لفت رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع خلال إطلالة له ضمن برنامج “مع وليد عبود” عبر “تلفزيون لبنان”، إلى أن “الأجواء العامة في البلاد ما بعد الانتخابات النيابيّة، وخصوصاً ما بعد جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب، تذكّرني بالأستاذ جوزيف أبو خليل، رحمه الله، الذي كان يقول إن اللبنانيين غريبون عجيبون و”بس يشموا ريحة كفّن شويّ بتوصل رؤوسهم ع السماء” ، ولا يعد باستطاعة أحد إنزالهم إلى أرض الواقع بأي شكل من الأشكال، وإذا ما لم يتم تحقيق ما يريدونه في لحظة من اللحظات في الوقت الذي كان متوقع اتمامه به ، تصبح معنوياتهم “تحت سابع أرض” وعندها تصبح مجبراً على النزول “تحت سابع أرض” لإخراجهم من الحالة التي رموا أنفسهم فيها”.
وقال:” لذا أود أن أبدأ من حيث يجب أن أبدأ، لأقول إن الانتخابات النيابيّة انتهت بانتصار شئنا أم أبينا، فـحزب الله والتيار الوطني الحر وحلفائهما، كان لديهم في المجلس الماضي 72 نائباً عدّاً ونقداً، يشكلون كتلةً متراصة ويقومون بتحريكها بالوجهة التي يريدون، وبالتالي في المجلس الماضي لم يكن هناك أمل بإمكانية القيام بأي شيء إلا عندما كانوا يختلفون في ما بينهم، عندها كنا نحدث الخروقات في بعض اقتراحات القوانين أو مشاريع القوانين، أو نقوم بتعطيل بعض اقتراحات القوانين التي يجب ألا يتم إقرارها في مجلس النواب، على ما حصل عندما حاولوا أن يحوّلوا قضيّة تفجير مرفأ بيروت إلى مجلس النواب”.
وتابع: “في المجلس الماضي، كنا في مواجهة حائط مسدود باعتبار أن الفريق الآخر كان بحوزته 72 نائباً، إلا أننا اليوم وبعد انتهاء الانتخابات النيابيّة إلى ما انتهت إليه، فإن حزب اللهةوحلفاءه لديهم 61 نائباً عدّاً ونقداً، كتلة متراصة حيث يقوم حزب الله بالتنسيق بين مختلف الأفرقاء برضى وقبول الجميع”.
واضاف:”في هذا الإطار، أود أن أؤكد أننا يجب ألا نتفاءل بشكل سريع، كما في الوقت عينه يجب ألا نتشاءم بسرعة أيضاً، لأنه إذا ما ذهبنا إلى المقلب الآخر، أي إلى صفوف المعارضة، فإننا إذا ما أردنا تعداد الأفرقاء فيها، لوجدنا أنها مؤلف من 35 إلى 37 فريقاً، باعتبار أن كل نائب من المستقلين يشكل فريقاً بحد ذاته كما أن كتلة النواب الجدد مؤلفة من أفرقاء عدة أيضاً، على ما تبيّن مؤخراً. فصحيح أنه من الجميل جداً أن نحضر ككتلة واحدة إلى الإستشارات النيابيّة الملزمة ، إلا أنه عندما يعمد البعض منا إلى التسميّة فيما يحجم البعض الآخر عن ذلك، فهذا يعني عملياً أن هذه الكتلة ليست فريقاً واحداً أو كتلةً واحدة، وبالتالي الصعوبة تكمن في التعدد الكبير الموجود في صفوف المعارضة”.
واشار الى ان “السبب الكامن وراء عدم تمكننا من ترجمة الإنتصار الإنتخابي، هو أن الـ61 نائباً لدى الفريق الآخر يشكلون كتلة متراصة، ويكفيهم العمل على استمالة عدد قليل من الأصوات من أجل الحصول على الأكثريّة، كما حصل تماماً في مسألة انتخابات نيابة رئاسة مجلس النواب، فيما في الجهة المقابلة نجد أن جماعة المعارضة غير متراصين أبداً”.
وقال:”في المناسبة، لا شك لدي أبداً في أنهم جميعاً معارضة، ولكننا في حين نجد فريق القوّات اللبنانيّة 19 نائباً عدّاً ونقداً في كل الإستحقاقات، كما لدينا الحزب التقدمي الإشتراكيةعدّاً ونقداً 8 نواب، حزب الكتائب اللبنانيّة عدّاً ونقداً 4 نواب، إلا أننا من هنا آنفاً نجد في المعارضة تكتلات تظهر من هنا وتعود لينفرط عقدها من هناك، إلى آخره، وبالمحصّلة هناك 35 مستقلاً ونائباً جديداً ، ما يعني أننا يجب أن نتعاطى تقريباً مع 35 مستقلاً ونائباً جديداً”.
ورداً على سؤال عما إذا كان “الحزب التقدمي الإشتراكي متحركاً في تموضعه السياسي؟ قال: “لا، وأكبر دليل على ذلك هو القرار الذي اتخذه في الإستشارات النيابيّة الملزمة، باعتبار أن الإتجاه التقليدي لديهم كان ليميل نحو تسمية الرئيس نجيب ميقاتي إلا أنهم ذهبوا باتجاه معاكس. أما مسألة قرارهم الإقتراع لصالح الرئيس نبيه بري فهذه مسألة شخصيّة جداً وتاريخيّة جداً وخاصة جداً، فنحن في صدد الكلام عن علاقة دامت قرابة الـ40 عاماً، وأود الإشارة إلى أنني لا أقول هذا الكلام في معرض التبرير ولكن يجب علينا أن نرى الأمور على ما هي عليه، لذا مسألة انتخاب نواب الإشتراكي للرئيس بري ليست مؤشراً لكيفيّة تصرّف وتموضع هذا الحزب اليوم”.
ولفت جعجع إلى أنه “حتى هذه اللحظة ليس هناك من معارضة واحدة وإنما هناك معارضات عدّة، ولكن في الإطار نفسه أود أن أعجّل لأقول حتى الآن، باعتبار أنه لم يمض بعد أكثر من الشهر والنصف على انتهاء الانتخابات النيابيّة”، وقال: “في هذه المناسبة أود أن أذكر كيف قمنا بالتحضير لجلسة انتخاب رئيس مجلس النواب وما الذي قمنا به، لأننا ندرك جيداً ماذا يريد الناس من جهّة، وندرك تماماً ما الذي نريده من الجهّة الأخرى. تواصلنا مع جميع أفرقاء المعارضة من دون استثناء. الحزب الإشتراكي كان واضحاً جداً في ردّه ، وقالوا لنا أتركوا لنا مسألة انتخاب الرئيس بري للأسباب التالية أما بالنسبة لنيابة رئاسة مجلس النواب فنحن سنقوم بدعم الشخص الذي تسمونه أنتم أياً يكن هذا الشخص. لقد قمت أنا شخصياً بالتواصل مع أكثر من نائب مستقل ومن النواب الجدد، ولا أريد تسمية أي من الذين تواصلت معهم اليوم لسبب بسيط هو أنني لا أعتبر أنه وصلنا إلى نهاية المطاف وإنما العكس تماماً فنحن في بدايته، لذا فالأمور تتطلّب منا التحلي بالصبر باعتبار أننا الفريق الأكبر في المعارضة”.
