أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على أهمية تضافر الجهود العربية لمواجهة قضية الامن الغذائي وتأمين المنتجات الغذائية والزراعية لشعوبنا، داعياً الى ضرورة اطلاق السوق العربية المشتركة لتحسين التبادلات التجارية ومعالجة النقص في الغذاء بهدف تحقيق التكامل الغذائي لاسيما في ظل الصعوبات وازمة الغذاء العالمية والحرب في اوكرانيا.
مواقف الرئيس عون جاءت خلال استقباله قبل ظهر اليوم وفد وزراء الزراعة في كل من لبنان والاردن وسوريا والعراق المشارك في الاجتماع الرباعي الذي انعقد في بيروت في 28 و29 الحالي.
وضم الوفد الوزراء: اللبناني عباس الحاج حسن، الاردني خالد الحنيفات، السوري محمد حسن قطنا، العراقي محمد كريم الخفاجي، في حضور سفراء الدول المشاركة في المؤتمر في لبنان السفير الاردني وليد الحديد، السفير العراقي حيدر شياع البراك والسفير السوري علي عبد الكريم علي.
في مستهل اللقاء تحدث الوزير الحاج حسن شاكراً للرئيس عون اهتمامه ورعايته للملف الزراعي وحرصه على توطيد العلاقات العربية-العربية، مشيراً الى ان اللقاء الوزاري الرباعي الزراعي الذي انعقد في بيروت يستهدف توطيد العلاقات العربية في القطاع الزراعي بين هذه الدول وتذليل كل العقبات لتحقيق التكامل الزراعي لاسيما في ما خص مسألة الترانزيت وبناء منظومة كاملة في هذا القطاع. ولفت الى انه تم الاتفاق على عقد اتفاقية رباعية في هذا الاطار، مؤكداً ان القمة الرباعية ارسلت رسالة ايجابية باتجاه بقية الدول العربية، ومفادها اننا قادرون على توطيد العلاقات العربية-العربية وعودة اللحمة العربية من العاصمة بيروت التي هي كانت دائماً محط انظار كل دول العالم.
ثم تحدث الوزير قطنا، معرباً عن سعادته لانعقاد القمة في بيروت، منوهاً بالعلاقات اللبنانية-السورية، مؤكداً على التكامل بين الشعبين اللبناني والسوري وخاصة في مجال تبادل المنتجات الزراعية، لاسيما ان المنطقة تعتمد على الانتاج الزراعي بشكل رئيسي. واوضح ان فكرة انعقاد القمة في بيروت بدأت خلال اجتماعات “الفاو” في بغداد، وهدفها تذليل الصعوبات والمشاكل التي تواجه تبادل المنتجات الزراعية ضمن الدول الاربعة ، وقد تم مراجعة الاتفاقيات المعقودة بين هذه الدول، وكل واحدة منها تتعلق بمتطلبات البلدين طرفي الاتفاقية.
وأوضح الوزير قطنا انه تم خلال اجتماعات القمة محاولة توحيد الاجراءات الادارية الخاصة بالحجر النباتي، والحجر البيطري، وموضوع الترانزيت والمواصفات القياسية ومختلف الاجراءات الفنية والادارية التي تسهل التبادل الزراعي بين البلدان، وقال:”عندما نستطيع ان نصل الى ميزانية ورزنامة موحدة بين الدول الاربعة، والاتفاق على الزيادات النسبية للمنتجات الزراعية، سيتم تحقيق قيمة مضافة للفلاحين وفي الوقت نفسه تبادل الانتاج بين الدول وبالتالي يتم تحقيق التكامل بين الدول الاربعة والامن الغذائي الذي فقدناه في الفترة الاخيرة نتيجة صعوبة استيراد مستلزمات الانتاج وصعوبة تصدير باقي المنتجات، إضافة الى التغيرات المناخية وارتفاع درجة الحرارة ونسبة الرطوبة وارتفاع معدات هطول الامطار.” وأكد على اهمية “التعاون مع المنظمات الدولية والعربية لدعم برامجنا المشتركة وتأسيس مشروع مشترك”.
