كتبت صحيفة “النهار” تقول: مع ان رئيس مجلس النواب نبيه بري بدا مع بداية السنة الجديدة متريثاً بل ربما متردداً في توجيه الدعوة الى الجلسة الحادية عشرة للمجلس لانتخاب رئيس الجمهورية المتوقعة الخميس المقبل، فان توجيه الدعوة المرجح اليوم سيأتي في اطار رزمة تطورات متلاحقة من شأنها ان تطبع الأسبوع الطالع بطابع الترقب والرصد لعل جديدا يطرأ على المشهد الداخلي المصاب بالانسداد والتازم. ذلك ان أي معطيات جادة لم تطرأ واقعيا على صعيد ازمة الفراغ الرئاسي والدوران في دوامة الحلقة المفرغة الموروثة من الجلسات العشر النيابية السابقة لكي يطرح رهان على تبديل جوهري محتمل في مسار الاستحقاق الرئاسي.
كما ان التضخيم الإعلامي غير الدقيق لما سمي لقاء باريس الرباعي ساهم في اغراق المشهد السياسي بمزيد من الالتباس. اذ نقلت امس مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين عن مصدر فرنسي رفيع قوله لـ”النهار” ان الاجتماع الذي سيعقد حول لبنان مع ممثل عن الإدارة الأميركية وممثل عن المملكة العربية السعودية لم يتأكد موعده بعد. ووصف المصدر الاجتماع بانه مثل الاجتماعات الأخرى التي عقدت بين الدول الثلاث على مستوى المستشارين للبحث في المساعدات والاصلاحات وموضوع عدم الاتفاق بين اللبنانيين على انتخاب رئيس. وردا على سؤال حول احتمال مشاركة قطر في الاجتماع قال المصدر “نحن نفكر في اشراك دول لديها نيات طيبة بالنسبة الى لبنان، ولكن لم يتأكد بعد ما اذا كانت قطر تنوي المشاركة”. اما عما رددته احدى محطات التلفزيون اللبنانية عن احتمال دعوة ايران، فنفى المصدر ذلك وقال ان هذا غير وارد. ويشار الى ان الاعلام اللبناني يتداول موضوع الاجتماع كأنه امر استثنائي في حين انه اجتماع تنسيقي عادي للدول الثلاث المتابعة للملف اللبناني والتي تنسق الموقف من التطورات في لبنان.
ترشيحات جديدة؟
اما في المشهد الداخلي فان عاملين بدأ “النسج” عليهما في الأيام الأخيرة وسيكونان قيد الرصد والمتابعة في الأيام الطالعة لاستكشاف الأثر الذي يمكن ان يحدثه أي منهما في فتح مسالك الانسداد. العامل الأول يفترض ان يحل استحقاقه غدا من خلال ما تردد عن اتجاه “تكتل لبنان القوي” الى تسمية مرشح بعضهم يصفه بالتوافقي والبعض الاخر بالمرشح الثالث، ولا يبدو ان حسم اسمه وطبيعة المعايير السياسية التي قد يطرحها “التكتل” من خلاله قد حصل، في انتظار اجتماع هذا التكتل مساء غد ما لم يطرأ ما يبدد كل هذه المعطيات. وفي حال اقدم “التكتل” على اتخاذ قرار بتسمية مرشح والتصويت له بدءا من الجلسة الحادية عشرة للمجلس، فان هذا التطور، ولو لم يؤد بالتأكيد الى انتخاب رئيس للجمهورية، سيحمل تاثيرا ودلالات على مجريات المعادلة الانتخابية الرئاسية لجهة انه سينزع أصوات كتلة “التيار الوطني الحر” من كتلة الأوراق البيضاء التي تضم مكونات “محور الممانعة” للمرة الأولى منذ بدء الاستحقاق وتاليا يفترض رصد المواقف لمجمل الكتل من مرشح هذا التكتل.
اما العامل الثاني الذي ينتظر ان يكون له تاثير فاعل فهو الحديث المتنامي عن مشاورات الكتل الداعمة للمرشح النائب ميشال معوض لجهة الاستعداد لطرح ترشيح جديد بالتنسيق مع معوض ومرشحين مستقلين اخرين، اذا تبين لهذه الكتل ان ثمة امكانا لاختراق أوسع، وتبدو معراب محور الحركة الجارية في هذا الحراك، اذ بدت لافتة زيارات عدة لها ولا سيما منها لقاء النائب نعمة افرام مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع قبل أيام. ولكن هذه المشاورات ستاخذ على ما يبدو طابعا متريثا وثمة ترقب لدى الكتل المعنية بها لما سيحصل في الجلسة الحادية عشرة قبل تقرير أي خطوة جديدة.
