تفقد وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، بعد ظهر اليوم، “مطاحن لبنان الحديثة” و”مطاحن التاج”، حيث كشف على كميات الطحين والقمح المخزنة لديهما.
وخلال الجولة، قال سلام: “إن مشكلتنا اليوم أساسية تعني كل مواطن، تحديدا الطبقات التي تشكل ربطة الخبز بالنسبة إليها مكونا أساسيا على طاولة الطعام. نحن نعرف أن المطاحن الكبيرة تستورد القمح وتطحنه، ثم توزعه في الأسواق. لذلك، واجبنا كإدارة مسؤولة أن يكون دورنا رقابيا. لقد جئت اليوم للكشف على كميات القمح والطحين المتوافرة وسنجول أيضا على الأهراءات التي تخزن. كما سنتفقد الماكينات والغرف للاطلاع على سير العمليات من الطحن إلى التوزيع”.
ولفت إلى أن “هناك ضبابية في مسألة الطحين”، مشيرا إلى “الكميات التي تخصص لصناعة الرغيف العربي والصناعات الأخرى”، وقال: “هناك سوء فهم لملف إدارة سوق القمح، فمن أصل 50 ألف طن مستوردة من القمح يبقى 40 ألف طن طحين و10 أطنان نخالة. ومن أصل 40 ألف طن هناك 9 آلاف طن تستعمل لصناعات غير الرغيف العربي مثل الكاتو وغيره من المنتجات”.
وردا على سؤال، قال: “لقد قلنا لرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي إن مسؤولية وزارة الاقتصاد ترتكز على أمرين أساسيين، هما: الحرص على عدم انقطاع القمح من الأسواق وتأمين جودة القمح المستورد والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن من ناحية التحكم والسيطرة والتسعير الصحيح مع أصحاب المصالح أي أصحاب المطاحن والأفران. كما أوضحنا لدولة الرئيس أن التهريب هو موضوع أمني بامتياز ومن مسؤولية الجهات الأمنية، بما فيها الجيش والقوى الأمنية، وهذا أمر يتعلق بمسألة ضبط الحدود، وليس من مسؤولية وزارة الاقتصاد”.
أضاف: “هناك الكثير من الالتباس في موضوع الكميات، إذا أن وفق جداول وزارة الاقتصاد منذ كانون الثاني وصولا إلى نيسان، لم يدخل أكثر من خمسين الف طن في الشهر، لا بل أقل، وهذه الكميات بمعظمها صرفت حسب حاجة السوق الشهرية. وفي الشهرين الماضيين وبسبب عدم وجود أهراءات تابعة للدولة، ولأنها أيضا لا تستورد القمح، طلبنا من القطاع الخاص أن يستورد هذه المادة بكميات أكبر وبأسعار مخفضة، لا سيما بسبب التأخير والارتفاع في الأسعار الذي حصل من جراء الحرب الروسية – الأوكرانية. وبالفعل، استورد القطاع الخاص كميات أكبر، وذلك بعد حصوله على موافقات مسبقة من مصرف لبنان وبعد مراجعة وزارة الاقتصاد وموافقتها، كي يتم دعمها من قبل المصرف المركزي. ولذلك، إن الكميات التي وصلت إلى لبنان زادت بنسبة قليلة لأننا طلبنا ذلك تفاديا للانقطاع في السوق”.
أضاف: “عندما قلنا إن هناك كميات تكفي لمدة شهرين، فهذا صحيح. لقد مر شهر ونصف شهر، ولم تحدث أزمة إلا خلال أسبوع الأخير، عندما أقفل بعض المطاحن وتأخر مصرف لبنان. وبالتالي، لم تحدث أزمة انقطاع للمواد أبدا في الأسواق”.
وردا على سؤال عما يجري وما إذا كان خطوة تمهيدية تدريجية لرفع الدعم نهائيا عن القمح بعد الانتخابات، أجاب: “لنضع الأمور في نصابها الصحيح، فما من شيء إلا وتم ربطه بالانتخابات، وموضوع القمح والخبز والطحين لا علاقة له على الاطلاق بالإنتخابات، إنه موضوع أمن غذائي للناس في البلد، وكلنا نعرف أن الطبقات الفقيرة اليوم زادت بنسبة كبيرة جدا منذ عام 2017، لأن اتكال الناس على الخبز زاد أكثر من قبل”.
أضاف: “في جلسة مجلس الوزراء اليوم، كان رئيس الحكومة والمجلس مجتمعا واضحين لجهة أن لا قرار لرفع الدعم أبدا. لقد لجأنا إلى البنك الدولي من أجل تأمين 150 مليون دولار، وأنهينا بالأمس المفاوضات معه كي نتمكن من التغطية من 6 إلى 9 أشهر، وتبقى الأمور على ما هي عليه، فالبنك الدولي هو من يعرض علينا المساعدة، لأن الدولة متعثرة اقتصاديا ولبنان من ضمن الدول التي تواجه تحديات كبرى في موضوع الأمن الغذائي، إذ لا نملك أماكن للتخزين والقدرة الشرائية لدى المواطن متدنية والأسعار العالمية للمواد الغذائية ازدادت بنسب 200 إلى 400 في المئة. وعادة، عندما يرى البنك الدولي أن هناك بلدا يمر في هذا التعثر الاقتصادي، الذي سيؤثر على المجتمع، يبادر فورا إلى المساعدة”.
وعن مساعدة البنك الدولي في موضوع الكهرباء، قال: “إن موضوع الكهرباء مختلف كليا، فموضوع الأمن الغذائي من الأعمدة الأساسية في نظام البنك الدولي وعمله، إذ من شروط عمله في كل برامجه: الأمن الغذائي ومكافحة الفقر”.
وتابع: “لقد اتخذنا الأسبوع الماضي قرارا في مجلس الوزراء بدفع اعتمادين، الاول بقيمة 15 مليون و399 ألف دولار الدفعة الأولى، والثانية بقيمة 20 مليون دولار، وغطى الاعتماد الأول قسما من القمح الذي وصل، ونحن الآن في صدد التصرف بالاعتماد الثاني كي تصبح كل كميات القمح الموجودة في البلد مدعومة، فالكميات الموجودة في الجداول تكفي لشهر وأكثر”.
وأردف: “أما القمح غير المدعوم فيشتريه التاجر، بعد موافقة مسبقة من مصرف لبنان، ثم ينتظر لفحصه في المرحلة الأولى ليأتي الدعم لاحقا من مصرف لبنان. وعندها يقوم التاجر بطحن القمح وتوزيعه مدعوما.
وختم: “أعرف لا طحين مخزنا، فالوزارة تملك كل الجداول، وهي توقع على دخول كل البواخر. جئنا اليوم لنعاين على الأرض ما هو وجود من كميات مدعومة أو غير مدعومة لأن هناك تساؤلا لدى الرأي العام حول هذه الكميات، وكم تكفي حاجة السوق. سنستكمل جولتنا، وهذا جزء من العمل الرقابي الذي يجب القيام به، فالكميات التي وصلت اليوم، مع استكمال دعمها في الدفعة الثانية، تكفي لمدة شهر ونصف شهر تقريبا، شرط أن يستمر الدفع بحسب الاعتمادات المرصودة من قبل مصرف لبنان”.