كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: توزعت الاهتمامات في عطلة نهاية الاسبوع بين وقائع الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب وملف ترسيم الحدود البحرية، في ضوء المسيّرات الثلاث التي اطلقها «حزب الله» فوق حقل «كاريش»، وتطورات ملف التأليف الحكومي، وما يدور حوله من خلافات واشتراطات حول الحكومة الموعودة ومهماتها، بما يعكس التعقيدات الكبيرة التي يواجهها هذا الاستحقاق الدستوري، رغم الدعوات الكثيرة في الداخل والخارج إلى الإسراع في تأليف الحكومة وتلافي الفراغ الحكومي، قبل الدخول في المهلة الدستورية لانتخابات رئاسة الجمهورية مطلع ايلول المقبل. ويُنتظر ان يحفل هذا الاسبوع بمزيد من التطورات، خصوصاً على الصعيدين، الحدودي، باحتمال تلقّي لبنان الردّ الاسرائيلي على اقتراحاته من الوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين، والحكومي، بحصول مزيد من الحراك على جبهة تأليف الحكومة.
شكّل انعقاد اللقاء التشاوري لوزراء الخارجية العرب في بيروت جرعة دعم معنوية للبنان الذي يواجه أزمة مالية حادة، على وقع فراغ حكومي وبدء العد العكسي لنهاية ولاية الرئيس ميشال عون، الذي لن يتمكّن من المشاركة في القمة العربية الدورية المقرّرة في الجزائر، أوائل تشرين الثاني، بسبب انتهاء ولايته في 31 تشرين الأول. وعلى الرغم من انّ مستوى المشاركة العربية كان منخفضاً، حيث تَمَثَّلَ أقل من نصف الدول الـ 21، بوزراء الخارجية، إلّا انّ هذا الأمر لا يقلِّل من أهمية انعقاد هذا اللقاء في بيروت، الذي يؤشر بوضوح إلى حرص عربي على استقرار لبنان، وهذا ما تمّ تأكيده والتركيز عليه.
وقالت مصادر إطّلعت على اجواء الاجتماع الوزاري لـ«الجمهورية»، إنّ «الحرص العربي الصادق لن يخرج عن سقفه المعنوي، فلا مساعدات للبنان بمعزل عن الإصلاحات والشروط الدولية المطلوبة منه، إنما حدود هذا الحرص يتمثّل بتوجيه ثلاث رسائل أساسية:
ـ الرسالة الأولى، إلى المسؤولين اللبنانيين، بضرورة تحمُّل مسؤولياتهم في إدارة الدولة وتأليف حكومة ومنع الفراغ الرئاسي وإيجاد الحلول اللازمة للخروج من الأزمة المالية، وحضّهم على الاتكال على أنفسهم، لأنّ أحدًا لن يساعدهم في حال عدم تحمّلهم مسؤولياتهم، كون لبنان بلدهم ومن غير الجائز استمرار سياسة المناكفات على حساب البلد والناس.
– الرسالة الثانية، إلى الشعب اللبناني، مفادها انّ الدول العربية لن تترك هذا الشعب الذي يعاني من أزمة غير مسبوقة، أدّت إلى ارتفاع منسوب الفقر والهجرة، وستقف إلى جانبه وتمدّه بالدعم المطلوب، من أجل ان يتمكن من الصمود لتجاوز أوضاعه الصعبة. وجاء توقيت انعقاد اللقاء بعد الانتخابات النيابية وقبل تأليف الحكومة، بمثابة تحية إلى الشعب اللبناني الذي بدّل في نتيجة الانتخابات، وانّ الدول العربية لن تسمح بانهيار البلد وفقدانه استقراره.
– الرسالة الثالثة، إلى الدول الغربية والإقليمية بضرورة مساعدة لبنان وتحييده عن النزاعات وتوفير مقومات الدعم والصمود لشعبه. وجوهر هذه الرسالة انّ الدول العربية لن تترك لبنان لمصيره ولن تسمح بإخراجه من المنظومة العربية».