وتابع: “خلال اتصالاتي مع النواب المستقلين والجدد قلت لهم اننا كحزب القوّات أكبر تكتل في المعارضة ولدينا مرشحين لنيابة رئاسة المجلس لديهم من الأقدمية والعلم والمعرفة والدراية ما يوازي الآخرين وأكثر، إلا اننا لن نقدم على ترشيح احد منا. صحيح أن الرئيس نبيه بري سيصل إلى رئاسة مجلس النواب لو حظي فقط على 20 صوتاً باعتبار أنه ليس هناك من مرشح آخر، إلا أننا إذا ما تمكنا من ربح نيابة المجلس ومكتب المجلس فهذا الأمر سيحدث أكثر من مجرّد توازن داخل مجلس النواب باعتبار أن رئيس المجلس لا يمكنه مجرّد تعيين جلسة لمجلس النواب من دون هيئة مكتب المجلس، كما لا يمكنه وضع جدول أعمال الجلسة من دون هذه الهيئة أيضاً. وبحسب تعداد نواب المعارضة وهو 67 صوتاً، يمكننا ربح نائب الرئيس وأميني السر والمفوضين الثلاثة، لذا اذهبوا واتفقوا على الأشخاص الذين ترونهم مؤهلين ونحن مستعدون للموافقة عليهم لأننا لا نريد أي منصب أو أي شيء لنا، ولكنني تفاجأت أننا انتظرنا أياماً عدّة من دون الحصول على جواب. كرّرنا اتصالاتنا نفسها مرّات عدّة بالإضافة إلى أن عدداً كبيراً من نوابنا شاركوا أيضاً في الاتصالات بشكل جانبي مع بعض النواب المستقلين والجدد، إلا أن النتيجة كانت أننا وصلنا إلى قبيل الجلسة بـ8 ساعات أي الإثنين عند منتصف الليل، ولم نحصل على جواب واضح. وفي هذا الإطار أود لو يعود الجميع لير في أي ساعة من الليل المتأخر أصدرنا بياننا الذي أعلنا فيه تأييدنا للنائب غسان سكاف لمنصب نيابة رئاسة مجلس النواب”.
ورداً على سؤال عن مكمن الفشل وعما إذا كان عند النواب التغيريين؟ قال: “لا أريد كسر الجرّة مع أحد في الوقت الراهن، لأن مساعينا مستمرّة وليس صحيحاً أيضاً أن هذه الجرّة “مشعّرة”، فنحن جل ما كنا نريده ونسعى إلى القيام به هو محاولة توفير الوقت على الناس والبلاد والنواب الجدد والمستقلين، لأنه برأيي، وحتى إشعار آخر، من المفترض أن يكون ما يريدونه ويصبون إليه متطابق تماماً مع ما نريده نحن، “ونحن سوا فينا”، وكان باستطاعتنا الفوز بانتخابات نيابة رئاسة المجلس ومكتب المجلس كاملاً وكان باستطاعتنا تسميّة رئيس الحكومة الذي نريد ونقوم بما نريده”.
وعما إذا كان النواب التغيريون هم السبب في عدم تمكن المعارضة من الفوز في هذه الإستحقاقات؟ قال جعجع: “انتم تطلقون عليهم تسمية تغيريين فيما أنا أطلق عليهم تسمية نوابا جدد ا بانتظار أن نرى ماذا يريدون بالتحديد. أولاً، ليس هناك من ناطق رسمي باسمهم وكل فرد يتكلّم باسمه، ولهذا السبب نراهم دائماً محرجين تجاه الآخرين وتجاهنا، باعتبار أننا عندما نقوم بالتواصل مع أي فرد منهم، حتى لو كان من الذين يعتقد الناس أنهم يديرون اللعبة لديهم، لا نجد في أي مرّة من المرات جواباً واضحاً، نتساءل عن سبب ذلك، وعندما ندخل إلى العمق قليلاً نجد أن لا يتفقون على رأي واحد وإنما يتجاذبون الآراء المختلفة، وقد ظهر ذلك في انتخابات أمانة سر مجلس النواب وانتخابات اللجان وفي الإستشارات النيابيّة الملزمة، وبالتالي لدينا هنا مشكلة داخليّة باعتبار ان هذا الجسم لم يتكوّن بعد، ونحن بانتظار ان تنته هذه المرحلة لأنه في هاتين الحالتين في حال تكوّن كجسم واحد أو انقسم إلى جسمين أو أكثر عندها ندرك مع من يجب أن نتكلّم ونتعاطى”.
ورداً على سؤال عما إذا في حال لا سمح الله لم يتكوّن هذا الجسم فعندها ستبقى الأكثريّة في مجلس النواب بيد “حزب الله” وحلفائه، لفت جعجع إلى أن “هذا ما يطلقون عليه في اللغة الفرنسيّة “faute de mieux”، ليس لأن لديهم أكثريّة أصيلة فهم لديهم 61 نائباً عدّاً ونقداً، حتى أن هناك احتمال، من دون ذكر الأسماء الآن، أن نسحب من بينهم نائباً أو نائبين، إلا أن هذا الأمر لا يمكن أن يتم سوى عندما يكون هناك في المقابل كتلة معارضة متراصة. إن لب المشكلة يكمن هنا، ولكن في الوقت عينه أود أن أسرع في القول أننا لم نيأس بعد، بالرغم من أنه اعترانا حزن شديد جراء النتائج التي وصلنا إليها حتى الآن، خصوصاً وأن اللبنانيين أعطوا ما باستطاعتهم إعطائه وحضروا إلى مراكز الإقتراع وأدلوا بأصواتهم ووضعوا جهوداً كبيرة وحققواً تغييراً كبيراً، إلا أننا كنا لنتمنى لو أن هذا التغيير كان كاملاً وشاملاً باعتبار أنني لا يمكن أن أفهم كيف أنه يتم إعادة انتخاب 3 وزراء طاقة سابقين كنواب في المجلس الحالي في حين أنه ليس هناك مجرّد بيت واحد في لبنان ينعم بالكهرباء”.
