اقام المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيل رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى آية الله الامام الشيخ عبد الامر قبلان، وعائلة الراحل حفلاً تأبينياً في قاعة الوحدة الوطنية في مقر المجلس حضره: ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون النائب الان عون ، ممثل رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري النائب علي عسيران، ممثل رئيس مجلس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبو المنى، ممثل البطريرك بشارة الراعي المطران بولس عبد الساتر، القائم بأعمال المجلس العلوي الشيخ محمد عصفور، ممثل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الشيخ نعيم قاسم، ممثل البطريرك العبسي الأرشمندريت جورج اسكندر، ممثل حركة امل نائب رئيس الحركة هيثم جمعة ، وأعضاء هيئة الرئاسة والمكتب السياسي والهيئة التنفيذية، النائب شربل مارون ممثلا التيار الوطني الحر ، الوزراء في حكومة تصريف الاعمال: محمد بسام مرتضى، عباس الحلبي، مصطفى بيرم ، علي حميه، عباس الحاج حسن، اللواء مالك ممثلا وزير الدفاع، الدكتور وليد حيدر ممثلا الوزير عبد الله بو حبيب، احمد محمود ممثلا وزير المهجرين عصام شرف الدين، والنواب:ملحم خلف، رامي فنج ،علي حسن خليل، محمد رعد، د. قبلان قبلان، امين شري، فادي علامة، د.أيوب حميد، د. إبراهيم الموسوي، محمد خواجة، امين شري، هاني قبيسي،علي خريس، د. اشرف بيضون، ناصر جابر، وسفراء الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية، ، القائم بأعمال سفارة العراق، القائم بأعمال سفارة الجزائر، وقنصل باكستان، وقنصل عام السفارة المصرية ، والحاج حامد الخفاف ممثلا المرجع اية الله العظمى السيد علي السيستاني، الشيخ علي بحسون ممثلا المرجع اية الله العظمى الشيخ بشير النجفي، ممثلو المرجعيات الدينية و الروحية ورؤساء المحاكم الشرعية ، المدير العام للامن العام اللواء عباس إبراهيم، المدير العام لوزارة الاعلام د. حسان فلحة، ممثل قائد الجيش العميد علي رمضان، المدير العام للضمان الاجتماعي محمد كركي، العميد حسين خشفة ممثلاً المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، نائب المدير العام لامن الدولة العميد حسن شقير، نائب مدير المخابرات العميد رياض علام،رئيس فرع الأمن القومي في الجيش العقيد وجدي دمج ، رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ وحشد كبير من الشخصيات السياسية والحزبية والدبلوماسية والقضائية وعلماء الدين والمواطنين من مختلف المناطق الذين غصت بهم قاعات المجلس.
وعرّف بالحفل التأبيني الشاعر عبد الغني طليس الذي القى قصيدة من وحي المناسبة بعد تلاوة أي من الذكر الحكيم والنشيد الوطني اللبناني، وتم عرض فيلم وثائقي لمسيرة الراحل الكبير”.
دريان
والقى المفتي دريان كلمة قال فيها: “عندما نتحدث عن الوحدة الوطنية ، فنحن نتحدث عن سماحةِ الإمام عبدِ الأمير قبلان. وعندما نتحدث عن الوحدة الإسلامية، فنحن نتحدث أيضا عن سماحة الإمام عبد الأمير قبلان. لقد تراكمت لديه رحمه الله تعالى النهايات الفكرية، التي وصل إليها سلفاه طيبا الذكر، الإمام المغيب سماحة السيد موسى الصدر ، والإمام العالم والفقيه المجدد ، محمد مهدي شمس الدين”.
أضاف: “هكذا بقي المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى مجلسا أعلى، رافعا راية الوحدة الوطنية، عاملا على أن تكون وحدة المسلمين حجر الزاوية في صرح هذه الوحدة. كان ذلك ولا يزال، وسيبقى، هدفا نبيلا، بل الهدف النبيل، لدار الفتوى، وللمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ولمشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز، وللمجلس الإسلامي العلوي. من أجل ذلك اجتمعت هيئة (القمة الروحية الإسلامية) التي تضم المرجعيات الإسلامية الأربع (السنة – الشيعة – الدروز – العلويين) للتنسيق فيما بينها، ولبناء جسور التفاهم والتعاون مع شركائنا في الوطن، من مختلف الطوائف والكنائس المسيحية. ومن أجل ذلك أيضا، كان فقيدنا الكبير، يحرص على القيام بمبادرات شجاعة لتذليل الصعوبات، أو ما كان يبدو صعبا، بلمحة ذكية باسمة، أو بفكرة بناءة”.
وتابع: “لم يكن الإمام قبلان – يرحمه الله – يؤمن بشيء مستحيل في العلاقات الإسلامية – الإسلامية، أو الإسلامية – المسيحية. كانت الابتسامة عنده تحول المستحيل إلى ممكن.
وكانت العقبات عنده مجرد كلمات متقاطعة يملك (ملكة) لتفكيك رموزِها بِعلم ومنطقٍ ورؤية ثاقبة، وحساب وإيمانٍ وابتسامة. فالمستحيل عنده، كان مجرد عقبة مؤقتة قابلة للتذويب، أو على الأقل، للالتفاف عليها . بالمحبة كان يتجاوز العراقيل والصعاب. وبِالإبتسامة كان يقيم جسور التفاهم والتعاون. وكم من مرة نجح في الالتفاف حول عقدة عامة، بالتفاتة ذكية من خارج كل الحسابات والتوقعات، فيحول الغموض العابس إلى وضوح مبتسم”.
