في دليل قاطع، على أنّ لبنان لا يموت ولا تهزّه الرياح، وأنّ ثمّة إرادة لدى أبنائه على التمسّك بالحياة، أشرقت مساء الأحد، في الـ”فوروم دو بيروت”، “ليلة أمل”، كان بطلاها الفنّانة هبة طوجي والمؤلّف الموسيقيّ والمُنتج أسامة الرحباني. فكان حفلاً أسطوريّاً، لوّن القلوب قبل العيون، وأثبت أنّ حبّ الحياة سيظلّ يجري دائماً في عروق اللبنانيّين، وأنّ إرادتهم القويّة ستكسر كلّ من يتربّص شرّاً بهذا البلد.
“ليلة أمل”، هو أكبر حفل موسيقيّ مجانيّ في لبنان والعالم العربيّ، جمع خمسين موسيقياً من أبرز أعضاء الأوركسترا الفيلهارمونيّة اللبنانيّة، أضف إلى كورال “صوت الجنة” وعشرات الراقصين المُحترفين، بأضخم إنتاج فنيّ شهدته بيروت بعد إنفجار 4 آب، وبمُشاركة خاصّة للفنّان العالميّ إبراهيم معلوف.
حضر الحفل 5000 شخصاً غصّت بهم قاعة الـ “فوروم دو بيروت”، ومن ضمنهم شخصيّات دبلوماسيّة وفنيّة وفكريّة وثقافيّة وإعلاميّة. هذا، وقد تولّت محطة الـMtv اللبنانيّة نقل الحدث، الذي تميّز ببصمة خاصّة للمُخرج كميل طانيوس والمُنتجة المُنفّذة ناي نفّاع والصوت الملائكيّ لهبة طوجي وإبداع أسامة الرحباني ومروراً بالإضاءة والديكور، مُباشرة على الهواء.
وكان مؤثراً في بداية الحفل الإلتفاتة المُميّزة تجاه أهالي ضحايا إنفجار مرفأ بيروت، من خلال عرض فيديو قصير يُذكّر بتلك الكارثة، وضرورة الوصول إلى الحقيقة كاملة في ذلك الملف. لتصعد بعدها هبة طوجي على خشبة المسرح وسط تصفيق الحضور، وتفتتح الحدث بأغنية: “لازم غيّر النظام”، كما أهدت بلفتة مُباشرة أغنية “وحياة الّلي راحوا” إلى أرواح الشهداء الذين سقطوا في إنفجار 4 آب وكانت لحظة مؤثّرة وسط تفاعل الجمهور.
أمّا دخول الفنّان إبراهيم معلوف، الذي شارك الرحباني العزف أثناء غناء طوجي، فقد شكّل قيمة فنيّة مُضافة إلى الحفل.
لناحيتها، إعتبرت هبة طوجي قبيل بدء الحفل، أنّ هذا الحدث هو بمثابة “رسالة أمل وتفاؤل نُخاطب من خلالها اللبنانيّين الذين يعيشون حالة من الإحباط والكثير من الصعوبات المعيشيّة بعد الأزمات الإقتصاديّة والسياسيّة التي عصفت بالبلاد”. وتابعت :”الثقافة والفنون هي عصب الشعوب ولغة الحياة التي يجب أن تستمرّ على الرغم من كلّ الظروف الصعبة، إخترنا شعار “ليلة أمل” لإرساء مبدأ أنّ “لبنان حيّ ولن تقتله أو تقتلنا كلبنانيّين أيّ شدّة”.
وختمت هبة طوجي، التي شدّدت على أهميّة إستمرار الفنّ والثقافة لرفع رأس بلدنا في العالم، بالقول: “مرّت علينا سنوات صعبة، تخلّلتها جائحة كورونا والظروف الصعبة التي لا يزال يمرّ بها لبنان، وكأنّنا في نفق طويل لا يُمكننا الخروج منه. وبما أنّنا أبناء الإيمان بأنّ الحياة أقوى من الموت والحبّ أقوى من الحقد، دورنا كفنّانين هو أن نكون هذا الضوء الذي يشعّ أملاً بغد أفضل”.
أدّت طوجي ،التي تألّقت خلال الحفل بفستان من تصميم المُصمّم العالميّ نيكولا حبران، عدداً من أغنياتها القديمة وخصّت الحضور بجديدها أيضاً وسط تفاعل كبير لجمهور فاضت مشاعره مع هبة فغنّى ورقص وتأثّر ليتوحّد مع صوتها وإحساسها العالي.
