أعلن رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين انه”لا يمكن ان نترك مصير أهلنا وكرامتهم عرضة للحصار الأميركي الظالم، أو عرضة لابتزاز من دولة تمتلك بعض المال لنقايض الكرامة بالمال، كرامتنا وكرامة أهلنا لا يمكن أن يشتريها أي مال. كل مال الدنيا لا يمكن أن يكون ثمنا لكرامة أبنائنا الذين دفعوا دماءهم دفاعا عن هذا الوطن”.
جاء ذلك خلال رعايته وتدشينه مشروع طاقة شمسية في بلدة النبي شيت، لضخ مياه الشفة إلى بلدتي سرعين والنبي شيت، ممولا من “حزب الله” ومن مساهمات أبناء البلدتين، بحضور المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الموسوي، النائب إبراهيم الموسوي، مسؤول العلاقات الدولية عمار الموسوي، مسؤول منطقة البقاع الدكتور حسين النمر وأعضاء قيادة المنطقة، رئيس اتحاد بلديات شرقي بعلبك المهندس علي شكر، رئيس بلدية النبي شيت حسن الموسوي، رئيس بلدية سرعين الفوقا المهندس إيهاب عبدالله، مدير مستشفى بعلبك الحكومي الدكتور عباس شكر، وفاعليات اجتماعية.
وأشار صفي الدين إلى أن “هذا اللقاء للإعلان عن اختتام مشروع يخدم الناس ويؤمن بعضا من احتياجاتهم، ولا بد أن أتقدم أولا بالشكر الجزيل لكل من عمل وفكر وساهم في انجاز هذا المشروع، وندعو الله تعالى أن يوفقنا وإياكم إلى المزيد من القيام بواجب خدمة أهلنا الطيبين في هذه المنطقة العزيزة والغالي”.
ورأى ان “موضوع العدل من أصعب المواضيع واشدها تعقيدا، ففي البعد الفردي، أن يكون الإنسان عادلا، يعني اي أن يكون منصفا، ليس متعديا ولا ظالما، ومراقبا لنفسه وأقواله وأفعاله، وواعيا لحقوق كل من يتعاطى معهم، وإذا امتد الامر الى المجتمع يصبح اكثر تعقيدا واكثر صعوبة لان العلاقات تتشعب وتتداخل والمفاهيم يتم تشويهها وتضييعها وإمكانية التلاعب بمصاديق العدل كما بمصاديق الظلم تصبح أكثر”.
وتابع: “في لبنان حينما بدأت مقاومتنا في ظروف صعبة ومعقدة، وحينما تصدت لتحمل مسؤوليات كبيرة في هذا البلد الذي يعيش على تاريخ مليء بالمظالم وبالظلم خلال حقبات أو مراحل مرت على من تولوا السلطة من زعماء ومتسلطين، وجور وظلم لكثير من المناطق التي كتب لها ان تكون محرومة ومظلومة، حين بدأنا مقاومتنا بوجه العدو الإسرائيلي الغازي والمحتل، وبوجه الاستكبار الأميركي والغربي الذي دعم الاحتلال لتثبيته، وفي وجه كل من دعم الأميركي والغربي والإسرائيلي لإذلال اللبنانيين، ولإنهاء كل أمل في هذا البلد على مستوى مواجهة الظلم والباطل والاحتلال، حينما بدأنا مقاومتنا في سبيل الله كنا نتوخى العدل والإنصاف، وكنا نتوخى أن ندافع عن المظلومين والمقهورين، سواء الذين احتلت أرضهم في فلسطين أو في لبنان آنذاك، او الذين عانوا وكابدوا في مواجهة كل الغطرسة الاسرائيلية والأميركية سواء في لبنان أو في المنطقة”.
ولفت إلى أنه “خلافا لكثير من التوقعات، هذه المقاومة تقدمت واستمرت وثبتت وتغلبت على كثير من المصاعب، بل تمكنت أن تحقق ما يشبه الإعجاز في انتصاراتها وفي وجودها وثباتها، في مسيرتها واستقامة خيارها ونهجها، في قادتها العظماء وشهدائها العظماء، وتمكنت هذه المقاومة ان تحقق الكثير من الإنجازات، فقهرت العدو وهزمته، وما زالت إلى يومنا هذا بحمد الله عز وجل في موقع قهر العدو وإزلاله وهزيمته ماديا ومعنويا وعمليا، وهي جاهزة في كل لحظة حينما يرتكب العدو اي حماقة”.
وأكد ان “هذا التوفيق ما كان ليتم لولا الإيمان والفكر والتخطيط والمثابرة والشجاعة والإقدام والتضحية والوفاء وبذل المهج والأنفس كرما وعطاء في سبيل هذه المقاومة وفي سبيل انتصاراتها، لكننا ما زلنا في بلد الظلم فيه قائم، وفي بلد يتهاوى، والظلم الذي كان موجودا على بعض المناطق أصبح اليوم عاما في كل لبنان، والحيف والعوز والحاجة موجودة في كل لبنان”.
