أكد وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال الدكتور يوسف الخليل، خلال رعايته لقاء نهاية العام الذي اقامته إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية “الريجي” في مقرها الرئيسي في الحدث، بعنوان “في مسيرة النجاح ليس هناك خط نهاية”، “العزم على تضمين مشروع موازنة 2023 بنوداً إصلاحية تضع لُبنة في مسار النهوض”، آملاً “في أن يطغى على نقاشاتها الجانب العلمي والواقعي، وتبتعد عنها المزايدات السياسية والشعبوية”.
ووصف الخليل “الريجي” بأنها “واحدة من أنجح مؤسسات الدولة في القطاع العام تحديداً”، مشيراً إلى أنها “مؤسسة الكادحين التي تتواءم الأرض بخيراتها وبعرق أبنائها، لتنتج جودة ومردوداً يحفظ لهم عيشهم الكريم والحر من ناحية، ويرفد الدولة والخزينة بإيرادات من ناحية ثانية، فيما هي اليوم أحوَج ما تكون إلى كل فلس، لتنهض من واقعها الأصعب مالياً واقتصادياً واجتماعياً وفي شتى المجالات، وفي طليعتها التعقيدات السياسية والدستورية”.
واشاد بـ”نجاح الريجي، إدارة وتنظيماً وفاعلية وكفاية وإنتاجية ونمواً”، مذكّراً بأنها “تموّل ليس ذاتها وحسب، إنما الخزينة العامة، وتمدّ يد المساعدة الى مؤسسات شقيقة، وأبعد من ذلك”، مشيراً في هذا الإطار إلى “الهبة التي قدمتها الى الطلاب اللبنانيين الى الخارج، يوم تعثرت عملية الإمداد المصرفي لهم من ذويهم جراء الأزمة الناشئة التي تعانيها المصارف، وانهيار العملة الوطنية أمام الصعود الهستيري للدولار”.
وقال: “عديدة هي المؤسسات العامة المنتجة كما يفترض، لكنها اليوم لا تكفي ذاتها، بل تستنزف الخزينة كل يوم، وترتب عليها أعباء ونزفاً باهظين، فتحية للريجي بكادحيها وبإدارتها، والتحية تقتضي لمديرها العام الأستاذ ناصيف سقلاوي وأعضاء مجلس الإدارة والموظفين والعمال كافة”.
وعن تكريم “الموظفين في الريجي الذين ثابروا على رفع مستوى تحصيلهم الأكاديمي وتميزوا بتطوير كفاياتهم المهنية”، قال وزير المالية: “بالقدر الذي تُصنّف فيه المؤسسة بالناجحة، بنجاح إدارتها وقُدرتها على التخطيط وإتبّاع مسار الإستدامة، فإن للرأسمال البشري بكفايته وتدريبه ونموه أهميته مُوازية… واليوم وأنتم تحتفلون بلقاء نهاية العام وتكريم الموظفين، فإنما تؤكدون أن النهوض مرهون بالقدرة على استكمال التعليم والتدريب، وكل هذه مجتمعة وحدها الكفيلة بأن تنشىء مؤسسات قادرة – خصوصاً إذا ما اتسمت بمميزات الحوكمة- على مواجهة الصعاب والتعامل مع المتغيرات التي تفرضها الظروف أياً كانت”.
وشدد على أن “تبادل الخبرات والتجارب سواء مع الخارج أو بين الإدارات والمؤسسات العامة وتنمية المهارات وبناء القدرات المؤسسية تشكل عناصر رئيسية لمسيرة النهوض في ظل الأوضاع الصعبة التي نمرّ بها”. وذكّر في هذا الصدد بـ”تجربة التعاون بين إدارة حصر التبغ والتنباك، والمعهد المالي في وزارة المالية، (معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي) في مجالات التدريب، والتي تعتبر اليوم نموذجية، والتي معها يتضح أكثر فأكثر اهمية الاقتداء بها وتفعيلها في القطاع العام”. ولاحظ أن “نتائج هذا التعاون تُصنف بالإيجابية الى حد كبير، كونها ساهمت في تطوير التخطيط المشترك لتنمية الكفايات والمهارات. فإتفاقية التعاون التي جمعت المؤسستين وترجمت سنوياً بروزنامة تدريبية كان لها اثر فاعل في تعزيز ثقافة الجودة والتميّز المؤسسي، وفي حصول الكوادر العليا والوسطى على شهادات تخصصية في مجالات مختلقة كالقيادة والتدقيق الداخلي. كذلك نتجت عنها نماذج وآليات عمل تتعلق بأنظمة إدارة الجودة والتنمية المستدامة والإنتاج المتكامل لزراعة التبغ والشراء العام”.
