أكد رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين أن “أميركا ترتكب جريمة أكبر وأعظم من جريمة حصارها للبنان، حيث إنها تمنع لبنان من أن يتقدّم إلى الأمام، وتعمل على وضع العراقيل أمام أي حل، وبتسليم جميع اللبنانيين، فإن لبنان إلى اليوم هو ليس بلداً مفلساً، وهذا يعني لديه أملاك ومقدرات وإمكانات، وإذا وضعت الخطط ونفذت، يمكن للبنان أن ينهض من جديد وأن يتغلّب على المصاعب، ولكن أميركا تمنعه من خلال الضغط على بعض السياسيين المرعوبين أو الموعودين، من أجل ألا يسيروا بخطط إنقاذية حقيقية إصلاحية أو عملية في مختلف الأبعاد”.
كلام صفي الدين جاء خلال احتفال تأبيني أقيم في حسينية بلدة حداثا الجنوبية للفقيد حسين عبد الله مصطفى ناصر والد مسؤول منطقة جبل عامل الأولى في “حزب الله” عبد الله ناصر، بحضور النواب حسن فضل الله، علي فياض وحسين جشي، وفد من قيادة “حركة أمل” في إقليم جبل عامل وفاعليات وجمع من الأهالي.
وقال صفي الدين: “نحن نفهم أن أميركا تقوم بكل هذا الضغط وترتكب جرائم التجويع والعوز والفوضى في لبنان من أجل إسرائيل، ونحن لا نقبله، إلاّ أنه من غير المفهوم أن هناك بعض اللبنانيين يمشون مع الأميركان ويتحدثون بلغتهم ويبشرون بمشاريعهم ويضغطون باتجاه أن لا يكون هناك مقاومة ولا سلاح، وبكل قضية نرى أن موقفهم يتماهى مع موقف السفارة الأميركية، وبالتالي، فإننا نسأل، ما مصلحة هؤلاء في أن يصل لبنان إلى هذا الدرك على مستوى الوضع الاقتصادي والمعيشي والمالي”.
واعتبر أن “خطاب الكراهية والتحريض المذهبي والطائفي ورفع الصوت كثيراً من قبل مجموعة من اللبنانيين سياسيين أو أحزاب أو قوى، واللواذ بالأميركي والغربي وعدم الاهتمام بإنقاذ البلد وسوق البلد إلى الفوضى، هو خطاب يقصد به الوصول إلى التقسيم، الذي فشلوا في تحقيقه في الماضي، ونحن نقول لهؤلاء، كما فشل من سبقكم، أنتم ستفشلون أيضاً، فهذا البلد سيبقى موحّداً، وستعود إليه قوته وقدرته على المستوى الاقتصادي، مع كثير من الصبر”.
وشدد على “اننا بذلنا التضحيات من أجل الحفاظ على السيادة والاستقلال والحدود، وسنحصل إن شاء الله على ثرواتنا في المياه من النفط والغاز، وبالتالي، لا يمكن أن نقبل بعد كل هذه التضحيات بأن يأخذنا شرذمة جاهلة انفعالية إلى فوضى أو إلى تقسيم أو إلى أي مشروع يخدم المصالح الأميركية وتالياً المصالح الإسرائيلية، فهذا لا يمكن أن نقبل به، وهذا الذي سنعمل عليه في كل وقت وآن”.
وقال: “إن لبنان اليوم أمام استحقاق تاريخي بعد أن وصل إلى هذه الحالة التي هو عليها اليوم، وهذا الاستحقاق أمامه كل اللبنانيين، من سياسيين وطوائف وأحزاب وجهات ومجتمع أهلي وكل من هو موجود في هذا البلد، فهل ينجحون في جدارة الحفاظ على الوطن أو أنهم ليسوا جديرين بهذا الوطن، أما نحن، فإننا نعمل كما نعتقد أن الحفاظ على هذا الوطن هو من أهم مسؤولياتنا وواجباتنا، وكما كنا ناجحين وموفقين في جدارة الحفاظ على سيادة البلد وثرواته، فإنه يجب أن نعمل جميعاً من أجل أن نكون ناجحين وموفقين في الحفاظ على جدارة بقاء هذا الوطن في ظل كل هذه المتغيّرات التي تحصل في المنطقة”.
