وجه الحزب الشيوعي في بيان، تحية الى صناع المقاومة والتحرير، “الشهداء والجرحى والأسرى والجنود المجهولين، الذين سطروا هذه الصفحة المضيئة من تاريخ شعبنا، بدءا من استهلال مواجهة الهجرة الصهيونية في ثلاثينيات القرن الماضي، مرورا بإنشاء الحرس الشعبي وقوات الأنصار، وصولا إلى مسيرة التحرير الممتدة من 16 ايلول 1982 إلى 25 ايار العام 2000”.
واعتبر أنه “لم يكن ذلك القرار الجريء والواعي باطلاق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، ردة فعل مقاوم على فعل احتلال فقط، بل كان خيارا سياسيا واضحا لا لبس فيه؛ فهزائم النظام الرسمي العربي المتواصلة منذ كامب ديفيد لم تتوقف، لا بل تعمقت وتحولت إلى نهج تآمري يقمع المقاومة ويهادن الاحتلال. وكانت بيروت الشاهدة على ذلك المسار المذل حين تركت وحدها تقاوم فكسرت عيناها مخرز الاحتلال وداعميه والساكتين عنه. هي معركة التحرير التي بدأت لتتوج في 25 ايار انتصارا واضحا لخيار المقاومة وهزيمة مدوية لمسار التطبيع”.
وتابع: “نحن نستحضر تلك اللحظات التاريخية، حين كان الشعب يملأ الشوارع والساحات، حين كانت القرى المحررة تستقبل كل لبنان بكل عزة ومنعة وكرامة، نجده اليوم وهو يستقبل المناسبة قد أضنته سياسات مشتبه بها لمنظومة سياسية حكمته؛ لقد فرطت بكل مقدرات القوة لدى الشعب اللبناني، اذلته على طوابير المحروقات والخبز والمستشفيات. لقد قامرت بالبلد وأوقعته تحت عبء ديون وأموال سرقت ممن كانوا مؤتمنين عليها. سلطة فرطت بكل انجازات الشعب لمصلحة قلة متنفذة تحتكر التمثيل والسلطة، تنصاع لأصحاب رأس المال ومؤسساته وتنحاز إليهم، تنفذ أوامر مشغليها من أرباب الأموال والسفراء والقناصل، الذين يصولون ويجولون ويعطون التعليمات فيما أصحاب الفخامة والدولة والسيادة والسعادة يسبحون بأمرهم وينفذون وهم صاغرون. لفد فرطوا بالكرامة الوطنية على أبواب الخارج كاتباع مأجورين، لا حول لهم ولا قوة”.
أضاف: “إن الشعب الواقع على الخطوط الأمامية في هذه المواجهة لم ولن يستطع تلبية مهام تحرره الوطني والاجتماعي، والحفاظ على كرامته وثرواته وتحقيق العدالة الاجتماعية، بنظام سياسي طائفي تابع أثبت عجزه في الدفاع عن أراضيه ضد العدو الصهيوني، وبمنظومة سياسية مرتهنة أوقعت لبنان في انهيار شامل وكارثة اجتماعية تزداد معها معاناة اللبنانيين يوما بعد يوم. فكلما بقي هذا النظام ومنظومته، كلما ازداد الخطر على انجاز التحرير وعلى لبنان، الذي يعيش اليوم حالة الوهن والضعف المستمرين مع استمرار انهيار القوة الشرائية للعملة الوطنية والأجور والمداخيل، ومع ارتفاع معدلات الفقر والجوع والبطالة والهجرة وغياب الخدمات العامة من الكهرباء إلى المياه والتربية والتعليم والصحة، ومخاطر تصفية المرافق العامة عبر خصخصتها والتسليم بشروط صندوق النقد الدولي، والالتزام بعناوين الموازنة التقشفية وقانون الكابيتال كونترول الهادف إلى تبرئة المنظومة الفاسدة وأصحاب المصارف من الجرائم التي ارتكبوها في نهب المال العام والأملاك العامة وودائع اللبنانيين ومعاشات وتعويضات الصنايق الضامنة”.
وقال: “ليس أمام شعبنا إلا أن يستكمل مواجهته للمنظومة السياسية الحاكمة في الشارع، بعد مواجهته لها في الانتخابات النيابية وتمكنه من خرق لوائحها، فينتفض لكرامته كما انتفض على الاحتلال حتى تغيير هذا النظام الطائفي القاتل؛ فكسر المنظومة التي أودت بالبلد أصبح أمرا ضروريا لإعادة الاعتبار إلى صناع مجد هذا البلد الحقيقيين. لا تحرير من دون تغيير ولا تغيير من دون برنامج سياسي واضح يربط ما بين مقومات القضايا الوطنية، من مقاومة الاحتلال والمشاريع الاستعمارية المتجددة في منطقتنا، وبين قيام الدولة الوطنية الديمقراطية القادرة على خوض استحقاقي المواجهة وبناء الاقتصاد المنتج”.
وختم الشيوعي: “يحق للشعب أن يعيش بكرامة وهو يستحق. وعلى ذلك وأمام ما يمر فيه الوطن ليس أمامنا إلا أن نعمل وبجهد لإطلاق برنامج نضالي من خلال حالة اعتراض وطني جدية ومسؤولة، تأخذ على عاتقها خوض كل الاستحقاقات الداهمة، فالشعب بحاجة إلى استعادة كرامته من منظومة سياسية أذلته وقامرت به. والمجد والخلود للشهداء”.