أقامت التجمعات الشبابية في منطقة جبل عامل الأولى في “حزب الله”، وقفة رمزية أمام النصب التذكاري للاستشهادي أحمد قصير في مكان تنفيذ عمليته الاستشهادية في العام 1982 عند مدخل مدينة صور، تحت عنوان “كلنا أحمد قصير”، بمشاركة عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب الشيخ حسن عزالدين، وممثلين عن الجمعيات الأهلية والشبابية اللبنانية والفلسطينية، وفاعليات وشخصيات ثقافية، اجتماعية، أدبية وفنية.
وبعد تلاوة آيات بينات من القرآن الكريم، قال عز الدين: “إن الشهيد أحمد قصير ابن ال 18، كان مفعما بالحياة والأمل والقوة والقدرة والهمة والروح التي كانت بين جنبيه، فنظر إلى واقعه ومن حوله ومن معه، فوجد العدو الصهيوني الغاشم يحتل جبل عامل والجنوب والبقاع الغربي، ويكمل في احتلاله وعدوانه وإجرامه، ليصل إلى بيروت ويحتل ثاني عاصمة عربية بعد القدس. هذا الشاب الذي شعر مع إخوته ورفاق دربه ومع من كانوا معه في تلك المرحلة ومع أهله الذين أيضا عاشوا من علماء ونخب ثقافية وسياسية وفكرية، وشاهدوا بأم العين مدى استباحة هذا العدو للأرض والكرامة والشرف والعزة، لم يعد يطيق روحه التي بين جنبيه، فقرر أن يكون أول شهيد استشهادي، لأنه أدرك في تلك اللحظة أن لبنان سيدخل في عصر جديد هو عصر الصهيونية، وعصر إلحاق لبنان بهذا الكيان الإسرائيلي الذي هيمن على كل المناخ العربي والمحلي والدولي”.
وتابع: “شعر الشهيد أحمد أن الفعل الوحيد الذي يمكن أن يعيد الإنسان إلى ذاته وإيمانه وقدرته وقوته، ويعيد الثقة ما بين الذين قرروا أن يقاوموا هذا العدو، وبين ما يعيشه هؤلاء من إحباط وهزيمة وذل وهوان، هو الفعل الاستشهادي الذي أقدم عليه بملء إرادته وهو يبتسم ويرى منزلته في الآخرة”.
وأردف: “أقبل الشهيد أحمد على الفعل الاستشهادي ليؤكد لنا وللبنانيين وللعرب أن لا مكان لهذا الاحتلال طالما فينا دم يجري في عروقنا، وفينا قلب ينبض، وأنه لا يمكن أن نترك هذا العدو يهنأ باحتلاله وبعدوانه وبإجرامه، فكان الشهيد أحمد قصير الذي دك قيادة المنطقة بأكملها في هذه الأرض الطاهرة، أرض جبل عامل ومدينة صور، مدينة الشرفاء والإمامين شرف الدين والصدر والشهيد هيثم دبوق وكل الشهداء الذي التحقوا بأحمد قصير”.
وقال: “إن العملية الاستشهادية للشهيد أحمد فاجأت العدو، وصدمته وأصابته بالذهول، والكل يعلم عدد الإصابات التي أوقعها ما بين قتيل وجريح، ولعلها في تلك المرحلة من أكبر وأعظم العمليات التي يخسر فيها العدو هذا العدد من الضباط والجنود والتدمير الذي خلفته، ولذلك أحبط هذا العدو، وبدأ مسير الشهيد أحمد قصير، وبدأت المقاومة، وكبرت، وأصبحت اليوم المقاومة التي تفتخر وتعتز به وبكل الشهداء الذين سقطوا، علما أن قادة هذه المسيرة سقطوا وهم شباب، وقدموا زهرة حياتهم لأجل أن نحرر هذه الأرض، ولأجل فلسطين”.
وأشار إلى أن “دماء فلسطين تمتزج اليوم بدماء لبنان، ولذلك نجد أيضا أن وصية الشهيد ابراهيم النابلسي هي بأن لا تتركوا هذه البندقية، ووصية الشهيد السيد عباس الموسوي كانت بأن احفظوا هذه المقاومة، لأنها هي الخيار الأوحد الذي يعيد فلسطين ويحررها كاملة، والخيار الذي يعيد الحقوق لأهل فلسطين، ويعيد الفلسطينيين إلى بلدهم ووطنهم”.
وقال: “نؤكد في هذه الفعالية، فلسطينيين ولبنانيين وعربا، وأينما كنا على امتداد الوطن العربي الفسيح، أننا ساحة ومقاومة واحدة وهدف واحد، نسير باتجاهه وهو تحرير فلسطين، ولذلك نعاهد في هذه المناسبة كل الشهداء الذين سقطوا وسيسقطون وسيلتحقون في المستقبل بهذا الركب، بأننا سنحمي هذه المقاومة، التي ستبقى العنوان الذي يجمعنا ونعتز به، ونصل من خلاله إلى حقوقنا”.
وختم عزالدين موجها كلمة للشباب: “إقرأوا جيدا في روح وسيرة الشهيد أحمد قصير وإخوته الشهداء، وفي سيرة الشهيد ابراهيم النابلسي وكل الذين سقطوا في درب الشهادة والاستشهاد لأجل فلسطين وتحرير هذه الأرض، وإقرأوا جيدا في هذه المسيرة والمسار الذي خطه هؤلاء الشهداء لتبقى المسيرة حية ونسلمها من جيل إلى جيل، ويكون التحرير في نهاية المطاف لكل المستضعفين والمظلومين والمقهورين من الظالمين والمستبدين والمحتلين، والنصر آت، وسنصلي في القدس جميعا بإذن الله”.
وأخيرا، رسم المشاركون صورة الشهيد أحمد قصير على جدارية عملاقة تضمنت كلمات وأقوالا تؤكد إكمال مسيرة الشهداء، والتمسك بخيار المقاومة لتحرير الأرض، ومواجهة العدو الإسرائيلي وأطماعه في البر والبحر، كما أحضر المنظمون سيارة من نوع “بيجو” بيضاء اللون في دلالة على السيارة التي استخدمها الشهيد قصير في عمليته الاستشهادية، ودمر فيها مقر الحاكم العسكري في ذلك الوقت.