ماتت الآمال المتبقية لإمكانية تشكيل حكومة جديدة برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، قبل 98 يوماً من انتهاء عهد الرئيس ميشال عون. نجح ميقاتي في تعطيل التشكيل بذرائع سياسية بحتة، واستسلمت جميع الكتل السياسية للأمر الواقع، وقفزت من المركب الحكومي إلى المركب الرئاسي، علّ البلاد تنجو من الفراغ القاتل الذي سيصيب المؤسسات والإدارات العامة.
وبما أننا جميعاً في المركب نفسه، يتبيّن أن المعركة الرئاسية محصورة بين رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجية، وقائد الجيش العماد جوزف عون، مع إمكانية حصول خرق لبعض الشخصيات المارونية الأخرى، وإن كانت لا تملك حظوظ فرنجية وعون، لكن ما يصحّ الآن، قد يتغيّر بعد ساعة والساحة مفتوحة على جميع الإحتمالات.
الهدف الأبرز لقوى المعارضة، بحسب قولهم، هو عدم السماح بفوز مرشح محور “حزب الله”، أي فرنجية، وذلك، لأن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، ليس في جعبته ولو 1% من “الحظ” لخلافة عمه الرئيس ميشال عون، لذلك كلّ الآمال تُعقد على فرنجية، لكن هذا لا يعني أن باسيل لا يملك الكلمة الفصل في هذا الملف، وقد كان محقّاً حين وصف نفسه بـ”الناخب الأول” لأي رئيس جمهورية جديد.
فشلت المعارضة في كسر زعامة الرئيس نبيه برّي على رئاسة مجلس النواب، وفشلت أيضاً في منع النائب الياس بو صعب من وراثة إيلي فرزلي إلى جانب برّي. هذا الإخفاق، سببه واضح جداً، قوى المعارضة لم تتفق على شيءٍ واحد منذ انتهاء الإنتخابات النيابية، لكن هل ستفشل أيضاً في الإستحقاق الرئاسي الذي يعدّ الأبرز والأهمّ لتحديد مصير البلاد والعباد؟
حتى اللحظة، لا مرشح توافقياً يلقى قبول جميع الكتل المعارضة، منهم من يريد قائد الجيش، ومنهم من يريد ميشال معوّض أو نعمة افرام، وبعضهم يريد شخصيةً غير مستفزة توافق عليها بعض القوى المحسوبة على الثامن من آذار. وفي وقت لم تتفق هذه القوى أي المعارضة على مرشحٍ واحد، يتبيّن أن سليمان فرنجية بحوزته ما يقارب الـ 62 صوتاً، 28 صوتاً من “الثنائي الشيعي” “حزب الله” و “حركة أمل”، 9 أصوات من النواب السنّة، و20 صوتاً من “التيار الوطني الحر” وحزب “الطاشناق” في حال نجح الـ deal بين فرنجية وباسيل، يضاف إليهم أصوات كلّ من النواب طوني فرنجية، فريد الخازن، وليم طوق فراس سلوم وميشال المر.
أما في الجهة الأخرى، فإن أي شخصية توافقية تسير بها قوى المعارضة كمرشّح جدي لإسقاط مرشح “حزب الله”، سيكون في جعبته 66 صوتاً، ما يعني استحالة فوز فرنجية أو أي مرشّح آخر محسوب على محور الممانعة، لذلك من المتوقع أن نشهد تعطيلًا لجلسات مجلس النواب المخصّصة لانتخاب رئيس، تماماً كما حصل على مدار عامين ونصف قبل انتخاب الجنرال عون عام 2016.
وبحسب مصادر نيابية بارزة، فإن “الثنائي الشيعي” و”التيّار الوطني الحر”، سيقومون بتعطيل جلسة انتخاب الرئيس في حال لم يضمنوا فوز مرشحهم، باعتبار أن عقد الجلسة يحتاج حضور ثلثي النواب أي 85 نائباً، وهذا خير دليل على أن الفراغ الرئاسي أمرٌ محسوم، أللّهم إلاّ إذا أُخمدت نيران المنطقة، ويبدو أنها لن تُخمد.