كتبت “النهار” تقول: مع ان القضايا والأزمات الاجتماعية تقدمت المشهد الداخلي في مطلع الأسبوع الجديد بما يعكس اشتداد السباق الحار بين الأولويات الاجتماعية الضاغطة والاستحقاقات السياسية والدستورية المتعاقبة، لم تمرّ معالم القطيعة التي تطبع العلاقة بين رئاستي الجمهورية وحكومة تصريف الاعمال مرورا عاديا، نظراً الى التداعيات السلبية التي ترخيها على مجمل واقع الدولة في هذه المرحلة الحرجة. فمع عودة رئيس حكومة تصريف الاعمال #نجيب ميقاتي الى مزاولة نشاطه في السرايا، وعدم حصول أي تطور في شأن معاودة المشاورات المباشرة بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون حول ملف تاليف حكومة جديدة اكتسبت التقديرات التي ترجح تعذر تشكيلها خلال الفترة المتبقية من العهد العوني صدقية اكبر، ولو ان المواقف الرسمية لا تزال تردد شكلا وعلنا لازمة التشديد على تشكيل حكومة جديدة خلافا لما يجري في كواليس عرقلة عملية التاليف. ولفتت أوساط معنية برصد مؤشرات ازمة التاليف تعمق ظاهرة القطيعة بين بعبدا والسرايا في حين لا يمكن الاعتداد بخطوط انفتاح بين بعبدا وعين التينة ولو ان هدنة تسود بينهما راهنا. هذا الواقع دفع الاوساط المذكورة الى توقع حالة سلطوية شديدة السلبية عند مشارف العد العكسي لبدء المهلة الدستورية للاستحقاق الرئاسي، بما يعني في اقل الاحتمالات ان مناخات المعركة الرئاسية بدأت تطغى على كل الأولويات الداخلية وان تداعيات هذه المناخات لن توفر كل اركان السلطة الراهنة من الاهتزازات المبكرة. ولم يكن الانكباب امس على معالجة الحكومة المستقيلة لمجموعة ملفات مختلفة سوى دليل على الاتجاه الى تفعيل وضع تصريف الاعمال .
مسيرة جديدة
في أي حال لم تغب حالة البلبلة والتخبط التي تطبع وضع اركان السلطة عن اطلاقهم مواقف متفرقة من الملفات المطروحة لا سيما منها ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين #لبنان وإسرائيل في وقت عاد “#حزب الله” الى اطلاق مسيّرة جديدة في اتجاه الأجواء الإسرائيلية بما قد يعكسه هذا التطور من ابراز للتناقض المستمر الذي يطبع موقف الدولة من ملف الترسيم. وكان الرئيس عون قد شدد قبل ساعات من اعلان إسرائيل اسقاط مسيّرة جديدة لـ”حزب الله”، وخلال استقباله وفد “مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان” الذي جال ايضا على عين التينة والسرايا، على “ضرورة تشكيل حكومة جديدة تتابع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي”، داعيا الى “عدم التأخير في ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، والمحافظة على استقرار الحدود”. ورأى أن “الأحداث الراهنة هي نتيجة واقع سبّب عقماً في عمل المؤسسات وامتناع المسؤولين لسنوات عن معالجته”. ومن جهته قال رئيس مجلس النواب نبيه بري للوفد الاميركي: “لم يعد من وقت للمماطلة والتأخير في ترسيم الحدود البحرية والسماح للشركات التي رست عليها المناقصات بمباشرة عملها، ولا مبرر على الاطلاق لهذا التأخير اوالمنع”. اما الرئيس ميقاتي الذي عاد امس الى السرايا فالتقى السفيرة الفرنسية آن غريو أن غريو، واجرى معها جولة أفق تناولت الأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة ، كما إجتمع مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا، وعرض معها الملفات الثنائية لا سيما ما يتعلق منها بموضوع الوساطة الأميركية لترسيم الحدود اللبنانية البحرية.
وفي المقابل أفادت هيئة البث الاسرائيلية بعد الظهر أن الجيش الاسرائيلي أسقط طائرة مسيرة تابعة لـ”حزب الله” اجتازت الحدود من لبنان . وأوضحت أن المسيرة تحمل كاميرا يبدو أنها قامت بتصوير جوي وتسجيل في الأراضي الاسرائيلية، مضيفة أنها لم تصب باذى مما سيمكن الجيش الاسرائيلي من معرفة المهمة التي نفذتها. وكشف المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي أن الجيش الاسرائيلي “رصد في وقت سابق امس تسلل مسيّرة درون من الأراضي اللبنانية نحو الأراضي الإسرائيلية وقام بإسقاطها”، لافتا إلى أن وحدات المراقبة الجوية تابعت المسيرة طيلة الحادث. وأشار أدرعي إلى أنه “يبدو أن مسيرة الدرون مرتبطة بحزب الله” مؤكدا “مواصلة العمل لمنع أي خرق لسيادة إسرائيل”.