وأردف: “كنا سابقا في كل كلامنا في كتلتنا النيابية أو في مواقفنا السياسية، نشخص أو نحدد الأولويات، لكن في الغالب لم يكن هناك من يسمع نتيجة هذا الإهمال المزمن، ونتيجة هذا التعسف الذي حصل على مدى كل العقود الماضية، ونتيجة كل ما حصل من أخطاء. نحن اليوم في هذه المرحلة الصعبة والحساسة، اعتقد ان المطالبات الكثيرة للدولة اللبنانية بأن تقوم بواجباتها هي مطالبات محقة، ولكن الجدوى من هذه المطالبات بكل واقعية هي قليلة أو نادرة، لأن هؤلاء عندما كانت الإمكانات متوافرة لم يتجاوبوا مع الأولويات التي كنا ندعوهم إليها دائما، فكيف الأمر اليوم في زمن عدم وجود الإمكانات، والتخبط والضياع السياسي، والتدخلات الخارجية القاسية واللئيمة والخبيثة، فهل هناك من يسمع؟ هل هناك من يتعاطى بجدية لمعالجة الأزمات ولإيجاد الحلول؟ أنا لا أخفف من مسؤولية حكومة تصريف الأعمال، ولا أخفف من مسؤولية الوزارات المختلفة والمعنية، ولا اخفف من مسؤولية كل من يتحمل مسؤولية في هذه الدولة اللبنانية، ولكن يجب أن نكون واقعيين، وان نشخص المسألة بشكل واقعي ومنطقي وموضوعي لنصل إلى تحقيق أفضل قدر ممكن من العدالة الاجتماعية للناس ودفع الظلم والحيف عن الناس”.
وقال: “كما احتجنا في عام 1982 إلى مقاومة عسكرية مسلحة، نحتاج الآن إلى مقاومة عسكرية مسلحة أقوى مما كنا عليه قبل سنوات أو قبل سنة أو قبل أشهر، وهذا ما نحن عليه الآن، نحن أيضا نحتاج إلى مقاومة حقيقية لدفع هذا الظلم ما أمكن، والسعي لتحقيق العدالة ما أمكن، فالمقاومة ليست سلاحا فقط، والمقاومة ليست مواجهة عسكرية وأمنية فقط، المقاومة هي روح، هي من يمتلك روح وعقيدة المقاومه والإباء ورفض الظلم، وعقيدة السعي من أجل تحقيق العدل، ومن يمتلك محبة الناس ويعرف قيمة الناس الفقراء والمستضعفين والمحرومين، من يمتلك هذا الحس وهذه الروحيه التي علمنا إياها وأسس نهجها مولانا أمير المؤمنين، وأهل البيت علمونا المقاومة في ميدان القتال حتى الرمق الأخير دفاعا عن الدين والقيم حتى الشهادة، وعلمونا أيضا ان نكون إلى جانب الفقراء والأيتام والمحرومين لنقاوم معهم، إذا توجعوا نتوجع، وإذا تألموا نتألم، وإذا أحسوا بالعوز يجب ان نتحسس هذا العوز في الحد الادنى، وأن نسعى بكل ما آتانا الله من قوة وقدرة أن نكون إلى جانبهم، بخاصة في مثل هذه الأجواء والأوضاع التي نعيشها”.
وأعلن: “ما نقوم به على مستوى حزب الله، على مستوى كل تشكيلاتنا مع البلديات والجمعيات والخيرين وأصحاب الغيرة والحمية، وهم كثر في مجتمعنا وفي بيئتنا وفي بلدنا، مع كل هؤلاء على مدى كل السنوات التي مضت قمنا بمشاريع وبرامج قدمناها وعملنا على تنفيذها من باب الوفاء لهؤلاء الناس ومن باب تادية الواجب، وما نقوم به في هذا المجال هو تكليفنا تجاه الناس، ليس لنا أي فضل أو منة على الناس، هذا واجبنا الشرعي والإنساني والأخلاقي بأن نكون إلى جانب هؤلاء المحتاجين في لحظة حرجة جدا. وهذه الوقفة هي مقاومة حقيقية، نقاوم هذا الظلم لنرفعه ولندخل البسمة والسرور ولنقدم حاجة لعائلة أو لبلدة أو لقرية أو لمجتمع”.
