدماء الوفاء، وعهد بالحفاظ على القيم والأهداف التي من أجلها بُذلت. كل الشكر والتقدير لكم لأن هؤلاء الشهداء لا يزالون في وجدانكم، تكرّمونهم اليوم، وبهم يتكرّم الجيش والوطن”.
وختم: “على أمل أن يستعيد لبنان بريقه ومكانته ودوره المشعّ في المنطقة، حافظوا عليه في وجدانكم وعودوا إليه لأنه في انتظاركم”.
عيتاني
ثم القى القنصل عيتاني كلمة رفع فيها الصوت الانساني، داعياً الجالية والانتشار الى “العمل الفعلي لدعم الجيش انسانياً في حياته اليومية وفي مرضه ومستشفاه وعائلته، اذ ان كرامة المؤسسة العسكرية هي من كرامة اللبنانيين ولبنان”.
حرب
والقى رئيس تحرير النهار الاوسترالية انور حرب كلمة قال فيها: “هذا اليوم ليس ككل يوم، إذ نلتقي لا بصفة حزبية او طائفية او مناطقية او عقائدية، بل كمواطنين من كل المكونات والألوان. وقد اجتمعنا لنحيي ذكرى شهداء أبطال في مؤسسة هي فوق التسميات والتوصيفات، وهي تعلو على السياسات والانتماءات، عنيت بها الجيش بعديده وقائده العماد جوزيف عون”.
واعتبر ان “مؤسسة الجيش هي مؤسسة الشهداء الابطال ، من فجر الجرود الى كل الساحات وعلى الحدود ، مؤسسة رسمت بدماء أبطالها علامات النصر على دروب الشهادة، وهي اليوم تضحي، تقاوم، تجوع كي لا يجوع شعب، تنزف دماً كي لا يسقط وطن ، اوليست رسالة القائد عون هي قيامة جمهورية لا تنهض إلا بجيش قوي؟ وهذا الجيش يا سادة، ليس مؤلفاً من ضباط وعديد في لبنان، بل نكمله نحن في دنيا الانتشار، نحن المغتربون الذين هم جيش الجيش ونقطة ع السطر”.
اضاف: “في ظل قيادة العماد عون للمؤسسة العسكرية، تأكدنا ان لبنان آمن ولا يحكمه الخوف أو الارهاب ، وآه وألف آه لو تحلّى معظم القادة السياسيين بذرّة مما يتحلى به هذا القائد من مناقبية ونزاهة وشجاعة ووطنية”، معتبراً انه “على الانتشار أن يمد يد المساعدة لأيتام وأرامل ومصابي الجيش اللبناني البطل”.
ابراهيم
ثم تحدث كل من رئيس نادي شباب لبنان بشارة ابراهيم ورئيس رابطة المحاربين القدامى جوهر بو ماضي عن بطولات وتضحيات الجيش، مستذكرين شهداءها الذين سقطوا لكي يبقى لبنان وينتصر على النكبات والمحن بقيادة العماد عون.
وفي الختام، أطلق الفنان فؤاد حرّاقة نشيدين جديدين للجيش كتب كلماتهما ولحنهما بنفسه، فاستقبلهما الجمهور بالحماس والتصفيق.
وأقيم غداء في المناسبة، شارك فيه الرسميون والحضور مثنين على الجيش وقيادته.