رأى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى أن “التحدي الأساسي يكمن في الحفاظ على المصالحة الوطنية والعيش المشترك ليبقى الجبل واحة سلام، وفي دعم المؤسسات وتطويرها لمواكبة المرحلة، وتضافر الجهود المختلفة لتحقيق مصلحة الطائفة والوطن”.
كلام أبي المنى جاء خلال جولة قام بها في مدينة عاليه مساء أمس، برفقة وفد من المشايخ ضم قاضي المذهب الدرزي الشيخ غاندي مكارم، رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي الشيخ عماد فرج، اعضاء من المجلس المذهبي وعضو الهيئة الاستشارية لمشيخة العقل الشيخ منهال جابر.
استهل الجولة من منزل عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب اكرم شهيب الذي أقام استقبالا ضم المشايخ، رئيس بلدية عاليه وجدي مراد، مفوض الاعداد والتوجيه في الحزب التقدمي الاشتراكي عصام الصايغ ووكلاء الداخلية في المنطقة جنبلاط غريزي ويوسف دعيبس وبلال جابر وفاعليات.
وألقى شهيب كلمة ترحيبية، لفت فيها الى “الايام الصعبة والقاسية التي نمر بها، حيث الهم الاساسي أن يبقى الجبل ثابتا موحدا، من خلال التعاون بين ابناء العشيرة المعروفية”. ونوه بمسيرة ابي المنى “من بيت التقوى الى العرفان واللجنة الثقافية في المجلس المذهبي واتحاد المؤسسات التربوية الخاصة ولجان تعديل المناهج في المركز التربوي والحوار الاسلامي المسيحي، وصولا الى مشيخة العقل. عقل راجح، ومسيرة عطاء، وخط ثابت بالاعتدال والحوار، للحفاظ على الجبل والمصالحة والشراكة التي كرستها المختارة”.
شيخ العقل
وألقى أبي المنى كلمة قال فيها: “العلاقة الجامعة مع الصديق الاستاذ اكرم شهيب اخوية معروفية نابعة من حرصنا المشترك على كرامة الجبل ووحدته وعلى العيش الواحد فيه، عبر طريق شقه مشايخنا الاجلاء مع القيادة الحكيمة، والاستاذ اكرم له دور اساسي في ذلك، وبالامس قالها وليد جنبلاط لم أجد أخلص من اكرم شهيب بما أثبته انه أهل للاخلاص وللدفاع عن الجبل والقيم الوطنية. ففي كل المواقع التي تبوأها كان مثالا صافيا نقيا، ونحن وإياه نعبر من مواقعنا المختلفة دائما عن رسالة الجبل، رسالة السلام والعطاء، بما نحمله من ارث وكرامة. واليوم من موقع مشيخة العقل الذي نريده جامعا وممثلا لكل أبناء الطائفة بعدما أنجز القانون العام 2006 وحافظنا عليه مع سماحة الشيخ نعيم حسن واخواننا في المجلس المذهبي بثقة ودعم من وليد بك، سنستمر في الحفاظ عليه، من خلال الحفاظ على هذه المؤسسة وكل المؤسسات، اذ ان التحدي اليوم في العمل المؤسساتي والباب مفتوح أمام من يريد المشاركة لتحقيق مصلحة الطائفة والوطن”.
أضاف: “لم نأت الى الموقع لمواجهة أحد إنما للتكامل والتشارك مع الجميع، في سبيل خدمة الطائفة ذات الجذور العميقة، وحري بنا المحافظة عليها امام كل استحقاق. نحن طائفة مؤسسة في البلد، وسنستمر معا في المحافظة على الكيان والوطن ونكون معا بمواجهة الصعاب، واننا نحمد الله على وجود قيادة لم تغب يوما عن هموم الناس، فوليد جنبلاط كان دائما رجل كل مرحلة وموقف”.
وشدد على “أهمية المشاركة في الاستحقاق الانتخابي بوعي ورقي وهدوء واحترام بعيدا من التشنج والمناكفات، فالجبل حريص على موقعه الوطني ويتسع لكل ابنائه”.
مستشفى الايمان
وزار أبي المنى والوفد بعد ذلك مستشفى وجمعية الايمان حيث كان في استقباله الى جانب رئيس البلدية وحدي مراد الطاقمان الإداري والطبي ومدير المستشفى أيمن باز الذي كان له الفضل الأكبر في النهوض بالمستشفى.
وبعد كلمة ترحيبية له، مستعرضا واقع الصرح وسبل تطويره وآفاق مستقبله، ألقى الشيخ أبي المنى كلمة حيا فيها الادارة الجديدة، منوها بالتقدم والتطور الذي تشهده المستشفى. وقال: “ذلك يبشر بالخير، باعتبار التحدي الأساسي اليوم في رفع شأن المؤسسات للحفاظ على الوطن وقيام جميع مؤسساته وتطويرها. الظروف صعبة والتحديات قاسية إنما أعتقد بتعاوننا نستطيع المواجهة، وهذا الصرح أثبت دوره وتقدمه وعلينا مؤازرته، فعندما يكون هناك تصميم وارادة فهذا يؤدي الى تحقيق الاهداف المرجوة، ومن خلال وضوح الرؤية والعمل الجاد وبالدعم المتواصل وفي المقدمة دعم وليد بك والتواصل مع الاغتراب، ان شاء الله نصل الى المبتغى”.
