(اللواء)
مع اقتراب تكليف الرئيس سعد الحريري من شهر كامل على تأليف «حكومة مهمة»، بدا المشهد أكثر ابتعاداً عن مجرى التوقعات الإيجابية، التي حكمت اللقاءات التي تجاوزت عدد أصابع اليد الواحدة، في فترة قياسية، لتتوقف فجأة، فاسحة المجال امام زيارة للموفد الرئاسي الفرنسي في 8 آذار ارتياحاً لمهمته التي انتهت قبل يومين في بيروت، حاملاً معه تصوراً عن تقرير سيرفعه (أو رفعه) إلى ادارته لتكون مناقشته متاحة اليوم، في اجتماع «خلية الأزمة» في الاليزيه..
ترافق ذلك مع كلام خطير، قد يكون الأخطر، الذي يكشفه النائب جبران باسيل، كرئيس لتكتل لبنان القوي من ان سبب «عدم تأليف الحكومة حتى الآن، هو الوعود المعطاة للداخل غير المتناسبة مع الوعود المعطاة للخارج»، في غمز مباشر من قناعة الرئيس المكلف.
وحسب المصادر القريبة من الاليزيه فإن تقرير دوريل سيتوقف عند النقاط التالية:
1- ان تأليف الحكومة في لبنان معطّل، وأن مهلة الأسابيع بين 4 و6 انتهت من دون حدوث خرق.
2- ان الاتصالات المباشرة بين القوى المؤثرة في عملية التأليف مقطوعة، او شبه مقطوعة، لا سيما بين الرئيس الحريري والنائب باسيل.
3- ان الموفد الفرنسي سمع كلاماً من الذين التقاهم، سواء الرؤساء أو مسؤولي الأحزاب والكتل، استنتج منه، ان هؤلاء غير مستعجلين على إنهاء الوضع الحالي، والانتقال إلى وضع أفضل ينقذ البلد..
4- على ان الانكى من كل هذا هو محاولة كل فريق إلقاء تبعة عرقلة التأليف على الفريق الآخر..
5- ولم تخفِ مصادر استغراب الجانب الفرنسي من التدخلات الأميركية السافرة، لجهة التأثير السلبي على المبادرة الفرنسية، من خلال التحريض على فريق سياسي – نيابي تتعاطى معه باريس إيجاباً حتى تاريخه.
بومبيو يهاجم حزب الله
وملف تأليف الحكومة طرح في اجتماع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مع نظيره الفرنسي جان ايف لودريان في الاليزيه وليس في «الكودي سيه» والذي تناول موضوع «الارهاب» متحدثاً عن «تأثير خبيث» لحزب الله على تأليف الحكومة (والكلام لبومبيو)، متوقفاً عند «الجهود التي تقوم بها واشنطن باتجاه تشكيل حكومة استقرار واصلاحات في لبنان».
وكان بومبيو اجتمع في قصر الإليزيه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قرابة الساعة الثانية عشرة، في حضور نظيره جان إيف لودريان، وذلك بعد اجتماع بين الوزيرين في الاليزيه ايضا لمدة ساعة.وغادر بعدها الى تركيا.
وقد وصفت الرئاسة الفرنسية زيارة بومبيو بانها «للمجاملة ضمن جولته الاوروبية – الشرق اوسطية». فيما اشارت وسائل اعلام فرنسية الى ان الرئيس ماكرون التقى بومبيو بعيدا عن الاعلام ولم يصدر اي بيان او تصريح بعداللقاء. كما ان الشأن اللبناني لم يكن اساسياً في اللقاء بل موضوع انتقال السلطة في اميركا بعدالانتخابات الرئاسية وفوز جو بايدن فيها، وملفات فلسطين والعراق وايران وناغورني كره باخ، وسط مخاوف فرنسية مما يمكن ان تتخذه ادارة الرئيس ترامب من قرارات على المستوى الخارجي في الفترة المتبقية له في الرئاسة، لا سيما في الشرق الاوسط.وتشمل جولة بومبيو ايضا بعد تركيا، جورجيا وإسرائيل والإمارات وقطر والسعودية.