وعما إذا كان بعض النواب الجدد مخترقون، قال جعجع: “أنا لا أصل إلى هذا الحد، ولكن في الوقت عينه يجب ألا يعتقد أي شخص أن الدنيا بدأت معه، ومن غير المسموح لأحد أن يجري تقييماً خلقياً على جميع الناس عبر قوله نحن أناس جيدون فيما الآخرون جميعهم سيئون، فهذا الأمر غير صحيح أبداً. وهنا في هذا الإطار، أود لو ينتبهوا قليلاً لما هم فاعلون، لأنني لا أعرف إذا ما كانوا فعلاً مدركون لما يقومون به. أما بالنسبة لإعتبار الجميع أنهم كانوا أركاناً في السلطة فهل يقبلون بعد 4 سنوات أن يأتي أحد ليقول لهم أنتم كنتم نواباً في مجلس النواب لذا أنتم من المنظومة الحاكمة شأنكم شأن جميع الآخرين؟ وفي هذا الإطار، أنا لا يمكنني أن أقرأ في الغيب لأنه من الممكن أن ينتهي بهم الأمر ليكونوا كالآخرين إلا أن هذا الأمر مؤجل حتى إشعار آخر”.
واعلن ان “هذا الإعتقاد خاطئ تماماً ونحن في نقاش مستمر معهم لكي نقول لهم إن هذا الأمر خطأ، وهناك البعض من بينهم يرفضون حتى مجرّد التفاوض معنا، وكأننا نتفاوض معهم من أجل أن يحضروا لنا كيساً من الطحين إلى المنزل؟ نحن نتفاوض معهم من أجل أن يتمكنوا من تجسيد ما انتخبهم الناس على أمل تحقيقه، وقلت لهم مراراً وتكراراً إن الناس لم يقترعوا لصالحهم كي يقفوا ويأخذوا المواقف في مجلس النواب وإنما من أجل أن يحدثوا تغييراً ما، فهل هذه هي الطريقة المثلى للتغيير؟ وهل بحضورنا بالحذاء الرياضي إلى مجلس النواب نكون قد أحدثنا التغيير؟”.
وعما إذا كان من يرفضون حتى مجرّد التفاوض مع القوّات اللبنانيّة يحملون أفكاراً مسبقة وبالتالي لن تتمكن القواتةمن الوصول إلى نتيجة في مسعاها لبناء جسور التواصل معهم، قال جعجع: “أعتقد أنه تباعاً، أي بعد ما حصل في انتخابات رئاسة المجلس ونيابة رئاسة المجلس وهيئة مكتب المجلس والإستشارات النيابيّة الملزمة بدأ البعض من بينهم يطرح تساؤلات عن الوجهة التي هم يسلكونها، وبرأيي أنهم سيصلون جميعاً إلى قناعة معيّنة، إلا أنني أعيد وأكرّر أننا كنا لنفضّل أن نختصر هذا الوقت على الشعب اللبناني ونبدأ برد قسم من الذي أعطانا إياه في الانتخابات النيابيّة الأخيرة”.
واكد، رداً على سؤال عما إذا كان ما حصل يدل على أن الدولة العميقة أقوى من أي عمليّة إصلاح أو أي عمليّة تغيير، أن “هذا الأمر غير صحيح، فالدولة العميقة أضعف مما نعتقد، وما هو حاصل اليوم هو تماماً كالفرق ما بين إضاءة عاديّة و”ليزر” يتمتعان بالقوّة نفسها، حيث أن إشعاع الإضاءة العاديّة يذهب في كل الاتجاهات فيما “الليزر” يمكنه الاختراق والذهاب مسافة أبعد من الضوء العادي لأنه مركّز وخطّه مستقيم وواحد ومعروف الوجهة. نقول لهم اننا إن لم نتفاهم جميعاً على ما نريد القيام به لا يمكن لأي منا القيام بأي شيء، فيردون علينا بأننا من المنظومة. نقول لهم لا يحق لأحد إطلاق الأحكام على الآخرين وتفضلوا وابرزوا لنا ملف فساد واحد على وزير أو نائب من بيننا، فيردون أنتم صوتتم لعون في رئاسة الجمهوريّة. نقول لهم لكل ظرف سياسي أحكامه، وهناك مسائل من الممكن أن نلتقي عليها اليوم”.
وتابع: “هناك بعض العقول “يا محلى عقول هوديك” والمشكلة أن هذا الأمر لا يقتصر فقط على القوّات وإنما يرفضون التعاطي مع أي فريق آخر، فإذا ما كانوا يعتقدون أنهم بهذه الكتلة من 13 نائباً، الذين لا يتفقون أصلاً على أي شيء في ما بينهم، يمكنهم تغيير الكون فهم مخطئون. وفي السياق نفسه، أذكر المرّة الأولى التي التقيت فيها بالرئيس رفيق الحريري بمسعى من صديق مشترك عام 1988، يومها سألني عن مشروعنا فبدأت بالشرح له أننا نريد تحرير لبنان ونريد ونريد ونريد… واستمريت بالكلام لنحو الـ20 دقيقة فيما هو كان يستمع، وعندما انتهيت من الإجابة قال لي: هذه الأمور جيدة جداً وفظيعة ولكن سؤالي لك: هل ستقوم لوحدك بتحقيقها كلّها؟ ولا أزال من حينه أحفظ هذه الكلمة، لذا أسأل اليوم هؤلاء الشباب هل ستقومون بكل ما تريدون القيام به لوحدكم؟ أنتم بحاجة لقوى أخرى إلى جانبكم”.
وعن سبب عدم وجود حلفاء لحزب القوّات اللبنانيّة، قال جعجع: “هذا الأمر غير صحيح أبداً، على سبيل المثال فالتعاطي بين حزب الكتائب اللبنانيّة وبيننا ما بعد الانتخابات النيابيّة أفضل من السابق. ليس صحيح أن لا حلفاء لنا فنحن نفتح أبوابنا وصدورنا ونمد أيدينا للجميع باستثناء أصحاب المشاريع المعاكسة تماماً لقناعاتنا، وإنما يتجنب الكثير التحالف معنا لأن هذا الأمر مكلف لناحية أن القوّات رأس حربة في المواجهة الحاصلة في البلاد من جهّة، فيما للأسف هناك عدد كبير من الأفرقاء يعتبرون القوّات شريك مضارب بسبب انتشارها من عكار إلى بنت جبيل ومن بيروت إلى القاع وبعلبك الهرمل من الجهة الأخرى، في حينه أنه يجب أن تترك هذه الحسابات إلى حين الانتخابات”.