ولفت الى ان “طموحنا ضم أكبر عدد من الدول العربية الى هذا التحالف وتقوية العلاقات على الصعيد الزراعي.” معتبراً أن “الظروف التي مرت على الدول العربية اعاقت تنفيذ اتفاقية التجارة العربية الحرة التي كانت برعاية الجامعة العربية، وهناك رزنامة عربية موحدة متفق عليها إلا ان نتيجة للتغيرات المناخية وتغير سلاسل الانتاج وتطورها ووجود صناعات غذائية جديدة واسواق مستهدفة اخرى، اصبح من الضرورة مراجعة هذه الرزنامة وتوحيد هذه الجهود والاجراءات .وقد اطّلعنا من الوزير الحاج حسن على خطة مهمة لتطوير الزراعة في لبنان ونحن في سوريا على استعداد لتقديم اي مساعدة فنية وتقنية في هذا الاطار.”
ثم اشار الوزير الحنيفات بدوره الى التحديات العالمية والاقليمية التي تواجه القطاع الزراعي، إضافة الى التغيرات المناخية وجائحة كورونا، مشدداً على أهمية مواجهة هذه التحديات بطريقة جماعية. ولفت الى أن الظروف والصعوبات التي تواجه الدول الاربعة المشاركة في القمة هي واحدة وبالتالي من خلال لقاءاتنا المكثفة سنتمكن من مواجهة الازمات المشتركة. وأمل أن يستثمر الدعم السياسي لمزيد من التعاون لخير هذه الدول.
ثم القى الوزير الخفاجي كلمة أكد فيها أن المنطقة تمر بأزمة كبيرة على صعيد الامن الغذائي، والموضوع الاساس الذي تم التداول به هو التبادل التجاري وتبادل السلع المتوفرة في لبنان وسوريا والاردن والعراق.
وأكد أن العراق سوق استيرادي كبير وهي بحاجة الى المنتجات اللبنانية، وقد جرى الاتفاق على عدة اجراءات إدارية بين الدول الاربعة لتسهيل عمليات التصدير والتبادل التجاري وفي 14 ايلول المقبل سيعقد مؤتمر ثان في سوريا. وأكد ان توصيات المؤتمر ستكون جيدة جداً لكل المزارعين والمستهلكين من ناحية تخفيف الكلفة.
الرئيس عون
وردّ الرئيس عون مرحّباً بالوفد، مشيراً الى اهمية هذا المؤتمر واهدافه لاسيما في هذه الظروف الصعبة وازمة الغذاء العالمية التي تحتاج الى تضافر كل الجهود لمواجهتها وتأمين المنتجات الغذائية والزراعية لشعوبنا، كاشفاً أنه كان من اول من عمل على تحقيق هذا المشروع العربي التكاملي، إلا أن ظروف المنطقة اعاقت تنفيذه.
وأكد رئيس الجمهورية خلال اللقاء على ضرورة إعطاء العمل التقني اهمية لإنجاح هذا المشروع المشترك لناحية رزنامة الانتاج ورزنامة التوزيع.
وأمل انجاز مذكرة تفاهم زراعية شاملة بالشقين النباتي والحيواني وتنفيذ هذا المشروع بأسرع ما يمكن لتحقيق المنفعة والمصلحة للجميع، داعياً الى ضرورة توسيعه لاطلاق السوق العربية المشتركة لتسهيل الاستيراد والتصدير بين الدول وتحسين التبادلات التجارية ومعالجة النقص في الغذاء لتحقيق التكامل الغذائي لاسيما وان التطورات الدولية والحرب في اوكرانيا زادا من حجم التداعيات السلبية على منطقتنا خصوصاً على صعيد الامن الغذائي.
مؤتمر صحافي
وبعد اللقاء تحدث الوزراء الاربعة الى الصحافيين، فلفت الوزير الحاج حسن الى انه تم وضع الرئيس عون في اجواء القمة الزراعية التي عقدت في بيروت، والتي سيصدر عنها بعد ظهر اليوم مقررات. واوضح أن هذه القمة استهدفت مناقشة عدة نقاط ومواضيع تم الاتفاق عليها، وكان لافتاً جداً الجو الايجابي والانسيابية في طرح الامور خلال هذه القمة وهذا إن دل على شيء فعلى اي مدى اليوم نحن كعرب قادرون على ان نذلل العقبات البينية، وسيكون هناك لقاء آخر لهذه القمة حدد في 14 ايلول في العاصمة السورية ونطمح ونتمنى ان تنضم الى هذا الرباعي دول شقيقة اخرى لتعزيز الامن الغذائي العربي اولاً وتسهيل الاستيراد والتصدير وحركة الترانزيت بين الدول العربية ثانيا.
