عقد المنتدى الإقتصادي والإجتماعي لقاءه الأسبوعي حيث تدارس الحضور، بحسب بيان صادر عنه “أسس وخيارات السياسة النقدية التي إنتهجها حاكم البنك المركزي، وكذلك المواقف التي اطلقها مؤخرا في مقابلة متلفزة على قناة الحرة مع الإعلامية منى صليبا في برنامج المشهد اللبناني بتاريخ 21 تشرين الثاني”.
ورأى المنتدى “أن أبرز ما جاء في هذه المقابلة قول الحاكم انه صانع ازدهار ورخاء اقتصادي استمر 27 سنة” ، نافيا مسؤوليته عن الأنهيار الذي وصلنا اليه منذ ثلاث سنوات ، ومرشحاً نفسه لدور انقاذي ثبت بالملموس انه ليس أهلا له بسبب مسيرته المليئة بالأخطاء والمخالفات ، وبسبب الملاحقات القانونية التي يتعرض لها في لبنان وفرنسا وبعض الدول الأوروبية”.
كذلك اعتبر المنتدى “ان سلامة ، وبتقييم العديد من الخبراء والاكاديميين في لبنان والخارج ، هو أحد المسؤولين الرئيسيين عن حالة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي في لبنان نظراً لأمتلاكه صلاحيات أساسية لم يستخدمها لجبه الانهيار وانما استخدمها لصالح الطبقة المالية المصرفية السياسية التي ينتمي اليها ويدير شؤونها مقابل السكوت على ممارساته” .
ورأى المنتدى ان “أسس السياسة النقدية التي انتهجها سلامة ، والقائمة على ثلاثية الدولرة النقدية وتثبيت سعر الصرف لسنوات طويلة ومعدلات فائدة مرتفعة ، شكلت دعائم الاقتصاد الريعي الذي يعاني منه لبنان مثلما شكلت سداً بوجه قيام اقتصاد منتج لا بديل منه لمواجهة التردي والفقر والخروج التدريجي من الأزمة التي تشد على خناق اللبنانيين”.
أضاف :” اما ما يدعيه الحاكم من دور أداه في تعميم الرخاء والازدهار بين اللبنانيين فقد فاته ان ذلك إقتصر على فئة قليلة من اللبنانيين ممسكة بمفاصل الدولة والاقتصاد ، بينما تعرضت غالبية اللبنانيين للاستغلال والاستلاب وعانت من الفقر والبؤس جراء السياسات الفئوية الخاطئة التي اشترك سلامة وعتاة النظام في صياغتها وتكريسها أمراً واقعاً “.
وتابع بيان المنتدى: “من جهة ثانية، إعتبر سلامة “ان الأزمة بدأت بقرار الرئيس حسان دياب التوقف عن دفع فوائد اليوروبوند في حين ان الازمة بدأت قبل ذلك بكثير عندما تزايد وتفاقم عجز الموازنة العامة وعجز ميزان المدفوعات وبلغا مستويات خيالية تحدث عنها القاصي والداني ، خاصة أن الدين العام كان قد تخطى كل الحدود ملامساً رقم 91 مليار دولار في نهاية عام 2019. هذا مع العلم بأن قرار تعليق دفع مستحقات اليوروبوند كان نتيجة للأزمة وترافق مع صدور خطة التعافي التي رحبت بها الأوساط الدولية والعربية وعارضها بشدة سلامة ومعه أصحاب المصارف وبعض السياسيين.
وإذ يتذرع سلامة بقرار التوقف عن دفع مستحقات اليوروبوند ليعلن عجزه اليوم عن ” ابتكار” هندسات مالية جديدة تنقذ الأوضاع المتردية يعود الى القول بأن السوق يخلو حالياً من أي مبادرات إنقاذيه خلا ما يبتدعه من وسائل وأدوات مالية للتخفيف من معاناة اللبنانيين.وكان الاحرى بسلامة ان يغتنم فرصة اللقاء التلفزيوني ليعتذر من اللبنانيين عن كل الأخطاء والمخالفات التي ارتكبها وفي طليعتها جريمة الهندسات المالية التي كلفت الخزينة ما يزيد على 6 مليارات دولار ذهبت معظمها لإنعاش ثلاثة مصارف متعثرة .
وفي مقابلته المتلفزة عدّد سلامة سلسلة القروض المدعومة التي قدمها البنك المركزي للشعب اللبناني ومنها القروض السكنية التي يعرف الجميع ان جزءاً مهماً منها ذهب ” لدعم” أركان الطبقة السياسية الحاكمة وامتداداتها في كل الاتجاهات . وفي هذا المجال فأننا نتحداه نشر كل الأسماء التي نالت هذه القروض ليتبين للرأي العام المستحق من سواه .
