الحجاب صورة حضارية تعكس حرية المرأة التي إختارت أن تلتزم بهذا الواجب من جهة اعتقادها ، ولا أظن أنَّ الحجاب يقف في وجه علم المرأة وتطورها وتقدمها في المجتمعات الإنسانية بشكل عام وفي المجتمع الإسلامي بشكل خاص ، الفارق الوحيد أن هناك عقول لا تعرف الحرية بالمعنى الذي يرتقي بالفرد نحو بلوغ مستوى الوعي الحقيقي للعيش الواحد بين الإنسان وأخيه الإنسان مهما إختلفت وجهات النظر ، بالإضافة إلى قبول الآخر المختلف بحريته في المعتقد واللباس والعادات والتقاليد ، ما دامت هذه الحرية تقف عند حدود حرية الآخر .
ومن المؤكَّد أنَّ ما حصل بالأمس مع (ممرضات لبنانيات) يقفن في الصفوف الأمامية للحفاظ على صحة الإنسان دون السؤال عن لونه أو مذهبه أو منطقته ، هو أمرٌ غيرُ سليم بكل المعايير الإنسانية ، ويجب الوقوف عند هذا الحدث الذي للأسف يتكرر في أكثر من موضع .
والسؤال الذي يُوَجَّه لإدارة جامعة LAU وإدارة مستشفى جبل لبنان هل أن الحجاب عائق أمام الفهم والآداء ومهارة العمل ؟؟ بلا شك لا !!
ولا مجال لذكر الأمثلة عبر التاريخ ، لكن يكفي أنني عندما أنظر إلى صورة المقدسة السيدة مريم العذراء عليها السلام والتي تزين وتُنير جدران منزلي ببركتها وحجابها أعلم أنَّ الحجاب ليس عائق أمام عطاء المرأة في كل ميادين الحياة.
لكننا بالحقيقه نفتقد في لبنان إلى روحية العمل على تحقيق حقوق الإنسان أو حقوق المرأة أو الطفل ، وبالوقت ذاتِه نرفع العناوين ونسمي الجمعيات والمؤسسات التي لا تقوم بعمل يعطي هذه الفئات في المجتمع حقوقها المشروعة ، كما أنَّنا نفتقد للمواطنة والشراكة في العيش الواحد .
يا ليتنا نلتفت قبل فوات الأوان وضياع الوقت أمام مستقبل أجيالنا القادمة ، ويا ليتني أقدر على أن أدخل إلى كل بيت لبناني لأقول لإخوتي في الوطن : نحن جميعاً إخوة نجتمع بالإنسانية وحتى بالدين لأن الدين هو الذي يجمع ولا يُفرَّق ويدعو إلى الحب والسلام مهما اختلفت طوائفه ومذاهبة ، إخوتي تأكدوا أن اللباس والحجاب لا يمنعنا من أن نبني الوطن الذي يتسع لنا جميعاً دون تقسيم .
على أمل أن نرفض العنصرية والتمييز ونرى المحجبة في مكان عملها الإنساني كما كنت أرى الراهبة داخل مجتمعي وفي مدرستي تؤدي عملها التربوي دون فوارق وبكل محبة .
بقلم : الشيخ ربيع قبيسي
مدينة صور
17/10/2020