وقال: “كان رحمه الله تعالى في قيادته للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، كما كان في تدخلاته البناءة، في الاجتماعات الإسلامية – الإسلامية، والإسلامية – المسيحية ، يبدو مميزا ومتميزا في تدوير الزوايا الحادة، وفي تقرِيب وِجهات النظر، واستخلاص الإيجابيات للبناء عليها. لم يكن عند الإمام عبد الأمير قبلان شيء مستحيل، خصوصا إذا كان يتعلق الامر بالعلاقات الإسلامية – الإسلامية، أو الإسلامية – المسيحية. فعنده كان لكل مشكلة حل. وأحيانا تكون التوجهات الصادقة لديه والابتسامة هي المدخل إلى الحل، إذ تتفكك معها العقد، وتنفرج الأسارير، وتجد الأفكار المتلاطمة طريقها إلى الرؤى المشتركة. وبهذا، كان الإمام الراحل مدرسة فريدة من نوعها، في العمل الديني الجامع، وفي العمل الوطني الموحد”.
أضاف: “إننا في ذكرى وفاته، نفتقد الوجه المنير الباسم. نفتقد حكمته وإخلاصه وصدقه. ونفتقد إيمانه المطلق بالقدرة على تقويم الاعوجاج، وتدوير الزوايا الحادة، وشق طرق العمل البناء والمشترك”.
وتابع: “يعاني لبنان من أزمات شتى، لا تعد ولا تحصى، والسعي جاد وكذلك الجهد من الرئيس المكلف لتشكيل حكومة تواجه هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها لبنان، وتجترح حلولا تخرج البلد من هذا النفق المظلم الذي طال مكوثنا فيه، وليست هذه المهمة مسؤولية الحكومة وحدها، بل هي مسؤولية جميع القوى السياسية التي شاركت وتشارك في إدارة مرافق الدولة على اختلافها، ليسهل تنفيذ الحلول على الحكومة، بإعطائها ما تحتاج إليه من دعم ومواقف إيجابية، لتسلك السبيل الصحيح إلى ذلك. وبدل من أن يتضافر الجميع حول هذا الهدف، نجد للأسف من يطلع علينا من هنا وهناك، بأصوات ناشزة، ومواقف تنحو منحى غير مريح، يزيد الأمور تعقيدا، ويزيد الشعب اللبناني بؤسا وشقاء، وكأن هذا الشعب ليس من أهلهم ولا من ذويهم، ولا أبناؤه أبناءهم، ولا مصيره مصيرهم. لقد أولاهم هذا الشعب ثقته، وحملهم أمانة قيادة الوطن، فجنحوا به إلى جرف آيل إلى السقوط في أي لحظة”.
وقال: “إننا نريد حكومة تنهض بهذا الشعب المغلوب على أمره، ومن غير المسموح أن ينحدر به المسؤولون من جراء مواقفهم إلى واد سحيق من أودية جهنم التي يكوى بنارها السواد الأعظم من اللبنانيين، الذين فقدوا ما جنوه سحابة أعمارهم، وهجر أبناؤهم الذين خسرهم الوطن ثروة بشرية عليها يقوم مستقبل لبنان الذي أردناه واعدا. إن التعاطي بإيجابية مع تأليف الحكومة، يساعد الرئيس المكلف على التشكيل، لا على التعطيل، الذي يكون انعكاسه سيئا على الجميعِ من دون استثناء، ولا بد لنا من أن نؤكد المؤكد، أن تشكيل الحكومة هو مطلب اللبنانيين جميعا، وإذا لم يتم التشكيل، نخشى من أسوأ مما نحن فيه، خصوصا وأننا دخلنا استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فإذا لم نستطع تأليف حكومة، فكيف سيكون الأمر بالنسبة إلى انتخاب رئيس جديد؟”.
أضاف: “حذار ثم حذار من الوصول إلى الفراغ الرئاسي، فهذا الاستحقاق – كما تشكيل الحكومة – تجري في سبيله مساع كبيرة اليوم. ومعالجة هذين الاستحقاقين أمر أكثر من ضروري، لكي تتمكن الدولة من الصمود والاستمرار، ولكي ننقذ اللبنانيين الذين يعيشون أسوأ مرحلة مروا بها ، وواجهها وطننا منذ ولادة دولة لبنان الكبير”.
وتابع: “إن انتخاب رئيس للجمهورية، استحقاق مهم، فهو رأس الدولة، وينبغي أن يكون مرجعية جامعة وشاملة لكل اللبنانيين. المطلوب هو الوفاق والتوافق، لتأمين عملية الانتخاب ، فلبنان بلد توافقي، والفراغ هو كارثة على لبنان وعلى اللبنانيين. دورنا أن ننتبه ونتنبه، كي لا نصل إلى ما لا يحمد عقباه، وما حصل في الماضي بالنسبة إلى الفراغ الرئاسي، من غير المسموح أن يتكرر، لأن ما يمكن حدوثه قد يكون الأسوأ . واليوم ليس كالأمس، كل شيء تغير في هذا الإطار، وعلينا أن ندرِك هذه الحقيقة، وأن نعمل جميعا على إنجاز تشكيل الحكومة، وانتخاب رئيس جديد لكل اللبنانيين”.
وأردف: “إن دار الفتوى سعت، وتسعى دائما إلى جمع الكلمة، ووحدة الصف اللبناني، ولا ننسى أن لبنان محاط بمخاطر واستهدافات كثيرة، ولا سبيل لخلاصه إلا بالتضامن والوعي والحكمة والإدراك ، فهي كفيلة بدرء الخطر عن لبنان، وجعله سدا منيعا في وجه كل متربص لئيم”.
وختم: “رحم الله فقيدنا الكبير سماحة الإمام العلامة الشيخ عبد الأمير قبلان. وإننا في ذكرى وفاته، نبتهل إلى الله العلي القدير، أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يجزيه خيرا على ما فعل وقدم. وخير ما ترك لنا من علم ومنهج متميز في الاعتدال والتسامح والوحدة الإسلامية والوطنية ، وحب الخير للناس كل الناس”.