ثم اشار وزير الزراعة السوري الى أنه تم خلال اللقاء مع رئيس الجمهورية توضيح رؤية الدول الاربعة حول طريقة التعامل في ما خص المنتجات الزراعية بينها، وهي تعتبر دول زراعية ويتوفر لديها العديد من فوائض الانتاج في بعض المواسم، وهناك عجز في مواسم أخرى ومن الممكن ان يكون هناك تكامل بالانتاج الزراعي في ما بينها من حيث التسويق والانتاج والتصنيع. لذلك يتركز عملنا على وضع كل الاجراءات اللازمة لتسهيل تبادل المنتجات الزراعية وازالة كافة العوائق لتسهيل مرور هذه المنتجات بين هذه الدول. وتم الاتفاق على وضع لوائح موحدة لإدارة المحصول وتسويقه، ووضع رزنامة زراعية بين هذه الدول نستطيع من خلالها تنظيم عمليات التسويق والتبادل التجاري، وكل ذلك لمصلحة الاخوة الفلاحين والمصدّرين، وتحقيق الامن الغذائي في المنطقة الذي اصبح مهدداً في ظل التغيرات الاقتصادية والمناخية التي تواجه المنطقة والتي اثرت بشكل كبير على تراجع الموارد المائية والارضية والتي اصبحت تحدياً مباشراً امام هذه الدول، فكان لا بد من التنسيق والتعاون لوضع خطط زراعية جديدة متكاملة نستطيع من خلالها ان ننطلق الى الامام ونحقق احتياجات شعوبنا من الغذاء.
أما الوزير الخفاجي، فأشار الى انه تم خلال اللقاء مع الرئيس عون عرض كل المناقشات التي حصلت في اللقاء الرباعي في ما خص موضوع التكامل الزراعي، والخطة التي وضعت خلال اللقاء لتسهيل التبادل التجاري للسلع الزراعية بين البلدان وخاصة مع العراق وهو البلد المستهلك الكبير، وتم وضع رزنامة زراعية وإنشاء الجمعيات التسويقية وتسهيل اجراءات استلام المحصول من المزارعين وتخفيف عبء الكلفة على الفلاحين والمستهلكين. وكانت فرصة جيدة لزيادة آفاق التعاون الزراعي وتقليص “الروتين” الحاصل في التبادل التجاري على امل ان تنضم بقية الدول العربية الى هذا التحالف الرباعي”.
أما وزير الزراعة الاردني فأكد أنه “كان هناك اتفاق على مواجهة التحديات الناجمة عن الازمة الممتدة نتيجة التغيرات المناخية وجائحة كورونا والازمة الروسية-الاوكرانية وسلاسل التزويد والشحن. ولفت الى التجربة الاردنية الناجحة في هذا المجال، وقد تم من خلالها تجاوز القضايا المرتبطة بالازمة الغذائية من خلال اطر رسمية (المجلس الاعلى للامن الغذائي)، ووضع استراتيجية للامن الغذائي، وهناك مخزون من المواد الغذائية الاساسية لفترات طويلة وضعناها تحت تصرف اخواننا في لبنان وكافة الدول الشقيقة وآمل أن يتم توسيع هذا التجمع وانضمام المزيد من الاشقاء العرب وذلك لمصحة المزارعين والمواطنين.”
السيدة نجاة رشدي
الى ذلك، استقبل الرئيس عون نائبة المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان السيدة نجاة رشدي في زيارة وداعية لمناسبة تعيينها نائبة للمبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة الى سوريا ومغادرتها لبنان الى جنيف في مطلع الاسبوع المقبل.
وخلال اللقاء شكر الرئيس عون السيدة رشدي على الجهود التي بذلتها خلال وجودها في لبنان لاسيما في الظروف الصعبة التي مر بها بعد انفجار مرفأ بيروت، والدور الذي لعبته في تنسيق المساعدات الدولية من جهة وعمل المنظمات الاممية والانسانية من جهة أخرى، فضلاً عن الاتصالات التي قامت بها مع الدول المانحة لتأمين تجاوبها في دعم لبنان. وتمنى لها التوفيق في مهمتها الجديدة.
وشكرت السيدة رشدي الرئيس عون على الدعم الذي لقيته خلال عملها في لبنان، مؤكدة انها ستواصل الاهتمام بلبنان اينما حلّت.