وختم: “تأسست المستشفى وانطلقت والمطلوب اليوم الثقة بأنفسنا ويبقى الأمل موجودا، والتحية لكل العاملين وان شاء الله نكون الى جانبكم كلما استطعنا”.
المستشفى الوطني
وتوجه بعد ذلك الى المستشفى الوطني، وكان في استقباله مدير المستشفى عصمت الريس والهيئتين الادارية والطبية، وألقى الريس كلمة أشار فيها الى واقع الصرح وتقديماته والمراحل التطويرية فيه، وتلك الواردة في الخطط المستقبلية.
وألقى شيخ العقل كلمة قال فيها: “خلال زيارتنا الى المستشفى الوطني تذكرت استشهاد والدي حيث كان المستشفى يومها في بحمدون يستقبل الجرحى والشهداء، فكم دفعنا الدماء والتعب والكثير من اهلنا وشبابنا من اجل بقاء هذا الجبل، وهذا الصرح كان ولا يزال من عناصر الصمود الاساسية لبقاء الجبل وانتصاره في ايام المحن وفي نهوضه وعودته الى الحياة الطبيعية. أحيي كل العاملين في المستشفى الوطني وهو ليس لطائفة الموحدين الدروز فحسب بل للجميع، كما ان المصالحة تعني لنا الكثير وقد عادت جميع العائلات الى عاليه المدينة الرمز بصمودها والغنية برجالاتها ومشايخها الاجلاء وقياداتها ونخبها”.
أضاف: “صحيح ان المستشفى بحاجة الى الكثير من الاحتضان والدعم والتطوير وهذه مسؤولية الجميع، ووليد بك لا يقصر وايضا المسؤولون عن المستشفى، لكن الحاجة ربما تفوق الامكانات، حيث الظروف التي نمر بها جميعا صعبة. نعبر من مرحلة قاسية الى الاقسى، في ظل التحديات التي تواجهنا على المستويين الوطني والعالمي، لكننا يجب ألا نفقد الامل، فالاصرار والعزيمة تتجليان هنا بالاستمرار في التعاون وتحمل الصعاب. والتحدي يبقى ايضا في العطاء والتطوير ورفع الصوت المطلبي وشبك الايدي تعاونا”.
وختم: “زرنا الايمان ونزور المستشفى الوطني وهما يكملان بعضهما، وأملنا ان يستطيع المستشفى التجدد ونسعى جاهدين مع القادرين والقيادة والدولة لتطوير هذا الصرح، حيث يمكن ذلك من موقعنا في مشيخة العقل والمجلس المذهبي”.
جمعية الاشراق
واختتم شيخ العقل جولته والوفد بلقاء في ثانوية الإشراق، حيث كان في استقباله رئيس الجمعية وجدي الجردي، ومدير الثانوية وليد الجردي والهيئتان الادارية والتعليمية.
وبعد كلمة ترحيبية لرئيس المؤسسة وعرض لبعض المحطات التطويرية على المستويات الادارية والتعليمية والتربوية، ألقى أبي المنى كلمة قال فيها: “عندما نزور الاشراق تمر بنا الذكريات والخواطر فيتسع الصدر ويكبر القلب فنعتز اننا في مؤسسة توحيدية تربوية روحية وعلمية استطاعت التوازن بين العلم والدين والايمان، وهذا تحد كبير في تأكيد دور المؤسسات التعليمية في ضرورة التربية على القيم التوحيدية والاجتماعية، الى جانب العلوم بحسب المنهج التربوي، وما تقوم به الاشراق كما العرفان بجهود وتوجيهات المشايخ والاساتذة والمعلمات وكل الخيرين دليل على ذلك. لقد احتضن مشايخنا في عاليه الاشراق انعكاسا للرؤية والاخوة التي أثبتت نجاحا، ونستذكر هنا كل المشايخ الذين ساهموا في رفع شأن المؤسسة بكثير من مناخات التقوى والاخوة والالفة والامانة التي كانت أساسا وراء تأسيس ونجاح المؤسسة”.
أضاف: “رسالة الاشراق هي رسالتنا في مشيخة العقل والمجلس المذهبي، اذ بقدر قوة مؤسساتنا نكون اقوياء ومنتجين وتحقيق الآمال. والمواجهة اليوم هي في المؤسسات والعلم والتطور، حيث تجب المواكبة كي لا نخسر بالجهل. معركتنا بثباتنا في الوطن وبقيام المؤسسات واملنا كبير بمؤسساتنا واجيالنا الصاعدة التي تتربى على الاسس التوحيدية التي هي ركيزة اساسية من ركائز المجتمع، الى جانب القيم التوحيدية والفضائل الاخلاقية والمناقبية والركيزة الوطنية من خلال التمسك بالارض، هذه التي لم نحافظ عليها بسهولة وانما بالتضحيات الجسام، وبتعاون الجميع، وانتم تقدمون نموذجا بذلك في هذه المؤسسة ومن خلال مجلس ادارتها وهيئاتها”.
وختم: “بهذا العمل، انما تتحملون المسؤولية ولا سيما في التربية الدينية والتوحيدية التي هي مسؤولية مشيخة العقل واللجنة الدينية والهيئة الاستشارية ولا نستطيع القيام بها دون وجود مؤسسات، ولذا فالعرفان والاشراق كما الايمان والمستشفى الوطني مؤسسات نحتاجها، وخصوصا للتربية والتنشئة على التوحيد والقيم، والتعلق بالارض. وفقكم الله ونحن الى جانبكم كما انتم الى جانبنا”.