كتبت صحيفة “النهار” تقول: فيما يقف لبنان على مسافة 27 يوما فقط من موعد الانتخابات النيابية في 15 أيار المقبل، بدأت اجواء الحملات الانتخابات الاخذة في التسخين التصاعدي المتدرج، كما المواقف السياسية والحزبية، والدينية أيضا، من الاستحقاق وما يحوطه من دلالات وظروف وسيناريوهات للمحطات التي ستلي الانتخابات ترسم مستويات مرتفعة من الاحتدام. ولكن المفارقة التي برزت الى الواجهة في العطلة المديدة منذ الجمعة العظيمة لدى الطوائف المسيحية الغربية الى اثنين الفصح ظهرت الى حدود بعيدة الفارق الواسع الذي لا يزال قائما بين حماوة الحملات والمواقف الانتخابية والفتور اللافت الذي يطبع الواقع الشعبي اقله مع تقدم العد العكسي للانتخابات من مراحله النهائية. واذا كانت لهذه الظاهرة أسبابها الموضوعية بحيث لم تعد تفاجئ أحدا، فان التطورات الاخرى من مناخات الاستعدادت للاستحقاق المتصلة بخريطة الاستقطاب السياسي بدأت تشكل واقعيا الجانب الأشد اثارة للاهتمامات الداخلية والخارجية نظرا الى الانعكاسات المنتظرة لهذا الاستقطاب على تحفيز الناخبين أولا للاقبال على الاقتراع وتجنب نسبة انكفاء “قاتلة” عن المشاركة من شانها ان تحدث واقعا اشد دراماتيكية من الواقع الحالي. كما ان مناخ الاستقطابات السياسية برز في ذاته كمؤشر حاسم الى استمرار احتلال الانقسام السياسي والوطني الحاد أولوية التعامل مع الانتخابات كخيار حاسم للبنانيين على رغم التداعيات الكارثية للانهيار المالي والاجتماعي الذي سيجعلهم يقترعون للمرة الأولى في ظل هذا الانهيار المتواصل الحلقات.
وتبعا لذلك، بدا لافتاً ما شهدته الأيام الأخيرة من تصاعد في منسوب “النبرة السيادية” واتخذها مقياسا أساسيا في المواقف من الانتخابات المقبلة التي ليس خافيا ان تحالف قوى السلطة الحالية واكثريتها النيابية يراهن بقوة على استعادة أكثرية نيابية مريحة بما دفع القوى على الضفة المناهضة للعهد ولـ”حزب الله” وحلفائهما الى الشروع بقوة في حملات الاستنهاض لقواعدها عبر الحملات التي صار عنوانها الأساسي الوقوف ضد سلاح هيمنة “حزب الله ” وارتباطه بايران .
ولعل الأبرز في ما حملته العطلة لهذه الجهة يتمثل بمواقف بكركي التي بدا عبرها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي كأنه خطا خطوات واسعة لاستعادة مواقف لسلفه الراحل البطريرك مار نصرالله بطرس صفير الذي اتخذ عشية استحقاقات انتخابية مواقف حاسمة وواضحة من مغبة سيطرة فريق 8 اذار آنذاك .
مواقف الراعي
ففي كلمته السبت الماضي وعظته الاحد في حضور رئيس الجمهورية #ميشال عون، حض الراعي الناخبين بوضوح تام على التصويت “لاكثرية وطنية سيادية استقلالية”. وذهب الى القول ان “الهويات الهجينة التي تسللت إلى هويتنا اللبنانية المتجددة عبر التاريخ، يجب إزالتها عنها وكأنها ملصقات، وجعل هذه الهوية معيار اختيار النواب والوزراء والرؤساء وسائر المسؤولين عن الوطن”. واعلن انه “من أجل هذه الغاية، نراهن مع المواطنين ذوي الإرادة الحسنة على حصول الانتخابات النيابية في موعدها، ومن بعدها الرئاسية فإنها فرصة التغيير. وإذا لم يتنبه الشعب إلى خطورة المرحلة ويقدم على اختيار القوى القادرة على الدفاع عن كيان لبنان وهويته، وعلى الوفاء لشهداء القضية اللبنانية، وعلى إعادة علاقات لبنان العربية والدولية، فإنه، هذا الشعب نفسه، يتحمل هو، لا المنظومة السياسية، مسؤولية الانهيار الكبير. فلبنان يحتاج اليوم وكل يوم إلى أكثرية نيابية وطنية، سيادية، استقلالية، مناضلة، مؤمنة بخصوصية هذا الوطن والدولة الشرعية والمؤسسات الدستورية وبالجيش اللبناني مرجعية وحيدة للسلاح والأمن، وبوحدة القرار السياسي والعسكري”. وعلى مسامع عون شدد على ان “غالبية العاملين في الحقل السياسي والمسؤولين عن الوطن والشعب يتصرفون لا لإزاحة الحجر عن صدر اللبنانيين بل لتثبيته”، وقال إن من “اللبنانيين الحقيقيين يتوقون إلى اللحظة التي تُرفع الأيادي عن لبنان وتنحسر الهيمنة، ويسقط التسلط، ويتوقف تسييس القضاء والإدارة وتعطيلهما من النافذين، وتنتهي الازدواجية، وتعلو المصلحة الوطنية على كل المصالح الخاصة والانتخابية. فلا يبقى سوى جمهورية واحدة وشرعية واحدة وسلاح واحد وقرار واحد وهوية لبنانية جامعة”.
