أقامت نقابة الأطباء في بيروت حفلا تأبينيا للدكتور غسان حمود، لمناسبة مرور أربعين يوما على وفاته، في بيت الطبيب في فرن الشباك، حضره وزيرا الصحة العامة والشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال الدكتور فراس الأبيض والدكتور هيكتور حجار، النواب الأطباء عبد الرحمن البزري، أسامة سعد، ميشال موسى، بلال عبد الله، الياس سكاف وسامر التوم، رئيسة مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة النائبة السابقة بهية الحريري، رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي وشخصيات وفاعليات وأصدقاء الراحل وعائلته ممثلة بكريمته ديانا وصهره الدكتور أحمد زعتري. وكان في استقبالهم نقيب الأطباء البروفسور جوزيف بخاش وأعضاء مجلس النقابة.
زيدان
بعد النشيد الوطني وكلمة من عريف الحفل عمر الراسي، جرى عرض فيلم توثيقي عن حياة الراحل، تحدث بعده نزيه زيدان باسم أصدقاء الفقيد، مستحضرا أبرز المحطات في مسيرته الإنسانية والمهنية والوطنية”، وقال: “غسان حمود كان نموذجا للصدق والصداقة والحب والوفاء والطموح والتواضع والتسامح والتضحية والعصامية والعطاء والابتسامة والقلب الكبير، رحمك الله يا اخي وصديقي”.
دقدوقي
كلمة مستشفى حمود ألقتها عضو مجلس نقابة الأطباء الدكتورة غنوة دقدوقي، فقالت: “الحكيم العصامي الرؤيوي الدكتور غسان حمود، الطبيب الانسان الذي شق طريق الصخر وزرع الحب في ثنايا الصدر، فارتفع الى جوار الباري بكل اعتزاز وفخر قائلا بصمت العظماء قصائد شعر وبصوت الرجال الرجال: نعم قد تهتز الجبال لكنها لا تقع. فوداعا أيها العذاب وداعا أيها الوجع سنلتقي يوما خلف المسافات نسترجع ما علمتنا إياه الحياة لكن لغير الله لن نركع. رحم الله الدكتور غسان حمود”.
زعتري
كلمة عائلة الراحل ألقاها الزعتري، فقال: “لقد غادر غسان المغامر هذه الدنيا تاركا وراءه مغامرة وحلما كبيرا في مدينته صيدا، عسى ان تبقى بذور الحب والمعرفة والمغامرة يانعة في قلوب الآلاف من الأطفال الذين ولدوا على يديه، وهؤلاء الذين ضمد جراحهم وساعدهم وداواهم وكل الأطباء الذين فتح لهم طرق المعرفة والمغامرة واحتضنهم في كنف عائلة مستشفى حمود الكبيرة”.
وشكر باسم العائلة “الأصدقاء الأوفياء، ونقابة الأطباء، وجميع الأطباء والجراحين والممرضين الذين بقوا على خدمته في الأيام الصعبة التي مر بها في العقد الأخير من مرضه”.
بخاش
كلمة نقابة الأطباء ألقاها بخاش، فقال: “أقف حائرا أمام مناقبية رجل عصامي بنى ذاته بذاته متكلا على الله وعلى قدراته الشخصية وأتساءل هل اواسي روحه الكريمة تأبينا ام اناجيها تكريما. ويتبادر الجواب سريعا. ان الرجال الكبار يتركون بصماتهم في محطات النجاح والانسانية وتبقى ارواحهم ملهمة للأجيال القادمة تعطيها دروسا في مواجهة الصعاب والتغلب عليها. هكذا هو حالي اليوم لا اعرف من اين أبدا بتعداد مزاياه. من نجاحاته في مضمار الطب؟ من انسانيته؟ من طموحه غير المحدود أو من كونه زوجا وأبا فاضلا؟ صحيح انه لم تسنح لي الفرصة ان أكون مقربا منه بل اقتصرت معرفتي به كطبيب ناجح عصامي لديه مناقبية نادرة احترم قسمه الطبي والتزم بآداب المهنة فشرف النقابة بانضمامه اليها”.
أضاف: “حياة غسان حمود دروس لنا ولزملائنا ولأولادنا. هو الطبيب الذي نشأ في مدينة صيدا وتعلم في مدارسها ومن ثم التحق بالجامعة الأميركية وتخطى ضيق الظروف المعيشية بالعمل والمثابرة فكان النجاح حليفه. وما عاشه يعيشه الكثير من طلاب كلياتنا اليوم، فهم أيضا يواجهون ويحاربون الازمات المختلفة بالمثابرة والعمل مؤمنين بان جهودهم ستعيد لبنان منارة الشرق”.
