كتبت صحيفة “النهار” تقول: بدا لافتا امس ان أصداء القلق الدولي حيال تصاعد مؤشرات ازمة تاليف حكومة جديدة في لبنان، بعد أسبوعين من تكليف الرئيس #نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة، لم تتأخر عن الظهور بسرعة غير اعتيادية هذه المرة، نظرا الى ادراك الاسرة الدولية خطورة استنزاف عامل الوقت المحدود والمهلة القصيرة المتبقية من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، بما لا يسمح بالتهاون مع ترف الانتظار طويلا. وهذا ما يفسر مبادرة مجلس الامن الدولي الى اصدار بيان صحافي استعجل عبره تشكيل حكومة جديدة في لبنان، كما حض على التنفيذ العاجل للإصلاحات لا سيما منها تلك التي تتيح للبنان ابرام اتفاق سريع مع صندوق النقد الدولي. هذا الموقف جاء في اطار بدء ظهور معالم الضغوط الدولية على لبنان لمنع استشراء الازمة الحكومية التي بدأت، على ما توضح المعطيات الأخيرة، تتجه نحو انسداد طويل ومثير للاخطار، التي اقلها البقاء على حكومة تصريف الاعمال راهنا، واقصاها تعذر تشكيل حكومة جديدة، وفتح ازمة اشد خطورة تتصل بالاستحقاق الرئاسي. وإذ بدا محبطا وصادما لكثيرين ان الساعات الأخيرة لم تشهد أي محاولة سياسية لاحداث اختراق في جدار الانسداد، بدليل مغادرة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي البلاد الى منتصف الأسبوع المقبل، وبدء إجازة الأضحى المديدة بلا أي مؤشرات لحلحلة الازمة، لاحت معالم الاتجاه الى التعويض عن استنزاف الوقت من خلال تزخيم الاستعدادات لعقد جلسة تشريعية لمجلس النواب في مهلة قريبة تدرج في جدول اعمالها المشاريع الأساسية التي يتطلب انجاز الاتفاق بين لبنان وصندوق النقد الدولي ابرامها تصديقها في مجلس النواب. وتنامى هذا الاتجاه في ظل تصاعد الازمة الحكومية التي ترجمها قطع كل مسالك الاتصالات واللقاءات والمشاورات بين بعبدا والرئيس المكلف، اذ تشير المعلومات الى مخاوف من خطوات تصعيدية قد يقدم عليها العهد وتياره والوزراء المحسوبين عليهما بعد عطلة الأضحى بما قد يدفع ميقاتي الى الرد بخطوة دراماتيكية. ولم تظهر معالم أي وساطات لتبريد التوتر بين الجانبين بما يخشى معه ان تمهد عطلة الأضحى لانفجار الازمة.
مجلس الأمن
وفي غضون ذلك، صدر عن أعضاء مجلس الامن الدولي بيان صحافي عن لبنان جاء فيه “أحيط أعضاء مجلس الأمن علما بتعيين نجيب ميقاتي رئيسا جديدا للوزراء في 23 حزيران، وكذلك عرض الأخير لتشكيلته الحكومية أمام رئيس الجمهورية اللبنانية في 29 حزيران. بعد أكثر من شهر من الانتخابات التشريعية في لبنان، يدعو أعضاء مجلس الأمن إلى الإسراع في تشكيل حكومة لتنفيذ الإصلاحات اللازمة. بالنظر إلى حدة الأزمات المتفاقمة في لبنان، فمن مسؤولية وواجب جميع الفاعلين السياسيين العمل معًا لإعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية والارتقاء إلى مستوى التحديات التي تواجه الشعب اللبناني. وشجع أعضاء مجلس الأمن على اتخاذ تدابير لتعزيز مشاركة الشباب وتعزيز المشاركة السياسية الكاملة والمتساوية والهادفة للمرأة وتمثيلها، بما في ذلك في الحكومة الجديدة، فضلا عن تمكينها اقتصاديا. وشددوا على الأهمية الحيوية للالتزام بالتقويم الدستوري حتى تجري الانتخابات الرئاسية في موعدها. وأشار أعضاء مجلس الأمن أيضا إلى الحاجة إلى التنفيذ العاجل للإصلاحات الملموسة التي تم تحديدها سابقا والتي من شأنها أن تمكن من إبرام سريع لاتفاق مع صندوق النقد الدولي للاستجابة لمطالب اللبنانيين. وشددوا على دور المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك البرلمان المنتخب حديثاً والحكومة الجديدة، في تنفيذ الإصلاحات اللازمة لمعالجة الأزمة غير المسبوقة، واجتثاث الفساد، وتحقيق حوكمة أكثر استجابة. كما شددوا على أهمية تنفيذ تلك الإصلاحات من أجل ضمان الدعم الدولي الفعال. وأكدوا أن استقرار لبنان أولوية مشتركة”.
وفي سياق غير بعيد عن الموقف الاممي، اتخذت زيارة قام بها امس وفد مؤلف من 15 عضوا من سفراء وكبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي لمقر “اليونيفيل” ومنطقة عملياتها في الناقورة، دلالات ديبلوماسية بارزة، عشية تجديد التفويض لقوات اليونيفيل وفي وقت تتصاعد فيه المخاوف حيال ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في ظل التوترات الأخيرة. وتوجه رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام اللواء ارولدو لازارو بالشكر الى كتلة الاتحاد الأوروبي على دعمها وقال: “لقد دعمت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي اليونيفيل وكان هذا ضروريا لمساعدتنا في تطبيق ولايتنا،” مضيفا: “تشكل قوات الاتحاد الأوروبي ثلث أفراد البعثة البالغ عددهم أكثر من 10 آلاف جندي في البر والبحر. لقد ساهم عملهم وتضحياتهم بشكل مباشر في الحفاظ على 16 عاما من الاستقرار والامن غير المسبوق على طول الخط الأزرق”.