وتابع: “نحن حريصون كل الحرص على الحفاظ على مواقع الجميع الهم أن يعمل هذا الجميع بمواقه كما يجب أن يعمل، ولو كان هناك نائب كألبير مخير، رحمه الله، فبالطبع ليس هناك من يسمح لنفسه بالعمل ضدّه لأنه يؤدي قسطه للعلى، لذا قوموا بذلك وأدوا قسطكم للعلى. في هذا الإطار أنا لا أطلب من أحد أن يكون مع “القوّات اللبنانيّة” وإنما المطلوب هو مجرّد التنسيق من أجل الوصول إلى تحقيق الأهداف المشتركة. ولكن للأسف لحظة ندعوهم للتنسيق يبدأ هذا بإجراء حسابات رئاسة الجمهوريّة وذاك يقوم بحسابات أن القوات من الممكن في الانتخابات المقبلة أن تحصل على نائبين في منطقته وبالتالي سيخسر وآخر يقوم بحسابات أخرى، من هنا ما يؤخذ على القوات ألا حلفاء لها ليس لأنها لا تريد أن يكون لديها حلفاء وإنما لأنه، وللأسف، لا يزال هناك من يقومون “بحسابات دكنجيّة” وصغيرة تلزمهم البقاء بعيدين عن القوات والتفاهم معها”.
ورداً على سؤال عما هي الحسابات السياسيّة التي قامت بها القوّات قبل امتناعها عن لعب دورها وتسمية رئيس للحكومة، قال: “لقد أعطانا لناس الثقة من أجل التصرّف بجديّة وليس من أجل اتخاذ مواقف استعراضية، ماذا وإلا ما الذي كان يمنعنا، نحن هذا التكتل الكبير، من ترشيح أي شخصيّة إلى رئاسة الحكومة؟ فنحن لو اخترنا أي اسم لا يمكن لأي أحد أن يسائلنا عن سبب تفضيلنا هذا على ذاك، ولدينا الكثير من الحلفاء والأصدقاء، وأكثر بكثير مما يعتقده البعض، حيث كان بالإمكان تسمية أي شخصيّة منهم، إلا أن الوقت اليوم ليس للمزاح أو لإضاعة الوقت، باعتبار أنه تبقى من عهد الرئيس عون أربعة أشهر وأنا يمكنني أن أؤكد بكل ضمير مرتاح أنه من “رابع المستحيلات” الوصول إلى أي شيء، أو إمكان تحقيق أي شيء، بوجود الرئيس عون في قصر بعبدا. لذا يجب أن نبدأ الحساب من هنا، إلا إذا ما كان بعض الناس يريدون منا الضحك عليهم فنحن لا نقبل ذلك أبداً”.
وتابع: “لا نريد القيام بخطوات استعراضيّة، ونريد أن نكون صادقين مع أنفسنا. إن الرئيس عون لا يريد تشكيل حكومة من أجل البدء بخطة الإصلاح والإنقاذ في البلاد وإنما يريد حكومة يمكنه عبرها تعزيز موقع جبران باسيل من أجل أن يتمكن من إنجاز كل التعيينات المطلوبة في هذه الأشهر الأربعة المطلوبة كي يتمكن من الاستمرار “بحلب” الدولة من بعد انتهاء ولاية الرئيس عون، لأن الأخير يدرك تماماً ألا وجود لأي مخرج لكي يبقى في السلطة، كما أعتقد أيضاً أن جبران باسيل يدرك أيضاً ألا أمل لديه بالوصول إلى رئاسة الجمهوريّة. من هنا، يريدون الاستعاضة عن رئاسة الجمهوريّة الضائعة بحكومة يقومون بتشكيلها الآن، وهذا كان همّنا الكبير كحزب ولا نريد أن نصل إليها، باعتبار أنه لو حصل ذلك لكنا لنكون مجبرين من بعد انتهاء ولاية الرئيس عون على البقاء “مربطين” لسنتين أو ثلاثة، إلى حين تمكننا من تحرير إدارات الدولة من قبضة جبران باسيل وجماعته”.
وتابع: “إن قطع الطريق على جبران باسيل هو في الخلفيّة، إلا أن هناك سبب أهم بكثير وهو أن المطروح كان إما الرئيس نجيب ميقاتي او السفير نواف سلام، وهناك أمر يجب ألا ننساه أبداً وهو أن الرئيس ميقاتي أشرف على انتخابات نيابيّة في ظل الأوضاع الراهنة، وعلينا قول الحق كما هو ويجب ألا نبقى “مبومرين وماشيين”، وهذا الكلام ليس من باب الغزل وإنما يجب عندما يقوم أي شخص بعمل جيد حتى لو كان من ألد أعدائك أن تقول له أنه قام بعمل جيد لكي تشجع من يريد عمل الخير على فعله. فنحن وبالرغم من العمل الجيد الذي أداه الرئيس ميقاتي في الانتخابات النيابيّة لا يمكننا تسميته وذلك لسبب بسيط وهو أن نظرته وتصوّره لتشكيل الحكومة يختلف تماماً عن نظرتنا لذلك، فهو لا يمكن أن يشكل حكومة سوى من النوع الذي يسمى حكومة وحدة وطنيّة، ونحن نعتبر أن هذا النوع من الحكومات بالذات هو سبب الفشل في لبنان. أما بالنسبة للإسم الثاني الذي كان مطروحاً هو الإستاذ نواف سلام، فقد حصل على 25 صوتاً، ولو أضفنا إلى هذه الأصوات 19 صوتاً أي عدد نواب تكتل “الجمهوريّة القويّة” لكان لحصل فقط على 44 صوتاً وبالتالي ما كان ليصل إلى رئاسة الحكومة، أضف إلى ذلك أن المعارضة ليست متفقة في ما بينها على أي شيء، وعدا عن أننا لدينا لوم على الأستاذ نواف سلام لأننا سميّناه في مرّة سابقة ولم يبادر لا إلى لقاء أو كلام أو أي شيء. وفي هذا الإطار، هناك بعض من قال اننا نريده أن يأتي لطلب الرضى في معراب، والحقيقة هي اننا لا نريد ذلك أبداً وإنما إذا ما أردنا أن نمضي في طريق مماثلة مع أي شخص من الأشخاص يحق لنا أن نعرف ما هو مشروعه. ولكن بطبيعة الحال هذا الأمر ليس من الأسباب الرئيسيّة ولكن السبب الرئيسي هو عدم وحدة المعارضة، فنحن لو وجدنا أنه باستطاعتنا أن نجمع مع باقي أفرقاء المعارضة ما يكفي من الأصوات للإتيان به إلى رئاسة الحكومة لكنا وبالرغم من كل الإعتراضات التي تكلمت عنها الآن لكنا ذهبنا باتجاه تسميته، إلا أنه عندما وجدنا أننا سنذهب للقيام بما يطلقون عليه باللغة الفرنسيّة “Baroud d’honneur” فهذه الضربة التي كنا لنقوم بها والتي ما كانت لتودي إلى أي مكان كان من الممكن أن تؤذي في مكان آخر و”يتلقّط باسيل بنجيب ميقاتي”، عندها ارتأينا أنه من الأفضل الذهاب باتجاه القرار الذي اتخذناه. إن الأمور تطلّب الشجاعة وعلى اللبنانيين أن يدركون أن الأمور ليست دائماً “بالدربكة”.