وتابع: “ان روح الدكتور غسان حمود موجودة في صميم كل واحد منا وهي تسري في عروقنا، ورؤيته البناءة والايجابية مزروعة فينا. فنقابتنا خسرت كل أموالها ومدخراتها، والمعاش التقاعدي بات بلا قيمة وبدلا من ان نستسلم قررنا الصمود والنهوض على غرار ما كان قد فعله الدكتور غسان. فقررنا ان نحصن وننقذ صندوق التقاعد من الإنهيار الحتمي ونحسن مداخيله لكي نتمكن لاحقا من رفع المعاش التقاعدي”.
وشكر الوزير الابيض “على كل الجهود التي بذلها لانجاز هذا القرار. وبالرغم من الصورة الضبابية قررنا ان نعمل على مستقبل الطبيب اللبناني ومقاربة القطاع الصحي والديمغرافية الطبية بطريقة علمية بهدف توجيه خريجي كليات الطب الى الاختصاصات التي نحتاجها على صعيد الوطن، والتركيز على دعم الطب العائلي ليكون هو المحور الأساسي حول صحة المواطن والعائلة قبل اللجوء الى الطبيب الاختصاصي كما هو معمول به في الدول المتحضرة”.
وختم: “ان احسن تكريم للدكتور غسان حمود هو بإكمال مسيرته المهنية والإنسانية”.
الابيض
وفي الختام ألقى الابيض كلمة قال فيها: “من الصعب على أي كان أن يفي فقيدنا الكبير حقه، او أن يعقب على ما سمعنا من رفقاء الدرب والزملاء والأهل ومحبي الدكتور حمود. ولعل ما سمعنا من صفات فقيدنا مما وصف به من علو الهمة والطموح وصلابة الإرادة يذكرنا بما قال الشاعر: اذا القوم قالوا من فتى خلت انني عنيت فلم اكسل ولم اتبلد. رحم الله الدكتور غسان حمود فهو كان الطبيب الناجح صاحب العلم والخبرة، داوى جروح الآلاف من المرضى بكل مهنية على مدى نصف قرن كما اقام لهم صرحا طبيا كبيرا قاده في ظروف صعبة الى ان اضحى معلما استشفائيا في صيدا والجنوب ومؤسسة تعليمية تدرب فيها المئات من الأطباء والعاملين الصحيين. وبالإضافة الى جهوده في ميدان الصحة والاستشفاء كان للدكتور حمود اثرا مهما في النهوض بمجتمعه ومدينته والوقوف الى جانب اهله خلال المحن الكبرى، ومنها الإجتياح الإسرائيلي وما تبعه حيث قدم خدمات مشفاه للجرحى والمصابين من مختلف الجنسيات. كما كان من أصحاب الرأي عبر المؤسسات التي شارك في قيادتها لما فيه مصلحة اهله ووطنه”.
أضاف: “نحن في هذه الظروف العصيبة حيث غادرنا الكثير من زملائنا واصبحنا نعاني نقصا حادا في عديد الأطباء والعاملين الصحيين كما يعاني أبناء مجتمعنا وبناته على أبواب المستشفيات بسبب قلة موارد الدولة وعجزها عن القيام بواجباتها، كم نحتاج لحضور الدكتور غسان ومثله من أطباء وضعوا خدمة أهلهم في قمة اولوياتهم ولو كان ذلك على حساب مصالحهم الشخصية والمادية. وكم تحتاج مؤسساتنا لهذه العزيمة والإرادة والتي اوجدت في ظل قلة الموارد وشحها الصروح الكبيرة والاستشفائية”.
وختم: “يحتاج لبنان اليوم لأبناء كان الدكتور حمود لهم قدوة، فيقومون بإعادة بناء الوطن بكل عصامية وتجرد وتغليب المصلحة الجماعية على المصلحة الفردية. فالدرس الأهم الذي يجب ان نتعلمه من مسيرة فقيدنا الكبير أن ما يبني الأوطان ويرفع الأقوام ليست الموارد المادية بل الطاقات البشرية وخاصة اذا تميزت بالأخلاق والعلم والعمل الدؤوب والطموح والإرادة. نحن الآن في هذا الوطن امام تحد كبير وامتحان صعب، ونحن اليوم في مناسبة لا لنذكر فقيدنا ونترحم عليه فحسب، بل لنأخذ من مسيرته العبر والدروس ولعلنا بما تعلمناه نستطيع سوية ان نحقق لبلدنا ما حققه هو لأهله ومجتمعه من مستقبل زاهر ولنعيد بناء وطننا كما بنى هو صرحه الكبير”.
ثم قدم بخاش درع النقابة لعائلة الراحل.