أضاف: “كلما هاجمنا بعض المراهقين السياسيّين والطامعين والطامحين بلا جدوى وبلا مبدأ من أجل إرضاء أميركا، كلما ازددنا ربحاً، لأننا نزداد معرفة بأن هؤلاء لم يتبدّلوا ولم يتغيّروا، ونحن نعرف كيف نتعاطى مع هذا الشأن من أجل أن نحفظ بلدنا ووطننا، علماً أن هؤلاء لم يكونوا معنا أبداً لا سيما حينما واجهنا الغطرسة والاحتلال الأميركي عام 1982، وكان آباءهم وأسيادهم في ذلك الوقت مع الأميركي والإسرائيلي”.
وتابع: “اننا لبنانيون قبل غيرنا بكثير، ولكن هذا لا يعني على الإطلاق أن يكون عقلنا محصورا ومحدودا بحدود هذه الجغرافيا، فنحن لبنانيّون ندافع عن وطننا، ونبذل أغلى الدماء في سبيل الحفاظ عليه وعلى حدوده وسيادته واستقلاله وثرواته، ولكننا ننتمي إلى عقيدة تؤمن أن الإنسان المحروم والمستضعف والمضطهد في هذا العالم، هو شأن يعنينا، سواء كان في فلسطين أو في اليمن أو في أميركا الجنوبية أو في أي مكان، لأننا نؤمن بهذا الدين الذي يتطلع إلى طموحات كبيرة وعظيمة سوف تملء من خلالها الأرض قسطاً وعدلاً، ونؤمن بهذا العدل الإلهي السماوي الذي سيتحقق في كل العالم، والذي يجب أن نعمل لتحقيقه بكل ما آتانا الله تعالى من قوة، وهذا لا يتنافى مع الوطنية على الإطلاق”.
وقال: “إن الانتصارات التي حققتها المقاومة كانت طيبة وخالصة لوجه الله، لأن أهلها هم من الطيبين والمخلصين، ولأن هؤلاء المقاومين كانوا يحملون هذه الرؤية الواضحة في الأبعاد الدينية والفكرية والثقافية والأخلاقية والوطنية، ثبّتهم الله عز وجل، وثبّت انتصاراتهم ومقاومتهم، وستبقى هذه المقاومة ثابتة بإذن الله تعالى بفضل هذه القيم والإيمان”.
واعتبر أنه “لا يوجد هناك إنسان عاقل يمكن أن يفكر في أي يوم من الأيام أن يتخلّى عن المقاومة أو عن سلاحها أو عن قضيتها أو عن أهدافها مقابل كل الضغوط التي تمارس علينا، لا سيما بعد أن رأى بعينيه ما وصلنا إليه بعد كل هذه العقود، ولمس هذه النتائج الطيبة وهذا النهوض العظيم لأبناء شعبنا المقاوم”.
وشدد على “وجوب أن نفتخر دائماً ونعتز بتاريخنا وهويتنا في هذا البلد وفي هذه المنطقة، وطالما أن هناك نقاشا كبيرا في البلد عن الهويات، فنحن نفتخر بهويتنا، ونعتز بها، ونعتز بتاريخنا المشرّف والعظيم الذي ننتمي إليه في جبل عامل وفي تاريخ كل أتباع أهل البيت (ع) إلى البقاع ومناطق جبيل وكسروان وفي كل هذه المناطق وصولاً إلى الشمال، ولا سيما أن في هذا التاريخ العلماء والعظماء، وفيه أهل الإيمان والتواضع الذين بثّت علومهم في كل أقطار العالم الإسلامي على مدى كل القرون الماضية، مع قلة وضعهم وحالهم على المستوى السياسي، والحصار والمطاردة والقتل والتهجير والتشريد المتداوم على مدى كل القرون الماضية، من زمن بني أميّة إلى بني العباس إلى المماليك إلى كل من جاء في هذه المنطقة ليحكم”.
وختم صفي الدين: “ان ما بذله خيرة العلماء والمضحين في تلك الأيام الصعبة لم يكن قليلاً على الإطلاق، حيث إن عشرات من السنين تراكمت فيها العطاءات والتضحيات دفاعاً عن فلسطين التي تعتبر قضية الأمة، ودفاعاً عن الوطن الذي هو وطن كل الناس وليس وطن الشيعة فقط، ودفاعاً عن كل القيم وقوفاً بوجه كل الغطرسة الإسرائيلية وكل المؤامرات التي استهدفت بلدنا على كل السنوات الماضية، وصولاً إلى الحرب الأهلية التي أجّجها هؤلاء شذّاذ الآفاق هنا في لبنان، وعندما نتحدث عن شذّاذ الآفاق، فإننا نتكلم عن الصهاينة، ولكن تبيّن أنه يوجد منهم هنا في لبنان، ولحد الآن لم يتوبوا، ولم يتعلّموا، ولا يبدو أنهم سيتعلّمون”.