غنت هبة لأوّل مرّة “راجع من رماده الفينيق” وهي أغنية تعكس وجع اللبنانيّين من شعر منصور الرحباني وألحان أسامة الرحباني وستكون ضمن الألبوم الجديد، أضف إلى أغنيات وطنيّة نذكر من بينها “بغنّيلك يا وطني” و”وحياة الّلي راحو” و”لمعت أبواق الثورة” وأغنيات وجدانيّة مثل”بحبّك لآخر يوم” التي ستكون أيضاً ضمن أغنيات الألبوم الجديد بنسخة أوركستراليّة و”زمان” التي حرّكت الجمهور بشكل كبير ويبدو أنّها ستكون من الأغنيات “الهيت” في الألبوم و”عبالي أهرب عبالي” التي تحمل نمطاً وجدانياً خاصاً و”خلص لشو نتجادل” وغيرها…
وكانت مُفاجأة الحفل مُشاركة النجمة إليسّا، التي شكّلت حالة خاصّة بحضورها فتفاعل معها الجمهور بكثير من الحب. قدّمت إليسّا أغنية جديدة بعنوان”أنا زهرة من الياسمين” من ألحان أسامة الرحباني وكلمات كمال قبيسي أهدتها إلى بلدها لبنان. وقد أبدت إليسّا سعادتها “لعودة الأمل إلى بيروت من خلال “ليلة أمل” “، والدليل على ذلك إحياء هذا الحفل من على مسرح “الفوروم دو بيروت” الذي دُمّر من جرّاء الإنفجار”. كما أثنت على صوت وأداء هبة طوجي، التي وصفتها بأنّها “لمعت في كلّ الأماكن، داخل لبنان وخارجه”، وعلى الدور الذي لعبه إبراهيم معلوف بعد إنفجار مرفأ بيروت، من خلال جمعه للفنّانين الفرنسيّين تضامناً مع بيروت. ثمّ أدّت إليسّا وهبة طوجي أغنية مُشتركة، تحمل مزيجاً من ألحان الراحل الياس الرحباني، في تحيّة إلى روحه.
من جهته، أشار أسامة الرحباني ، الذي أطلّ خلال الحفل بتصميم من توقيع بودي ديب ، إلى أنّ هذا الحدث وهو الأضخم من بعد إنفجار 4 آب، يؤكّد على حقّنا جميعاً بأن نحلم ونستمرّ، وأن نُقدّم فناً ونبقى منارة للشرق بفضل المُبدعين اللبنانيّين، من فنّانين ومُثقفين ومُفكّرين.
كما عبّر عن أسفه لغياب أيّ خطّة أو رؤية تدعم الفنّ والثقافة في لبنان، لذا كان قرار الإستمرار من خلال مقاومتهم الثقافيّة والفنيّة والفكريّة. هذا، واعتبر أنّ البعض يُحاول قتل الشعب اللبنانيّ من خلال قتل ثقافته وفنّه، وأنّ أهل السياسة والمال لدينا دفنوا رؤوسنا في الوحل، في حين أنّ المُثقفين والفنّانين اللبنانيّين يلمعون في الخارج. وأعرب عن إستغرابه كيف أنّ برامج المُرشّحين في الإنتخابات النيابيّة لم تتضمّن أيّ خطّة لها علاقة بالثقافة والفن.
وختم أسامة بشكر الشركاء الذين آمنوا برسالة “ليلة أمل” ودعموا هذا الحفل الضخم وهم
مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون بشخص سعادة هدى إبراهيم الخميس مُؤسّسة المجموعة، والمدير الفنيّ لمهرجان أبو ظبي.
شركة يونيفرسال أرابيك ميوزك الرائدة عالمياً في مجال الترفيه القائم على الموسيقى ورئيسها التنفيذيّ المُنتج العالميّ وسيم SAL صليبي.
ملكة جمال أميركا السابقة والسفيرة في خدمة الإنسانيّة ريما فقيه صليبي.
ميدكو الشركة البتروليّة اللبنانيّة الرائدة في مجال إنتاج البتروليرم. ”
أضف إلى شكر خاصّ وجّهه الرحباني إلى كلّ الطاقم التقنيّ الذي ساهم في إنجاح هذا الحفل.
_نور علي زريق _