عقد النائب السابق مصباح الأحدب مؤتمرا صحافيا، في دارته في طرابلس، استهله بتقديم العزاء للإعلاميين بوفاة زميلهم مصور تلفزيون لبنان في طرابلس عمر قدور، كما تقدم بالعزاء من أهالي الشهيد الشيخ أحمد شعيب الرفاعي وأهالي بلدة القرقف وعموم اللبنانيين، وقال: “هذا الرجل الذي قتل ظلماً وغدرا، هو شهيد العدالة المفقودة في هذا البلد وشهيد المنظومة الفاسدة من قضاء وأجهزة أمنية تعمل لحماية السياسيين ومصالحهم على حساب أمن المواطنين. لذلك نؤكد أننا لن نقبل بتمييع هذه القضية كما تم تمييع قضية مركب الموت والاربعون شهيدا، ولن نقبل بهدر دم الشيخ أحمد شعيب الذي لم يذهب دمه هدراً بل أنقذ الشمال ولبنان من فتنة كبيرة، فحجم السلاح والقذائف والمتفجرات التي وجدت في منزل القاتل ليس للاستعمال الفردي وانما هو أداة لفتنة تفتك بمناطقنا في الوقت المناسب الذي يراه من سلح وغطى هذا القاتل”.
اضاف:” أمام هول الجريمة نؤكد رفضنا كل محاولات طمس هذه الجريمة وحرف النظر عنها عبر الادعاء على اعلاميين وصحافيين صوبوا سهامهم مباشرةً نحو من كان خلف القاتل، يحميه ويغطيه ويمده بالسلاح، فالادعاء عليهم ليس الا مشاركة في طمس معالم الجريمة”، مؤكدا ان “من حق الصحافيين أن يتساءلوا عن خلفية هذه الجريمة لأن أسلوب الخطف هذا، سبق أن قامت به بعض الأجهزة الأمنية بحق شباب خطفوا على يدها في طرابلس ووجدوا مقتولين في العراق ولم يجر أي تحقيق، لذلك من حق الجميع أن يتساءل لحظة الاختطاف عن دور الأجهزة الأمنية في هذا العمل”.
وتابع: “إن ما يجري الان فاق كل تصور، فثمة سياسة مقصودة لتدمير كل ما تبقى في لبنان يديرها تحالف الفساد والسلاح غير الشرعي، فمن غير المعقول أن يصحو موظفو القطاع العام وأساتذة المدارس والقضاة اليوم على تعميم لمصرف لبنان يحول رواتبهم بـ”شحطة قلم” من 150 الى 70 دولار، فما يجري هو سياسة مقصودة لتجويع وافقار كل القطاع العام الإداري والأمني بدل اصلاحه تمهيدا لانهياره وبالتالي انهيار ما تبقى من أسس الدولة”، معتبرا “ان هؤلاء ينفذون سياسات قذرة هدفها الوحيد حماية السلاح غير الشرعي ومصالح السياسيين لأن رفع الدولار الجمركي الى 45 الف ليرة دون ضبط المعابر الحدودية يعني إعادة تمويل السلاح غير الشرعي من خلال التهريب”.
وقال: “بدل طرح حلول داخلية توقف الانهيار يتم رهن لبنان بانتظار تسويات خارجية في المنطقة، في حين ان الخارج لديه اهتمامات أخرى ومشغول عنا، والصراع الأميركي السعودي الفرنسي بخصوص لبنان أصبح واضحاً. وبانتظار هذه التسوية تستمر السلطة الفاسدة باستهلاك كل إمكانات الدولة واحتياطي مصرف لبنان ما يجعل المواطن الضحية الوحيدة التي تدفع ثمن هذا الانهيار، في حين أن السياسيين والمصرفيين لا يزالون يضعون يدهم على الدولة وأمنها وقضائها ويحمون مصالحهم”.
واضاف: ” أمام هذا الواقع، ما هو المطلوب اليوم. المطلوب اليوم وضع حد لسياسات التأجيل والتمديد التي تبقينا في دوامة الانهيار وتسمح لتحالف السلاح والفساد بالاستمرار بقضم البلد متمترسين خلف جدار المذهبية والطائفية. المطلوب العودة للنصوص الدستورية والخروج من بدعة الميثاقية التوافقية التي ضربت الدستور والنظام الديموقراطي اللبناني عبر تنازلات قدموها و أعراف ابتدعوها ولكن الأعراف لا تلغي النصوص. وهنا نرى رئيس الحكومة عوضا عن رفضه التمديد للواء عباس إبراهيم بسبب تنفيذه لسياسات أمنية ظالمة بحق أهلنا نراه يربط رفض التمديد له بالتمديد للواء عثمان. وكأن حقوق السنة ستؤمن اذا مدد للواء عثمان، في حين أن عثمان وإبراهيم يتبعان نفس السياسة الظالمة بحق أهلنا، ان سياساتهم القائمة على استعمال الأجهزة الأمنية لحماية السياسيين بدل حماية اللبنانيين ووضعهم الاقتصادي والاجتماعي دفعت الجميع للمطالبة بالأمن الذاتي”.