الوضع الحكومي
في هذه الاثناء، بقيت مواقف كُلٍّ من الرئيسين عون والحريري والنائب باسيل على حالها لجهة تسمية الوزراء المسيحيين، لكن مصادر تكتل لبنان القوي قالت لـ «اللواء»: ان التسمية يمكن ان تكون مشتركة بين الحريري وباسيل وبما يُرضي الطرفين ويُلبي معايير تشكيل حكومة الاختصاصيين غير الحزبيين، بحيث يطرح كل طرف الاسماء التي لديه ويجري التوافق حولها. واستدركت المصادر بالقول: لكن المهم ان يقتنع الحريري بالتواصل مع باسيل كما تواصل مع اغلب الكتل النيابية، لا ان يكتفي بالتنسيق مع رئيس الجمهورية، طالما ان المبادرة الفرنسية تنص على تشكيل حكومة المهمة بالتوافق بين كل القوى السياسية.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن أي معطيات حكومية جديدة لم تبرز لاسيما بعد زيارة الموفد الفرنسي إلى بيروت وأفادت أن هناك انتظارا لخلاصات اجتماع الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته مع وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية على أن دوريل يرفع بدوره خلاصات زيارته إلى بيروت إلى خلية الأزمة الفرنسية في الاليزيه اليوم.
وعلمت «اللواء» أن الثابت في مشهد الاستقلال هذا العام هو الكلمة التي قد يوجهها رئيس الجمهورية عشية الذكرى ويستعرض فيها التطورات والتحديات لكن ما ليس معروفا بعد ما إذا كان حفل الاستقبال يقام ام لا في حين ان برنامج وضع أكاليل على اضرحة شهداء رجال الاستقلال قيد الاعداد.
سلامة.. ونهاية لبنان
مالياً، علمت «اللواء» ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، غادر بيروت مساء أمس إلى باريس، من دون ان تعرف الأسباب التي تقف وراء هذه الزيارة.
لكن مصادر ربطت بين سفر سلامة واجتماع خلية الأزمة الفرنسية الذي سيعقد في العاصمة الفرنسية، لمناقشة تقرير دوريل، وتحديد الخطوة الفرنسية المقبلة.
على ان الأخطر مالياً، ما صرّح به وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني من «نهاية لبنان»، في حال استمرت الطبقة السياسية في البلاد في تأجيل الإصلاحات الأساسية لاطلاق المساعدات الخارجية.
وقال وزني لصحيفة «ذي ناشيونال» «إن اتباع سياسة البطء هذه تعني الموت للشعب اللبناني. ستكون حتما النهاية».
وأكّد وزني إنه يؤيّد مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تعهد بتقديم دعم مالي دولي للبنان مقابل إصلاحات تكافح الفساد. ولكن يبقى على السياسيين تنفيذها بالكامل.
أضاف وزني: «ان الرئيس ماكرون قال «سنمنحكم بعض الأكسجين، وسنساعدكم على الخروج من الأزمة»، وإلا فإن الوضع الاقتصادي والاجتماعي سيزداد سوءًا. سيكون الوقع الأكبر على أمن البلاد واستقرارها ومستقبلها».
وأوضح وزني إن استقالة الحكومة علّقت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول خطة اقتصادية إنقاذية، غير أن «الاتصالات» مستمرة. وكان السيد دياب قد أطلق المحادثات في أواخر شهر نيسان/أبريل بعد أن تخلّفت الدولة عن تسديد ديونها السيادية لأول مرة.
وزني أضاف انه قد تم دفع أكثر من نصف اللبنانيين نحو الفقر، وأصبح 40 في المائة منهم عاطلين عن العمل. يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 25 في المائة هذا العام.
ورداً على سؤال لصحيفة «ذا ناشيونل» قال: «يجب ألا ننسى أننا نمر بأزمة مصرفية وأن الناس لا يستطيعون استرداد ودائعهم. من المهم جدًا أن نعرف أين ذهبت الأموال. ثانيا، سيكشف التدقيق الخسائر الحقيقية للبنك المركزي والقطاع المصرفي» معتبراً ان تحديد حجم هذه الخسائر سيسمح عندها لصانعي القرار اتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.