وقال الخليل: “لم يعد ممكناً تطوير أداء الإدارة العامة من دون تعزيز وبناء شراكات فاعلة ومستدامة، لذا لا نستطيع إلا أن نشدّد على أهمية التعاون بين إدارات القطاع العام كافة كأساس للنهوض. وهذا التعاون يجب أن يقابله أيضاً تعاون مع القطاع الخاص والنقابات كونها تلعب ايضاً دوراً محورياً في تعزيز الحوار الإجتماعي حول القضايا والتحديات الراهنة والتشاور ونقل الخبرات التقنية والفنية في المواضيع ذات الإهتمام المشترك بالإضافة الى خلق بيئة مؤاتية تعزز البنى التحتية وتكافح الفساد”.
وختم قائلاً: “ونحن نودع عاماً لنستقبل عاماً جديداً، ننكب على إعداد موازنه العام ٢٠٢٣، ونضع نصب أعيننا بنوداً إصلاحية، قادرة على وضع لُبنة في مسار النهوض، آملين في أن يطغى على نقاشاتها الجانب العلمي والواقعي، وتبتعد عنها المزايدات السياسية والشعبوية، فالوضع الصعب جداً لا يؤخذ إلاً على محمل المسؤولية والجدية والضمير”.
سقلاوي
من جهته، توقع رئيس”الريجي” مديرها العام المهندس ناصيف سقلاوي “أن تتخطى إيرادات الخزينة من القطاع ألف مليار ليرة في نهاية 2022، إذ لامست 780 مليار ليرة لبنانية لغاية الفصل الثالث مقابل 715 مليار ليرة لبنانية في العام 2021”.
وقد استهل سقلاوي كلمته واصفاً الوزير الخليل بأنه “قامة علمية من طينة عصامية، نظيف الكفّ، يملك عشقاً للخدمة العامة”، ويسعى إلى “خدمة الناس قبل كل شيء، بالعلم والعمل والتنمية”. وذكّر بأنشطة الكثيرة “في تمكين المجتمعات المحلية، فضلاً عن تعزيز البلديات في مختلف المناطق”، مشيراً إلى أنه “حقّق لصيادي الأسَّماك في بحر صور أولَ مشروعٍ سكنيٍّ”.
وقال: “لطالما سعينا إلى أن تكون الريجي مِرفقاً عامّاً نموذجيّاً في لبنان، واستطعنا عاماً بعد عام أن نُثبتَ للدولة جدوى التمسك بهذا القطاع، من خلال الإيرادات التي نرفد بها الخزينة، ومن خلال تقديم نموذج فعّال للمرافق العامة”.
واضاف: “بينما كان البلد غارقاً بأزماته المتتالية، والعالم منهمكا بكوارثه المتلاحقة، الصحية منها والاقتصادية والمالية، كانت مصانع الريجي في حركة لا تهدأ ولا تنطفئ، تعمل من دون انقطاع وبزخم مضاعف… واستطاعت الريجي بكل ثبات ورؤية واضحة وخطى مستدامة ان تستمّر”.
وفي تقييمه لحصاد العام 2022 بالارقام، أعلن سقلاوي أن “مبيعات الريجي تخطت الألف مليار ليرة لغاية الفصل الثالث من العام 2022 مقابل 990 مليار ليرة لكامل العام 2021، الامر الذي انعكس ايجابياً على إيرادات الخزينة من القطاع حيث لامست 780 مليار ليرة لبنانية لغاية الفصل الثالث مقابل 715 مليار ليرة لبنانية في العام 2021″، متوقعاً “ان تتخطى تلك العائدات الالف مليار ليرة في نهاية 2022”.