وعما يقال عن أن سبب عدم تسمية القوّات لأي مرشح لرئاسة الحكومة مردّه لـ”قبّة باط” للرئيس ميقاتي لـ”القوّات” في طرابلس في الانتخابات النيابيّة، أجاب جعجع: “أبداً، هذا الأمر غير صحيح. فلائحة الرئيس ميقاتي سقطت بكاملها باستثناء كريم كبارة الذي لديه قاعدة “منه وفيه”، فعن أي “قبّة باط” يتكلمون؟ لدينا في طرابلس قاعدة ثابتة وحليف “قد الدني” وهو اللواء أشرف ريفي، ولدينا حلفاء آخرين كعثمان علم الدين في المنية الذي لديه 6 آلاف صوت، وبلال هرموش في الضنيّة الذي لديه أيضاً 6 آلاف صوت، وإذا ما قمنا بجمع هذه الأصوات مع أصوات اللواء الريفي وأصواتنا في طرابلس والمنية والضنيّة لوجدنا لماذا حصلنا على 3 حواصل. إلا أن هذا الأمر ليس بالمهم أبداً”.
وعما إذا كانت ستتشكل الحكومة العتيدة في ظل ما يظهر من خلافات بين الرئيس المكلّف والعهد، قال: “برأيي لن يتم تشكيل الحكومة، وسنستمر، للأسف، في ظل حكومة تصريف الأعمال. وهنا أريد أن أعيد التأكيد أنه لو كان هناك من أمل لإيصال نواف سلام لكنا صوتنا لصالحه ولكننا بالطبع لن نقوم بمعركة مجانيّة من الممكن أن تلحق الضرر في مكان آخر”.
ورداً على سؤال عما إذا أضر موقف القوّات في الاستشارات النيابيّة بعلاقتها مع الطائفة السنيّة باعتبار أن البعض يأخذ على القوات أنها لم تسم احداً وبالتالي يعتبرون أنها لا ترى في أي شخصيّة سنيّة المؤهلات اللازمة لتولي رئاسة الحكومة، قال جعجع: “عندما يحين موعد تأليف حكومة جديّة هناك 10 آلاف “كادر” لديهم المواصفات والصفات المطلوبة داخل الطائفة السنيّة، والقضيّة ليست هنا أبداً. كما أنه يجب ألا نغفل عن أن الدولة العميقة السنيّة في لبنان أو ما يسمى بالـ”establishment” كان يؤيد وصول نجيب ميقاتي. هؤلاء يدعون أن للسنة مآخذ علينا في حين أن أقرب الناس إلينا اليوم في لبنان هم الطائفة السنية الكريمة جراء وحدة المشروع والنظرة إلى لبنان، وهذه الأمور هي التي تجمعنا وهي أقوى من بعض “المذبذبين” الذين لا شغل لديهم سوى إصدار بعض الذبذبات باتجاهنا لغاية في نفس يعقوب”.
وعما إذا كانت القوّات ساهمت عن قصد أو عن غير قصد بعدم تشكيل الحكومة وبالتالي تتحمل المسؤوليّة على هذا الصعيد، قال: “لا، بالعكس تماماً، فنحن فخورون جداً في أننا لم نسمح لحكومة معتورة أكثر من كل الحكومات التي تشكلت حتى يومنا هذا من أن تتشكّل، فالأمور نسبيّة في هذه الحياة، وإذا ما كان المطروح علينا هو الاختيار ما بين أكل “راس بطاطا” أو رغيفاً من الخبز لكنا بالطبع اخترنا أن نأكل الثاني أما وبما أن المطروح هو الاختبار ما بين “راس بطاطا” والحجر فبالطبع سنذهب باتجاه الأول”.
وشدد على أنه “إذا ما وفقنا الله وتمكنا من جمع المعارضة على مرشح رئاسيّ واحد فنحن قادرون على البدء بعمليّة التغيير الفعليّة، لذا أود أن يعلم جميع النواب الجدد والمستقلين أن مستقبل لبنان يتوقف على هذا الإستحقاق. كنا نقول سابقاً إن الانتخابات النيابيّة تحدد مستقبل لبنان، وهذا الأمر صحيح وقد أفرزت الانتخابات ما يجب أن تفرزه بوجود 67 نائباً ضد توجه حزب الله والتيار الوطني الحر، لذا إما أن تنجح المعارضة في لمّ صفوفها ونحن نعمل بشكل حثيث جداً من أجل الوصول إلى هذا الأمر، أو في حال استمرار الأمور على ما هي عليه اليوم فعندها يجب أن يتحمّل طرف ما المسؤوليّة وهو بطبيعة الحال الطرف الذي يرفض التنسيق مع الآخرين”.
وعما سيبقى في ذاكرة اللبنانيين من عهد الرئيس عون، قال جعجع: “عهد أسود أسود أسود، وأنا لا أحسد ميشال عون على وضعيّته”.
وعما يقوم به الرئيس عون في موضوع التدقيق الجنائي وملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة واتهامه الدولة العميقة والمنظومة في محاربة مسعاه هذا، اعلن ان “هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، وإذا ما كان يقوم بواجباته ففي الأيام الأخيرة صدر تقرير من هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل ذكر فيه المخالفات التي حصلت في سد المسيلحة، وفي المناسبة أنا أفضل دائماً أن طرح الأمور على ما هي عليه ولا أحبذ إطلاق الأحكام، ولكن على ما تبيّن أن لحاكم مصرف لبنان الكثير من الأخطاء ومن الممكن أن يكون لديه بعض الخطايا أيضاً وهذا الأمر لا شك فيه ويمكننا استنتاجه جراء كل ما هو حاصل، إلا أنه إلى جانب هذا الأمر فالناس سمعوا عن الصفقات التي حصلت في وزارة الطاقة وعلى مستوى الوزراء والسلطة السياسيّة، عدا عن أننا يجب أن نذكر جميعاً أن رياض سلامة في نهاية المطاف هو موظّف ما يعني أنه كان بإمكان السلطة السياسيّة، في أي وقت من الأوقات، وضعه عند حدّه او استبداله تبعاً للقانون عندما يكون هناك أي سبب موجب لذلك عبر إقالته في مجلس الوزراء”.