ابي المنى
والقى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ د. سامي أبي المنى كلمة قال فيها:”مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى? نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا”. صاحبَ السماحة نائبَ رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب وأعضاء المجلس المحترمين، سماحةَ المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد عبد الأمير قبلان والعائلة الكريمة، أصحابَ السماحة والسيادة والفضيلة، أصحابَ المعالي والسعادة، الأخوة والأخواتُ الكرام…
يطيبُ لي من موقعي الشخصي، ومن موقع مشيخة العقل لطائفة الموحدين الدروز، أن أشاركَكم لقاءَ الذكرى السنوية الأولى لرحيل سماحة الإمام العلَّامة الشيخ عبد الأمير قبلان، سائلاً لروحه الرحمة ولأبنائه ومحبّيه ولجميع عارفيه السلامةَ والعافية، وللمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى القدرةَ من بعدِه على متابعة نهج الاعتدال وحملِ رسالةِ الأخوَّة.
سماحةُ الشيخ الإمام، عرفناه رجلَ علمٍ ومعرفة، ورجلَ مواقفَ ومبادئ، عرفناه قلباً كبيراً وعقلاً راجحاً وحضوراً لافتاً، وعرفناه وجهاً خيِّراً من وجوه الحوار والتقارب، وعلَماً لامعاً من أعلام المجتمع والوطن، كيف لا؟ وهو صاحبُ الكلمة الطيبة المؤثِّرة، والعبارةِ الرقيقةِ الصريحة، والخطابِ العابقِ بعبير المحبةِ والسلام”.
واضاف: “لقد جسَّد الإمامُ الرئيسُ إيمانَه برسالة الإسلام ونبيِّه الأكرم (ص) قولاً وفعلاً، فكان سنداً للعلم والعلماء،ناصراً للحق ومنتصراً لأهله، كما جسَّد إيمانَه بلبنانَ الواحدِ وبأمّتِه الإسلامية، فوقف عمره لخدمة المجتمع والوطن ودعمِ القضايا المحقّة،وسجّل مواقفَ وطنيةٍ رائدة رسَّختْ نهجَ الاعتدال وساهمت في صيانةِ الحياةِ المشترَكة وتعزيزِ الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وهو مَن عُرفتْ شخصيتُه بالمناقبيةِ الرفيعة والهمّةِ العالية والجهدِ المتواصل والاندفاع اللامحدودِ لخدمة الناس،والانفتاح على المكوِّنات الوطنية كافةً، وذاك هو نتاجُ الإيمان الصحيح وعنوانُ الصلاح والإصلاح الذي يضعُ صاحبَه في مصافي الخالدين، لقوله تعالى:”إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى? رَبِّهِمْ أُولَـ?ئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالدونَ”لقد
كان سماحةُ الشيخ قبلان رائداً من روّاد الوحدة الإسلامية والتضامن الإنساني، من خلال عمله للتقريب بين المذاهب وتعميم ثقافة المصالحة والتعاون، ومن خلال جهاده في سبيل الله وخدمة الفقراء والمستضعفين، وفي عملِه للوحدة والتماسك والتعاون بين أبناء الوطن، أكان في الإطار الشيعيّ أم الإسلاميّ أم الوطنيّ، أم في اندفاعه ونُصرته للقضية الفلسطينية، أم في مساندته القويّة للمقاومة الوطنية طالما اقتضى الأمرُ ووُجد العدوان”.
وتابع: “يكفيه فخراً أنه كان وفياً لسماحة الإمام السيد موسى الصدر، مرافقاً إيَّاه منذ البدايات، مُتمسِّكاً بأهدافه، محافظاً على نهجه، وحاملاً رسالتَه؛ تلك الرسالةَ التي لم تُهمَل يوماً منذ أربعٍ وأربعينَ سنةً على تغييبه المشؤومِ ورفيقَيه، تغييباً هو أشبهُ بالاغتيال وأصعبُ وأدهى، دون أن يدريَ المجرمون أن الجريمة تولِّدُ القضيَّة، وأنَّ القضيَّة تُوقظُ الشعبَ، وأنّ الشعبَ يتوارثُ الرسالة، وأنّ الرسالةَ أملٌ لا يَنقطعُ ولا يُغيَّبُ، طالما أنَّ حامليها هم قدوةُ الرجال ونخبةُ العلماءِ المتعاقبين بعد الإمام الصدر والإمام شمس الدين والإمام قبلان وسواهم من سادة هذه الطائفة الكريمة وشيوخِها وأُولي الأمر وقادة الرأي فيها.
سماحةَ الأخ الشيخ علي الخطيب، سماحةَ الأخ الشيخ أحمد قبلان، إخواني جميعاً، مع الإمام الصدر تلاقى الراحلون الكبار؛ شيخُ العقل الشيخ محمد أبو شقرا والمفتي الشهيد الشيخ حسن خالد وإخوانُهم على ثوابتَ إسلاميةٍ متينة، ومع الشيخ محمد مهدي شمس الدين والشيخ عبد الأمير قبلان تلاقى الرؤساءُ الروحيون جميعُهم، مسلمون ومسيحيون، على نهجٍ وطنيٍّ جامعٍ أكّدته القممُ الروحيةُ المتتالية، وهو ما أعادت تأكيدَه القمةُ المنعقدة في دار طائفة الموحدين الدروز بتاريخ 30 تموز 2019 بدعوة من سماحة شيخ العقل الشيخ نعيم حسن بالقول: “إن الوحدةَ الوطنية التي نشأت بين العائلات الروحية اللبنانية على قاعدة المواطنة والميثاقية والعيش المشترك والتعددية، والتي أرسى ثوابتَها اتفاقُ الطائف بتعديلاته الدستورية، تشكِّلُ الأساسَ الضامنَ لبناء لبنانَ الغد، وعلى هذا الأساس فإن أيَّ اساءة للعيش المشترك في أيِّ منطقة من لبنان، هي إساءةٌ الى لبنانَ الفكرةِ والرسالة، تعرِّضُ حاضرَه ومستقبله للأخطار والأزمات”.