وتمنى جعجع امس في هذا السياق “لو ان نواب محور الممانعة ورئيس المجلس النيابي يتعظون قليلا مما جرى هذا الاسبوع في انتخابات رئاسة مجلس النواب الأميركي، حيث عند اشتداد المنافسة وعدم تمكُّن أي من المرشحين من الفوز بالأكثرية المطلوبة، تتالت الدورات يوميا وبقيت الجلسات مفتوحة ودارت المناقشات والحوارات إبان الجلسات في المجلس النيابي حتى توصل المتنافسون إلى اختيار أحدهم وانتخب رئيس لمجلس النواب الاميركي بعد 15 جولة تصويت”. وقال”اذا كان هذا ما حدث في انتخاب مجلس النواب الأميركي رئيسا له، فكم بالحري يجب ان يكون عليه الأمر في انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، فبدلا من جلسات فولكلورية معروف مسبقا مصيرها ونتيجتها ونهايتها، المطلوب من رئيس مجلس النواب لدى دعوته الجديدة الحادية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية ان يُبلغ جميع الكتل النيابية سلفا بانه لن يقفل الجلسة، وان هذه الكتل مدعوة إلى البقاء في المجلس من أجل ان تتحاور وتتناقش ما بين دورات الانتخاب المتتالية، وانه سيُبقي الجلسة مفتوحة ليس فقط بين دورة ودورة فحسب، بل بين يوم وآخر وهكذا دواليك حتى انتخاب رئيس للجمهورية”.
الاشتباك الكهربائي
الاستحقاق الثاني “الداهم” هذا الأسبوع يتمثل في تفاقم الاشتباك الحكومي ولو هدأت السجالات العلنية حول الملف المأزوم المستدام لاستيراد الفيول لصالح معامل انتاج الكهرباء. اذ ان الازمة المتفاقمة بلغت ذروتها مع الالتباسات الكبيرة وتراكم مبلغ كبير من الغرامات على خزينة الدولة التي يرتبها رسو بواخر الفيول عند السواحل اللبنانية منذ اكثر من أسبوع من دون افراغ حمولاتها فيما عم انقطاع التغذية من مؤسسة كهرباء لبنان لمجمل المناطق بشكل شبه شامل. ومعلوم ان الاشتباك الحكومي وشل افراغ بواخر الفيول تسببا بمزيد من الاحتقانات الحكومية بعد الخلاف على تسديد السلفة المالية المخصصة للفيول وتجميدها من وزارة المال. وعلم ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي يتجه الى عقد مؤتمر صحافي ربما في الساعات المقبلة لشرح ملابسات هذه القضية فيما تجري اتصالات في شأن امكان عقد جلسة لمجلس الوزراء تخصص لهذا الملف.
الوفود القضائية
الاستحقاق الثالث هذا الأسبوع يتمثل ببدء الوفد القضائي الأوروبي مهمته في بيروت اليوم لاستجواب معنيين في ملفات تتصل بالفساد. وعشية بدء هذه المهمة اعلن النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليس بين 15 شخصا مطلوب استجوابهم من الوفد وقال: “إن مهمة الوفد القضائي الاوروبي هي استجواب اشخاص تم استجوابهم سابقا لدى القضاء اللبناني بصفة شهود باستثناء شخص واحد سيتم استجوابه بصفة مشتبه فيه. هذا الوفد يريد ان يستطلع اين اصبحت الاستنابات القضائية الموجودة في الملف الذي يتولاه القاضي زياد ابو حيدر، والذي توقف التحقيق لديه بسبب طلبات الرد التي قدمت في حقه”. ولفت الى إن مهمة الوفد “تندرج في اطار المعاهدة التي اقرتها الامم المتحدة عام 2003 ودخلت حيز التنفيذ عام 2005، والتي انضم اليها لبنان عام 2008 بموجب القانون الرقم 33 الذي صدقه مجلس النواب عام 2008. وبموجب هذا الانضمام بات لبنان من الاعضاء الملزمين بتطبيق هذه المعاهدة”. وقال:”ان التدابير المتخذة بشأن زيارة الوفد تنطبق عليها الاصول القانونية والنيابة العامة وضعت الالية القانونية المناسبة. فالوفود القضائية الآتية الى لبنان هي من ثلاث دول فرنسا والمانيا واللوكسمبورغ، وليس هناك اي وفد من سويسرا. وقد اشترطنا توحيد الاجراءات لعدم تبليغ الاشخاص المعنيين ثلاث مرات، وسيكون هناك وفد موحّد وتم تقسيم العمل بين اعضائه وتحديد جدول زمني وخطة عمل واضحة. والاستجوابات ستتم في قصر العدل”. واشار الى ان الاشخاص المطلوب استجوابهم عددهم 15 شخصا وليس بينهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. واشار الى ان الملفات التي سيحقق بها الوفد القضائي تندرج تحت باب الفساد، وهو الملف ذاته الموجود في النيابة العامة الاستئنافية.