وفي معلومات لـ«الجمهورية»، انّ الديبلوماسيين العرب عقدوا خارج إطار الاجتماعات الرسمية لقاءات جانبية وبعيدة من الإعلام، مع مراجع ومسؤولين لبنانيين، في محاولة لتكوين صورة متكاملة حيال ثلاثة استحقاقات أساسية:
ـ الاستحقاق الأول، هو الانتخابات النيابية التي جرت في 15 أيار الماضي، حيث أصرّ الديبلوماسيون على محاولة معرفة حقيقة التوازنات السياسية التي أفرزتها هذه الانتخابات، وما إذا كان هناك من أكثرية في يد فريق معيّن، وعلى أي أساس يمكن هذه الجهة او تلك ان تستميل هذا النائب او ذاك، وهل التموضعات هي نهائية أم انّ الاصطفافات تحصل حسب القضية المطروحة. وإلى ما هنالك من تساؤلات لمعرفة حقيقة ميزان القوى النيابي داخل البرلمان.
– الاستحقاق الثاني، هو تأليف الحكومة بعد تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليفها، وقد وصلوا إلى خلاصة مفادها انّ حكومة جديدة قبل الانتخابات الرئاسية لن تتشكّل، لأنّ العهد لن يتنازل قبل أشهر من نهاية ولايته، والرئيس المكلّف لن يتنازل لمصلحة تشكيلة تخدم العهد وتسيء إلى صورته ودوره كرئيس حكومة محتمل في العهد الجديد.
– الاستحقاق الثالث، هو الانتخابات الرئاسية، حيث حاول الديبلوماسيون معرفة من هم المرشحون خارج إطار المرشحين التقليديين، وما إذا كان «حزب الله» سيدعم ترشيح رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل أم ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية أم شخصية أخرى من خارج الاصطفاف السياسي. وتساءلوا حول مدى قدرة المعارضة على توحيد صفوفها وتبنّي ترشيح واحد، وانّها في حال تمكنت من ذلك هل تنجح في إيصاله. وحذّروا من الفراغ الرئاسي، كون الوضع المأزوم في لبنان لا يتحمّل مسلسل الفراغ الذي اعتاد عليه هذا البلد، وكان له مساهمة أساسية في الانهيار الحاصل.
هوكشتاين على الخط
وعلى صعيد ملف ترسيم الحدود وإطلاق «حزب الله» أمس الاول 3 طائرات مسيّرة فوق حقل «كاريش»، أجرى الوسيط الأميركي المكلّف ملف ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين ليل السبت – الاحد، جولة من الاتصالات الهاتفية مع بيروت، مستطلعًا ما حصل وطالبًا توضيحات ومتسائلًا عمّا إذا كان المسؤولون اللبنانيون على علم بهذه العملية، وما يمكن ان تؤدي اليه في هذه الفترة بالذات، وصولًا الى ما يهدّد سير المفاوضات التي يجريها، والتي توصلت إلى مرحلة متقدّمة في اتجاه تقريب وجهات النظر بين لبنان واسرائيل.
وقالت مصادر واسعة الإطلاع لـ «الجمهورية»، انّ اتصالات هوكشتاين شملت عددًا من المسؤولين اللبنانيين مدنيين وأمنيين من المعنيين بملف الترسيم، ومن بينهم نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، توجّه من خلالها اليهم بمجموعة من الاسئلة عن الأسباب التي دفعت إلى هذه العملية، ومستطلعًا رأيهم في ما جرى ومتمنيًا تبريرًا مقنعًا لما حصل.
وفي هذه الأجواء، تتبّع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عملية ارسال المسيّرات، طالبًا المعلومات التي تسمح بالتعاطي مع هذه القضية، خصوصًا بعدما اطلع على أجواء اتصالات هوكشتاين وما تضمنته من رسائل يرى لبنان نفسه معنيًا بالردّ عليها. فالوسيط الاميركي، وكما تبلّغ لبنان قبل ايام من السفيرة الاميركية، كان قد توصل إلى مرحلة متقدّمة من المفاوضات مع إسرائيل.