واردف: “واليومَ، ما زلنا معاً، أيُّها الأخوةُ الكرام، نُجدِّدُ الإيمانَ برسالتِنا الإنسانية المشترَكة هذه، ونؤكِّدُ مسؤوليتَنا الروحيةَ والأخلاقية، معَ سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ومعَ سماحة نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، ومعَ أصحاب الغبطة والسماحة الرؤساءِ الروحيين جميعِهم، ومعَ أصحابِ السيادة والفضيلة في كل المذاهب ومن كل المشارب، معلنينَ انتماءَنا إلى هويةٍ إنسانية ووطنيةٍ واحدة، والتقاءَنا وارتقاءَنا على دروب المحبة والرحمة والأُخوَّة، واستعدادَنا للمحافظة بعضِنا على بعض محافظةَ كلِّ واحدٍ منَّا على نفسِه، اعتصاماً بحبلِ الله الجامع المتين، لا بحبل الشيطان الواهنِ المفرِّق، والتزاماً بقوله تعالى: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ…”.
التنوُّعُ نعمةٌ وغِنى؛ نعمةٌ من الله سبحانه وتعالى، والعقلُ هو النعمةُ الكبرى، أفلا يجدرُ بنا أن نَذكُرَها وأن نقابلَ مبادرةَ الله الرحمن الرحيم الودودِ الكريم بمبادرةٍ منَّا، فنُحكِّمَ عقولَنا ونرتفعَ بهذا التنوُّعِ المُنعَمِ به علينا إلى المستوى الأرفع من المودَّة والرحمة والكرم، بالتفاهم والتوافق والتشارك والتكامل لبلوغ غايةٍ إنسانيةٍ واحدة وتحقيقِ إرادةِ الله فينا، والتي هي إرادةُ الجمع والخير والسلام، لا إرادةَ الفُرقة والشرِّ والخصام؟”.
وقال: “إنَّ واقعَ بلادِنا وما فيه من معاناة وتجاذبات وهواجسَ ومخاوفَ وتداخلاتٍ يدعو إلى القلق والإحباط، ولكن بالمقابل هناك من الحكمة والإرادة والعلاقات الطيِّبة والتراثِ المشترَك والتطلُّعات الجامعة ما يدعو إلى الأمل وما يعزِّزُ الثقةَ بالوطن وبإمكانية النهوض به، وهذا ما يستدعي من أصحاب الشأن والمسؤولية الانتفاضَ على الواقع المرير وتغليبَ المصلحةِ العامة وحقوقِ الشعب على ما عداها من مصالحَ وأنانياتٍ دمَّرت البلد وكادت أن تُنهيَ وجودَه وأن تَقضيَ على أحلام الناس فيه، وهو الوطنُ الأجملُ بطبيعتِه وموقعِه، والأغنى بتراثه وتنوُّعِه،والأغلى بقيَمِه الروحية والاجتماعية.
فليكُنْ صوتُ الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان مسموعاً، ولْتبقَ دعوتُه الدائمةُ إلى الحوار والتعالي عن الصغائر قائمة، ولْنؤكِّدْ معه أن لبنانَ لا يحلِّقُ إلّا بجناحَيه؛ المسلمِ والمسيحي، ولتكنِ ذكرى رحيلِه الأُولى انطلاقةً لمسيرة إصلاحٍ حقيقيٍّ والتزامٍ أخلاقيٍّ ببنود الميثاق وبمواعيد الاستحقاقات الدستورية، بدءاً من تأليف الحكومة العتيدة الحائزة على ثقة الناس وممثّليهم والقادرة على تَحمُّلِ المسؤولية في مواجهة التحديات الداهمة، وصولاً إلى انتخاب رئيسٍ جديدٍ أمينٍ ومؤتمَنٍ على الجمهورية، وإلى عهدٍ جديدٍ يُعيدُ الثقةَ المفقودةَ بالدولة ويرسمُ ملامحَ لبنانَ الغدِ العائدِ إلى حقيقتِه المشرقة بالأملِ والعنفوان”.
وختم :”تلك هي تطلعاتُنا، وذلك هو نداؤُنا، نُطلقُه من قاعة الوحدة الوطنية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، نداءٌ واحدٌ موحَّد هو عنوانُ قمَّةٍ روحيةٍ نصبو إليها، لعلَّها تتحقَّقُ قريباً، ولعلَّ الرؤساءَ والمسؤولين يتلقَّون النداءَ بإيجابيةٍ ومروءة، فيُقدِّمونَ تنازلاتٍ مُربِحةً للجميع، ويُقدِمونَ على خطواتٍ استثنائيةٍ مُريحةٍ للداخل والخارج، فينجوَ الوطنُ بين ربحٍ من هنا وراحةٍ من هناك، ويبدأُ تفكيكُ العُقدِ واحدةً تلوَ الأخرى، عِوَضاً عن وضعِ الحواجز، حاجزاً إثر حاجزٍ، في لعبةٍ أشبهَ بلُعبة عضِّ الأصابعِ أو لعبة الرقص على حافّة الهاوية التي يغامرُ بعضُهم بممارستِها دون التفاتٍ إلى وجع الناس وألم الوطن.
ومهما يكنْ من أمرٍ، ومهما يُرَ من انهيارِ وفشل، ومهما يُرمَ بلبنانَ في أجبابِ العدوان والمقايضات، فلن يقوى عليه اليأسُ، وسيعودُ كما عاد يوسُفُ (ع): “يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُون”.