وأبرز سقلاوي في هذا السياق على سبيل المثال حوالة بقيمة 150 مليار ليرة هي عبارة عن الإيرادات التي حوّلتها “الريجي” للخزينة عن الفترة الممتدة من شهر أيلول إلى اليوم.
وأوضح أن “الريجي” “رفعت سقف انتاجها بنسبة ١٦ في المئة بعدما تمكنّت من زيادة خطوط انتاجها “لتضم ١٤ خطاً تنتج ثمانية أصناف وطنية و٤٩ صنفاً أجنبياً وثلاثة أصناف معسل، مما استلزم إجراء إعادة هيكلة شاملة لمواكبة هذا التطوّر في المعامل والانتاج”.
وقال: “أضفنا إلى سجل محطات تعاون الريجي الدولية اتفاقاً جديداً مع إحدى كبريات شركات التبغ العالمية لإعادة تصنيع صنف Byblos في معامل شركة بريتيش اميركان توباكو في الأردن، إضافة الى تطبيق نظام الصحة والسلامة المهنية ISO45001 الذي يهدف الى وقاية عمالنا وحمايتهم من أي مخاطر قد تطرأ في مكان العمل”.
وتوجّه سقلاوي الى رئيس مجلس النواب نبيه بري والوزير الخليل “لما قدماه من تسهيلات وتجاوب لاقتراح شراء محاصيل موسم التبغ بالدولار نقداً، الأمر الذي انعكس ايجاباً على استمرارية زراعة التبغ ودعم استقرار المزارعين”.
كذلك أعرب عن “شكر أسرة عمل الريجي” للوزير الخليل “على اعتماد صيغة تسمح بتحمل الأعباء منعاً لاستنزاف الطاقات البشرية الكفوءة للريجي”، مشدداً على أهمية “أن يوازي الاستثمار في الطاقات البشرية اي استثمار عملي آخر للتمكن من الاستمرار والارتقاء أكثر نحو التميز”.
واشار الى أن فريق عمل “الريجي” تميّز “بتغيير المفهوم السائد في الخدمة العامة – اعتبار الوظيفة موتاً سريرياً – بسعيهم الفردي وجهدهم في نيل شهادات علمية واكاديمية لم يدفعهم اليها أحد الا رغبتهم في التقدّم والتطوّر وتوظيف قدراتهم في خدمة هذه المؤسة”، وقال: “ففي وقت كان العالم متجمداً فاقداً أي رؤية، هم أيضاً كالريجي انتهجوا السير عكس التيار، فالتحقوا بالجامعات والبرامج التدريبية بعد دخولهم الى الوظيفة وحصدوا النجاحات من كبرى المعاهد الوطنية والدولية فعادوا (…) بشهادات تخصصية ترفع الرأس في مجال الإدارة والقيادة والتخطيط الاستراتيجي، وإدارة الموارد البشرية والجودة”.
وتوجّه إلى العاملين في “الريجي” قائلاً: “زملائي الأعزاء، أنتم الوسام على صدر المؤسسة و أنتم دليل حي آخر على ان في مسيرة النجاح ليس هناك من خط نهاية. وإن كنا نكرمكم اليوم فلأننا نؤمن بأن الاستثمار في الانسان في صلب استراتيجيتنا للتنمية المستدامة، ولأننا في خططنا الاستراتيجية نعوّل عليكم، وعلى كفاياتكم وخبراتكم ونستند عليها في تطلعنا نحو مزيد من النمو والانطلاق نحو الغد الذي نطمح إليه”.
وختم بالقول: “الازمة لم تنته بعد، لكنّكم اثبتم انه، بالانتماء والالتزام والمسؤولية والفاعلية والانجاز، لا شيء سيقف بيننا وبين اهدافنا ومعكم سنرفع سقف التحديات ونحن على قدر التحدي”.