وتابع: “ما يحصل اليوم ليس من قبيل احقاق الحق ومحاربة الفساد وإنما من قبيل شيء آخر، وأسوأ من في هذه الدنيا هم من يقومون بعمل ما لهدف معيّن ويعمدون إلى وضع هدف سام لفعلتهم هذه غير موجود بالحقيقة. ما يحاول الرئيس عون القيام به قبل نهاية ولايته هو دفع رياض سلامة نحو الاستقالة من أجل تعين بديل له من جماعته أسوأ بعشرة مرات من رياض سلامة، ولدي بعض الأسماء التي يتم التداول بها، وهذه المحاولة ليس وليدة اللحظة وإنما جارية منذ سنتين ومطروحة سابقاً وجرى بصددها بعض المداولات بين الرئيس عون وبعض رؤساء الحكومات والوزراء”.
ورداً على سؤال عما يقال في بعض الصالونات السياسيّة عن تفاهم تحت الطاولة ما بين الدكتور سمير جعجع والرئيس نبيه بري والرئيس نجيب ميقاتي على عدم تشكيل الحكومة لمنع إجراء التعيينات الإداريّة والدبلوماسيّة والعسكريّة والقضائيّة قبل نهاية عهد الرئيس عون، قال: “إن هذا التفاهم واضح جداً، ويظهر جلياً في تبادل التويتات الذي شهدناه ما بين النائب علي حسن خليل وأحدهم. هناك أمر في هذه الدنيا يسمى بـالتلاقي الموضوعي وهو عندما يقدم أفرقاء عدّة على خطوات معيّنة تؤدي إلى النتيجة نفسها في حين أنهم لم ينسقوا مع بعضهم مسبقاً وليسوا أصلاً حلفاء وهذا التلاقي مردّه ليس لاتفاق معيّن وإنما عندما يقوم الأطرف كل من خلفيته الخاصة بطرح شيء ما وهذا الأشياء كلّها توصل إلى النتيجة نفسها. وفي هذا الإطار، أقولها بكل ضمير حي وبشكل واضح تماماً أننا من المؤكد يجب ألا ندع الرئيس عون يشكل حكومة على صورته ومثاله وصورة ومثال جبران باسيل في الأشهر المتبقية من ولايته. ولكن للرئيس بري أسبابه في هذه المسألة كما للرئيس ميقاتي أسبابه ولكل منهما خلفيته، إلا أن هذا الأمر لا يعني أننا متفقون لا تحت الطاولة ولا فوقها”.
وعما أعلنه الرئيس عون قبل أسبوع عن أنه “قرفان”، قال جعجع: “لديه كامل الحق في أن يشعر بالقرف جراء الأعمال التي قام بها”.
وعما يقوله التيار الوطني الحر في أن الرئيس عون دفع ثمن فاتورة متراكمة منذ العام 1992، أوضح جعجع أن “هذا الكلام غير صحيح، لأنه يعني في مضمونه أنه لا يمكن للأوضاع ان تصطلح في لبنان. لماذا كانوا كلما طرح عليهم ترك وزارة الطاقة بغية أن يقوم فريق آخر بالعمل على إصلاحها كانوا يرفضون رفضاً قاطعاً؟ من يدفع الفواتير لا يتمسك بهذه الوزارة؟ لماذا “هلكنا” الرئيس عون على مرّ السنوات الماضية منادياً بـ”الإصلاح والتغيير”؟ هذا يعني أنه قادر على ذلك، إلا أن من ينام مع الشيطان عليه أن يتحمّل المسؤوليّة والرئيس عون “نام مع الشيطان وخلص”. هذا تعبير رمزي بطبيعة الحال، ولكن ما عنيته هو أن من يعمد إلى ابرام تحالف كـتحالف مار مخايل بكل سيئاته وعوراته، لا يمكنه أن يدعي الإصلاح والتغيير لأنه واستناداً إلى تقرير قرأته بالأمس لا يمكن لأي عمليّة إصلاح أن تتم في لبنان قبل ضبط حدوده البريّة والبحريّة بشكل كامل، من هنا كيف يمكن لشخص متحالف مع “حزب الله” القيام بهكذا خطوة؟”.
واستطرد جعجع: “لم تقف الأمور عند هذا الحد فقط، وإنما قاموا جماعة عون بمزاحمة، إن لم نقل بتخطي، كل الآخرين في موضوع الفساد، فأنا سمعت بعضاً من جماعته بشكل مباشر يفاخرون بأنهم سيعلمون الفاسدين القدامى كيفية أخذ “ماوية الدولة”، وانتهت الأمور إلى أنه بدل أن نقوم بمحاربة الفساد لإصلاح الدولة خدمة للجميع، فقد تحوّلت المسألة إلى سباق ما وبين الفاسدين القدامى والجدد الذين ينطبق عليهم مثال “عديم ووقع بسلة تين” لذا استطاعوا أن يسبقوا غيرهم في هذا المجال”.
وعن لقاء الرئيس المكلف برئيس الجمهوريّة في قصر بعبدا الذي دام عشرة دقائق فقط، قال جعجع: “لا أعرف ماذا حصل خلال هذا اللقاء، وأعتقد ان التشاور حصل ما قبل التكليف حيث أدرك ميقاتي أن التوافق غير ممكن مع الرئيس لذا وضع وجهة نظره بيد الأخير الذي هو حر أن يقبلها أو لا. اما بالنسبة لموضوع تغيير الرئيس المكلف لوزير الطاقة وطائفته فمن المؤكد يجب أن يغيّره لا بل أكثر من ذلك يجب أن يتم محاكمة جميع الوزراء المتعاقبين على هذه الحقيبة، ويجب ألا تكون أي وزارة في لبنان حكراً على أي طائفة أو حزب أو فئة معيّنة وكما غيّر طائفة وزيرة الطاقة ليعمد إلى تغيير طائفة وزير المال”.