لن نيأسَ بعونِ الله، وستبقى جُذوةُ الأملِ مستعرةً تَطغى على رماد العجزِ والإحباط، طالما أن البلادَ المؤمنةَ ولَّادةٌ للرجال المؤمنينَ الكبارِ والقادةِ المخلصينَ العِظام، أمثالِ صاحبِ الذكرى، حفِظ اللهُ ذكراه، وحفِظكم خيرَ خلفٍ لخير سلَف، والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه.. ”
عصفور
والقى الشيخ محمد عصفور كلمة قال فيها: “يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد “بسم الله الرحمن الرحيم، تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ. صدق الله العلي العظيم”.إن الموت حق وحكمة وأن هذه الحياة الدنيا هي حياة امتحان واختبار وابتلاء، فالدور الحقيقي لهذه الدنيا في منظومة الوجود هي أنها الدار التي يعطى فيها للإنسان كامل الحرية والاختيار والأسباب، من أجل أن يثبت استحقاقه لذلك هي ساحة العمل والإيمان والفعل والاختيار، وهي دار الممر والمعبر . نقف اليوم على منبر فقيد لبنان والعرب والمسلمين، سماحة الامام الشيخ عبد الامير قبلان رحمه الله رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، الذي أنعم الله سبحانه وتعالى عليه بنعمة الإيمان والهداية وأعطاه أيضاً المسؤولية في رعاية الناس وخدمة الدين والقضايا التي تعني الأمة. لقد عرفنا الراحل والعلامة الكبير قامة انسانية وقيمة روحية وشخصية وطنية بمواقف رشيدة وحكيمة ،عمل في خدمة الدين ونصرة المظلومين والمحرومين وساهم في تعميم القيم وترسيخ الانتماء والسعي للحفاظ على الوطن وتعزيز اللحمة بين ابنائه على اختلاف طوائفهم وأطيافهم ، لم يقعده المرض في يوم من الأيام، ولا التعب، ولا كبر السن عن القيام بمسؤولياته ، فقضى حياته في خدمة الدين ورسالة هذه الدار الكريمة “.
واضاف: “وهي صفات تميز بها القادة الروحيون لهذه الدار الجامعة ونهج سماحة الامام المغيب السيد موسى الصدر ورفاق دربه سماحة العلامة محمد مهدي شمس الدين والراحل الفقيد الامام عبد الأمير قبلان رحمهم الله ، قادة روحيون وطنيون وشخصيات مميزة بآثارهم وأدبياتهم وقيمهم فتركوا الصدى المثمر في العالمين العربي والاسلامي، وخصوصا في الساحات المواجهة للعدو الاسرائيلي وأطماعه وغطرسته واليوم المصطلح الصحيح أن نقول بأطماعه وعدوانيته وأي شيء وحذف غطرسته فبعونه تعالى وبحكمة القادة الروحيين لمختلف الطوائف الوطنية وبوحدة اللبنانيين وبتضحيات وانجازات هذا الشعب المقاوم والجيش الذي نفتخر به لا وجود اليوم للغطرسة الصهيونية، فلبنان الصغير بمساحته أثبت انه كبير بشعبه وشامخ بمقاومته فوضع حد للغطرسة الصهيونية ولانتهاك الكرامات والحريات ومحاولة نهب الثروات وحافظ على الوطن وسيادته وكرامته ومقدراته” .
وتابع: “امام هذا الإنجاز من الطبيعي أن يحاول أعداء الوطن الالتفاف عليه بضغط سياسي وحصار اقتصادي ومحاولة انهاك الهمم ومن موقع الشفافية نحن في ظروف قاسية سياسياً وإقتصادياً ونتحسس بقوة معاناة اللبنانيين من كل الطوائف والمناطق،
وإن مواجهة هذه الضغوط وايجاد السبل الآيلة للخروج منها هي بتوافق المعنيين وحملهم لمسؤولياتهم الوطنية والتفاهم للعمل من اجل المعالجات المسؤولة للوضع السياسي والاقتصادي ووقف الانهيار وتحصين الوطن والحفاظ على الانجازات التي تحققت ،فتشكيل الحكومة حالة ضرورية وطنية وبنيوية واقتصادية وامنية ، وانجاز الاستحقاق الرئاسي ايضا حالة دستورية تحمي البنيان واستقرار المؤسسات وهنا على ذكر تشكيل الحكومات اسمحوا لي ان اكرر واؤكد على المطالبة بتخصيص مقعد وزاري للطائفة الإسلامية العلوية وانهاء مفاعيل الغبن والتهميش عن أبنائها وهذا حق اكده الدستور وصيغة العيش المشترك ورسالة لبنان الوطن والانموذج . نستذكر عبارات وتعبيرات الامام الراحل خصوصاً في الشأن الوطني، بإعتباره جزءاً من رسالته كمرجعية ، اعتبر الوطن أمانة والناس أمانة .وأكد على مشروع الدولة القوية العادلة الحاضنة لجميع ابنائها ، والعيش المشترك والسلم الأهلي وأن العائلة الوطنية شرط ضروري لقيامة لبنان”.
وختم: “إن اعطاء صيغة العيش المشترك مضمونا” فكريا” يتجاوز مقتضيات السياسة، هو المفهوم الحقيقي لمفاهيم هذه الصيغة وذلك بقبول الشركاء وكمـا يقتضي إيمانهم وثقافتهم وحريتهم ، ولكن أيضاً يقتضي وحدة الرؤيا حول المسلمات الوطنية الاساسية التي تحمي الوطن ومصالح الشعب فهي احد اهم أركان الحفاظ على الصيغة لان الصيغة هي لخدمة الوطن ومصلحة شعبه وحريته وكرامته .ان علاقتنا الجيدة مع اخوتنا واشقائنا العرب في دول الخليج هي حاجة وخير للبنان وضرورة كما ان علاقتنا بالشقيقة سورية حاجة استراتيجية للبنان واقتصادية وإجتماعية وامنية، كما يمثل لبنان حاجة مماثلة لسوريا. فلتشرع الأبواب لأفضل العلاقات لما فيه مصلحة لبنان والتعاون مع اشقائه ومع الدول الصديقة التي تسعى لتقديم العون للبنانيين دون قيد أو شرط ، المسؤوليات كبيرة لأنها تتعلق بالمصير، تتعلق بوجود وطن، وجود دولة، بقاء مؤسسات، منع العدوان ، بقاء شعب وتأمين متطلباته المعيشية ومنع مصادرة قراره ومقدراته وحاضره ومستقبله،هذه الخيارات لن تكون الا بالوحدة والتوافق وبدولة قوية جامعة ، رحم الله فقيد الأمة الراحل سماحة الشيخ عبد الأمير قبلان وأسكنه فسيح جنانه وحفظ الله لبنان وشعبه”.
