كتبت صحيفة “النهار” تقول:
اقرب ما يكون الى التهيب والتزام الحذر والترقب، بدت حالة اهل السلطة عموما امس عشية الأسبوع المقبل الذي يكتسب أهمية مزدوجة منتظرة. اذ من جهة ينتظر الرسميون والسياسيون وصول الوسيط الأميركي في ملف المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين في بداية الأسبوع، ومن جهة أخرى يفترض ان يشهد الأسبوع الطالع نهاية المماطلة في تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الشخصية التي ستكلف تشكيل الحكومة الجديدة. وما بين هذين الاستحقاقين رسم المشهد الداخلي معالم الغموض المتسع والبلبلة المكشوفة في مواقف اهل السلطة. فلا وضوح بعد يبلور معالم الموقف الذي سيبلغ الى الوسيط الأميركي، علما ان المواقف التهديدية التي اطلقها الأمين العام لـ”#حزب الله” السيد حسن نصرالله في كلمته مساء الخميس طغت بالكامل على مجمل التطورات المتصلة بهذا التطور، ويخشى ان تكون وضعت اركان السلطة تحت وطأة الهيمنة التي شاء نصرالله متعمدا ان يكشفها قبيل وصول هوكشتاين سواء كانت تهديداته بعمل حربي جدية او تحذيرية. وايا تكن طبيعة الحسابات التي توجه مواقف “حزب الله” فان من انتظروا مواقف او توضيحات او تعليقات من اركان العهد والسلطة اقله من مسألة إعادة الاعتبار الى الدولة والجيش في مسألة القرار بالحرب والسلم، خاب ظنهم تكرارا امام صمت الرئاسات والمسؤولين قاطبة وتجنبهم اتخاذ أي موقف يشتم منه الرد على نصرالله اقله في هذه النقطة الجوهرية .
اما استحقاق الاستشارات النيابية لتكليف رئيس الحكومة الجديدة فلم تظهر في افقه بعد أي معطيات واضحة حيال الشخصية او الشخصيات المتداولة للتكليف الامر الذي يؤكد ان لا شيء محسوما بعد قبل تحديد موعد الاستشارات، علما ان ثمة اوساطا بدأت تفصح علنا عن عدم استبعادها ان تنشأ “ازمة تكليف” ان بقي ربط اجراء الاستشارات بالتوصل أولا الى توافقات ضمنية على رئيس الحكومة المكلف وطبيعة تركيبة الحكومة كما يشتم من رائحة المماطلة التي اعتمدها الحكم في التعامل مع هذا الاستحقاق.
وفي هذا السياق شدد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط على أنه “بحسب الدستور يجب اجراء الإستشارات النيابية”، مشيراً الى أن “الإستشارات متأخرة كما العادة، وهذا مخالف للدستور، حيث يجب أن تقام الإستشارات كي تسمّي كل كتلة نيابية من تريد”. وقال جنبلاط خلال زيارة الى بلدة مرستي: “يبدو انهم يطبخون الطبخة معاً، وهناك نيّات (مش منيحة) وهذا كلّه يعطل ولادة الحكومة”.
تداعيات التهديد
في هذه الاثناء، وغداة الكلمة المتلفزة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والتي خصصها للحديث عن ملف الترسيم، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي يستعد لرد من قبل “حزب الله” على نشاط منصة “كاريش”. وفي حين حذرت مصادر عسكرية من هجوم بطائرة من دون طيار أو إطلاق صواريخ باتجاه المنصة، اشارت وسائل الاعلام الى ان الجيش الإسرائيلي لا يضع قوات كافية حول المنصة والأمر يتطلّب تفكيراً عسكرياً وديبلوماسياً.
وكشف وزير الخارجية عبدالله بو حبيب ليلا ان الخارجية اليونانية استدعت امس القائمة بالاعمال اللبنانية في أثينا وابلغتها ان سفينة استخراج النفط في المتوسط ليست ملكا للحكومة اليونانية.
وافادت معلومات بأن اليونان احتجت امس على كلام نصرالله عن السفينة اليونانية وان أثينا استدعت القائمة بالاعمال اللبنانية في اليونان لابلاغها هذا الاحتجاج واعلامها ان السفينة انرجين باور ليست يونانية وغير مملوكة من الدولة وهي تمثل مجموعة شركات دولية ومن ضمنهم يتواجد بعض حملة الاسهم من رجال الاعمال اليونانيين لكنهم يشكلون الأقلية.
