عقد مجلسا نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس، بدعوة من النقيبة ماري تراز القوال، اجتماعا مشتركا في دار النقابة في طرابلس، برئاسة النقيبين ناضر كسبار وماري تراز القوال، وفي حضور النقباء السابقين : سمير الجسر، رشيد درباس، خلدون نجا، عبد الرزاق دبليز، ميشال الخوري، فهد المقدم، وعدد من الزميلات والزملاء المحامين، تدارسا خلاله شؤونا وطنية ومهنية، في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها لبنان واللبنانيون. وأصدر المجلسان بعد الاجتماع البيان الآتي:
“إن نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس، إذ تنظران بألم إلى ما يكتنف الوطن ومرفق العدالة ومهنة المحاماة من صعوبات خانقة، متأتية عن الانهيار الشامل الذي عمَّ جميع القطاعات، يهمهما التأكيد على ما يأتي:
أولا: تشعر النقابتان بالقلق الشديد إزاء ما تتعرض له السلطة القضائية من طعنات متوالية عليها منذ مدة من الزمن، بأيد من داخل هيكلها وخارجه وتأسفان لانعكاس ذلك انعكاسا سلبيا على فاعلية العدالة وكرامات القضاة وثقة المواطنين بقضائهم الذي، تحت وطأة الأزمات المتلاحقة النازلة بالبلاد على جميع الصعد، بقي ملاذهم الأخير في سعيهم لاستعادة حقوقهم، وأملهم الوحيد ببناء الدولة العصرية القائمة على قيم العدالة والحرية وحقوق الإنسان. فإذا بهم يرون تجاوزا لموجب التحفظ من هنا، وتخلفا متعمدا عن توقيع المراسيم المتعلقة بسير أعمال المحاكم من هناك، وإهمالا تامًا لمعالجة المشاكل التي يعاني منها القضاة والمساعدون القضائيون من هنالك… مشاكل تبدأ من أوضاعهم المعيشية القاسية ولا تنتهي عند تعذر حصولهم على الاحتياجات اللوجستية البسيطة التي يسيرون بها أعمالهم اليومية.
ثانيا: تؤمن النقابتان بأن العدالة قيمة إنسانية بها تحيا المجتمعات وبدونها تموت، فلا ينبغي لها إذا أن يتوقف عملها أو يتعثر نشاطها. وهذا يلقي على عاتق السلطتين التشريعية والتنفيذية مسؤولية إقرار وتنفيذ السياسات الكفيلة بتحريك عجلة العمل القضائي، بما في ذلك معالجة أسباب اعتكاف محامي الدولة عبر تأمين مطالبهم المحقة. كما يلقي على عاتق القضاة أنفسهم مسؤولية العودة إلى أقواسِهم والصمود ولو بالحد الأدنى المتاح، حفاظا على الأمان الاجتماعي الذي لا يقوم إلا بإحقاق العدالة بين الناس، مع الإشادة بما يبذله قضاة عديدون على امتداد الأرض اللبنانية من حرص على أداء عملهم القضائي بالرغم من الظروف الصعبة المحيطة.
هذا النداء، بمقدار ما يمثل حاجة للمحامين ونقابتيهم، يمثل أيضا صوت الضمير الوطني والإنساني الذي يرفض أن تصبح رسالة العدالة بريدا تائه العنوان.
ثالثا: تتضامن النقابتان تضامنا كاملا مع مجلس القضاء الأعلى في جميع المساعي التي يبذلها لتحسين أوضاع المرفق القضائي وتحصين صورته، وهما بهذا الخصوص تثمنان البيان الأخير الصادر عنه بتاريخ 30/5/2022، الذي دعا فيه القضاة إلى الصمود القضائي والمؤسساتي، والسلطتين التشريعية والتنفيذية إلى التفكير والتبصر. وتطلب النقابتان في الوقت عينه أن يتضامن القضاة مع المحامين شركائهم في تحقيق رسالة العدالة، وذلك بتفعيل سير المحاكم، لأن أوضاع المحاماة والمحامين تجاوزت القدرة على الاستيعاب والتحمل، فالمحامون جميعا باتوا ينادون نقابتيهم: نريد أن نعمل.
رابعا: تخشى النقابتان أن يكون تعثر العمل القضائي خطة مدروسة ومقصودة تنتهجها السلطة السياسية وترمي من خلالها إلى تفويت الفرصة عمليا على الأشخاص الطبيعيين والمعنويين للمطالبة بحقوقهم المستولى عليها قهرا، وذلك بانتظار ابتكار مخارج ما تبرر هذا الاستيلاء. لذلك تؤكد النقابتان وقوفهما بالمرصاد صفا واحدا مع سائر نقابات المهن الحرة في لبنان، ضد جميع السياسات والمحاولات التي يراد منها تحميل المواطنين أعباء الفساد الذي في دهاليزه هدرت ودائعهم أو هربت إلى الخارج.
خامسا: ترى النقابتان أن استقلال السلطة القضائية هو حجر الأساس لقيام دولة العدالة. وتهيبان بالمجلس النيابي الجديد، إعطاء الأولوية لمشروع قانون استقلالية القضاء، والانصراف التام إلى درسه وإقراره، ليكون عنوانا للبنان الغد الذي حلم به آباؤنا، وحلمنا به نحن، وما زال أبناؤنا يحلمون به. لقد آن لهذا الحلم أن يتحقق. لقد آن لهذا الليل أن ينجلي”.