قبلان
والقى المفتي الجعفري الممتاز سماحة الشيخ احمد قبلان كلمة قال فيها: “ما بين الأمس واليوم نفتقد قدوتنا، ومعلمنا، ومؤدّبنا، الأب العطوف، الشيخ عبد الأمير قبلان، وهو الذي خاض معركة مصير هذا البلد، ما بين حدوده وجبهاته وميادينه، وفوق تلاله، وبين قراه ومدنه؛ نستذكره عند تلة “شلعبون” وفي “عين البنية”، بين زواريب الضاحية، في شوارع برج البراجنة وبين أكواخها، وحي السلم، وخندق الغميق؛ في الصولات الشهيرة ما بين البقاع والجنوب وبيروت، ثائراً بين أحياء الكادحين والمحرومين والمعذّبين والمقهورين، داعياً إلى الحوار، رغم الأسى والفاتورة الباهظة، أباً للفقراء والمساكين، عنيداً بوطنيته، مصراً على أخلاقيته، متفانياً بمشروع بلده وناسه، والذي يهوّن الخطب ما قال سبحانه وتعالى (إنّا لله وإنّا إليه راجعون)، وقوله تعالى (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي). نفتقده، ولكن يكفينا احتساباً أنه عند الله تعالى، وأنه كان صوت الثائرين، كان ملاذ المحرومين، كان إمام المظلومين، كان مفتي المقاومين وشيخ المجاهدين الأوائل”.
واضاف: “ولذلك، ونزولاً على رؤيته ومطلبه الدائم أود أن أعرض عليكم بعض وصاياه من خلال كلماته وخطبه ومواقفه، وإن شاء الله تعالى سيصدر قريباً كتابٌ تحت هذا العنوان.
* بموضوع الإيمان، قال: “إياكم أن تفصلوا أنفسكم عن الله” و”من ضيّع الله خسر أبديته”.
* ذكّر بالإمام الصدر، مشيراً أنه شخصيةٌ حملت تعاليم الانبياء لخدمة الإنسان، بعيداً عن الملّة والطائفة والعرق والمنطقة. أوصى بالطوائف اللبنانية قائلاً: الطوائف عائلة الوطن، والعيش المشترك ضرورة هذا البلد كضرورة الماء والهواء.
وعن حاجة لبنان الماسّة قال: لبنان يحتاج إلى صيغة مواطنة تحمي الطوائف، وهي التي تمنع التمييز وتضمن الخصوصيات، وتحقّق الطموح بطائفة الإنسان.
وعن العلاقة مع الإخوة المسيحيين أكّد عليها قائلاً: نحن المسلمين من كل المذاهب، من صميم ديننا، نعتقد أن مصلحة المسلم من مصلحة المسيحي كعنوان للعيش المشترك، والحقوق العابرة للطوائف.
وعن إطار العمل الوطني قال: السياسات الوطنية تعني “أن تضحي لا أن تنتقم”.
وعن مفهوم العمل الحكومي، قال: لا يجوز أن تتحوّل الدولة عبئاً على المواطن، وإلا خسرنا الدولة والوطن والمواطن.
أدان تجربة الكيانات المالية التي سرقت البلد، وقال: لا شيء أخطر على هذا الوطن من لصوص الداخل.
حذّر من لعبة الأمم في المنطقة، وفي بلدنا بالخصوص، قائلاً: حين تتقسم البلاد تصبح ككرة نار، الكل يتقاذفها، “ومش رح نسمح بتقسيم البلد”.
وعمّا آل إليه أمر البلد، قال: نحن أمام أزمة طاحنة للقطاع العام ولمرافق الدولة، أزمة تضع الناس في قعر الجوع، وتحوّلهم إلى مزيد من طوابير الذلّ في البنزين والخبز… وهنا بداية سقوط لبنان.
وعن هول المخاطر، قال: أخطرها هجرة شبابنا، بعدما تحوّلت الهجرة سبباً للحياة.
هو أول من حذّر من عمل مفوضية اللاجئين، وأشار إلى أنها تقود أخطر معركة لتبديل جيل الشباب، ولنسف ديمغرافيا لبنان، وشدّد على ضرورة إغلاق كل جمعياتها ومنعها من أي دور، وإلا سيضيع لبنان.
أما عن الإنقاذ فقال: ركيزة الحلول حكومة وطنية قوية، وشراكة دستورية على قاعدة شعب وسلطة وحكّام في سفينة واحدة.
وعن درع لبنان: الجيش والشعب والمقاومة، لافتاً أن من هزم إسرائيل والإرهاب هو أكبر ضرورة لبنان.
وعن شخصية رئيس الجمهورية، يجب أن يكون قائداً وطنياً عابراً للطوائف.
وعن خوفه، قال: أخشى أن يضيع هذا البلد ولو من دون حرب، وكان يخشى لعبة الفراغ، وخرائط التفريغ، والعواصف التي تتلطى بلباس الطائفية.
وقال عن واقع الناس: ظروف الناس عبارة عن مأساة، والسكوت جريمة، وعدم الإنقاذ جريمة أكبر وخيانة، وعدم المحاسبة إعدام للبلد والناس.
أما عن فعالية الحكومة، قال: لا تتكلوا على الآخرين، ولا على الخارج، والحكومة التي تنتظر مفاتيح الحلول من الخارج أو الأجانب “ستمشي بلا إجرين”، وإذا ما اتقفنا على مصالحنا الوطنية سيلعب العالم بنا.
وأما عن العدالة الوطنية قال: هي التي تحمي الفقراء من الأغنياء، وتحمي الناس من مافيات السوق، وتحمي السلطة ممن يحكم.
وأوصى القادة الوطنيين قائلاً: الوطن يقوم “بالتضامن مش بالقطيعة”، إذا توحدنا اجتزنا الأزمة، وإذا تفرقنا سيضيع البلد.
كان يتذكر الحرب الأهلية، فيقول: مسودات الحرب الأهلية مكلفة للغاية، والذي يلعب بالحرب الأهلية ستحرقه نيرانها.قال للطبقة السياسية: التجديد هو القوة الوطنية للقيادات الوطنية، وما يدفع الناس إلى الثورة هو الأسى واليأس والفساد، ولفت إلى أن الانقسام السياسي والفساد والسرطان الطائفي أخطر سلاح مدمّر لهذا البلد.