وفي ملف ترسيم الحدود البحرية اكد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في ندوة شارك فيها في الأردن “الحرص على حل الخلاف عبر الوسيط الأميركي اموس هوكشتاين”، لافتا الى “تشديد جميع المعنيين على اولوية الحفاظ على استقرار الأوضاع في لبنان”. وعن الملف الحكومي وامكان تكليفه مجددا قال: “في المبدأ يتهيب كل مطلع على الوضع اللبناني، وانا منهم، صعوبة المرحلة وتعقيداتها، ولذلك فإنني اقول انني لست ساعيا الى هذا الامر، واتمنى ان يسرع المجلس النيابي في اختيار مَن يراه مناسبا، وان يكون التشكيل الحكومي سريعا من دون شروط وتعقيدات يضعها اي فريق في وجه الرئيس المكلّف”. وفي ملف انتخابات رئاسة الجمهورية اكد الرئيس ميقاتي انه “من خلال تركيبة المجلس النيابي الجديد بات من الصعب على اي فريق ان يعطل الانتخابات، وبالتالي فان امكانية اجراء الانتخابات باتت اكثر احتمالا مما كانت عليه قبل اشهر”. وقال: “قد تتأخر انتخابات الرئاسة ولكنها ستحصل”.
ولعل ابرز المواقف من كلمة نصرالله كانت للنائب أسامة سعد الذي تساءل : “ما هي الاستعدادات التي يملكُها لبنان من نواحٍ مادية وقانونية واقتصادية ليدخل الحرب؟”. واعتبر في حديث الى برنامج “فكرة حرة”عبر “فايسبوك النهار” ان كلام السيد نصرالله بالأمس “ليس واضحاً إن كان قصده ردعياً أو تمهيداً لخطوة ميدانية”.
وأضاف: “في حال كنا نتجه الى حرب، فما هي الاستعدادات السياسية في هذه الحالة؟ وما هو الموقف الذي سيتم إبلاغه الى الموفد الأميركي آموس هوكشتاين؟ هل نعرض مقايضة كاريش بقانا؟ أم ماذا؟ وهل مقومات الصمود جاهزة لتأمين خطوة مماثلة؟ وهل نحن جاهزون مادياً واقتصادياً وقانونياً؟”. وخلص الى أنه يجب “أولاً توضيح الحدود والاتفاق الداخلي على خط التفاوض بإجماع، وتجهيز أنفسنا لكل الاحتمالات والدفاع عن حقوقنا”.
وسط هذا المشهد استرعت اهتمام المراقبين حركة كثيفة ونشطة لعدد من سفراء الدول الكبرى في اتجاهات رسمية وسياسية متعددة . هذه الحركة عكست كما أوضحت مصادر مطلعة لـ”النهار” تصاعد القلق لدى عواصم كبرى حيال التوتر الناشئ على محور ملف ترسيم الحدود البحرية كما حيال الأوضاع الداخلية في لبنان في ظل التقارير التي تتخوف من تسارع الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي في البلد. وقالت ان معظم الحركة الديبلوماسية يهدف الى ممارسة الضغوط على الساسة اللبنانيين من اجل التعجيل في تشكيل حكومة جديدة بالسرعة الممكنة لكي تتمكن من الإمساك بزمام الأمور والا فان وتيرة التدهور ستصبح تباعا اشد خطورة .
وفي اطار هذه الحركة التقى امس رئيس #مجلس النواب نبيه بري قبل جلسة مجلس النواب بعد الظهر المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا حيث جرى عرض للتطورات الجارية على جبهة الحدود البحرية وفي الداخل. كما التقى السفير الروسي ألكسندر روداكوف . وبدورها زارت السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بحضور رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، وعرضت معهما التطورات السياسية الراهنة.
كما زارت غريو رئيس “المردة” سليمان فرنجية في بنشعي . من جانبه، التقى رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع، في المقر العام للحزب في معراب، سفيرة الولايات المتحدة الأميركيّة في لبنان دوروثي شيا.
اللجان والاختلال
وسط هذه الاجواء، استكمل مجلس النواب بعد الظهر عملية انتخاب #اللجان النيابية ورؤسائها في ساحة النجمة. وجاءت نتائج انتخابات رؤساء اللجان متماهية تماما مع السيطرة الواسعة لقوى 8 اذار على اللجان اذ بلغ عدد النواب من رؤساء اللجان المحسوبين على هذه القوى 11 رئيس لجنة بعدما حل ثلاثة من نواب حلفاء لـ8 اذار مكان ثلاث لجان كانت رئاساتها سابقا لتيار “المستقبل” . ولم تحظ قوى 14 اذار سوى بثلاث رئاسات لجان اثنتان منها لـ”القوات اللبنانية ” وواحدة للحزب التقدمي الاشتراكي فيما ذهبت رئاستا لجنتين لمستقلين ولم يتمكن أي نائب “تغييري” من الفوز برئاسة اي لجنة .
وفي انتظار الحكومة العتيدة، الازمات المعيشية الى تفاقم. وامس صدر جدول أسعار المحروقات صباحاً مسجلاً ارتفاعاً كبيراً لا سيما بالنسبة للمازوت. وباتت الأسعار على الشكل الآتي: رفع سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 24 ألف ليرة لبنانية لتصبح بـ666000 ل.ل. – رفع سعر صفيحة البنزين 98 أوكتان 24 ألف ل.ل. لتصبح بـ677000 ل.ل. – رفع سعر المازوت 40 ألف ل.ل. ليصبح بـ683000 ل.ل. – خفض سعر قارورة الغاز 4 آلاف ل.ل. لتصبح بـ358000 ل.ل.