وكشف أحد الذين اتصل بهم هوكشتاين، انّه كان متخوفًا من هذه العملية ومتوجسًا من ردّات الفعل عليها، لما تشكّله من عقبة قد تودي بما تحقق في المفاوضات من إيجابيات، تنعكس سلبًا على مهمته في المستقبل.
وفي معلومات «الجمهورية»، انّ السفيرة الاميركية دوروثي شيا اتصلت بالمسؤولين اللبنانيين، مواكبة ما حصل، والتشاور في ما يمكن القيام به لحماية ما تحقق في المفاوضات الجارية، وخصوصًا انّها عادت من واشنطن بأجواء ايجابية.
الردّ على الاحتجاج
وكشف وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب، انّه التقى شيا، وأنّ اجتماعاً سيُعقد اليوم، من دون ان يشير إلى مستواه ومكان انعقاده «من اجل تجهيز الردّ على الاحتجاج الأميركي في شأن اطلاق »حزب الله» مسيّرات فوق حقل «كاريش».
وقال بو حبيب: «إجتمعت مع السفيرة الأميركية وكانت متفائلة في شأن الوصول لاتفاق بشأن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية». مؤكّدًا انّ «التفاوض في شأن ترسيم الحدود البحرية في مرحلة متقدّمة جدًا وآخذ في التفاؤل، ومن الآن حتى شهرين تتضح مساراته». وختم: «انّ السفيرة الأميركية أبلغتني احتجاجها لاطلاق «حزب الله» مسيّرات فوق حقل كاريش، وهناك اتفاق على أن لا تتمّ أي إثارة للوضع خلال المفاوضات. وأنّ لبنان لم يتلقّ ردًا مكتوبًا لكنه متمسك بالـ860 كيلومتراً متعرجًا كان أو جالسًا، ونريد حقل قانا بكامله».
الموقف الاسرائيلي
وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلى أنّ «مسيّرات حزب الله حاولت المساس بمنشآت إسرائيلية في المياه الاقتصادية الإسرائيلية». وأضاف: «حزب الله يواصل بطرق إرهابية المساس بقدرة لبنان على التوصل لاتفاق لترسيم الحدود». ولفت إلى أنّ «إيران وحماس وحزب الله لا ينتظرون، وعلينا أن نتحرك ضدّهم في جميع المجالات، وهذا ما سنفعله».
بين التأليف والتصريف
وعلى صعيد ملف التأليف الحكومي، أبلغت اوساط سياسية مطلعة الى «الجمهورية»، انّ «تشكيل حكومة جديدة يواجه عقداً غير سهلة، منها الصارخ ومنها ما هو جمر تحت الرماد». ولفتت الى انّه لا بدّ من إيجاد مقاربة وسطى بين طلب رئيس الجمهورية ميشال عون اعتماد حكومة ثلاثينية تضمّ وزراء سياسيين، وبين طرح الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي الداعي الى إبقاء الحكومة الحالية مع بعض التعديلات، وإلّا فإنّ استمرار تصريف الأعمال حتى الانتخابات الرئاسية قد يصبح خيار الأمر الواقع».
واعتبرت الاوساط، انّ «من مكامن الخلل في تشكيلة ميقاتي سحب حقيبة أساسية هي الطاقة من الأرثوذكس وإعطائهم في المقابل حقيبة المهجرين الهامشية».
واشارت هذه الاوساط، الى انّ العقدة الأكبر هي انّ جوهر التعديلات الوزارية المطروحة استهدف حصراً فريق عون «ذلك أنّ غالبية الوزراء المقترح استبدالهم مصنفون ضمن خانة هذا الفريق، وهم وزير الطاقة وليد فياض المحسوب على «التيار الوطني الحر»، ووزير المهجرين عصام شرف الدين الذي يمثل طلال أرسلان حليف عون و»التيار»، ووزير الاقتصاد أمين سلام الذي توجد علاقة جيدة بينه وبين جبران باسيل».