* أما عن الحياد، كان يقول: كيف يكون هناك حياد، والنار تشتعل من حولنا وعلينا!
* كان يؤكّد على ضرورة الاقتصاد النظيف، وإعطائه الأولوية؛ فالاقتصاد يعني مواطن مأمون، يعني فرصة عمل لبنانية، يعني أمن اجتماعي ومجتمعي.
* أما للشيعة الوصية الأساس: التفاني في طريق الله وطريق نبيه وأهل بيته.
وكمشروع سياسي، قال: أوصيكم بالشراكة الإسلامية المسيحية، والعيش المشترك، والتسامح، والوحدة السنية الشيعية، والتضحية بالغالي والنفيس من أجلها.
أما لحركة أمل وحزب الله، قال: أنتم أساسٌ لأي قوة وطنية، وقال: الخلاف حرام، والفتنة حرام، والخذلان حرام، وكان يحذر: أن هناك من يريد ضرب الشيعة بالشيعة، والطوائف بالطوائف، ومن يفعل ذلك آثم، وهو عدو لله ولهذا البلد.
وكموقف تذكروا دائماً أن إسرائيل عدوّ للمسلمين والمسيحيين، للبنان ولفلسطين والقدس؛ والمقاومة درع البلد وخشبة الخلاص، ومعجزة الانتصارات.
بوصيته لدولة الرئيس الأستاذ نبيه بري وسماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله، قال أنتم الميزان والضمانة، فلا يسقطنّ هذا البلد وأنتم حملة أمله، وأنتم مقاومته”.
وختم: “ونقول: العهد كما قال الشيخ عبد الأمير قبلان، الالتزام بمصالح هذا البلد، بشراكته الوطنية، وتنوّعه وتعدده وسلمه الأهلي، ودعم المشروع الوطني، وخدمة الناس والفقراء والانتصار للمظلوم، والمحروم، والمعذّب من كل الطوائف، والتفاني في سبيل مقاومته الشريفة ومشروع دولته الجامع. شكراً لكم جميعاً، عشتم وعاش لبنان”.
الخطيب
والقى العلامة الخطيب كلمة استهلها بقوله تعالى: “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ، وقال: نحتفل اليوم بذكرى مرور عام على رحيل رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى سماحة آية الله الامام الشيخ عبد الامير قبلان رضوان الله تعالى عليه، وبدايةً وبهذه المناسبة الاليمة، أجدد التعزية الحارة من اسرته الكريمة عموماً ومن اخي سماحة المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان ومن اسرته الكريمة لأن الراحل لم يكن لاسرته فقط أو لمحبيه أو للطائفة التي ينتمي و يعتز بالانتماء اليها، كان دائماً ينتمي للدائرة الاوسع التي لم تكن تتناقض مع كل ذلك، لأن نظرته العقائدية وتكوينه الفكري لم يكن منطلقها العصبية الضيقة وإنما الانسانية الرحبة والمحبة الصادقة التي لا تتأثر بالأهواء والغرائز أو المصالح المحدودة والضيقة. ومن هنا كانت نقطة الانجذاب الى الامام السيد موسى الصدر ومشروعه الانساني الذي جسد روح قيمنا ومبادئنا في نظرته السامية العامة على الصعيد الفكر السياسي العام وعلى الصعيد الخاص على مستوى المشكلة الداخلية اللبنانية المستوحاة من هذا البعد الاخلاقي والفكري العام”.
اضاف: “عاصر الامام قبلان في حياته العامة مرحلة قيام الامام موسى الصدر بنهضته الفكرية والسياسية واندمج بها واعطاها كل وجوده ورافقها في كل مراحلها الى جانب الامام، فكان معه قبل الاختطاف وبعد الاختطاف الذي أُريد به القضاء على هذه النهضة، ولكنه بكل ايمان وعزيمة لم يتراجع عن تأييدها قيد انملة الى ان قضى نحبه ملبياً نداء ربه ، فقد كان همه الاكبر أن يرى هذا المشروع الحضاري بإنقاذ لبنان وشعبه من الطائفية السياسية وان يتعايش اللبنانيون تحت سقف القانون، تظللهم العدالة دون تمييز طائفي او مناطقي، كما يُفترض ان يكون الدور الذي يؤديه الدين في الحياة من تحقيق العدالة لبني البشر جميعاً وليس بشكل جزئي يميز فيه بين المنتمين اليه وبين الآخرين، فضلاً عن ان يكون الدين ستاراً يستظله بعض النفعيين من الذين ربما لا يتعرفون الى الدين الا من زاوية مصالحهم.
ولئن استطاع هؤلاء الحؤول دون تحقيق هذه الاهداف التي رسم الامام السيد موسى الصدر غاياتها وسعى الامام قبلان مع الامام شمس الدين على رأس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى من اجلها وعمل على نهج الامام الصدر مع المخلصين من ابناء هذا البلد على وأد الفتنة التي اشعلها المتآمرون على لبنان وشعبه الطيب، ولكن غرس المقاومة الذي كان زرع الامام الطيب اثمر تحريراً للبنان ومن ثم منعةً له سقاها الشهداء بنجيع دمائهم القاني والمقاومون بعرق جهادهم، وانتم ايها الابرار ببصيرتكم النافذة ووعيكم وصبركم لم توفروا لها دعماً بمواقفكم الصلبة تردون عنها افتراءات المفترين وتضليلات المضللين تدفعون عنها كيد الكائدين حتى صلب عودها وقويت شوكتها مع الدعم الذي قدمته لها الجمهورية الاسلامية الايرانية والجمهورية العربية السورية وكل الحلفاء والاصدقاء مشكورين حفظاً للبنان من الاخطار جراء تهديدات الكيان الصهيوني الغاصب التي تقف اليوم مجددا الى جانبه بعد الحصار الاقتصادي ومحاولات تشويه صورة المقاومة والنيل من نبلها ونقائها وطهارتها بعد ان لم يقوَ العدو على هزيمتها عسكرياً ، و في لعب سياسية خطيرة تدخل البلاد في ازمات جديدة تضاف الى ازماته المتعددة بما يبعدها عن الانشغال بإيجاد الحلول الممكنة لازماتها، استجابةً لتدخلات خارجية سافرة غير مقبولة ومستنكرة ، لما لها من عواقب وخيمة”.