وقد ضم الوفد برئاسة سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طراف، ممثلين عن: النمسا، وبلغاريا، وجمهورية التشيك، وفنلندا، وفرنسا، وألمانيا، واليونان، والمجر، وإيطاليا، وهولندا، وبولندا، ورومانيا، وسلوفاكيا، وإسبانيا.
وأشاد اللواء لازارو بالاتحاد الأوروبي لدعمه المجتمعات المحلية في جنوب لبنان والقوات المسلحة اللبنانية. وقال:”أظهرت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أيضا التزاما عميقا بتطوير قدرات القوات المسلحة اللبنانية، الذين هم شركاء اليونيفيل الاستراتيجيين. رؤيتكم ودعمكم المالي لمقر قيادة الفوج النموذجي اللبناني يساعد الجيش في نشر المزيد من القوات في الجنوب. وهذا سيعزز قدرة الحكومة على ممارسة سلطتها على جميع الأراضي اللبنانية، وهو الأمر الذي كان عنصرا هاما في ولاية اليونيفيل منذ القرار 1701″ .
من جهته، أشار السفير طراف إلى “أن ولاية اليونيفيل كانت حاسمة في الحفاظ على وقف الأعمال العدائية”، منوها بـ”الدور الرئيسي للبعثة في تخفيف التوترات بين لبنان وإسرائيل”. وقال: “من خلال آليات الاتصال والتنسيق، توفر “اليونيفيل” منصة مهمة للاتصالات غير المباشرة بين إسرائيل ولبنان، وتلعب دورا حاسما في خفض التصعيد وإدارة الصراع وبناء الثقة”.
جلسة تشريعية
وبالعودة الى المشهد الداخلي، تجري وسط احتدام الازمة الحكومية الاستعدادات لعقد جلسة لمجلس النواب بعد عطلة عيد الأضحى لم يحدد موعدها بعد لدراسة واقرار عدد من مشاريع القوانين والاقتراحات المتصلة بخطة التعافي المالي والاصلاحات المطلوبة لاسيما من صندوق النقد الدولي .
ويفترض ان يعقد اجتماع لهيئة مكتب المجلس يرأسه رئيس المجلس نبيه بري لتحديد جدول الاعمال الذي يتوقع ان يتضمن مشروع الموازنة العامة التي يفترض بلجنة المال والموازنة الانتهاء من دراستها والصياغة النهائية لها ليتمكن النواب من مناقشتها والموافقة عليها ، ومشروع فتح اعتمادات اضافية من اجل تمويل بعض المشاريع الحياتية الملحة التي توجبها المسيرة العامة للدولة ، ومشروع الكابيتال كونترول ، ومشروع قانون السرية المصرفية الذي يحتاج الى بعض التعديلات . وخطة التعافي المفترض ان تناقش في شكل تفصيلي لمعرف التوجهات المستقبلية للاقتصاد اللبناني.
وامس أحالت لجنة المال مشروع الحكومة لقانون السرية المصرفية على لجنة فرعية برئاسة النائب ابرهيم كنعان لانجازه تمهيداً لعرضه على الهيئة العامة.
وقال كنعان بعد اجتماع للجنة ان لجنة المال تخطّت الأخطاء الشكلية الواردة في مشروع الحكومة تسهيلاً لانجازه بعد دراسة معمقة لمواده واعتبرت أهدافه الإصلاحية بمكافحة الفساد والحدّ من التهرب الضريبي ضرورة وطنية قبل أن تكون مطلباً دولياً. اضاف: طالبت اللجنة رئاسة المجلس وضع قانون رفع السرية المصرفية عن القطاع العام المقرّ في اللجنة منذ تشرين الأوّل ٢٠٢١ على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة.
وأفادت دوائر بعبدا امس ان المدير الإقليمي لشركة “الفاريز ومارسال” جايمس دانيال اطلع الرئيس عون على ان “الشركة بدأت بالفعل عملها في 27 حزيران 2022 في التدقيق المحاسبي الجنائي في مصرف لبنان، بعد استكمال جمع الداتا والمعلومات والمستندات المطلوبة، أي بعد ما يناهز سنتين و3 اشهر من القرار الذي كان اتخذه مجلس الوزراء في ذلك الوقت باجراء هذا التدقيق”.
ونقلت عن الرئيس عون “ارتياحه الى ما آلت اليه الأمور اخيراً بالنسبة الى موضوع التدقيق المحاسبي الجنائي، مع بداية عمل فريق شركة الفاريز ومارسال”. واكد خلال استقباله دانيال في حضور وزير المال في حكومة تصريف الاعمال يوسف خليل، ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان كريستيل واكيم ان “اللبنة الأولى من مسار الإصلاح الذي اصر عليه لاكثر من سنتين و3 اشهر، قد وضعت، ما يعني ان المسيرة الإصلاحية لن تتوقف بعد اليوم، وان المساءلة سوف تحصل على المستويات كافة”.