وقال: “نرى مناطق يحميها “حزب الرب”، ومناطق تحميها “جنود الرب”، فيما مناطقنا ما عاد لها الا الرب ليحميها. كما أننا نسأل ما الهدف من ذكر أن عدد المسيحيين اليوم لا يتجاوز 19%. دولة الرئيس نجيب ميقاتي هل انت حريص على المسيحيين أكثر منهم أم تسعى لإخافتهم. لا يختلف اثنان في لبنان على أن الوجود المسيحي هو أساس استقرار البلد، ودونهم لا وجود للبنان في الصيغة التي نعيش بها معاً. فيجب أن يكون رئيس حكومة لبنان حريصا على لبنان بمسلميه ومسيحييه، حريصا على هذه التركيبة التعددية التي بدونها لا وجود للبنان”.
واكد الاحدب ان “المطلوب العودة للنصوص، لم يعد مقبولاً تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية بانتظار فرض رئيس يريدونه. ولم يعد مقبولا تعطيل تشكيل الحكومة حتى فرض الوزراء الذين يريدونهم. ولم يعد مقبولا تأجيل اجراء الانتخابات في موعدها حتى يتم فرض قانون انتخابي مفصل على قياسهم”. وقال: “هذه ليست ديموقراطية ولا عملا دستوريا انما هو تنفيذ لسياسة فرض الامر الواقع، انه بقوة السلاح نتحكم بمفاصل البلد”.
ورأى ان “الاستمرار بسياسة التعطيل ضربت الاقتصاد وأوصلت البلد الى ما نحن فيه. فهل نستمر بهذه السياسات التعطيلية في ظل هذا الانهيار الكبير”. وقال: “كل يوم نؤجل فيه انتظام العمل المؤسساتي نستهلك ما تبقى من إمكانات الدولة والكتل النقدية في احتياطي المصرف، فاليوم الدولار قريب من المئة واذا استمروا بهذه السياسة التعطيلية قد يصل الى المليون، هل هذا ما يريده تحالف السلاح والفساد. لطالما كنا نطالبهم بلجم الانهيار وهم صم بكم عمي، اليوم أي لبنان نتجه اليه بعد هذا الانهيار؟”.
اضاف: “نقول للاخوة في “الحزب”، ان لبنان اليوم مقسم على ذاته بين لبنانين، والانقسام هو على هوية لبنان، وأنتم تطالبون دائما بالحوار والحوار ضروري، ولكن أي حوار؟ ومن سيحاور من؟ وعلى ماذا سنتحاور؟ الحوار يجب أن ينطلق من الدستور لايجاد صيغة تسمح بالتعايش بين هذين اللبنانين، لبنان الممانع ولبنان المنفتح على العالم فلا أحد بإمكانه أن يلغي الاخر.”
وأكد ان “سياسة التعطيل، الجميع فيها خاسر ولن تبقي لنا شيء نتحاور عليه. ولا أحد بإمكانه أن يحل مكان الدولة، فلا الحزب يستطيع أن يدعم أبنية طرابلس في حين أن أبنية الضاحية أيضاً مهددة بالانهيار، ولا نحن نقبل الاستمرار بسياسة التحريض على الحزب في العلن وتقديم التنازلات له في الخفاء لقضم ما تبقى من الدولة، فلا الكلام المعسول يؤتي أكله ولا نشر سرايا المقاومة في مناطقنا سيرهبنا”.
وقال الاحدب: “لا حل الا أن نعمل سوية على اصلاح سياسي يبدأ بانتخاب رئيس يجمع بين اللبنانين ويحول دون سقوط سقف الوطن على رؤوس الجميع، فقد وصلنا الى مرحلة انعدمت فيها الثقة السياسية والاقتصادية والقضائية، وعلى الرئيس القادم أن يبدأ قبل كل شيء بإعادة هذه الثقة من خلال وضع قانون استقلالية القضاء وهو الركيزة الأساسية لانتظام الاستقرار في البلد، فلا بلد يبقى ان لم تحم فيه حقوق المواطنين والمستثمرين القادمين اليه”.
اضاف: “عندما يبدأ الإصلاح السياسي والقضائي بالإمكان حينها ان نستعيد الثقة بعملتنا واقتصادنا، وعندما نتحدث عن حوار ورئيس يجمع، نتحدث عن حكومة وبرنامج عمل إصلاحي يعيد هيكلة القطاع المصرفي والقطاع العام ويوقف النزف الحاصل في احتياطي المصرف المركزي الذي تراجع من 40 مليار الى 10 مليار في ثلاث سنوات ذهبت جلها لجيوب الفاسدين”.
وختم الاحدب: “المطلوب اليوم من رئيس الحكومة الامتناع عن تصريف الأعمال، فوجوده على رأس الحكومة اليوم ليس الا لاستخدام أجهزة الدولة وقضائها لحماية مصالحه ومصالح المنظومة الفاسدة وهو يعلم أن المرحلة القادمة لا دور له فيها، فقضايا الفساد تنتظره وكل علاقاته مع الفرنسيين لن تنفع باقناع دول الخليج أن يبقى في المرحلة القادمة. لذلك ندعوه الى الامتناع عن تصريف الاعمال لاحداث صدمة إيجابية تضع النواب أمام مسؤولياتهم للإسراع بانتخاب رئيس يجمع اللبنانيين على بناء الدولة العادلة الحاضنة لجميع أبنائها لا رئيس يرعى استمرار سياسة قضم لبنان لبنان المنفتح على العالم أمام لبنان الممانع”.