وتابع: “السادة الكرام، لقد اثبتت الوقائع الماضية أن الاستمرار في هذه السياسة ادى الى هذه النتائج الكارثية على جميع الاصعدة التي باتت تهدد مصير البلد، لذلك لا بد من الدعوة الى تحكيم العقل والسرعة في النزول عن هذا المركب الصعب والاتعاظ من الماضي وعدم تكرار التجربة وان تقوم القوى السياسية بالتوافق على انجاز الاستحقاقات الدستورية بدل التعويل على التدخلات الخارجية او التحولات الدولية والاقليمية ، وخصوصاً في الظروف الحالية حيث بات مصير الوطن رهن هذا التوافق وحتى لا يعطى العدو الذريعة للتخلص من الاستجابة لحق لبنان في ثرواته البحرية.
السادة الكرام، نفتقد في هذه الظروف الصعبة شجاعة وجرأة الامام قبلان كما نفتقد قائد هذه المسيرة الإمام السيد موسى الصدر واخويه فضيلة الشيخ محمد يعقوب والاستاذ عباس بدر الدين أعادهم الله سالمين ، ونفتقد الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، رضوان الله عليه ساعين بكل اخلاص لخلاص الوطن والناس من معاناة الغربة المزمنة الناتجة عن اللامسؤولية التي اتسم بها اداء بعض المسؤولين اتجاه وطنهم وشعبهم ، ونستحضر جهاد وتضحيات السلف الصالح من أمثال هؤلاء القادة الذين قادوا سفينة النجاة لهذا الوطن، فحفظوا الامانة ولم ينسلخوا عن قضايا امتهم، وعلى طريق ذات الشوكة سار إخوانهم وابناؤهم في طريق الحق لم تأخذهم في الله تعالى وحب الوطن ونصرة قضايا الامة لومة لائم، فشهدنا وشهد العالم معنا دحراً للاحتلال الصهيوني عن ارضنا، وهزيمة نكراء للعصابات التكفيرية انجزه أبناء واخوة الامام قبلان الذي كان على الدوام نصيراً للمجاهدين والمناضلين وخير ناصح ومدافع عن مشروع المقاومة، لم يبخل بإعطاء الرأي السديد تجنبا للوقوع في الأشراك التي نصبها العدو الإسرائيلي للبنانيين وجرهم الى الحروب الداخلية والفتن المذهبية، فكان الشيخ الجليل داعية حوار وتفاهم ووحدة ووئام بين كل الأطياف والمذاهب والأطراف، عاملاً للجمع والتعاون بين اللبنانيين وناصراً للشعب الفلسطيني وسنداً لقضيتهم التي طالما اعتبرها قضية العرب والمسلمين معتبراً العدو الإسرائيلي شرا مطلقا يجب الوقوف في وجهه، ويحرم التعامل معه ، والذي لا يتوانى عن نثر بذور الشر والفساد في المنطقة، ويكرر اعتداءاته على المنشآت المدنية في سوريا ويمارس القتل بحق أبناء الشعب الفلسطيني الابي ويعتدي على مقدساته وخصوصاً على المسجد الأقصى ويهدم بيوت الآمنين الفلسطينيين من دون أي رادع، ونحن نؤكد اليوم استمرارنا في الوقوف الى جانب سوريا الشقيقة والشعب الفلسطيني ومجاهديه وندعو الى افضل العلاقات مع سوريا الشقيقة التي كانت وستبقى سنداً للبنان وشعبه، كما نؤكد على افضل العلاقات مع الاشقاء العرب والمسلمين لما فيه مصلحة لبنان وقضايا العرب والمسلمين المشتركة”.
واردف: “لقد اختار المسلمون الشيعة في لبنان وعبر مؤسستهم الرسمية المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ان لبنان وطن نهائي لبنيه وارتضوا العيش المشترك والسلم الأهلي والدولة اللبنانية التي يُفترض بها ان تحمي هذه المبادئ وتحمي ابناءها وسيادتها، ولكن حين تخلت الدولة عن الدفاع عن سيادتها امام الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان واحتلاله، اضطر سكان المناطق المحتلة و التي تقع تحت التهديد الإسرائيلي الدائم لحمل السلاح والدفاع عن انفسهم وعن ارضهم وممتلكاتهم الذي كان دفاعاً عن سيادة لبنان وكرامته وكرامة شعبه ودفعوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس من الأرواح والممتلكات والاستقرار واوقفوا العدو عند حده بعد ان حرروا الأرض، وها هو العدو يقف عاجزاً امام الموقف اللبناني الرسمي الموحد من اجل تخليص ثرواته التي تشكل المقاومة والجيش والشعب فيه نقطة القوة”.
وختم: “ان الشيعة اللبنانيين لم يغيّر ذلك في موقفهم من التمسك بالدولة ومؤسساتها ولا في مشروعهم السياسي، ولذلك فإن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يدعو اليوم كما في السابق الى عدم التفريط بوحدة الدولة ولا بكرامة اللبنانيين والى الحفاظ على لبنان وطناً نهائياً لبنيه والى وحدة ارضه وشعبه ووحدة الموقف في مواجهة مشروع الإرهاب الصهيوني الذي يشكل الخطر الحقيقي على لبنان ووحدة ارضه وشعبه وعلى المنطقة والخروج من الحسابات الطائفية والمصالح الخاصة ليبقى لبنان النموذج والرسالة.
صاحب الفخامة أصحاب الدولة أصحاب السماحة، السادة الحضور، أتقدم منكم في نهاية هذا الحفل بوافر الشكر والتقدير على تلبيتكم ومشاركتكم هذه المناسبة سائلا المولى تعالى ان يحفظكم جميعاً عشتم وعاش لبنان”.