أما بالنسبة لامتناع وزير المال عن توقيع التشكيلات القضائيّة، فشدد جعجع على أنه “لا يحق لوزير المال إيقاف أي من المراسيم التي لا علاقة لها بوزارة الماليّة، لأن هذه المراسيم تمر عبره من أجل وضع الـ”Paraph” خاصته عليها، لا أكثر ولا أقل، وذلك كدلالة على أن هذا المرسوم مرّ بوزارة المال ولا يحق له إيقاف أي مرسوم، ماذا وإلا فهم يقومون بفرط النظام القائم بشكل كامل”، معتبراً أن “ما يحصل في التشكيلات القضائيّة هو محاولة من الثنائي لعرقلة التحقيقات في انفجار المرفأ وهذه ليست المرّة الأولى”.
وبالنسبة للانتخابات الرئاسيّة المقبلة وعما إذا كانت ستجرى في موعدها، قال: “يمكن للرئيس عون أن يخدم اللبنانيين ولو خدمة بسيطة، باعتبار أن أي مسؤول يحصل أي خطأ خلال توليه المسؤوليّة يقوم بالإستقالة تعبيراً عن اعتذاره على الخطأ الذي حصل، لذا بعد كل ما حصل في البلاد أسأل: ألا يستأهل هذا الأمر من الرئيس عون أن يخدمنا بهذه الأشهر الأربعة المتبقيّة كي لا يمدد آلامنا وقتاً أطول وأن يقدم على الإستقالة قبل 4 أشهر وأن يخدم اللبنانيين بهذه الأشهر المتبقية؟ أتساءل، على الرغم من أنني أعتقد أنه لن يخدمنا بأي ثانية. ولكن بالعودة إلى السؤال، أظن أن الانتخابات الرئاسيّة ستحصل في موعدها لأنني لا أعتقد أن هناك من يمكنه تحمّل مسؤوليّة عرقلة هذا الاستحقاق في الوضع الراهن في لبنان”.
واضاف: “إن الفريق الآخر يتحمّل مسؤوليّة كل ما وصلت إليه البلاد حتى يومنا هذا، إلا أن مسؤوليّة فريق المعارضة المؤلف من 67 نائباً والتحدي الكبير أمامه هو أن يتمكن من الاتفاق على رئيس واحد لنمضي به إلى جلسة الانتخاب وعندها سنفوز حتماً ونغيّر مسار الأمور في البلاد، فالأمل لا يزال موجوداً إلا أنه إذا ما لم نتفاهم على رئيس واحد فالفريق الآخر يمكنه بالـ61 نائباً الذين بحوزته تأمين بعض الأصوات الإضافية من أجل الإتيان برئيس على شاكلته وهذا يعني تمديد أمد الأزمة إلى 6 سنوات إضافية”.
وعما إذا كان مرشحاً لرئاسة الجمهوريّة، لفت جعجع إلى أنه “طبيعياً وموضوعياً وعلى ما جرى العرف في لبنان منذ ثلاثين عاماً حتى اليوم، فالأكثر تمثيلاً في طائفته هو المرشح الطبيعي للمركز الأول في هذه الطائفة، والجميع تكلموا بهذا المنطق ومارسوه، وبالتالي طبعاً أنا المرشح الطبيعي الأول لهذا المنصب، إلا أنني لن أمضي وقتي ليلاً ونهاراً في الاتصال بالنواب وإقناعهم بوجود التصويت لصالحي في انتخابات رئاسة الجمهوريّة، ليس لسبب سوى أن هذا الامر اليوم ليس مهماً بالنسبة لي على الرغم من أنه من الضروري أن يقوم الفرد بتثبيت حقه الطبيعي. همي اليوم هو أن نتمكن من جمع أطراف المعارضة على اسم يحمل مشروعنا لكي نخوض به الانتخابات الرئاسيّة، وهنا الهم الرئيسي وليس من هو المرشح الطبيعي، وأنا أقبل بأسماء غير اسمي أللهم أن تحمل مشروعنا، فالرئيس يجب أن يكون” 14 آذاري” من جهة وإصلاحي من الجهة الأخرى”.
وعما إذا كانت توازنات القوى تسمح بالإتيان برئيس بهذه المواصفات، قال جعجع: “يمكن لتوازنات القوى أن تسمح بهذا الأمر في ظل الـ67 نائباً، فهل هناك من بين النواب الجدد من لا يريد الإصلاح في البلاد؟ ومن لا يريد أن تستعيد الدولة كامل قرارها الإستراتيجي من دون أي صدام مع “حزب الله”؟ هل هناك من لا يريد استرداد القرار العسكري للجيش اللبناني؟ أليس هذا هو رأي النواب الجدد والمستقلين؟ جل ما نريده هو مرشح من بيننا يحمل هذه المفاهيم ونحن لا نطالب بمرشح يحمل سيفاً”.
ورداً على سؤال عما إذا كان قائد الجيش العماد جان قهوجي يحمل هذه المفاهيم، قال جعجع: “لقد حملها، وأنا أؤيد أداؤه في المؤسسة العسكريّة 100%، وهو أحد الأسماء الجديّة المطروحة إذا ما فُتح المجال الدستوري. نحن كحزب سياسي نفضل دائماً الذهاب نحو البديل السياسي إلا أنه إن لم يتوفّر فلما لا. الجنرال جوزيف عون لديه صفات، وقد ظهرت في ممارساته والجميع يرى كيف أن الجيش يحاول أداء مهماته على أفضل ما يكون في ظل هذه الأوضاع ولو “بحلاوة الروح” ويقوم بتثبيت الأمن الداخلي كما أن الجميع رأى المعارك التي حصلت بينهم وبين “المهربجيّة” وحماتهم”.
وعما إذا كان واثقاً من أن جبران باسيل مستبعد من السباق إلى قصر بعبدا، قال: “أعتقد ذلك، بالرغم من أن هم “حزب الله” الشاغل اليوم هو محاولة نفخ جبران باسيل لأنه يريد وضع العقبات بوجه “القوات اللبنانيّة”، وأكبر دليل على ذلك أنهم أعطوه 5 نواب ما بين جبل لبنان وبيروت و3 نواب في عكار”.
ورداً على سؤال عما إذا كان حزب الله يفضّل باسيل على الوزير سليمان فرنجيّة، اعتبر جعجع أن “باسيل يؤمن لهم غطاءً أكبراً ولديه قدرة على المواجهة خصوصاً بعد أن ظهر فرنجيّة في الانتخابات بقدرة محدودة في الزمان والمكان. فجبران باسيل للأسف وبالرغم من كل ما هو حاصل لديه 10 آلاف صوت في كسروان و10 آلاف صوت في المتن الشمالي. و”حزب الله” لو باستطاعته إيصال باسيل لكان حتماً أوصله إلى الرئاسة باعتبار أن الحزب ليس جمعيّة خيريّة ويريد في رئاسة الجمهوريّة الشخص الذي هو يؤمن له ما هو بحاجة إليه ويمكنه الإتكاء عليه بشكل أكبر”.
