شرح المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في بيان، زكاة الفطرة ومقدارها ومستحقها ومن تجب عليه ومن لا تجب عليه، وجاء فيه: “بارك الله لكم بصيامكم وقيامكم ونسككم العظيم مع الله رب العالمين، وألفت نظركم إلى أن زكاة الفطرة إنما تجب على القادر عن نفسه وعمن يعول وأما غير القادر فهو مستحق لها، وهي عبارة عن ثلاثة كيلوات من جنس الطعام المعهود هنا بالبلد أو الطعام الغالب فيه، أو ثمنه نقدا كقيمة إطعام، ومصرفها كل محتاج وأكثرها فضلا المحتاج من ذوي القرابة أو من له خصوصية الأولوية. وهنا ألحظ نظر الصائمين إلى أن من لا يستطيع تأمين الأساسيات الحياتية هو غير مستطيع وبالتالي غير مكلف بزكاة الفطرة ومثله المعيل غير القادر على تأمين حاجات عياله وهي تستحق له حتى لو كان موظفا بالقطاع العام أو القطاع الخاص ما دام أن إمكاناته المالية أقل من حاجاته الأساسية، وأقول للميسورين: كمال فرضكم بخصوص زكاة الفطرة حده ثلاث كيلوات (من أوسط ما تطعمون أهليكم). ولكل طعامه من الطبقات المالية، ولكلٍ حظه من فريضة الله وشرف زكاة صيامه، ثم إن كثيرا من الصائمين غير القادرين أو المجهدين ماليا ورغم ذلك يصرون على دفعها إنما يدفعونها من باب: (ويؤثرون على أنفسهم) لا من جهة وجوبها وهذا سخاء من نفوس قدمت لله ثم قاسمت ناسها رغيفها. وأقول للمؤمنين للصائمين أننا في زمن أهم فريضة: (وتعاونوا على البر والتقوى) وهي فريضة كبرى لا يجوز التفريط بها وهي شراكة مالية واجتماعية ومعيشية وطبية وغير ذلك. ومن أبرز علامات تقوى الله بخصوص هذه الفريضة في هذه الأيام العصيبة إطعام الطعام وإغاثة الناس وعونها ماليا بخصوص الدواء والإستشفاء والمدارس وكافة الحاجات الأساسية، والفرض فيها واجب على القادر بحسب إمكانه بعيدا عما افترض الله في أمواله من الحقوق الشرعية، والحجة فيها إنقاذ النفوس عبر إنقاذ حاجاتها وإغاثة كربها فضلا عن حفظ كرامتها ودينها وحقوقها اللازمة لهذه العناوين”.
وختم قبلان: “تقبل الله صيامكم وقيامكم وقربان زكاتكم فإن الله أخذ على نفسه أن لا يتقبل إلا الحسن من القرابين، والمعيار التقوى والله يقول: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم). فاتقوا الله، وليقدم القادر لغير القادر، فإنه إن ضاع الفقير ضاع دين الغني، وإن ضاع الضعيف ضاع دين القوي، وإن ضاع المحكوم ضاع دين الحاكم”.