ولفتت الاوساط، إلى محاولة استبدال هؤلاء الوزراء بأسماء هي خارج مظلة العهد و«التيار»، «إذ انّ وليد سنو المقترح لوزارة الطاقة، قريب من ميقاتي، ووليد عساف المطروح للصناعة قريب من وليد جنبلاط، وسجيع عطية المسمّى لوزارة المهجرين يحظى بدعم نائب رئيس الوزراء السابق عصام فارس، الأمر الذي يشكّل خللًا كبيرًا في توازنات الحكومة، لا يمكن أن يقبل به عون وباسيل».
ولاحظت، انّ من علامات الضعف الواضحة في طرح ميقاتي، إدراج الطاقة ضمن المداروة «فيما اعترف هو شخصيًا بأنّ الظرف ليس ملائمًا الآن لتطبيقها على وزارة المال، ما يؤشر إلى انّ المداورة انتقائية وانّ هناك صيفًا وشتاءً تحت سقف تشكيلة واحدة». واعتبرت «انّ الأفضل لكسب الوقت قبل الدخول في مرحلة الاستحقاق الرئاسي هو إبقاء الحكومة الحالية مع بعض التغييرات الموضعية في صفوفها، انما يجب أن يكون التعديل متوازناً، حتى لا يبدو موجّهًا ضد طرف لمصلحة طرف آخر».
لا زيارة لبعبدا
وفي الوقت الذي غابت أي معلومة عن الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة، كشفت مصادر مطلعة لـ «الجمهورية»، أن ليس هناك من موعد اليوم لزيارة ميقاتي الى قصر بعبدا، ليس لسبب سوى ان ليس هناك من جديد يتصل بعملية التأليف يشكّل سببًا لمثل هذا الموعد، وإن طرأ أي جديد يمكن ان يكون هناك لقاء في الايام المقبلة.
حملات
وفي الوقت الضائع، تواصلت الحملات الاعلامية المباشرة او عبر المصادر، بين «التيار الوطني الحر» وميقاتي، بعد المواقف التي اطلقها من الديمان السبت الماضي، حيث قال انّ «حكومة تصريف الأعمال قائمة، ونحن نسعى لتشكيل الحكومة ولكن العدّ العكسي ضيّق، لأنّه في الاول من ايلول تبدأ مهلة انتخاب رئيس جديد».
ووزّع المكتب الاعلامي لميقاتي مساء امس بيانًا ردّ فيه على مضمون تقرير بثته «المؤسسة اللبنانية للارسال» حول الحكومة ومواقفه، فأوضح «ـ أولاً، رئيس الحكومة هو دستوريًا مَنْ يشكّل الحكومة وفق التصور الذي يراه مناسباً، ويتشاور مع فخامة رئيس الجمهورية في شأنه، وهذا ما حصل، وهو كان واضحًا في القول إنّه مستعد لمناقشة فخامة الرئيس في الأسماء التي يقترحها والملاحظات التي يبديها.
ثانيًا: في ما يتعلق بموضوع حاكم مصرف لبنان، فإنّ مَنْ تحفّظ على إقالته قبل الاتفاق على البديل لعدم تولّي نائب الحاكم الشيعي مسؤولية الحاكمية، هو رئيس الجمهورية نفسه، وليس الرئيس ميقاتي، وقد واجه الرئيس ميقاتي النائب باسيل بهذه الواقعة وغيرها من ملابسات هذا الملف أمام نواب كتلة «لبنان القوي» في مجلس النواب.
وفي موضوع ترسيم الحدود والنازحين فإنّ الحكومة تقوم بالخطوات العملانية لحل هاتين المعضلتين بعيداً من المواقف الشعبوبة او المزايدات.