وشدد على أن “الدول الأجنبيّة لا ثقل لديها في انتخابات الرئاسة وإنما القوى المحليّة والكتل النيابيّة، والحالة الوحيدة التي يمكن عبرها لمحور “8 آذار” الإتيان برئيس جديد للبنان هو إذا ما استمروا النواب الجدد بالتصرف على المنوال نفسه”، مشيراً إلى أننا “نقوم بكل ما يمكننا القيام به، وقمنا سابقاً بكل ما كان بالإمكان به، تنازلنا عن ترشيح أي شخصيّة من بيننا إلا أنهم لا يريدون التوحد واذا ما استمر ذلك “ما باليد حيلة” وهناك خطر فعلي في وصول رئيس من 8 آذار”.
أما بالنسبة للعلاقة مع حزب الكتائب اللبنانيّة، أوضح ان “هناك اتصالات وتواصل مع رئيس الحزب النائب سامي الجميل، وعقب الإنتخابات النيابيّة حصل تقارب في مجلس النواب ما بين الأخير والنائب جورج عدوان”، لافتاً إلى أننا “نتمنى أن يحصل هذا التواصل بشكل أسرع وأعمق باعتبار انه ليس هناك من أي شيء أو فروقات ما بيننا وبين حزب “الكتائب”.
وعن العلاقة مع الحزب التقدمي الإشتراكي، قال جعجع: “هناك تفاهم كامل في ما بيننا، أثق بوليد جنبلاط، وعندما يقول نعم فهذا يعني نعم. إن قنوات التواصل عميقة جداً وأشعر أن هناك نيّة. كانوا يحاولون تدوير الزوايا سابقاً إلا أنني أعتقد أنهم وصلوا إلى خلاصة أننا وصلنا في لبنان إلى “نهاية الدني” ولا يؤمل خير من الآخرين لذا لا يمكن القيام بشيء سوى ما تطرحه القوّات لذا نقوم به سوية. وأشك أن يتغيّر هذا التوجّه عندهم وحقيقة فإن مواقفهم تظهر ذلك خصوصاً في الاستشارات النيابيّة”.
أما بالنسبة للمصالحة مع فرنجيّة، قال جعجع: “رئيس تيار المردة قام بخطوة عاقلة وهو جدياً يشكر عليها ونحن كذلك وقد لأمت جرحاً دام 40 سنة، إلا أنه في السياسة فنحن خطان متوازيان لا يلتقيان يبدآن من كوننا حزب فيما آل فرنجيّة عائلة سياسيّة كريمة وصولاً إلى النظام السوري، وبالتالي لا نلتقي على أي أمر لذا وقفت الأمور عند هذا الحد”.
واعتبر أن “ميشال عون ضيّع فرصة تاريخيّة كبيرة جداً توفرت له، وضيعها عليه شخصياً وعلى التيار الوطني الحر والمسيحيين وكل اللبنانيين، حيث كان لديه الإمكانيّة من بعد وصوله إلى رئاسة الجمهوريّة في التخلي عن الألاعيب وهذه المسألة كانت من ضمن حساباتي في أنه كان يقوم بكل هذه الألاعيب والخزعبلات من أجل الوصول إلى الرئاسة ومن المفترض ألا يكون هناك من داع لها بعد وصوله، إلا أنه للأسف كانت زيارته إلى السعوديّة من قبيل الإخراج وبعد 4 أشهر “قال الكريم خود” حتى يومنا هذا”.
وشدد على ان “17 تشرين كانت عفويّة ولم يكن محضّر لها مسبقاً، والناس نزلوا إلى الطرقات إنطلاقاً من الوضع المعيشي وقاموا بما يمكنهم القيام به”، مشيراً إلى أن “أكثريّة الناس محبطة اليوم إلا أن الإحباط ليس جيّد لأنه يزيد من وطأة الأزمة ولهذا السبب كنا ننادي في الإنتخابات لكي يذهب الناس باتجاه الإدلاء بالصوت المفيد لكي لا نقوم بإضاعة الوقت إلا اننا اليوم وصلنا إلى ما وصلنا إليه”.
وعن ملف ترسيم الحدود البحرية، أشار إلى أنه “منذ أيام حكومة الرئيس السنيورة قاموا بتكليف استشاري أجنبيّ ومن بعدها حكومة الرئيس ميقاتي عزّزت هذا الأمر واتفقوا على الخط 23 وقاموا بتسجيله في الأمم المتحدة، وأعتقد أن ملف الترسيم يسلك الطريق الصحيح إلا أن الأمور ستأخذ بعض الأخذ والرد”.
وبالنسبة لملف النازحين السوريين، فقد اعتبر جعجع أنه “يسلك مساراً خاطئاً فهذا الملف له حل وحيد وهو مسعى داخل الأمم المتحدة لإقامة منطقة آمنه داخل الأراضي السوريّة وإقامة مخيمات فيها من أجل نقل النازحين إليها لأن الجميع يدركون وضع لبنان اليوم، وأصبحت هذه المنطقة اليوم أصعب لأن هذا الأمر كان يتطلّب إدارة روسيا بمسعى أوروبي، ونحن نتكلم عن هذا الحل منذ 10 سنوات فيما رئيس الجمهوريّة يستمر بإطلاق الخطابات”.
ورداً على سؤال عن الوضع الإقليمي، ختم جعجع معتبرا أن “هناك تحولات عميقة، إلا أن هذا الأمر لا يعني أننا في لبنان سنستفيد منها، باعتبار أن مصيرنا في لبنان يحدّده الـ67 نائب في المعارضة ويجب أن يتفاهموا بين بعضهم بعض ونحن نوافق على ما يتفقون عليه. هناك وضعيّة جديدة ناشئة خصوصاً لناحية NATO إقليمي مؤلف من قوى المنطقة الذي سينشأ وهذه مسألة طبيعيّة باعتبار أنها ليست المرّة الأولى التي تلتقي فيه هذه الدول في المواجهات الكبرى، من الجهة الأخرى هناك تجديد للمفاوضات المباشرة ما بين الولايات المتحدة وإيران، إلا أنه بغض النظر عن كل هذا ما يهمني أن أؤكده للناس أننا إذا ما لم نهتم بأمورنا فلن يهتم بنا أحد”.