أدعى سلامة ان تعاميمه المتتالية وفي غياب ” الكابيتال كونترول ” ساهمت بتصحيح الرواتب والأجور عبر دفعها من خلال منصة صيرفة مع أنه يدرك قبل غيره ان ذلك لا يعدو كونه مجرد مضاربة غير قانونية على الليرة اللبنانية ومحاولة لخداع الموظفين والمستخدمين وكسب الوقت في ظل تضخم متصاعد وجامح يشعله احتكار متنفذ يسّعر الدولار على مستوى 50 الف ل. ل. عندما يكون سعره 40 الف ل.ل. في السوق الموازية .
تشجع الحاكم وذكر انه عازم على توحيد سعر الصرف على مستوى 15 الف ل.ل. للدولار متجاهلاً ما قاله في بداية الأزمة من أن الليرة بخير ومن ان التداول في السوق الموازية لا يتخطى سقف 2 بالمئة من حركة السوق الأمر الذي شكل في حينه رسالة خداع للمواطن والمودع والمستثمر وجهها مسؤول واجبه الافصاح عن الحقيقة والحفاظ على ودائع ومدخرات المواطنين .
أما بالنسبة للذهب الذي أكد الحاكم ، متباهياً ، انتهاء عملية التدقيق بموجوداته فإن الرأي العام يريد التحقق من الأمر عبر ابراز شهادة رسمية من الشركة التي قامت بالتدقيق حتى يبنى على الشيء مقتضاه ، لا سيّما وأن قسماً من هذا الذهب موجود في الخارج والمعلومات الرسمية عنه مكتومة .
وعن ملاحقته أمام القضاء اللبناني والدولي، خاصة الفرنسي الذي اعتبره مشتبهاً به بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد أنحى سلامة باللائمة على القاضي غادة عون زاعماً انها تستهدفه بشكل شخصي مع انها تحاول ان تقوم بواجباتها ، ولو بأسلوب حاد ، دفاعاً عن أموال المودعين الذين يستهين بهم الحاكم وأعوانه كل يوم .
عندما سألته الإعلامية منى صليبا عن مصير الودائع، أجاب متهرباً بأنه يعمل كل ما بوسعه للحفاظ عليها مع أن اهتمامه لم يشمل المودعين وانما كان منصباً على مسايرة أركان الطبقة الحاكمة وتجنيب المصارف المتعثرة مصيرها المحتوم بعد إمعانها في الإسراف والتبذير والاستثمار المخالف لأحكام قانون النقد والتسليف .
أما بالنسبة للاحتياطي الالزامي فلم يعط الحاكم جواباً واضحاً اذ تحدث عن موجودات خارجية مما أثار اللغط والبلبلة في الأوساط المختلفة ومنها الأوساط المالية التي تحتاج الى الوضوح والشفافية كي تتمكن من العمل والانطلاق في سوق مكشوفة كالسوق اللبنانية .
ولما سألته الإعلامية صليبا عن أوضاع المصارف تجنب الإجابة متباكياً على أحوالها ” والخسارة” التي منيت بها مرتين ، مرة مع الدولة وأخرى مع مدينيها ، متناسياً في الوقت نفسه الأرباح الطائلة التي حققتها هذه المصارف على حساب المودع والاقتصاد الوطني بفضل هندساته المالية وفوائده المرتفعة وسياسته المعلنة بعدم افلاس أي بنك … تلك السياسة التي عطلت قانون النقد والتسليف وقانون التجارة وجعلت من سلطة الحاكم سلطة مطلقة تعاند اعلى السلطات . وتجدر الإشارة هنا الى ان المصارف ، بحسب إحصاءات رسمية، حققت أرباحاً بلغت 30 مليار دولار خلال السنوات ما بين 1993 – 2019. والذي يبدو جلياً ان معظم هذه الأرباح ، التي توزعها أصحاب المصارف مع كبار المساهمين والمديرين، أخذت طريقها الى الخارج بدليل الرسملة الضعيفة التي تعاني منها هذه المصارف والتي دعت الحاكم الى اصدار تعليماته بزيادتها بنسبة ثلاثين بالمئة .
وفي الوقت الذي كان فيه البنك الدولي يحذر في بياناته من النمو السلبي كما الكساد الكبير الذي يعاني منه اقتصادنا الوطني كان الحاكم يتباهى أمام الجمهور بأن نسبة النمو التي يحققها لبنان هذا العام تضاهي نسب النمو الاقتصادي في الدول الغربية متجاهلاً حقيقة الأمور والضائقة المعيشية التي ترهق المواطنين وتحول حياتهم الى جحيم” .
وختم البيان:”أما المضحك المبكي في حديث الحاكم فتجلى في شكواه من الاعلام المضاد له والذي يتربص به ويعمل لتشويه صورته أمام الرأي العام دون ان يذكر شيئاً عن كرمه الحاتمي تجاه مؤسسات إعلامية عدة اهتمت بابراز صورة الحاكم “الأكثر نجاحاً ” بين زملائه شرقاً وغرباً على غلاف أكثر من مجلة صدرت في بيروت وعواصم دولية معروفة”.