وفي موضوع الاصلاح، فإنّ احتفاظ «التيار الوطني» بحقيبة وزارة الطاقة 17 عامًا من دون توفير الحل هو مضبطة الاتهام الفعلية، وإبعاد «التيار» عن الوزارة هو المدخل إلى الحل لأزمة القطاع والاصلاح الحقيقي في هذا الملف. وفي النهاية فإنّ رئيس الحكومة هو الذي يتحمّل تداعيات نجاح او فشل أي ملف، ومن حقه اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب. فهل المواطن يعنيه طائفة الوزير ام أن تصله الكهرباء.
تبقى كلمة اخيرة، مَنْ يقوم بالحملات والعرقلة هو «التيار» نفسه، وليس فريق الرئيس ميقاتي. واكبر دليل التسريب الوقح وغير المسؤول للتشكيلة الحكومية التي قدّمها الرئيس ميقاتي لرئيس الجمهورية. فاقتضى التوضيح».
التيار يردّ
وليلاً ردّت اللجنة المركزية للإعلام والتواصل في «التيار الوطني الحر» على المكتب الاعلامي لميقاتي ببيان، قالت فيه: «كان حريًا بإعلام رئيس الحكومة المكلّف أن يروي كل ما جرى من أحاديث خلال الاستشارات، فلا يعمد إلى اقتطاع ما يناسبه منها على قاعدة «لا إله»، وحيث انّه لم يحترم مبدأ المجالس بالأمانات، فإننا ندعوه الى الكشف عمّا قاله أمام نواب تكتل «لبنان القوي» في شأن حاكم المصرف المركزي، ولا سيما إقراره بأنّه يجب تغييره، وانّه لم يعد يُحتَمَل، لكن من يرفض الإقالة وتقديم البديل هو وزير المالية «وتعرفون من يتبع وزير المالية»، محاولاً بالتالي رمي المسؤولية على غيره، فيما الحقيقة انّه لا يريد تغيير الحاكم، ليس لحماية الحاكم فقط بل لحماية نفسه. إذ انّ تقرير التحقيق في حق رياض سلامة، والذي يتهرّب القضاة من توقيع الادّعاء فيه، يتضمّن ما يكفي لكي يلجأ الميقاتي الى توفير «درع سياسية للقضاة كي لا يوقّعوا الادّعاء».
واعتبر البيان انّ «أول من عرقل خطة الكهرباء هي حكومة الميقاتي سنة 2011. ولن ينسى اللبنانيون مسؤوليتها المباشرة عن أزمة النزوح السوري الكثيف من دون ضوابط. ولن يغفروا له اليوم بمجرّد اعترافه بعد 11 سنة بأنّ القوانين اللبنانية كفيلة بمعالجة هذا الملف». واضاف: «يحاول رئيس الحكومة المكلّف، كما في كل مرة، إثارة جدل دستوري حول الصلاحيات في تشكيل الحكومة. كما يحاول منذ أيام تغطية جوهر المشكلة بافتعاله مسألة التسريب ليبرّر قراره الواضح بعدم المضي في التشكيل الفعلي، ويتقدّم لديه الجدل حول التسريب، فيما النقاش الحقيقي يجب أن يكون في مضمون التشكيلة التي تقدّم بها ومدى جدّيتها، وهي تؤكّد أن لا نية له بتأليف حكومة. فكيف يسمح لنفسه بمخاطبة رئيس الجمهورية من بكركي بأنّه يسمح له بإعطاء رأيه بإسمين او ثلاثة في حكومة هو شريك كامل في تأليفها حسب الدستور؟ وهو يفعل ذلك عمداً لعلمه بأنّ هكذا كلام استفزازي للرئيس ولما ولمن يمثّل، وهو وحده كفيل بوقف عملية التشكيل».