واعرب عن اعتقاده أن “الخيار المتبقي أمامنا، والذي لا يجوز ان نتخلى عنه، هو أن نتحمل المسؤولية. حينما بدأت هذه الأزمة في لبنان نحن تحملنا المسؤولية وتصدينا لهذه المسؤولية، ولم ننسحب من المواجهة كما فعل البعض ممن هم في مواقع ومسؤوليات وزعامات، نحن قوتنا بعد الله عز وجل هي منكم من الناس، وقيمة وعظمة مقاومتنا هي من الناس، ونحن نتحمل مسؤولية تجاههم”.
وأضاف: “نحن نعلم تماما أن معالجة كل الأزمات تحتاج إلى دولة، الى سلطة ووزارات ومؤسسات، ولكن في ظل التقاعس والتقصير والقصور، وفي ظل تهاوي الوزارات المعنية، وفي ظل ما نراه اليوم من مآسي متعددة، هل نتفرج على الناس وهم يلهثون وراء لقمة الخبز ووراء قطرة المياه أو وراء تأمين الاحتياجات الضرورية؟ هذا لا يمكن أن نفعله على الإطلاق، لذا تحملنا المسؤولية وتصدينا، مع علمنا أن هذا الملف صعب وشائك ويحتاج الى إمكانات كبيرة”.
وتابع: “نحن مستمرون في العمل لقضاء حوائج الناس، وهذه المشاريع المتنوعة لن تتوقف، واقول بصراحة واضحة، حينما تشتد الأزمة ويصبح التهاوي كبيرا، سوف يشتد حضورنا في ساحة الدفاع عن الناس وكرامة الناس ومصالح الناس، وهناك آفاق كبيرة حتى الآن لم نطرقها”.
ورأى أن “هذه الدولة التي ظلمت على مدى عقود ماضية، هي صنيعة هؤلاء الذين يتحدثون عن شيء اسمه دويلة حزب الله، هؤلاء الذين راهنتم عليهم في السابق، والذين دعمتموهم هم الذين أوجدوا هذه الدولة المتهاوية في وجودها، في نظامها، في أولوياتها، في خياراتها، في تعسفها، وأمام هذا التهاوي وهذا السقوط، فلينتظرنا الجميع أمام مشاريع إضافية وخطوات نوعية من أجل أن نرفع الحيف والظلم عن أهلنا”.
وأكد أن “رهان البعض على الزمن لن ينفع، ففي السابق راهن العدو الاسرائيلي على ان صواريخ حزب الله ستتلف وتصبح غير صالحة للاستعمال فوجدوا ان في كل يوم لدينا صواريخ جديدة ونوعيات وإمكانات جديدة وقادرة، وهم يعترفون انهم عاجزون عن إيقاف هذا المد الصاروخي. ومنذ أن بدأوا الحصار راهنوا أيضا على الزمن لتأليب بيئة المقاومة، ولكن رهانهم على الزمن لم ينفع، والمزيد من الضغوط لن ينفع، نحن أهل الصبر والعزيمة والإيمان، نحن الذين جربنا كل العالم، ولم يتمكن العالم بأجمعه أن يتحمل صبرنا وعزيمتنا وإرادتنا في سنه 2006 حينما جاؤوا بقراراتهم ولؤمهم، كسرناهم ولم ننكسر، وهزمناهم ولم ننهزم، وتعبوا ولم نتعب، وانتصرنا وهزموا بحمد الله عز وجل”.
وختم صفي الدين: “ندعو كل الأخوة الأعزاء، سواء من منطقة البقاع أو في كل المناطق حيث لنا وجود، لنكون جميعا في إطار مقاومة مجتمعية كبيرة عامة كاملة للاستنفار في كل قرية وبلدة وحي ومدينة، لتتكاتف الجهود ولتتآزر كل المحاولات، لنتعاون جميعا مع البلديات واتحادات البلديات والمخاتير والجمعيات الخيرية والخيرين من أبناء بيئتنا ومناطقنا، من أجل ان ننظم أمورنا كما يجب، وأن نلاحق قضايانا كما يجب، ولنثبت للأميركي ولكل من راهن على تعبنا، أننا لن نتعب. وكما نظمنا مقاومتنا وانتصرنا في مواجهة العدو نحن اليوم سننظم قدراتنا وإمكانياتنا من أجل ان نردم الهوة في ظل غياب الدولة أو في ظل قصور الدولة، أو في ظل تهاون الوزارات، إلى أن تتمكن الدولة من النهوض والقيام. نحن سننهض بالواجب، لن ننتظر نهوض الوزارات والإدارات المعنية، وحيث تحضر الدولة فلتتفضل وتتحمل المسؤولية، وحيث لا تحضر الدولة نحن يجب أن نتحمل المسؤولية، وجميعنا معنيون أن نحضر والخير موجود وكبير وعظيم في مجتمعنا وبيئتنا، والإيمان موجود، وكل عوامل وعناصر التوفيق واسباب الانتصار في هذه المعركة موجودة”.