وقال الوزير وزني: «لقد اخترنا مهلة طويلة بعض الشيء (ثلاثة أشهر لتسليم المستندات المطلوبة من البنك المركزي) لأنه علينا أولا انتظار تشكيل الحكومة، وثانيا، يجب ألا ننسى أن موسم الأعياد يبدأ في 15 كانون الأول/ديسمبر. وثالثًا، في حال عدم حصولنا على المعلومات المطلوبة للمباشرة بالتدقيق، يمكننا البدء في العمل على مشروع قانون لتعديل القانون الحالي».
وقال وزني ان السيد دياب اقترح أن على الحكومة اعداد مشروع قانون لتعديل قانون السرية المصرفية.
واقترح كبديل السماح لشركة Alvarez & Marsal، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها والتي تقوم بالتدقيق الجنائي، بالنفاذ إلى المعلومات التي تغطيها السرية المصرفية.
وفيما زار الرئيس نبيه برّي المجلس الدستوري، وقدم التصريح عن الذمة المالية أو الإثراء غير المشروع لرئيس مجلس الدستور القاضي طنوش مشلب، تحدثت الـL.B.C.I عن ان كلفة موظفين ومتقاعدين ومستشارين للرئاسة الثلاثة في موازنة 2020، مبينة: ان كلفة هؤلاء في رئاسة الجمهورية اكثر من 3 مليارات ليرة لبنانية، وفي رئاسة مجلس الوزراء أكثر من ستة مليارات و800 مليون ليرة، وفي مجلس النواب تفوق الكلفة الـ36 مليار و500 مليون ليرة لبنانية.
وأمس، أنهى لبنان يوماً ثالثاً من الاقفال، وسط اعتقاد رسمي ان نسبة الاقفال كانت مقبولة، في ظل تمسك بعض القوى المعنية بالمعالجة، بضرورة فرض 6 أسابيع بدلاً من أسبوعين اقفال شامل عملاً بتوصية منظمة الصحية العالمية.
وفي إطار التقييم لنتائج الاقفال العام، قال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، ان النتائج لن تكون متاحة قبل غد أو بعد غد.
وتوجه إلى المواطنين بالقول: «علينا أن نصبر ونتحمل من أجل حماية المجتمع والأسرة»، لافتا إلى «وصول شحنة دواء ريمديسيفير ليلا بعدد 5500 حبة، ويبلغ سعرها الرسمي 760 الف ليرة لبنانية، سيتم توزيعها على المستشفيات من خلال الوكيل مباشرة بنسبة 50 بالمئة على أن تبقى بقية الكمية لدى الوكيل لكي يتم بيعها مباشرة، ما يسهل تلافي السوق السوداء كما حصل في السابق. وسيكون لدينا حوالى الـ500 الف حبة في أواخر الشهر، مما يتيح للمرضى تناول العلاج وبالسعر المحدد من الشركة».
وكان حسن شارك في ثلاثة اجتماعات صحية في السراي الكبير برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أشار خلالها إلى تحويل مدفوعات المستشفيات الحكومية الخاصة بقيمة 235 مليار ليرة لبنانية.
كما جرت مناقشة قرض البنك الدولي لشراء الأجهزة للمستشفيات الحكومية.
وأمنياً أكّد الاجتماع الوزاري الأمني على ضرورة الاستمرار بتطبيق إجراءات الاقفال بوجه كورونا، مع الإشارة إلى تنظيم حوالى 7430 محضر ضبط بحق المخالفين.
دوائياً، وصل إلى لبنان علاج كورونا المعروف باسم «الريمدسيسفير» باعتباره الأفضل لمعالجة الحالات الأصعب لمرض كورونا. وكانت وزارة الصحة تلقت هبتين من مصر وشركة لبنانية.
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 1016 إصابة جديدة بفايروس كورونا، مع تسجيل 10 حالات وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 106446 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2019.
وتجدر الإشارة إلى اتساع حركة الاعتراض على الاقفال العام، ففي طرابلس اعتصم أصحاب المحال التجارية في أسواق المدينة القديمة وسط السوق العريض احتجاجاً على قرار الاقفال، ويرددون الهتافات المنددة بالقرار «الذي يؤدي إلى افلاسهم».
وعلى الأثر، تدخلت عناصر الجيش المنتشرة في المكان ومنعتهم من فتح محالهم، وسط إصرار على المضي في فتحها.