وسأل البيان: «هل يستطيع دولة الرئيس أن ينفي ما كرّره أمام العشرات من الذين قابلهم وأمام أعضاء حكومته قبل تاريخ اعتبارها مستقيلة وبعده، من أنّه لن تكون هناك حكومة جديدة؟». وختم: «اننا نكتفي بهذا الآن، قبل ان نكشف ما جرى من حديث خلال الاستشارات، وندعو الرئيس ميقاتي إلى الخروج من قرار عدم التأليف وتشكيل حكومة بحسب الاصول والدستور» .
مواقف
وفي المواقف، وغداة استقباله ميقاتي، طالب البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، خلال قداس الهي من الديمان، المسؤولين السياسيين «بتأليف حكومة جديدة بأسرع وقت ممكن، نريدها حكومة كما ينتظرها الشعب، جامعة من خلال خطها الوطني وجدّيتها وضمان استمرار الشرعية، نطالب بإلحاح بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالي بمدة شهر، وينتظر الشعب اللبناني أن يكون واعدًا ينتشل لبنان من القعر».
وقال إنّ «انسحاب لبنان من محيطه حوّله جزيرة معزولة، فيما كنا دولة ونخبًا في الأمم، واليوم بحكم انحياز جهات إلى محاور المنطقة، أصبح لبنان يتأثر أكثر من غيره، بالأحداث التي تجري»، ورأى أنّ «التأخير في تأليف حكومة أصبح قاعدة في لبنان، لذا لسنا في وارد الخضوع للأمر الواقع، ولن نوفّر جهدًا داخليًا وعربيًا، لإنقاذ لبنان»، موضحًا: «اننا لن نترك لبنان يضيع». لافتًا إلى أنّ «بعض المسؤولين يتصرفون وكأنّ الحالة اللبنانية تسمح بترف الشروط والشروط المضادة، حيث ندخل في المجهول. وما يزيد النقمة أن هؤلاء المسؤولين يعرفون الواقع، ويرتكبون ذنبًا بحق المواطن، ونتساءل، لماذا تتفق الجماعة الحاكمة على تحميل الشعب الضرائب ولا تتفق على تحمّل المسؤولية».
عودة
وقال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة في عظة الأحد: «اليوم وقت الإسراع في تشكيل حكومة تحمل خطة واضحة للانقاذ، حكومة على مستوى الظرف العصيب وعظم هموم المواطنين، لا حقيبة فيها مكرّسة لطائفة أو حزب، ولا حقيبة لاسترضاء جهة أو طرف، بل حكومة مؤلفة من وزراء لا شك في كفاءتهم وخبرتهم ووطنيتهم وأخلاقهم ونزاهتهم، جلّ همّهم افتداء الوقت ولو كان قليلاً».
وختم: «الاستحقاق الآتي هو انتخاب رئيس للبلاد، وعلى مجلس النواب أن يقوم بواجبه بحسب ما يمليه دستور بلادنا، وأن ينتخب رئيساً ضمن الفترة المحدّدة، وأن يكثف اجتماعاته وينهمك بالعمل الرقابي والتشريعي، علّ الحياة الديموقراطية تزهر مجدداً وتعطي ثمارًا نافعة».
رعد
الى ذلك، أكّد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد خلال احتفال في بلدة بيت ليف الجنوبية: «أننا نريد للحكومة أن تتشكّل بأسرع وقت ممكن، دون تضييع وقت ودون تنافس على زيادة حصة من هناك أو زيادة حقيبة من هنالك، لا سيما وأنّ ما نحن فيه اليوم في لبنان والمنطقة، يدفعنا لتجاوز الكثير من العقبات والمعوقات والإسراع في تشكيل الحكومة، تمهيدًا لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يمكن أن تتغيّر معه الأجواء وتصبح أكثر ملاءمة لمجاراة التطورات التي تحصل في الإقليم والعالم، من أجل أن نحفظ مهابتنا وموقعنا، وأن نحقق مرادنا في العيش الكريم بوطن عزيز سيّد حر مستقل».