إضراب القطاع العام
اما في المشهد الاجتماعي وبينما الاضرابات على حالها وقد انضم اليها المساعدون القضائيون، قدمت الحكومة مشروع حلّ عقب اجتماع في السرايا برئاسة ميقاتي لعرض مجموعة من الاقتراحات المتّصلة بإنهاء إضراب موظفي القطاع العام واقتراحات الحل تضمنت زيادة تدريجية لأجور العاملين في القطاع العام من دون أي ذكر لشكل هذه الزيادة، أو لتمويلها سواء عبر السياسة النقدية أو من خلال الخزينة . وبدا هذا الاجتماع على رغم انه كان مقررا مسبقا ، وسط ازمة تاليف الحكومة الجديدة ، كأنه بمثابة تفعيل لعمل حكومة تصريف الاعمال.
تم اقرار دفع المساعدة الاجتماعية المقررة سابقا والتي كانت تبلغ نصف راتب عن شهري أيار وحزيران، واستصدار مرسوم استثنائي يقضي بدفع مساعدة اجتماعية جديدة تعادل راتبا كاملا كل شهر ابتداء من شهر تموز ويستفيد من ذلك مَن شملهم قرار مجلس الوزراء الصادر سابقا بهذا الشأن. النظر في مضاعفة الرواتب بعد اقرار الموازنة وفي ضوء الواردات التي سيتم تحصيلها. اعطاء بدل نقل يومي عن الحضور الفعلي يبلغ 95 الف ليرة .
دوكان في بيروت
وبدا لافتا وسط معالم الازمة الحكومية ان الموفد الفرنسي المكلف بتنسيق الدعم الدولي للبنان بيار دوكان استهل مهمته الجديدة في بيروت بلقاء الهيئات الإقتصادية برئاسة الوزير السابق محمد شقير قبل ان يلتقي أي مسؤول رسمي. وقد عرضت الهيئات الإقتصادية الخطوط العريضة لخطتها للتعافي الإقتصادي والمالي، ثم دار نقاش مطول بين السفير دوكان والحاضرين حول القضايا المطروحة.
وشدد دوكان على أن “لا بديل عن التوقيع السريع للغاية على برنامج مع صندوق النقد الدولي، على أساس الاتفاق التقني الذي أبرم في بداية نيسان الماضي بين الحكومة اللبنانية والصندوق”، معتبراً “إن ذلك يشكل الوسيلة الواقعية الوحيدة لخروج لبنان من الأزمة، ولإعادة إطلاق الاستثمار والاستهلاك والنمو والحصول على دعم المجتمع الدولي”.
تعديلات #السرية المصرفية
وفي سياق مالي اخر اقرت لجنة المال والموازنة النيابية امس مشروع قانون رفع السرية المصرفية معدلاً، واعلن رئيس اللجنة النائب ابرهيم كنعان معلناً ان “اقراره لا يعني اننا اعتمدنا مشروع القانون كما ورد من الحكومة، بل عدلناه، وقد استغرقت الجلسة وقتاً طويلاً وكذلك الجلسات السابقة، نظرا للجديّة الكبيرة في العمل والتي هدفت الى تأمين الشفافية ومكافحة الفساد وتبييض الاموال والارهاب ومنع التهرب الضريبي كما الإبقاء على السرية في كل ما لا يتصل بالمخالفات المذكورة في متن القوانين المقرّة سابقا كقانون الاثراء غير المشروع وقانون انشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وقانون الاجراءات الضريبية كما قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الأرهاب”. وذكر ان “الحكومة لم ترسل قانون الغاء السرية المصرفية بل تعديل هذا القانون. و ضوابط لجنة المال بناء على تقرير اللجنة الفرعية تحدد الجهات المسموح لها برفع السرية المصرفية “ومش كل مين طلع عبالو يرفع السرية فيه يرفعها ” فهناك شروط وآليات يجب إحترامها من ضمن القوانين التي ذكرت”. وشدد على ان “الضوابط التي وضعتها لجنة المال هي ضوابط اساسية ومهمة وتحدد الجهات المخولة طلب رفع السرية مثل القضاء المختص، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وهيئة التحقيق الخاصة والإدارة الضريبية وكل ذلك مفصّلاً في ال ٣٠ صفحة التي تم درسها مادة مادة”.