حملة الاشتراكي
اما على صعيد المشهد السياسي والانتخابي فكان البارز اندفاع الحزب التقدمي الاشتراكي في حملات ومواقف حادة ضد العهد و”حزب الله” . واعتبر رئيس الحزب وليد جنبلاط في حديث اعلامي اغترابي أن “المحور السوري الإيراني هو ضد ما تبقى من قرار وطني مستقل في المختارة وغيرها واللقاء الديمقراطي مستهدف بكامله لكن هذه ليست معركة #تيمور جنبلاط بل معركة القرار الوطني العربي السيادي المستقل”. وعن الترشيحات، أكد أنه “قمت بالتغيير الممكن والمطلوب، ولم أفعل الباقي لأن مروان حمادة ذهب إلى الموت وعاد، وذلك بسبب معركة الاستقلال ورفص التمديد للحود ومن خلفه السوري والإيراني وأكرم شهيب كان بعز الحصار من الذين وقفوا معنا”. واعتبر “ان حزب الله لا يؤمن بالحوار ولاحظنا الموضوع من رفيق الحريري الى لقمان سليم ولكن علينا ان نتعاطى ببرودة أعصاب ونواجه”. وقال جنبلاط عن الانتخابات الرئاسية: “لا جبران باسيل ولا سليمان فرنجية وفي المرة السابقة “سايرنا” الرئيس الحريري “طلعت براسنا وبراسه” .
وبدوره اطلق رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط مجموعة مواقف عنيفة من العهد وو”حزب الله” خلال جولة انتخابية واسعة في منطقة الشوف رافقه فيها النائب المستقيل مروان حماده . واكد تيمور جنبلاط خلال الجولة “ان معركتنا هي بوجه من يريد الغاء الجبل والهيمنة على الوطن، وسنخوض كل المواجهات في الانتخابات وبعدها كي نسترد الدولة التي خطفها حزب الله وايران وميشال عون”.
واكد في “رسالة” الى “العهد الفاسد وحليفه الأفسد، بان الوطن ليس للتقسيم”، مؤكدًا “استمرار النضال لاستعادة بلدنا من الذين دمروه جماعة عهد العتمة، مؤكدا “النضال لاستراد الوطن الى الاحرار والشباب لتحقيق طموحاتكم في بقاء لبنان”.
ذكرى تفجير السفارة
وسط هذه الأجواء أحيت الإدارة الأميركية امس الذكرى الـ 39 لتفجير #السفارة الأميركية في عين المريسة فاعلنت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا في كلمة لها في احتفال في السفارة انها “ذكرى جليلة بالنسبة لنا نتذكر فيها الهجوم المروّع الذي أودى بحياة 52 شخصًا في 18 نيسان 1983. وفي شهر ايلول من العام التالي، في هذا المكان هنا بالتمام، فقدنا 23 شخصًا اضافيًا. لم تكن هذه الهجمات ضد الولايات المتحدة وحدها، بل كان من بين الضحايا أميركيون وموظفون لبنانيون محليون، إضافة إلى عناصر من قوى الأمن الداخلي في لبنان. لهذا السبب، نقف اليوم متحدين – كما فعلنا في كل سنة منذ العام 1983 – لتكريم أولئك الذين فقدوا حياتهم، من الأميركيين واللبنانيين، ولأجل تجديد التزامنا بالسلام والأمن في لبنان”.
وأضافت “رغم مرور سنوات طوال، لن ننسى أبدًا زملاءنا الذين سقطوا. لقد حافظت الولايات المتحدة على تصميمها على السعي لتحقيق العدالة للضحايا. إننا نقاوم التأثيرات السلبية للمنظمات الإرهابية مثل حزب الله، الذي يواصل السعي إلى دق إسفين بيننا. لكننا لن نتراجع. سوف نواصل تعزيز الروابط بين بلدينا وشعبينا، لا سيما في هذه الأوقات الصعبة، حيث نحاول مساعدة اللبنانيين على الخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة لكي يتمكنوا من التمتع بمستقبل أكثر إشراقًا.”
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية في المناسبة تخصيص جائزة مالية بثلاثة ملايين دولار لمن يقدم معلومات عن “الإرهابي في حزب الله الذي فجر السفارة”.